قيمة الحياء قيمة عُظمى قد تعيش عليها مجموعات من الناس لا تملك غيرها... مجموعات لا يملكون قوت يومهم لكنّهم يملكون حياءً فطريّاً يتخذونه سيولتهم النقديّة, يكاد الواحد منهم على (الإنحراف) المعيارى ثمّ يعود إلى رشده بدون أن يردعه أحد, لكنْ يردعه حياؤه! وآخرون من دونهم لا يستحون إلا بعد (تدخّل) المحاكم وشرطة الآداب وقانون النظام العام... يقلّ الوازع الحيائى عند البعض لكنّه لا ينعدم, فقط ينخفض عندهم منسوب الحياء! قبل أسابيع كانت فتاة من صعيد مصر بحمّام منزلها... تركت نفسها للدُش تتنزّل قطراته على جسدها العارى... وفجأة أتتها صيحات استغاثة أنْ اخرجى فوراً, فالمنزل يحترق والنار تأكل البيت من كل إتجاه... سمعت الفتاة أصوات الإستغاثة فهمّت بالخروج الفورى لكنّها تذكّرت بل لاحظت انّها عارية تماماً... لم تمهلها النيران الجائعة لترتدى ملابسها فاقتحمتها داخل الحمّام وقضت عليها وهى عارية... راحت الفتاة (ضحيّةً) للحياء! اعتادت حياة الأفغان العيش جوار الرصاص والألغام المُفَخّخة والأحزمة الناسفة... سيّدة افغانيّة يغطّى النقاب جسدها, لا تسمح لعينٍ غير عيونها ان ترى ما بداخل هذا النقاب... ذات صباح ذهبت السيّدة إلى التسوّق الصباحى لتملأ سلّتها... مرّت دون إرادتها بثكنة عسكريّة تتبع لقوّات أطلسيّة... استوقفها أحدهم بصوته بعد ان شكّ فيمن يمر و(هو) يرتدى غطاءً ساتراً, فقد يكون أحد شهداء طالبان الأحياء أو أحد استشهاديى القاعدة! اقترب منها الصوت وأمرها بإزاحة الساتر القُماشى حتى يرى من بداخله... السيّدة ليست جزءاً من المعادلة الأمنيّة الأفغانية, فهى مجرد سيّدة منقبة تبحث عن قوت يومها... لكنّها رفضت الخروج من غطائها بوازع من حيائها... كرّر العسكرى الأطلسى تحذيره بخلع غطائها فلم تستجب... فأطلق الجندى رصاصه الفورى فسقطت السيّدة على الأرض وهى داخل نقابها فانضافت لقائمة من ماتوا بحيائهم! لا تصدّقوا بأنّ (اللى اختشوا ماتوا)، فلا يزال للحياء أنصار على قيد الحياة... ولا يزال بعضهم لا يعترف بفقه الضرورة فيقدّم حياته فى (أهيف) المواقف دفاعاً عن حيائه... دلائل لا تنتهى على أنّ اللى اختشوا لم يموتوا بعد!!