رغم ان تجديد العقوبات الاقتصادية الامريكية على السودان بات من الامور الروتينية التى يقوم بها الرئيس الامريكى سنويا بموجب القانون الامريكى دون أن تكون لها أثار كبيرة على ارض الواقع الا أن التجديد هذه المرة جاء قبل (10) اسابيع فقط على قيام الاستفتاء على مصير جنوب السودان الامر الذى يمنح القرار طابع الضغوط السياسية على الحكومة السودانية من اجل تنظيم الاستفتاء فى موعده بغض النظر عن مستوى التحضيرات وتهيئة الارض والاجواء لهكذا استفتاء هو الاخطر فى تاريخ السودان. .... والعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1997 ويجرى تجديدها سنويا تشمل تقييد بعض اجراءات التجارة والاستثمار في السودان وكذا تقييد أصول للحكومة ولبعض المسؤولين بالدولة ، ومنذ ذلك الحين لم تسجل تأثيرات تذكر لهذه العقوبات على الاقتصاد السودانى الذى انتعش تحت ظلال سيوف العقوبات والمقاطعة الامريكية حيث دخل السودان نادى الدول المنتجة والمصدرة للنفط وهو لايزال تحت العقوبات الامريكية. وفى كل عام تتباين مبررات الادارات الامريكية فى سبب تمديد العقوبات وامس الاول جدد الرئيس الامريكي باراك اوباما العقوبات وقال المتحدث باسم البيت الابيض تومي فيتور ان الولاياتالمتحدة تأمل في ان يقوم قادة السودان «باتخاذ خيارات ملحة وصعبة لازمة لضمان السلام للشعب السوداني. وأضاف فيتور «بينما نعمل على دعم هذه الخيارات ستراجع الولاياتالمتحدة تقدم الحكومة السودانية في حل قضايا تنفيذ ( اتفاق السلام) العالقة وكذا الملابسات الاخرى لتشمل تحسن الامن ووصول المعونات الانسانية بدارفور.»وقال «اذا تحركت الحكومة السودانية نحو تحسين الوضع على الارض ودفع عملية السلام قدما نحن نقف على اهبة الاستعداد للعمل مع السودان لضمان موقعه الصحيح في المجتمع الدولي ويربط مراقبون تمديد العقوبات بسلسلة من الاجراءات التى تدفع باتجاه اقامة الاستفتاء فى موعده ، ويستفاد فى ذلك من تشديد الرئيس اوباما نفسه نهاية الاسبوع الماضي على ضرورة الالتزام بالجدول الزمني للاستفتاء خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس السابق لجنوب افريقيا ثامبو مبيكي بصفته رئيسا للجنة من الاتحاد الافريقي مختصة بالسودان. ويبدو تجديد العقوبات الروتينى فى نظر عدد من المراقبين مناقضا فى بعض جوانبه مع الاستراتيجية الامريكية تجاه السودان التى اعلنتها وزارة الخارجية الامريكية فى سبتمبر الماضى والتى نصت على تكثيف الجهود الدبلوماسية؛ والعمل مع دول أخرى والأمم المتحدة وغيرها من منظمات دولية وإقليمية للمساعدة في التحضير للاستفتاء والقيام باستثمارات كبيرة على أرض الواقع للمساعدة في التحضير لما سيحدث بعد الاستفتاء،وتتطابق فى ذلك مع استراتيجية التعامل مع السودان التي أعلنتها ادارة الرئيس أوباما في أكتوبر من العام 2009 . وتنص جميع استراتيجيات التعامل مع السودان التى اقرتها ادارة اوباما بانه وبعد الوفاء باتفاقية السلام الشامل وتسوية نزاع دارفور ستعمل الولاياتالمتحدة مع الكونغرس لرفع القيود على المساعدات الخارجية، وإلغاء العقوبات الاقتصادية، وتدعم دعماً فاعلاً المساعدات الدولية وتخفيف أعباء الديون، بما يتمشى مع القانون الأميركي والإجراءات المتفق عليها دوليا. تجديد العقوبات جاء بعد ايام فقط من اعلان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية في بيان على موقعه قال «فيه قد تصدر تصاريح محددة على أساس كل حالة على حدة تسمح بالتصدير التجاري أو إعادة التصدير لمعدات زراعية وخدمات مصدرها الولاياتالمتحدة إلى السودان . وقال- الغرض من سياسة التصاريح الجديدة هو أن يستفيد الشعب السوداني بزيادة إنتاج الغذاء محليا وتعزيز القطاع الزراعي». وبموجب تلك التخفيفات اعلنت شركة سكر كنانة ان ست شركات أمريكية فازت برخص تصدير في السودان في اطار تخفيف العقوبات على القطاع الزراعي في خطوة رئيسية على الطريق الى انشاء مزارع مميكنة على نطاق كبير ويطرح التجديد فى العقوبات الذى جاء بعد التخفيف عدة اسئلة عن طبيعة العقوبات الاقتصادية الامريكية وهل هى حزمة واحدة ام مجموعة من العقوبات المختلفة صادرة من مؤسسات مختلفة وبالتالى يختلف تقدير حالات التخفيف والاستمرار فى العقوبة من مؤسسة الى اخرى.