ظلت الحركة الشعبية وعلى رأسها سلفاكير تطلق التصريحات السالبة تلو الأخرى والتي فسرها المراقبون بانها بمثابة صب الزيت على النار وفي وقت بدأت فيه الشقة تتسع كلما اقترب اجل الاستفتاء. فحديث سلفاكير اثناء اجتماعه مع وفد مجلس الأمن بجوبا وطلبه بنشر قوات اجنبية على الحدود بين الشمال والجنوب واعلانه بأنه يمكن للحركة الشعبية ان تنظم الاستفتاء دون التنسيق مع الشمال أمر مخالف للاتفاقية كما انه يزيد الامر تعقيداً بين الشمال والجنوب.. فاتفاقية السلام الشامل تقر وتؤكد ان يتم بند تقرير المصير بتنسيق تام بين الشمال والجنوب.. ما يعني ان الحركة الشعبية تبيت النية لخرق الاتفاقية وتنفذ مخططها الرامي لفصل الجنوب. وتمضي الحركة الشعبية في خروقاتها للاتفاقية والدستور اذ اصدرت توجيهات لسلاح المدفعية والجيش الشعبي بنشر اكبر عدد من القوات على الحدود بين الشمال والجنوب وفي مناطق التماس وشمال منطقة أبيي مما يكشف ويفضح نوايا الحركة الشعبية باعلان الحرب سواء تم الاستفتاء او لم يتم.. لذا فانها تتباطأ وتراوغ في أمر حسم ترسيم الحدود حتى يحين أجل الاستفتاء الذي تريد أن تجريه دون حسم القضايا العالقة ثم التمدد شمالاً والتوغل في اراضيه لتشتعل الحرب من جديد بين الشمال والجنوب كما تريد ذلك الدول الغربية لتحقق اهدافها بأن ينفرط عقد الأمن بالسودان وتجد المبررات لنشر قواتها بغرض حفظ الامن وهي بداية للتدخل الاجنبي في السودان كما حدث في العراق وافغانستان والدول الأخرى التي ما زالت ترزح تحت وطأة القوات الاجنبية تنهب ثرواتها وتقهر مواطنيها. ولكن الحكومة لن تترك الحركة الشعبية ومن خلفها تلك الدول (الطامعة) كي تكرر سيناريوهات التدخل الاجنبي في السودان الذي هو قوى بقيادته والتحامه بشعبه و(ستنفس) تلك البالونات التي ظلت الحركة الشعبية تشحنها بتصريحاتها غير المسئولة لتستفز بها المؤتمر الوطني ليبادلها ذات التصعيد فينفجر الموقف.. وآخرها تلك المخاوف التي اطلقها سلفاكير باحتمال اغتياله وتحريضه لمواطني الجنوب بأخذ الثأر ودعوته لهم بعدم الالتزام بالهدوء.. وتكرار المشاهد الدامية التي حدثت في اعقاب وفاة قرنق .. وقد بدت تلك التداعيات وتحريضات سلفا واضحة خلال المسيرة التي قام بها الوحدويون بالخرطوم والمواجهات التي حدثت بينهم وبعض افراد الحركة الشعبية.. ما يشى بتعميق الازمة بين الشمال والجنوب. ولكن الرسالة التي يجب ان يفهمها سلفاكير ان الاغتيالات السياسية يعتبرها الساسة في الشمال أمراً خطيراً وتداعياته تمتد لاجيال وهو ممارسة لم يشهدها التاريخ السياسي بشمال السودان ولا يقبلها ابناؤه وقادته لذا فانها أبعد ما تنفذ من الشمال - ولكن مخاوفه هذه التي ظلت تلاحقه منذ وقت طويل يمكن ان تنفذ من أقرب الاشخاص بالجنوب اذ ان مثل هذه الممارسات لها سابقاتها نفذت على قادة جنوبيين والنماذج عديدة يعلمها سلفا جيداً.. وقد ينفذ الاغتيال بحسب مخاوف سلفاكير حلفاؤه بالدول الغربية بعد أن صار كرتاً خاسراً لها.. وفي الوقت الذي ظلت دعوات الحركة الشعبية تتكرر بانفصال الجنوب والعمل بقوة في هذا الاتجاه تم توجيه كوادرها بالشمال للتحرك للجنوب لتفريغ الشمال من الوجود الجنوبي لضمان التأثير عليهم في التصويت للانفصال.. في هذه الاثناء تشكل رأي عام دولي يساند وحدة السودان وينبذ الانفصال والتشرذم الذي تدعو له الحركة الشعبية اذا أجمع اكثر من (60) زعيماً خلال انعقاد القمة العربية الافريقية على وحدة البلاد. وشبه معمر القذافي رئيس القمة الانفصال بالشرخ الذي ستكون له تداعياته على الخارطة الافريقية والعربية بل سيكون نموذجاً للتصدع الافريقي حيث سيطال التشتت الدول الافريقية والعربية الأخرى.. وصدر قرار من القمة يؤكد احترام سيادة السودان ووحدة اراضيه والدعم الكامل للمساعي الرامية لتحقيق السلام في ربوعه. واعلن القادة العرب والافارقة دعم السودان بمليار دولار تدفع فوراً.. هذا القرار يؤكد وقوف القادة العرب والافارقة منذ المحكمة الجنائية الذي تقوم الدول ذات الاجندة بتنشيطه من وقت لآخر ولكنها تصطدم بالموقف الصلب الصامد سواء داخل السودان والتحام الشعب مع قيادته وعزة بلده.. أو خارج السودان بوقوف الدول الشقيقة والصديقة والقادة العرب والافارقة مع السودان وسيادته فتصطدم محاولاتها الفاشلة بصخرة التوحد الداخلي والخارجي. كان آخر تلك المحاولات اليائسة ما اعلنه وفد مجلس الأمن في زيارته لدارفور بأن الاوضاع هناك مازالت معقدة واصداره احكاماً سياسية مسبقة بغرض تحريك ملف الجنائية من جديد.. ولكن محاولاته هذه ذهبت ادراج الرياح ولم تجد اذناً صاغية فماتت في مهدها.. ومهما يكن من أمر ففي اعتقادي وبحسب المشهد السياسي الراهن فان حكومة الشمال ستلتزم باتفاقية السلام حتى آخر بنودها وستمضي في اجراء الاستفتاء بعد أن تحل القضايا العالقة مثل قضية أبيي وترسيم الحدود التي ان لم تحسم فستكون هناك نذر حرب جديدة أكثر شراسة من ذي قبل بين الشمال والجنوب.. وستعمل حكومة الشمال من أجل الوحدة حتى آخر لحظة بحسب ما نصت عليه الاتفاقية بخلاف ما تدعو اليه الحركة الشعبية التي اعلنتها صراحة بانحيازها لخيار الانفصال بل دعت مواطنيها لذلك.. ما يخالف صراحة اتفاقية السلام الشامل.. بينما تتهم المؤتمر الوطني بانه لن يلتزم باجراء الاستفتاء في مواعيده.. ولكن واقع الامر يخالف هذه الاتهامات فهو يمضي في هذا الاتجاه بقوة. فبالأمس التقى كل من علي عثمان محمد طه ووزير الخارجية بالفريق الدولي لمراقبة الاستفتاء وجددا الالتزام بتنظيم الاستفتاء في موعده وبنتائجه بشرط ان تتوفر فيه النزاهة والشفافية. فماذا فعلت الحركة الشعبية في اتجاه اجراء الاستفتاء بنزاهة وهي مازالت تتعنت في حسم ترسيم الحدود وتنشر قواتها بمناطق التماس؟!