تزايدت اسعار الدقيق والخبز فى اليومين الماضييين بنسبة (20%) لجوال الدقيق زنة (50) كيلوجرام من (90 الى 110) جنيه، واسعار الخبز بنسبة (25%) كما اقرها اتحاد المخابز ليصبح سعر الرغيفة زنة (90) جرام (30) قرشاً و(20) قرشاً للقطعة زنة 70 جرام ،وتعد هذه الزيادات عبئا جديدا على المواطنين حيث ان الخبز سلعة غذائية رئيسية، ولسوء حظ المواطنين فان هذه السلعة الاستراتيجية قد اصبحت فى يد القطاع الخاص بالكامل استيراداً للقمح والدقيق وتصنيعا له . ومن المعروف ان دافع وحافز الربح هو المحرك الرئيسى للقطاع الخاص على الرغم من ان الدولة قد قدمت لقطاع المطاحن تسهيلات كبيرة فى السنوات الماضية تمثلت فى اعفاء من ضريبة ارباح الاعمال لمدة عشر سنوات واعفاءات جمركية بالنسبة للآلات والمعدات كما ان الدقيق سلعة معفاة من الرسوم والجمارك والضريبة على القيمة المضافة اضافة الى الارباح التى حققتها هذه المطاحن أبان انخفاض السعر العالمى لسلعة القمح ،اى ان كل المطاحن العاملة قد استفادت ما استثمرته من رؤوس اموال اكثر من مرة ،اما قطاع المخابز فظل يعمل طيلة الفترات السابقة بارباح كبيرة تصل الى اكثر من 100% مايؤكده السعر المرتفع والذى تبيع به المخابز حالياَ بربح اجمالى يصل الى 100% للجوال زنه 50 كيلوجرام،حيث ان الجوال زنة 50كيلو ينتج حوالى (700) قطعة زنة (90) جراماً من الخبز يبلغ ثمن بيعها (210) جنيه بينما يبلغ سعر الجوال بالسعر الجديد (110) جنيه اى ان اجمالى الربح فى الجوال 100جنية ،واذا افترضنا ان المصروفات الثابتة والمتغيرة الاخرى التى يتحملها صاحب المخبز من ايجارات ومحسنات خبز وعمالة ووقود تصل الى (25) جنيه للجوال فان صافى الربح لايقل عن (75) وهى نسبة ربح عالية جدا لسلعة اساسية ،ويفترض الايتجاوز سعر الخبز زنة (90) جرام (25) قرش، وهنالك مزايا اخرى لاصحاب المخابز اذ انخفضت ضرائب ارباح الاعمال من (30% الى 15%) مع الموازنة الجديدة وان التقديرات الضريبية لربح الجوال ظلت ومازالت ضعيفة جدا بالنسبة لجوال الدقيق وهى لاتتجاوز ثمن بيع الجوال والفارغ. تتنافس المطاحن والمخابز حاليا على ارباح الدقيق والخبز اذ يريد اصحاب المخابز دقيقا مستخلصا بنسبة (82%) اى يحتوى على كميات كبيرة من الردة بتكلفة اقل ليحقق لهم ربحية اكبر عند البيع بينما تتمسلك المطاحن ببيع الدقيق المستخلص بنسبة (72 %) لان المطاحن تستفيد من بيع الردة والتى تباع كأعلاف للدواجن وغيرها وتحقق لاصحاب المطاحن ارباحا لاتقل عن ارباح الدقيق الصافى وفى ظل تزايد اسعار القمح العالمية وغياب الرقابة وجهاز الاسعار الفعال بإيقاف ادارة التكاليف الصناعية بوزارة الصناعة بعد تطبيق( سيئة الذكر) سياسة التحرير الاقتصادى يظل. المواطن تحت رحمة القطاع الخاص مايروج له البعض من عبء الضرائب والرسوم والجبايات هو السبب والمبرر لزيادة الاسعار عار من الصحة وحتى لو ألغيت كل انواع الضرائب فلن تؤدى الى انخفاض اسعار السلع ،وسيجد اصحاب المنفعة شماعات اخرى لتبرير هذه الزيادات، وفى اعتقادى ان السبب هو الخروج الكلى للدولة من قطاع العمل الاقتصادى،حتى الزيادات الاخيرة فى اسعار الدقيق لولا وجود مطاحن شبه حكومية دخلت فى هذا المجال مؤخرا لتضاعفت اسعار الدقيق بأكثر من ذلك فقد ساهم عمل هذه المطاحن فى الاستقرار عند هذا السعر . القمح سلعة استراتيجية ولابد من العمل على توطين زراعته خاصة بالولاية الشمالية حيث أنه بزراعة مليون فدان يمكن ان تحقق الاكتفاء الذاتى منه كما ان انشاء وتشجيع قيام شركات مساهمة عامة تعمل فى مجال المطاحن والمصانع الالية للخبز يمكن ان يسهم فى توفير هذه السلعة ويؤمن الحاجة اليها،ويحقق استقراراً فى سعرها ويجعلها فى متناول الجميع ،ويبعدها من مجال المنافسة والربح فهى سلعة لاتتحمل ذلك لحساسيتها