تختتم اليوم بقاعة الصداقة بالخرطوم فعاليات اجتماعات اللجنة النقدية لدول (الكوميسا) السوق المشتركة لدول شرق وجنوب افريقيا بمشاركة محافظي البنوك المركزية بدول المنظومة، ويتوقع ان يتسلم السودان خلال الاجتماعات رئاسة هذه الدورة من دولة موريشوس، وتهدف الدورة التى تأتي في ظروف اقتصادية وسياسية مهمة خاصة مع اقتراب موعد الاستفتاء التوصل الى وحدة نقدية مشتركة بين دول الاقليم وازالة الحواجز الجمركية كافة التي تعيق عمليات التبادل التجارى بين دول المنظومة وتوحيد السياسات النقدية خاصة نظام سعر صرف العملات الاجنبية. ويؤكد بدرالدين محمود نائب محافظ البنك المركزى ان اجتماعات الكوميسا في هذه الدورة بالسودان تأتى مواصلة لجهود اللجنة النقدية بالمنظومة لجهة العمل على ايجاد تجانس للأنظمة والسياسات النقدية المتعلقة بأنظمة الدفع في دول الاقليم، بجانب ايجاد آلية لتوحيد نظم وسياسات سعر الصرف خاصة بعد تبني دول الاقليم نظماً محررة لسعر صرف العملة، مشيرا الى ان اجتماعات اللجنة نظرت ايضا في العمل على التكامل المالي في السياسات الاقتصادية الكلية لا سيما المالية العامة والموازنات المالية لدول الكوميسا بغية جعل التجانس المالي اساساً للتعاون في خلق سوق مشتركة، واوضح محمود ان الاجتماعات ناقشت وأوصت بسياسات تستهدف صيغاً تكاملية مشتركة في السياسات النقدية لتحقيق التكامل الاقتصادي فيما بينها، بجانب التوصل الى (وحدة نقدية). وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة التي حققها السودان من وراء انضمامه للكوميسا إلاّ ان هنالك بعض السلبيات صاحبت هذه التجربة يحصرها خبراء اقتصاديون في ضعف انتاجية المنتجات المحلية التي دخل بها السودان السوق المشتركة التي لاتستطيع المنافسة في ظل سياسة الاغراق التي تتطلبها التجارة العالمية، فضلا عن ان السودان استعجل في الانضمام الى (الاتحاد الجمركى) بالكوميسا دون دراسات مسبقة، داعين الى ضرورة مواكبة التطورات العالمية في مجال السلع التجارية حتى تجد المنتجات المحلية سوقاً رائجة في الاسواق الافريقية والعالمية. ووصف قنديل ابراهيم امين امانة الاتفاقيات باتحاد عام اصحاب العمل السودانى ان خطوة انضمام السودان للكوميسا بالمستعجلة بعض الشئ خاصة فيما يتعلق بالانضمام للاتحاد الجمركي، واعتبرها في حديثه ل(الرأي العام) قامت دون أية دراسات مسبقة، وقال ان دخول السودان في الاتحاد الجمركي للمنظومة سيزيد من الاعباء الجمركية خاصة واننا فى مرحلة نحتاج فيها للرسوم الجمركية، وطالب قنديل بضرورة اعادة النظر في هذه الخطوة، كما طالب بإخضاع تجربة الاتحاد الجمركى نفسه بالمنظومة للتقييم لجهة معرفة الفروقات في الرسوم الجمركية بين دول الاقليم، مؤكدا ان اتحاده سيقوم بالتنسيق مع بعض الجهات المختصة بدراسة اثر انضمام السودان للكوميسا. ويرى د.حافظ ابراهيم الخبير الاقتصادي ان السودان استعجل في الانضمام تحت لواء للكوميسا دون استباق الخطوة بدراسات تحدد مدى حجم استفادة البلاد اقتصادياً من المنظومة، بجانب دراسة نتائج عواقب الاخضاع، كما ان انتاجية البلاد من السلع الانتاجية ضعيفة لاتستطيع المنافسة فى السوق العالمية رغم جودتها، علاوة على ارتفاع تكلفة انتاجها محلياً، مطالباً فى حديثه ل(الرأي العام) بضرورة زيادة الانتاج المحلي من السلع وتجويده وخفض التعرفة الجمركية، فضلا عن اخضاع قرار انضمام السودان للكوميسا لدراسات حقيقية حتى لاتؤثرالتجربة لاحقا سلبيا على البلاد. بينما يرى فريق آخر من الخبراء أن البلاد حققت الكثير من المكاسب منها ماهو اقتصادي و سياسي وآخر اجتماعي من بينها الاستفادة من برامج العون الفني التي ظلت تقدمها الكوميسا للبلاد في مجالات الجمارك الطيران والاحصاء والتجارة الإلكترونية، بجانب كسبه لعملات حرة من خلال استضافته للعديد من فعاليات الكوميسا، فضلا عن استفادة مصانع الصناعات الجلدية بالبلاد من تمويل معهد تطوير وترقية الجلود والصناعات الجلدية، علاوة على مساهمة لجنة الامن والسلام بالمنظمة في تحقيق السلام والاستقرار بالبلاد من خلال مساعدتها في حل قضية الجنوب، كما انه اضحى نقطة عبورتجارية يمكن ان تساعده في الاستفادة من رسوم العبورللسلع التجارية. وقال هؤلاء الخبراء إن مساعدة دول هذه المنظومة للسودان لم يأت من فراغ في حل قضاياه وانما لتمتعه بميزات اقتصادية غير موجودة في كثير من هذه الدول خاصة الثروات اوالموارد الطبيعية كما انه يمثل معبراً تجارياً مهماً لتوسطه جميع دول المنظمة، فالكوميسا تنظر للسودان من عدة نواحي اقتصادية منها انه مثّل عنصر جذب وقبلة لإستثمارات دول المنظومة كافة. بجانب انه استوفى شروط الانضمام كاملة للمنظومة من خلال انتاج سلع جيدة تنافس في السوق المشتركة للكوميسا، فضلا عن الاعفاء كاملا من الرسوم الجمركية لواردات السلع من دول الكوميسا. وتفيد متابعات (الرأي العام) ان الملتقى سيخرج اليوم بعدة توصيات للمساهمة في دفع العمل المشترك بين دوله، وضرورة التأمين على اقرار وحدة نقدية موحدة لتجنب التشابك في تعدد الوحدات النقدية الحالية بين دول المنظومة حتى تكون شعاراً تجارياً معروفاً عالمياً للكوميسا، وضرورة ازالة جميع الحواجز الجمركية خاصة الرسوم المتعددة للسلع لتشجيع ضخ المنتجات بين دول المنظومة، فضلا عن تشجيع الانتاج والانتاجية الجيدة للسلع لجهة احداث الوفرة والاغراق في السوق المشترك بين هذه الدول حتى تسهم في خفض الاسعار وتستطيع المنافسة في الاسواق العالمية. وكيفما كان من امر فإن اجتماعات الكوميسا بالخرطوم هذه المرة يتوقع لها الكثيرون من المهتمين بالشأن الاقتصادي ان تأتي عكس الاجتماعات السابقة بالبلاد وذلك بأن تحقق للسودان بعض المكاسب السياسية والاقتصادية نظير مشاركته في عضويتها من خلال مساعدته في زيادة الانتاج للسلع الجيدة التي يمكنها المنافسة عالمياً، علاوة على دفع جهود السلام في البلاد خطوات للأمام.