الحديث عن الفراغ من ترسيم الحدود عادة يخلق توتراً حاداً في العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، خاصة مع الشد والجذب الجارى بينهما في كيفية تطبيق بنود اتفاق السلام الشامل كانت الاتفاقية تركت الباب موارباً فيما يتعلق بالجانبين الفني والعملي لترسيم الحدود بين الشمال والجنوب بوضعها الاطر النظرية للترسيم وفقاً لحدود 1/1/1956م دون الدخول في تفاصيل العملية،. واصبحت قضية الحدود على ارض الواقع هي المحك الحقيقي لخلافات الشريكين، نسبة للتمدد الطبيعي للسكان في المناطق الحدودية، بالاضافة الى ان الصراع تحول الى حسابات تتعلق بالمصالح الاقتصادية خاصة في النفط الذى يقال ان آباره الحالية تقع على الخط الحدودي. وانعكست خلافات الشريكين على لجنة ترسيم الحدود. العقيد ريك ديقول نائب رئيس اللجنة شكا ل (الرأي العام )من هذه الضغوط وتحدث عن الخلافات حول بعض المناطق في اللجنة، وامكانية ترسيم الحدود قبل الاستفتاء، والمشاكل الداخلية. ..... * برزت الى السطح خلافات داخل اللجنة تسببت في غياب الاعضاء الجنوبيين اين انتهى الامر الآن ؟ - اولاً: الخلاف ينحصر في الاسلوب الاداري للجنة وعدم الالتزام باللائحة، وتجاوز تفويض الرئيس المحدد باللائحة، اضافة الى مطالبنا بأن يكون اتخاذ القرارات من داخل اللجنة، خاصة وان هناك تقارير يرفعها رئيس اللجنة الى رئاسة الجمهورية لا تعبر عن الاعضاء، ورغم التنبيه بأن تلك الخطابات والتقارير غير صحيحة لكن الممارسة استمرت، وهنالك تضليل لمؤسسة الرئاسة، واصبحنا نتلقى التوجيهات على ضوء تلك التقارير، وكذلك لحظنا ان القضايا الداخلية للجنة تمرر لرئاسة الجمهورية. وانا امثل جهة لذا لا استطيع تمرير تلك التوجيهات لانو برضو بحاسبوني. * والآن؟ - علي عثمان نائب رئيس الجمهورية اعطانا مسودة عمل بها (8) نقاط مافي احسن منها حتى اذا وقع الانفصال. * هل صحيح انكم اتفقتم على (80%) من الحدود؟ - هذا غير صحيح.. ترسيم الحدود لا يصل الى ال (80%)، نحن متفقون على مساحة (450) كيلو متراً من المساحة الكلية (2000) كيلومتر ما يعني ان المتفق حوله (25%) فقط، ولكن في مجمل العملية منذ جمع المعلومات وتحليلها وحتى المرحلة الحالية يمكن القول بأننا متفقون على ال (80%)، حقيقة نحن متفقون على ثلاث ولايات فقط هي (اعالي النيل، سنار، النيل الازرق) من جملة (9) ولايات. * ماذا حدث بشأن الخلاف حول منطقة كافيا كنجي؟ _ كافيا كنجي كانت تتبع لمديرية بحر الغزال، تم ضمها لمديرية دارفور بعد ان اوصى وزير الداخلية في العام (1959) في خطاب رسمي بتوقيع حسن عبد الله الوكيل الدائم لوزارة الداخلية، ووافق على ضمها مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ «20/8/1959م» بتعديل الحدود وبالتالي هي اصلاً تتبع للجنوب. * هنالك مقترح من الاعضاء الجنوبيين باسناد عملية الترسيم الى الاممالمتحدة؟ - صحيح ان اللائحة تنص على الاستعانة بذوي الخبرة في هذا المجال سواء من داخل السودان او خارجه. ونحن نقول ان ادارة العملية يجب ان تؤول الى جهة ذات خبرة عالمية على ان تشرف لجنة ترسيم الحدود عليها، لان الامر يكسب ثقة اللجنة، ويقصر الزمن، ويكون الامر مقبولا للاطراف المختلفة الآن. * وهل انتم عاجزون عن ذلك الدور؟ - نحن نعاني قلة الخبرة، ونعجز عن ترسيم الحدود قبل الاستفتاء، بالاضافة الى ان الاممالمتحدة تصلح لذلك لكونها ارتبطت بنا كثيراً في مسألة الحدود وساعدتنا بالخرط، وتدريب الاعضاء، بجانب انها عرضت على رئاسة الجمهورية المساندة من الناحية الفنية، والاممالمتحدة لها تجارب في حل النزاعات الدولية في مسألة الحدود بين الدول. اضافة الى اننا ننظر الى ما بعد الاستفتاء، ولذا يجب ان تكون هنالك جهة لديها امكانية الاستمرار لما بعد الاستفتاء. * الوضع داخل اللجنة يشير الى وجود تناقض كبير؟ - اللجنة انقسمت الى مجموعتين هنالك مجموعة تضغط للاستفادة من ترسيم الحدود لكسب آبار البترول ومجموعة ضد ذلك، لذا فان المجموعة الاولى تصور الخلاف كما لو كان خلافا اداريا بذكاء. *هل يعني ذلك ان الاعضاء يختلفون بذكاء حول آبار النفط؟ - النظر الى الحدود عبر البترول نظرة قاصرة سواء من حكومة الجنوب او من الشمال، ويجب النظر للحدود من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية. ولكن عندما يتطور الفهم تتطور الحدود، لكونها مشروعاً طويل المدى لا ينتهى بهذا الفهم. ومن المفترض استثمار البيئة المواتية الآن، ولن تكون هنالك بيئة مواتية كما هو الآن. * يبدو ان الخلاف على اشده مع رئيس اللجنة؟ - رئيس اللجنة له القدرة العقلية، ولكن هنالك ضغطاً يمارس عليه، وانا أتعاطف معه من (جوة) قلبي. * كيف؟ الخلاف يأتي لكون بعض الاعضاء يحاولون ان (يزوغوا) من اللائحة الموضوعة نتيجة للضغوط من الجانب الآخر. * ولكن هنالك اتهاماً للاعضاء الجنوبيين في اللجنة، يقول هذا الاتهام انكم تعرقلون عملية الترسيم عن قصد، بغرض تأجيلها لما بعد الاستفتاء؟ - نحن كنا نريد ترسيم الحدود قبل الاستفتاء لاننا كجنوبيين نستفيد من الموارد المفقودة، وفائدة ترسيم الحدود قبل ذلك الموعد افضل من عدمه، والفائدة للجنوب اكبر من فائدة الشمال منها، وبالتالي فإن الجنوبيين لا يعرقلون عملية الاستفتاء.