تطلق الحكومة بين الحين الاخرالكثيرمن الشعارات والمشروعات لاحداث النهضة الاقتصادية وخاصة الصناعية السودانية التي حظيت باطلاق العديد من الشعارات خلال السنوات الاخيرة ابتداء من شعار(نأكل مما نزرع ونلبس ما نصنع) في بدايات تسعينيات القرن الماضي الى ان أطلق د.عوض الجاز وزير الصناعة (الخطة الاسعافية) لتوطين عدد من الصناعات بالبلاد والتي يأتي على رأسها توطين صناعات (قطع الغيار للمصانع والمنشاءات الهندسية الأسمنت والجلود والادوية والصناعات الغذائية) وغيرها، و ظل د. الجاز يردد في الكثير من المناسبات حرصه علي تحقيق الاكتفاء الذاتي منها والعمل على الانتاج من اجل التصدير، ولكن على الرغم من مرورمايقارب الاربعة اشهر من عمرالخطة الاسعافية والتي حددت مدتها بستة اشهر وعول عليها الكثيرون من الخبراء والقطاعات الصناعية في احداث تغيير في واقع الصناعة بالعمل على توطين عدد من الصناعات محليا لرفد السوق المحلي من الاحتياجات ،إلا أن قضية توطين الصناعة محليا لاتزال تراوح مكانها، حيث لا يزال الانتاج والانتاجية بالمصانع يسجل تدنيا ملحوظا في كافة المجالات فيما لاتزال العديد من المصانع متوقفة عن العمل في الكثيرمن القطاعات التي يمتلك السودان فيها المقومات الاساسية في قطاعات النسيج والسكر الجلود والزيوت وغيرها، ويرجع الخبراء والمتعاملون بالقطاع الصناعي عدم نجاح الكثير من المشروعات والشعارات التي تطلقها الدولة في مجال توطين الصناعة الى العديد من العوامل اهمها عدم وضوح الرؤية والسياسات الكلية للدولة في المجال الصناعي والتحديات والمعوقات الكبيرة التي ظلت تواجه العمل الصناعي من تدهور وانهيار البنى التحتية من الطرق والكهرباء والصرف الصحي والمياه، اضافة لكثير من التعقيدات بسبب تضارب الاختصاصات وتعدد الرسوم الجبايات مما اخرج العديد من الصناعات من دائرة الانتاج فضلا عن مشكلات قطع الغيار. ورهن د.مصطفى محمد محمد صالح الخبير الصناعي المعروف قضية توطين الصناعة بالعديد من العوامل التي يؤكد ضرورة النظراليها أجملها بضرورة تحديد مفهوم التوطين الذي ترمي اليه الجهات المعنية والذي يجب ان يرتكز على عملية تفعيل انماط معينة من العمل في عدد الصناعات ذات الخصائص والميزات النسبية تتوافق مع البيئة والمتطلبات بجانب أهمية توافر الامكانيات الاولية لقيام الصناعة من توافر المواد الخام الميزات التنافسية في التسويق ووجود ايد عاملة اضافة الى التكنولوجيا المستخدمة في ذلك للوصول الي رفع الانتاج والانتاجية وتغطية احتياجات السوق المحلي ومن ثم التصدير. وربط د. مصطفى بين توطين الصناعة والمناخ الاستثماري العام المرتبط مع الاستراتيجيات الاقتصادية للدولة وتوافق القوانين علي كافة المستويات في ظل الحكم الاتحادي مشدداً على ضرورة تناغم التشريعات الكلية للدولة على كافة مستوياتها الولائية الاتحادية. وحول اولويات توطين الصناعات اكد د. مصطفى ضرورة بناء الاولويات على دراسة علمية عميقة تحدد الامكانيات والمقومات المتاحة في المجالات المختلفة، مشيراً الى ان اي مشروع لتوطين الصناعة يرتبط بالقطاعات الاخرى على رأسها القطاع الزراعي الذي يوفر الكثير من المدخلات للقطاع الصناعي وذلك يرتبط بالموجهات والرؤى الكلية لدولة في مجال الاستثمار التي تحدد ترتيب الاولويات، واشار الى ان الكثير من المشروعات والبرامج الاقتصادية بالسودان تداربالعشوائية. وحول امكانية توطين الصناعة في الظروف الحالية بالبلاد رهن د.مصطفى ذلك بضرورة العمل علي وضع اصلاحات هيكلية في الاقتصاد الكلي وتعديل بعض التشريعات لتتواءم مع التوجهات الرامية الى تحفيز الاستثمار،وقال من الصعب الحديث عن توطين الصناعة دون العمل على تلك الاصلاحات والمعالجات الهيكلية فالحديث عن التوطين من غيرذلك لامعني له. لكن الشاذلي عبد المجيد وكيل وزارة الصناعة يؤكد عزم الدولة وحرصها على تطوير وتوطين الصناعة السودانية وفق منهج علمي يمكن من تحقيق التطورالصناعي المستدام يدفع بعجلة النمو والتقدم الصناعي بالبلاد . قال الشاذلي في حديثه ل(الرأي العام) ان الوزارة وضعت خطة متكاملة في كافة المجالات الصناعية تستهدف رفع الانتاج والانتاجية لتغطية حاجة السوق المحلي من الاحتياجات الصناعية بالتركيز على توطين الصناعة في عدد من المجالات اهمها (صناعة السكر، والاسمنت وقطع الغيار والادوية والصمغ والعديد من الصناعات الغذائية) وتهيئة الظروف المواتية لكافة الصناعات الاخرى باتخاذ عدة محاور للدفع بعجلة التقدم الصناعي. وقال الشاذلي ان تنفيذ الخطة استوجب العمل على رفع مستويات التنسيق مع كافة الاطراف المعنية من وزارة المالية والمواصفات والجمارك بالاضافة الى الغرف الصناعية ومناقشة كافة العوامل الكفيلة بمعالجة مشكلات الصناعة مشيرا الى ان الوزارة تعمل على مناقشة الاطراف كافة لوصول الى معالجات للمعوقات التي تواجه الصناعة والعمل على توفيرالبيئة الملائمة والاستفاده من التقانات العلمية الصناعية الحديثة عبر تبادل الخبرات مع الجهات المنظمات ذات الصلة على رأسها (اليونيدو) والتي تم التفاهم معها على التعاون وتبادل الخبرات وتقديم الدعم الفني، وقال لإنفاذ ذلك تم تشكيل لجنة لمتابعة ورصد كافة المسارات لوضع المعالجات اللازمة.