يقول المثل السوداني الشهير (صراع الرجال متلت) بمعنى عندما يتصارع رجلان يجب أن يتم ذلك على ثلاثة أشواط ليثبت الذي يصرع الآخر بأنه الأجدر والأقوى. وهذا الأمر يشابه الى حد كبير محاولات فصائل الحزب الإتحادي للتوحد والتى بلغت ثلاث محاولات صريحة بالدعوة الأخيرة للحزب الإتحادي الواحد التي اراد بها رتق في ما إنفلق منه - المرجعيات- الهيئة العامة-الموحد- المسجل - الوطني الإتحادي - وجاء هذه المرة على محمود حسنين نائب رئيس الحزب الإتحادي الديقراطي ليوحد الحركة الإتحادية الكبرى فى الحزب الإتحادي الواحد توطئة لتحديد موعد لعقد المؤتمر العام. وكانت المحاولة الأولى في العام 2002م عندما حاولت القيادات الإتحادية بما يعرف وقتها بلم الشمل الإتحادي في مؤتمر إستثنائي إشتهر بمؤتمر المرجعيات، غير أن ذلك أدي لتشرذم آخر عندما اعتبر بعض قيادات الحزب أن المرجعيات تدعو الى (ختمنة الإتحادي) وهي كلمة شهيرة للقيادي النافذ بالإتحادي الموحد الحاج موضوي ويقصد بها أن مفاصل الحزب بأكملها ستكون تحت عباءة السيد محمد عثمان الميرغني، وهذا ما رفضته مجموعات مختلفة من قيادات الحزب الإتحادي ونأت بنفسها لتكون فصائل تلبي أطروحاتها. وجاءت كرّة الوحدة مرة ثانية يقودها الأستاذ على محمود حسنين والحاج مضوي وأزرق طيبة وتواثقت الحركة الإتحادية فيما عرف بميثاق الشارقة السنة الماضية (2007م) الذي جمع عدداً كبيراً من فصائل الحزب غير أنها أنفلقت مرة أخرى وأدت للمزيد من التشظي الإتحادي. وفي المرة الثالثة ولعلها الأخيرة أشار حسنين الى أن الحركة الإتحادية كادت تفرغ من لقاءاتها الثناية مع فصائل الحزب الإتحادي المختلفة لتعلن عن ما تم الإتفاق عليه عن الحزب الإتحادي الواحد بقرار جماعي، ومن ثم قيام المؤتمر العام للحزب بعد إجازة ورقة إعلان المبادئ ووخارطة الطريق للمؤتمر العام وتشكيل لجنة لتشرف وتتابع فعاليات المؤتمر. تفاؤل وتأييد حذر ومن على البعد حيث مقر إقامته بالقاهرة أيد القيادي البارز بالحزب الإتحادي الأستاذ سيد أحمد الحسين الأمين العام لمؤتمر المرجعيات طرح حسين الداعي لوحدة الإتحاديين. وبدا الحسين متحسراً على إبتعاد القيادات الإتحادية عن الملعب السياسي السوداني للذود عن وحدة الحزب، وقال نحن مع أي طرح يجمع الشمل الإتحادي وماطرحه حسنين يستحق منا المساندة والتعضيد. وبدا سيد أحمد متحمساً للفكرة عندما قال بصوت يوحي بأنه يريد أن (يعرض) وهو يتحدث ل «الرأي العام» من القاهرة :(أنا جاي بعد أسبوعين بالكتير ومافي حاجة تقعدنا تاني أكتر من كده) وأضاف: نحن نشعر الآن بالتراجع وضمور وإنكماش الحزب بعد أن بعدنا عن الحركة الإتحادية. وكما اعتاد سيد أن لا ينسى في أي حديث له المرور بسيرة حزب المؤتمر الوطني قال: غياب قيادات الحزب الإتحادي أعطي الفرصة للمؤتمر الوطني أن ينهش من أبنائه (أي عضوية الإتحادي) حتى تآكلت كل أطراف الحزب ومضى ليقول: إن أردنا الوحدة يجب أولاً أن ننفض أيدينا من الشراكة مع الوطني وقال: (لايمكن أن نشارك في نظام بياكل فينا). ووصف سيد أحمد حديث حسنين عن المؤتمر العام للإتحادي بالبشارة ودعا من جانبه لأن يكون العمل لقيام المؤتمر بجدية و(حقيقي). أما عضو المكتب السياسي الأستاذ علي السيد المحامي أشار الى أن الحزب الإتحادي تعددت فيه محاولات عرفت بلم الشمل لا الوحدة ولفت الإنتباه الى أن الحزب الإتحادي تكثر فيه ظواهر الإنشطار في ظل الأنظمة الشمولية حينما تظهر حركات مناهضة لها دون أن تكون هنالك مؤسسة تجمع هذه الحركات، وكل حركة تسمي نفسها بالحزب الإتحادي. وتابع السيد: عندما يقترب النظام الشمولي من النهاية تظهر رايات لتقول (أنا من نازلت النظام الشمولى) وتظهر دعوات للتوحد كما هو الآن وأبدى علي السيد تأييداً حذراً لما يقوم به حسنين وألمح الى أنه (أي حسنين) قد يكون وجد الضوء الأخضر من رئيس الحزب الميرغني ليطلق هذه الدعوة. وقال: إذا خطا بخطوات سليمة وهذا ما يبدو لنا من خلال لقاءات عقدها مع فصائل الحزب فإنه سينجح لا محالة. ولكنه عاد ليحذر من قيادات داخل المرجعيات نفسها، وقال: (هنالك مجموعة داخل المرجعيات تعمل علي هدم مجهود حسنين في التوحد) ووصف هذه المجموعة بالإنتهازية وإتهم حزب المؤتمر الوطني بدفع هذه المجموعة لتشتيت الحزب والوقوف ضد وحدته. وعلل ذلك بأن المؤتمر الوطني ليس من مصلحته وحدة الإتحادي. ويبدو أن حذر السيد راجعاً إلى عدم معرفته بالموقف الحقيق للميرغني لذا فضل امساك العصا من منتصفها وهو يتحدث للرأي العام. قبول وتحفظ وبعيداً عن تفاؤل سيد أحمد الحسين وحذر علي السيد طرح الحزب الإتحادي الموحد ثلاث أسئلة ليليها بعد الإجابة عنها الحديث عن وحدة الإتحاديين. من نحن؟ ماذا نريد؟ وبأية وسيلة نحقق مانريد؟. من ثم أشار الموحد الى أن الدعوة للوحدة يجب أن تكون ممنهجة وعلمية وممرحلة بمعنى أن الحديث عن الوحدة يجب أن يكون بعيداً عن المبادرات الشخصية والترويج الإعلامي و(الجوديات) لان العزاء فيها ينتهي بإنتهاء مراسم الدفن. وقال د.فخرالدين عوض رئيس لجنة الوحدة بالحزب الإتحادي الموحد:يجب أن نبتعد عن التقاليد القديمة للطرح الإتحادي، ونتبع أساليب منهجية وعلمية جديدة في أطروحاتنا. وأشار فخرالدين الى أن الإتحاديين لا يعرفون حتى الآن فيما يختلفون وكيف يتفقون. ويقول : إن من أوليات الوحدة أولاً الإنسحاب من المشاركة فيما أسماه بحكومة الإنقاذ واعتبر أن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية (كفر صريح) وقال المهر الذي يمكن أن بقدم لوحدة الإتحاديين، هو الإنسحاب من هذه الحكومة. رد وإعترافات ولكن حسنين نفسه يؤكد أن الحركة الإتحادية ماضية في مدها الوحدوي. ويشير الى أن الحركة قامت بإتصالات ثنائية مع كل الفصائل الإتحادية وعددها بنفسه (الهيئة العامة والمرجعيات والمسجل والوطني الإتحادي والموحد) بجانب الطرق الصوفية المؤثرة على جماهير الحزب وعلى رأسها الطريقة القادرية بقيادة أزرق طيبة. وقال: نسعى للم الشمل الإتحادي في الحزب الإتحادي الواحد وليس الموحد. ولفت الإنتباه الى أن الحركة في طريقها لإجازة ورقة إعلان المبادئ للتوحد وخارطة الطريق للمؤتمر العام. وفي جانب الإتصال بالفصائل بشكل مؤسسي بعيداً عن المبادرات الشخصية يتساءل حسنين (أين المؤسسية في كل فصائل الحزب الإتحادي) ويمضي ليجيب: لوكانت هنالك مؤسسية في الأحزاب الإتحادية لكفتنا من الدعوة للوحدة نفسها.ونحن لانريد أن نصبح كالنعام وندفن رؤوسنا في الرمال ووجب علينا أن نعترف بواقعنا الذي يؤكد أن الحركة الإتحادية بجميع مسمياتها تنعدم فيها المؤسسية ولكن هنالك (كيمان كبيرة وكيمان صغيرة) يجب أن نعترف بذلك لنتعامل معه ونعالجه. وأوضح حسنين أن الخلاف الأساسي بين الإتحاديين سببه غياب المؤسسية. ورهن حل كل القضايا داخل الحزب بقيام مؤسسية تنظم الحزب الإتحادي الواحد -بحسب تعبيره- وذهب لأبعد من ذلك عندما أسقط العضوية والإنتماء للحزب عن كل من يرفض الوحدة الإتحادية. وأشار الى أن وجود الحركة الإتحادية يعتمد علي وحدتها وأصدر شهادة ميلاد لمبادرات الوحدة وقال : عمر هذه المبادرات نحو (13) سنة ونحن الآن على مشارف قطف ثمارها مذكراً بميثاق الشارقة الذي أوضح أنه ما زال وعاء جامعاً لكثير من الفصائل الإتحادية. وقال: تسعى الحركة الإتحادية لأن تلملم أطرافها لتكون فيها قيادة واحدة تأتي بالتصعيد القاعدي الديمقراطي وصولاً للمؤتمر العام، وهو سيد نفسه ليختار القيادة ويحدد الخط السياسي للحزب. ويرى مراقبون أن الوحدة الإتحادية مهمة صعبة ولكنها غير مستحيلة وذلك بالنظر الى الخارطة الإتحادية المتشرذمة والضامرة بإعتراف قيادات إتحادية ويقولون : إن الفصائل الإتحادية تعاني من إنشققات في داخلها وتعدد تياراتها الى جانب أن الخلافات الأساسية داخل هذه الفصائل خلافات شخصية وليست مؤسسية ويعتمد حلها على إرضاء الذات والإغراءات. ولكن يشير المراقبون الى أن هنالك ثمة خط رجعة قد يسهم في الوحدة الإتحادية وهو تراجع المرجعيات عن الموقف الذي يسميه الحاج مضوي ب (حظيرة الميرغني) حيث يعتبر مولانا محمد عثمان الميرغني أن المرجعيات هي الأصل والباب المفتوح لمن أراد ان يعود. ويقول المراقبون إن إعتراف المرجعيات بوجود الفصائل الأخرى خطوة إيجابية نحو الوحدة الإتحادية، التي يقول حسنين فيها هذه المرة (إننا تحسبنا لكل المتاريس التي قد تعترضها ومتحسبين لما حدث في التجارب السابقة).