قال المؤتمر الوطني إن أية محاولة لإجراء استفتاء دون ترسيم الحدود ودون الاتفاق على قضايا ما بعد الاستفتاء هو قفز في الظلام لا يعرف أي شخص نتائجها، وقال ترسيم الحدود اكتمل بنسبة (85%) وما تبقى فيه هو جزء مختلف عليه، لكن الوثائق متوفرة وموجودة، وقال بروفيسور ابراهيم غندور الأمين السياسي للمؤتمر الوطني في حوار مع «الصحافة» إنه بإرادة سياسية واعية يمكن اكمال ما تبقى من ترسيم الحدود، لأنه لايمكن اجراء الاستفتاء دون الاتفاق على الحدود، خاصة اذا اخذنا بالحسبان بأن هذا الاستفتاء يمكن ان يؤدي الى دولة مستقلة، بالتالي لابد من ترسيم الحدود وبصورة دقيقة حتى لا تقود لحرب جديدة تنسف السلام الذي تحقق عبر الاتفاقية. في الوقت الذي تنطلق فيه الحركة الشعبية الشريك الآخر في الساحة السياسية من وجهة نظر اخرى تقول بان الترسيم ليس شرطا يمكن من خلاله تأجيل الحق الدستوري لاهل الجنوب في تقرير مصيرهم وقيام الاستفتاء في مواعيده وهو ما يعني ان ثمة علاقة مابين الترسيم للحدود والاستفتاء .حاول منبر الصحافة الذي عقد امس بالمركز االسوداني للخدمات الصحفية مناقشتها من خلال استضافته رئيس لجنة ترسيم الحدود البروفيسور عبد الله الصادق والذي انطلق من ان عملهم لا يأخذ اي ابعاد سياسية ويعملون بشكل مستقل عن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ووفقا للمنهج الاكاديمي الملتزم بمعايير القانون الدولي في عملية ترسيم الحدود وتخطيطها وذكر ان لجنة ترسيم الحدود والتي عرفها بانها لجنة تم تكوينها بموجب مرسوم دستوري من قبل رئاسة الجمهورية ووفقا للدستور وحدد لها مهامها في ضرورة اكمال ترسيم الحدود حسب ماجاء في واحد يناير عام 1956. واكد ان اعضاء اللجنة تم اختيارهم وفقا لمعايير المهنية والكفاءة وقال انها تضم في داخلها ممثلا لوزارة الدفاع وممثلا لوزارة الداخلية وممثلا لوزارة الحكم الاتحادي بالاضافة لممثلين للولايات التسع الواقعة في الخط الحدودي الفاصل. وقال ان العمل الذي يقومون به هو عبارة عن تحديد خطوط فاصلة مابين ولايات داخل دولة واحدة ومن يقول غير ذلك فهو لا يمثلهم وذلك وفقا للوقائع والاحداث الراهنة في السودان الآن وقال ان باللجنة خبراء في المساحة وفي ترسيم الحدود وفي القانون الدولي وقال انه وبالرغم من تأجيلات بدء العمل لنا بسبب التعيينات وتأخرها الا اننا استطعنا ان ننجز مراحل متقدمة قدرت بنسبة 80% من جملة توصيف الحدود وهي المرحلة السابقة لعملية التحديد القاطع لها والتي قال انهم سينجزونها ما قبل الاستفتاء رابطا الامر بعبارة اخرى (لو صدقت النوايا ) وقال ان نسبة 20% من ترسيم الحدود هي مسألة اختلفنا حولها وحولناها لمؤسسة رئاسة الجمهورية للبت فيها. واكد على ان هنالك خلافات مابين اعضاء اللجنة مشيرا لان الخلاف يعتبر شيئاً طبيعياً في مثل هذا النوع من القضايا الا انه خلاف لايمكن وصفه بانه خلاف حاد ولا يقارن بالخلافات التي تحدث في غرب افريقيا مثلا مابين الكاميرون ونيجريا وقال ان الاختلاف يعود الى قراءة وتفسير الخرائط والمستندات التي حصلت عليها اللجنة من الداخل والخارج وتحديدا من بريطانيا ومصر والتي اشار لان رفضها لعدم مد اللجنة بالوثائق في بادئ الامر يعود لاسباب ادارية تتعلق بتغير رئيس هيئة المساحة فيها وقال ان الخلاف ينحصر الآن في المنطقة غرب النيل بعد ان تم حسم التوصيف في منطقة شرق النيل بشكل تام وهو خلاف حول مناطق كونجي «حفرة النحاس» التي تقع في ولاية جنوب دارفور وتطل على بحر الغزال كأكبر عقبة ربما تنذر بخلافات كبيرة بين الشريكين مجدداً، خاصة وأن كثيرين يشبهونها بأنها ستكون «أبيي أخرى» من واقع ثرائها وغنائها بالمعادن الثمينة، وقد سبق وأن تمت إثارتها من قبل النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق سلفاكير ميارديت في الإجتماع الرئاسي بشأن الحدود في إكتوبر 2007م، حيث قدم سلفاكير وجهة نظره إستناداً على وثيقة قدمها له الخبير الدولي في مفوضية الحدود الدكتور دوغلاس جونسون، قال انها تحدد وبشكل قاطع الحد الفاصل بين الشمال والجنوب وفق حدود يناير من العام 1956، وهي الوثيقة التي أشارت مصادر صحافية وقتها الى انها ضمت مناطق حفرة النحاس، ومناطق اخرى داخل