شهدت الخرطوموبروكسل اليومين الماضين تحركاً أوربياً نشطاً باتجاه تعزيز جهود التنمية فى السودان ودعم عملية الاستفتاء حول مصير جنوب السودان، وفى المدينتين جرى التأكيد الاوروبى مجدداً على دعم اجراء الاستفتاء فى اجواء مواتية كأهم استحقاقات اتفاقية السلام الشاملة، والتأكيد على إلتزام الاتحاد الاوروبي بدعم السلام والتنمية في السودان لينعكس ذلك على الاستقرار في منطقة القرن الافريقي بكاملها، فضلا عن تبلور شراكة ملموسة بين الاتحادين الاوروبي والافريقي لتعزيز وتنفيذ مشاريع التنمية الطويلة الاجل في القارة الافريقية، وهذا ينسجم مع توجه الاتحاد الافريقى الذى اشار فى قمته الاخيرة إلى أن التنمية هى السياج العاصم للقارة الافريقية من النزاعات وزعزعة الاستقرار السياسى والاقتصادى . -- ففى الخرطوم وقعت بعثة الاتحاد الاوروبي في السودان يوم الثلاثاء على اتفاقية للتعاون بين الاتحاد الاوروبي ووزارة التنمية الدولية البريطانية، وبموجب الاتفاقية سيقوم الاتحاد الاوروبي بتقديم اموال الى وزارة التنمية الدولية لتنفيذ مشاريع لدعم جهود السلام والتنمية في السودان، الدعم المقدم سيسهم فى المشاريع التنموية ويبلغ (8) ملايين وخمسمائة الف يورو، وبشر الاتحاد الاوربى فى بيان بهذه المناسبة بان هناك مساهمات اخرى قادمة من دول اوروبية اخرى مشاركة في توفير الاموال للمشاريع التنموية في نفس الاتفاق، الدول الاوروبية الاخرى المشاركة في الاتفاق هي هولندا والسويد والنرويج وبريطانيا. ويعد هذا الاتفاق بنظر الكثير من المراقبين داعما مهما لجهود تثبيت السلام والاستقرار فى السودان وان أتى متأخراً بعض الشىء، فالدول الاوربية تعهدت فى مؤتمر اوسلو للمانحين عقب التوقيع على اتفاقية السلام الشاملة العام 2005 بدعم للسودان لتثبيت السلام ولكنها لم تف بتلك العهود ربما لاسباب تتعلق بالازمات الاقتصادية، ولكن يعد هذا الاتفاق مواصلة لجهود التنمية المتعلقة باتفاقية السلام الشامل ويهدف الاتحاد الاوروبي من خلال هذا الاتفاق بحسب بيان الاتحاد يهدف الى تقوية عوائد السلام لاسيما في هذه اللحظة المهمة من تاريخ السودان حيث سيكون هناك استفتاء لتقرير مصير الجنوب في 2011م. اللافت فى هذا الاتفاق ان الاموال لا تذهب مباشرة الى حكومة الجنوب او حكومة الوحدة الوطنية وانما ادارة هذه الاموال ستكون بواسطة وزارة التنمية الدولية البريطانية وتهدف الى مساعدة ودعم حكومة الجنوب في التخطيط وتقديم المساعدات والخدمات الاساسية في مجالات التعليم والصحة والحصول على المياه النظيفة وتنفيذ مشاريع الصرف الصحي. بالاضافة الى ذلك سيتم ايلاء اهتمام خاص لتضمين خطط المشاريع المقترحة في أنظمة حكومة الجنوب. ودعم عملية التنمية فى السودان من قبل الاتحاد الاوروبى جاء بعد اسبوع من اعلان اوروبى بتخصيص (150) مليون يورو للمناطق المتأثرة بالنزاعات فى السودان فى الجنوب والشرق ودارفور ويهدف إلى تأمين مساعدات غذائية وإنسانية للشرائح الأكثر فقرا والتي تتواجد في المناطق الأكثر تأثرا بالنزاع ، ويجدر الذكر بأن الاتحاد الأوروبي قد خصص مبالغ تصل إلى نصف مليار يورو كمساعدات تنمية للسودان منذ عام 2005م. وقالت ممثلة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية كاثرين اشتون إن السودان الآن في مرحلة حاسمة والاتحاد الأوروبي يريد أن يرى التنفيذ الكامل لاتفاق السلام الشامل باعتباره الطريق للمضي قدماً نحو مستقبل أفضل لسكان السودان.من جانبه قال مفوض الاتحاد الأوروبي للتنمية أندريس بيبالجس إن قرار الاتحاد الأوروبي يثبت أننا ما زلنا ملتزمين تجاه الشعب السوداني واستقرار السودان. وفى بروكسل خلص اجتماع وزراء الخارجية الاخير لتشخيص الاوضاع فى السودان الى ان الاتحاد بات مدركاً للتحديات الهائلة التي ستواجه السودان على مدى الأشهر المقبلة، مؤكداً في الوقت نفسه وجود فرص لضمان السلام الدائم والاستقرار، واعرب الوزراء عن استعدادهم لدعم عملية الاستفتاء بداية العام المقبل وذلك من خلال تقديم المساعدة التقنية والمالية. ودعم الاتحاد الاوروبى لعملية الاستفتاء فى الجنوب حيوى لإنجاح هذه العملية التى يرى فيها الاتحاد عاملاً يسهم فى التعايش السلمى بين الشمال والجنوب والتعايش السلمى مهم للطرفين حسب الممثل الخاص للاتحاد الاوروبى للسلام بالسودان السفير توربن برايلى فى حوار سابق مع (الرأى العام) الذى اضاف ان اتفاقية السلام الشاملة نصت ودعت الى الوحدة ونحن نسهم فى التنمية بالجنوب كما هو الحال بالشمال، ونحن لسنا طرفا فى الاستفتاء وسنحترم ونقر بنتيجة الاستفتاء مهما كانت، ولكن المهم هو ان يكون التحضير للاستفتاء جيدا، هذا الاهتمام الذى عبر عنه الممثل الخاص بعملية الاستفتاء عضده البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية عندما أكد استعداد الاتحاد لارسال بعثة مراقبة الى السودان في الوقت المناسب لمراقبة كافة الخطوات المتخذة للتحضير للاستفتاء بما فيها تسجيل المصوتين وهو يتطلع الى تلقي دعوة مبكرة من السلطات السودانية في هذا السياق. وكان الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم قد عاد من زيارة الى بروكسل الاسبوع الماضى واعلن ان الاتحاد الاوروبى تعهد بدعم عملية الإستفتاء.