تشهد العلاقات البرازيلية الافريقية تطورا ملحوظا خصوصا فى المجال الاقتصادى حيث أكد الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا خلال زيارة الى افريقيا الشهر الماضى ضرورة تمتين العلاقات التجارية البينية والتقليل من الاعتماد الاقتصادي على الدول الغنية بين المنطقتين وحث سيلفا فى ختام جولته التي شملت ست دول أفريقية الدول النامية على إزالة الحواجز التجارية بينها. وتعد البرازيل الشريك التجاري الأكبر لجنوب أفريقيا في أميركا اللاتينية إذ بلغ حجم التجارة بين البلدين نحو (2.5) مليار دولار خلال العام الماضي، ويشار إلى أن الشركات البرازيلية استثمرت بشكل مكثف في قطاع النفط والتعدين كما أنجزت مشروعات كبيرة في مجال البنية التحتية في القارة الأفريقية ويشير مراقبون الى التطور المتسارع للعلاقات البرازيلية الافريقية ويستشهدون بان الرئيس البرازيلي منذ توليه الحكم في العام 2003 قام بزيارة (26) بلداً في أفريقيا فتح خلالها (16) سفارة جديدة كمؤشر قوى على تنامى العلاقات بين الطرفين. والبرازيل فى نظر الكثير من المراقبين تترسم خطى الصين فى افريقيا بالتركيز فى تعاونها مع دول القارة في مجالات التنمية الزراعية والوقود الحيوي وفي هذا الاسبوع تلقت العلاقات الاقتصادية بين البرازيل وافريقيا دفعة كبيرة عندما وافق اثنان من المصارف البرازيلية الكبيرة بنك البرازيل وبنك -براديسكو- على استحواذ حصص من بنك -إسبريتو سانتوس -البرتغالي في أفريقيا. وتعتبر هذه الخطوة بحسب مجلة الايكونمست البريطانية خطوة محسوبة تعكس طموحات البرازيل السياسية الجغرافية خاصة أن بنك - براديسكو- مملوك من قبل الحكومة، مما جعل الرئيس البرازيلي يثني على هذه الخطوة. وربما تكون هذه الخطوة سابقة تتبعها استحواذات لمؤسسات مالية برازيلية أخرى في أفريقيا. وكجزء من استراتيجية أخرى مشابهة، أكد بنك إيتاو يوني أحد البنوك البرازيلية الرائدة، نية التوسع في أميركا اللاتينية بنهاية العام المقبل. ووقع بنك البرازيل، أكبر المؤسسات المالية البرازيلية و-براديسكو- الذي يليه حجماً، على مذكرة تفاهم ليصبحا بموجبها جزءاً من بنك إسبريتو في أفريقيا عبر إنشاء شركة قابضة جديدة باستخدام أصول البنك العاملة حالياً في القارة. وذكر البنك البرتغالي وهو ثاني أكبر بنك تجاري في البرتغال، إنه يخطط للاحتفاظ بأغلبية أسهمه في أفريقيا ويملك بنك إسبريتو فروعاً له في معظم الدول الأفريقية الناطقة باللغة البرتغالية، حيث تنتشر أيضاً العديد من الشركات البرازيلية هناك. ومن ضمن هذه الشركات أودي بريشت الهندسية في أنجولا، والتي تعمل بجانب ذلك، في قطاع تجارة التجزئة، وفييل للتعدين وبيتروبراس العملاقة للنفط في موزمبيق. كما أكد بنك -إسبريتو- على وجوده في ليبيا أيضاً عبر امتلاكه لحصص في بنك عمان. كما يملك البنك قاعدة قوية في أنجولا التي تشهد نمواً سريعاً هذه الأيام حيث يملك شبكة تتكون من (30) وكالة قابلة للتوسع. كما استحوذ مؤخراً على حصة قدرها (25%) من بنك موزا في موزمبيق. وعلاوة على ذلك يسجل هذا البنك حضوره في أرخبيل الرأس الأخضر وفي شمال أفريقيا، حيث يملك حصصاً في بنك المغرب للتجارة الخارجية، وفي الجزائر يوجد بعض نشاطات الإيجارات التي يقوم بها بالاشتراك مع بنك الجزائر الخارجي. وتدعم الحكومة البرازيلية توجه شركات بلادها نحو العالمية بشدة، وعلى وجه الخصوص التمويل الرخيص من قبل البنك الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المملوك من قبل الحكومة. وفي يوليو الماضي أعلن بنك البرازيل، في خطوة غير مسبوقة، عن قيامه بشراكة مع صندوق كارلايل للأسهم الخاصة الأميركي، وذلك بغرض إنشاء صندوق الشركات العالمية بنحو (230) مليون دولار.وينحصر تركيز الشركات المبدئي على قطاع تجارة التجزئة والسلع الاستهلاكية والأعمال الزراعية. وذكر ألدمير بينداين مدير بنك البرازيل، والذي أشرف على استحواذ بنك باتاجونيا الأرجنتيني في أبريل الماضي، إن البنك سيستمر في توسعه في الأميركيتين، بما في ذلك الاستحواذ المحتمل في قطاع التجزئة المصرفي، بغرض تقديم الخدمات المصرفية للمهاجرين البرازيليين هناك. ومن المعلوم أن المصارف البرازيلية، التي تسيطر على السوق المحلية، والتي أثبتت أداءً قوياً أثناء الأزمة المالية العالمية، خططت للتوسع الخارجي منذ زمن طويل. ويعتبر استحواذ بنك البرازيل و-براديسكو- الأخير، أول انعكاسات هذا التوجه. لكن، وبالتأكيد ليس هو الأخير، خاصة مع سعي الشركات البرازيلية المتعددة الجنسيات لفرض وجودها وتأثيرها خارج الحدود البرازيلية.