كان القطن من اهم المحاصيل النقدية بالبلاد قبل استخراج النفط حيث اعتمدت الحكومات عليه كليا فى مقابلة ميزان المدفوعات التجارية وتوفير العملات الصعبة وتشغيل أعداد كبيرة من العمالة فى مصانع الغزل والنسيج باعتباره كان يشكل اكثر من (80%) من جملة صادرات البلاد لمختلف دول العالم، وكان يحظى بسمعة جيدة فى الاسواق العالمية جعلت السودان فى مقدمة الدول المصدرة فى هذا المجال لجودة اصنافه مقارنة باصناف الدول المنافسة، ولكن بعد ظهور مورد النفط واتجاه الدولة كليا للبترول وبالتالى انصرافها عن الزراعة تراجع هذا المحصول لادنى المستويات حسب تقاريراتحاد الغزالين العالمى الذى يصنف القطن السودانى منذ عشرة اعوام خاصة فى جانب الغزل بانه أقل الانواع جودة فى السوق العالمى لاحتوائه على كميات كبيرة على (العسلة) وتلوثه بسبب استخدام ماكينات رديئة فى الحلج ، وهذا الاهمال المتراكم للقطن منذ سنوات ترتبت عليه انعكاسات سالبة من بينها، خروجه فى كثير من الاعوام من الدورات الزراعية بسبب ترك معظم المزارعين له بعد وصولهم لقناعات بانه لافائدة ترجى من وراء زراعته ويمكن ان يعرضهم للخسارات بدلا من تحقيق العوائد المجزية، كما انه اصبح يشكل عبئاً على الصادرات غير البترولية بتذيله لقائمتها. ويصف احمد البدوى مدير مشروع الجزيرة السابق البرنامج بالجيد والطموح وانه يمكن ان يحدث ثورة فى قطاع القطن فى حال تم الالتزام به وتنفيذه تنفيذا دقيقا على ارض الواقع خلال الخطة الثلاثية الممتدة للعام 2013م بزراعة (1.200) مليون فدان فى الولايات المستهدفة (الجزيرة - القضارف- كسلا- النيل الابيض والازرق- وشمال كردفان). واشار البدوى لاسباب قال انها ادت الى قيام البرنامج من بينها، تدنى انتاجية القطن لادنى المستويات مقارنة بالمتوسطات العالمية حيث ان انتاج البلاد من المحصول للسنوات الماضية لم يتجاوز ال(560) الف قنطارمقارنة ب(11200) قنطارحجم الانتاج العالمى، وضعف قدرات المنتجين، واكد البدوى ان الهدف من البرنامج، الارتفاع بمتوسط الانتاج من المحصول بالقطاعين المروى والمطرى ليصل فى المروى لنحو(16) قنطارا و(10) قناطير فى المطرى للفدان، وزيادة العائد الاقتصادى لصغار المنتجين، وتوفير الاعلاف للثروة الحيوانية، فضلاً عن توفير فرص العمالة للعمل بمصانع الغزل والنسيج، واعادة القطن لسيرته الاولى حتى يلعب دوره الريادى كمحصول اقتصادى واجتماعى، الا ان البدوى شكا من ضعف التمويل المخصص لخطة العامين الجارى والمقبل حيث لم يتعد حجم المتوفرحاليا (141) مليون دولار، فيما يبلغ التمويل المطلوب نحو (187) مليون دولار، داعيا البنوك الى الاسراع فى توفير التمويل كاملا حتى لا يحدث خلل فى هذا الجانب، وتوقع مدير مشروع الجزيرة السابق ان يصل حجم العائد بنهاية الخطة لاكثر من مليار دولار. من جانبه تعهد عبدالله الحسن محمود مدير ادارة التمويل بالبنك الزراعى السودانى على توفير البنك للتمويل كاملا للمناطق المستهدفة بزراعة القطن ضمن خطة البرنامج الاصلاحى للاعوام المقبلة، مؤكدا قيام البنك بتوفير(26.700) مليون دولار لزراعة المحصول فى العام الجارى عبر صيغ المرابحة والمقاولة فى مساحة (202) الف فدان بالمشاريع المستهدفة . وفى السياق رسم د. عابدين محمد على مدير الشركة السودانية للاقطان صورة قاتمة لمستقبل تسويق القطن المحلى خارجيا فى ظل ما اسماه بتغيرالتسويق العالمى نتيجة لتغير السياسات التسويقية الدولية، واتجاه السوق العالمى نحو الشرق الاقصى وامريكا الجنوبية، مشيرا الى ان اكثر من (70%) من انتاج القطن فى العالم والذى تنتجه دول مثل الصين والهند وباكستان تتحكم في تسويقه الدول الغربية التى اتهمها بإحداث تشوهات فى تسويق القطن، فضلا عن عدم وجود معايير دولية موحدة حتى الآن لتصنيف القطن الجيد من عدمه، ورأى عابدين انه فى حال استمرار هذه السياسات الدولية وعدم انتهاج سياسات تسويقية جديدة فى هذا المجال تقوم على مبادئ العدالة والشفافية فان مستقبل التسويق للمحصول خاصة فى دول العالم الثالث سيكون مختلا. ولم ينس د. عابدين ان يبدى ملاحظات على مستقبل تسويق القطن الوطنى الذى قال انه تواجهه بعض التحديات من ابرزها، الاعتماد فى الفرز على الطريقة اليدوية، تغيير العملة من الدولار لليورو حسب متطلبات الاسعار فى السوق العالمى، مؤكدا ان ذلك من شأنه ان يحدث فروقات فى السعر ستأتى على حسابهم. وتوقع حدوث تطور كبير فى صناعة القطن وتسويقه بعد اقرار البرنامج الاصلاحى، بجانب ان يحقق المحصول عائدا يصل إلى (700) مليون دولارللعام الجارى، و(2) ملياردولار بنهاية الخطة فى العام 2013م.