أزمة المياه.. في الخرطوم نسمع بها في صيف كل عام.. خاصة بعد الامتدادات الشاسعة التي ألحقت بالولاية منذ سنوات الإنقاذ الأولى دون تخطيط علمي لما تحتاجه هذه الإمتدادات من خدمات مياه وصحة وتعليم وخلافه. كان سباقاً غير مدروس النتائج لإسكان آلاف الأسر التي تركت مدنها وقراها في أرياف السودان المختلفة.. وجاءت وفرضت وجودها في سكن عشوائي أحاط بالعاصمة المثلثة إحاطة السوار بالمعصم، وشكلت تهديداً أمنياً خطيراً.. وظل سكان الأحياء المجاورة يعانون من زوار الفجر.. بجانب تجفيف الأسواق من المواد الاستهلاكية وخلقت تزاحماً في المستشفيات والمراكز الصحية لأنها جاءت دون تخطيط.. وفوق طاقات الأسواق. ولم تنتبه الدولة لذلك في بدايات الإنقاذ لضيق ذات اليد.. ولإنشغال الحكومة بقضايا تعتقد أنها أهم. ولعب الدكتور شرف الدين بانقا وزير الإسكان الأسبق دوراً كبيراً في إنتشار تلك الإمتدادات التي حولها لمدن جديدة حتى بلغت الحارات غرب مدينة الثورة المئات، ولم أكن أتوقع وأنا من سكان أم درمان ان تصل يوماً الى الحارة «100» وأكثر. ولم يول الولاة الذين تعاقبوا على ولاية الخرطوم أي اهتمام بتطوير مصادر ومحطات مياه الشرب.. حتى أصبحت تعاني كل صيف منها معاناة شديدة. وجاء الخضر.. الدكتور عبدالرحمن الخضر وكانت أزمة المياه أولى الأزمات التي أمسك بها.. وبذل فيها جهداً كبيرا ومالاً أكثر.. وتحسن الوضع في شهور الدكتور الأولى.. إلا أن الأمور تعقدت بعد زيادة تلك الإمتدادات وزيادة الاستهلاك في فصل الصيف. وبشجاعة فائقة اعلن امس الأول الدكتور عبدالرحمن الخضر.. بأن أزمة المياه سببها قصور إداري وضعف في الكفاءات الفنية، وهذه نتيجة وصل لها السيد الوالي بعد تجربة عميقة ودراسة اكثر عمقاً.. عن أسباب قصور المياه في الولاية بالرغم من الأموال الهائلة التي صرفت من أجل تحسين محطات المياه وشبكاتها، والسؤال لماذا يتأخر كل عام وصول المواد التي تنقي المياه.. وهيئة المياه تعلم المخزون لديها.. ومتى ينفد.. وتعرف مواعيد فصل الصيف.. كما تعرف حجم كميات وحجم الاستهلاك وحجم القصور. وظللنا كل عام نستبدل مدير المياه ونأتي بمدير جديد.. ولا يحدث اي تطور أو أي نجاح للمدير الجديد.. وتدور الساقية.. وتظل الصحافة تهاجم قصور المياه.. ويصبح مدير المياه كبش فداء.. وهكذا. نحن نريد من السيد الوالي وضع حلول جذرية لأزمة المياه.. ووضع حد للقصور الإداري الذي لازم عمل هيئة المياه وكذلك معالجة الكفاءة الفنية التي ظلت صفة ملازمة لم نستطع ان نكتشفها إلا بعد إعلان الوالي. ولا يختلف اثنان حول أهمية المياه وضرورة توافرها.. والمياه هي الحياة كلها.. وتوفرها ضرورة.. خاصة ان بلادنا مليئة بمصادر المياه والنيل يحيط بالعاصمة.. فكيف تعيش هذه العاصمة المثلثة عطشاً متواصلاً طوال العام وخاصة في فصل الصيف. نيلان طويلان عريضان ممتلئان بالمياه يحيطان بالعاصمة.. ورغم ذلك نعيش حالات صعبة في الصيف. ان شهر رمضان شهر عظيم بخيراته ويجب على المسؤولين بهىئة المياه العمل منذ وقت مبكر لتوفير المياه. إننا في أم درمان ندفع للمياه التكاليف مرتين.. مرة تدفع فاتورة المياه التي لا تتوفر في المواسير الداخلية في البيوت إلا بواسطة الموتورات الساحبة التي تعمل بالكهرباء.. وندفع فاتورة الكهرباء لسحب المياه لنستفيد منها.. لذلك أرجو من والي الخرطوم ان يعمل لمعالجة هذه المعادلة المختلة.. لأننا ندفع فاتورة للمياه.. والمياه لا تأتي إلا بالكهرباء.. فكيف ندفع هذه الفاتورة كاملة.. إذاً لابد من علاج لفاتورة المياه.