حدود ولاية جنوب كردفان الى الجنوب وبعض المناطق البترولية مع ولاية اعالي النيل، وقد جاءت الإشارة الى حفرة النحاس ضمن خارطة الجنوب في وثيقة جونسون، تحمل كثيراً من الإشارات لافصاحه عنها دون أخريات على طول الشريط الحدودي الفاصل، مما جعل تخصيص الإشارة إليها تبدو وكأنها ستتحول الى أبيي أخرى ومنطقة تنازع جديد. وهو خلاف حولناه لرئاسة الجمهورية للبت فيه ونحن ملتزمون بما تأتي به رئاسة الجمهورية في هذا الشأن وقال انهم لا علاقة لهم بمشاحنات الشريكين وعملهم ينحصر فقط في الاطار الفني وفيما يتعلق بطبيعة المستندات والزاميتها قال ان الحدود ان اقواها هي تلك التي كتبها الحاكم العام ومن بعده تأتي الوثائق المكتوبة من قبل السكرتير الاداري او تلك التي تم الاشارة لها في صحيفة الدولة الرسمية وقال انهم حصلوا على عدد كبير من الخرائط وعلى آلاف المستندات بعضها تم جلبها من الكونغرس الامريكي واضاف ان هنالك خلافاً داخل الهيئة في حسم القضايا الخلافية فالبعض يدعو للالتزام باللائحة بينما دعا آخرون لوجود جهة محائدة وبيوت خبرة اجنبية لحسم الامر .وقال ان اختصاص اللجنة ينحصر في ترسيم الحدود مابين الشمال والجنوب ولا شأن لهم بقضايا الحدود الاخرى واضاف ان ابيي تعتبرخارج حدود اختصاصنا باعتبار ان هنالك قراراً دولياً بشأنها وقال انهم في اطار اللجنة يعملون وفق رؤية يسعون بقوة لضمان انجاز العمل الذي وصفه بالشاق ويعتبر ما قاموا به حتى الآن انجازا تم وفق معايير جمع المعلومات وتصنيفها وتبويبها واستخدمت فيه الهيلوكبترات والسيارات وقال انهم في اللجنة يعملون بروح الفريق الواحد وكثيرا ما تبنى ممثلو الولاياتالجنوبية اطروحات تقدم بها الطرف الآخر والعكس صحيح وهو ما يعني بعدهم عن عمليات الصراع السياسي دون ان يعني ذلك عدم التزامهم برؤية رئاسة الجمهورية .وقال انهم مأمورون وملزمون بالالتزام بقرارات الجهة التي قامت بتعيينهم وتعهد الصادق بالتزام لجنته بترسيم الحدود قبل الاستفتاء في حال وصول الرد من قبل رئاسة الجمهورية حول المناطق مسار الخلاف، مشيراً إلى أن الأمر سهل ويمكن انجازه من خلال فرق العمل المتوفرة لدى اللجنة محددا الفترة بأربعين يوما فقط لانجاز هذا الامر وخصوصا بعد انتهائهم من انجاز الامر على الورق مشيرا لما تبقى بانها امور فنية لا اختلاف حولها من اطراف اللجنة وممثلي الجهات داخلها وزاد ان منصبه يفرض عليه التوفيق مابين آراء الاعضاء المختلفة من اجل الوصول لنقطة اتفاق وقال الصادق ان العزف على وتر الخلافات داخل اللجنة من وسائل الاعلام وتصعيدها من شأنه زيادة درجة التوتر وبالتالي صعوبة الوصول لحلول والتي وضعت الآن عند ( العمدة ) في اشارة منه لرئاسة الجمهورية والتي تمتلك الحل السياسي الذي لا يمثل واحداً من صلاحيات اللجنة وهو يعتبر واحدا من اهم مسؤولياتها من اجل ايجاد حلول للمشكلة ما بين الأطراف. أخيراً ومع بدء العد التنازلي للاستفتاء على تقرير المصير لجنوب السودان المتوقع في مطلع يناير القادم، شرعت اللجنة الفنية لترسيم الحدود في عملها ميدانياً لتبيان الحدود بين الشمال والجنوب وفقاً لما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل «نيفاشا» بإعادة ترسيم الحدود مجدداً وفقاً لحدود العام «1956م» قبل إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير، الذي يستلزم ترتيبات إدارية وفنية متعلقة بعدد من القضايا التي اشارت إليها إتفاقية السلام الشامل، وتقف في قمة هذه القضايا التي تشكل هاجساً أمام حق تقرير المصير، قضية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب التي لم تحسم بعد، من قبل لجنة ترسيم الحدود والتي لم تجد امامها بداً سوى اعادة الامر مرة اخرى لرئاسة الجمهورية لايجاد حلول لنسبة ال 20% وهي نقطة الخلاف الرئيسية. ومع تسارع خطوات الوقت على الاستحقاق المصيري بالجنوب مع تداخل مجموعة من العوامل الاخرى المتعلقة بالصراع حول الموارد والصراع ذي الطابع الاجتماعي مابين المجموعات المختلفة في المنطقة ،فان الامر اصبح يحتاج لامضاء جديد وموافقة من حضرة (العمدة) توقيع ستتداخل فيه عوامل ذات طابع سياسي حاولت اللجنة الهروب منها ولكن ليس هنالك خيار سوى الذي اختاروه.