قال الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، إن إنفصال الجنوب يعتبر (أخف الضررين) حسب مقاصد الشريعة، بحسبان أن الجنوبيين في التاريخ الحديث إتحدوا مع الشمال باختيارهم بلا إكراه أو فتح، أي أن ما بيننا هو عهد مواطنة طوعية، وأضاف: إذا إتفقت الأطراف على صلح يمنح تقرير المصير فهو أمر جائز لأنّ من مقاصد الشريعة إرتكاب أخف الضررين، فقد كان هذا الصلح لوقف الحرب. وحمّل المهدي في خطبة الجمعة بمسجد الحماداب العتيق أمس، سياسات الإنقاذ نصيب الأسد في إنفصال الجنوب، وقال إن سياسات الخرطوم الحالية إذا تواصلت فإنّ التنافر سيستمر وربما قاد البلاد لحروب كارثية تحقق أسمى أماني أعداء السودان الهادفة لتمزيقه إلى دويلات. ووصف المهدي، من قال إنهم (ممن وصفوا بأنهم علماء أصدروا بياناً قالوا فيه إن الجنوب منطقة فتحها المسلمون بسيوفهم ولا يجوز لها تقرير المصير ومن أجازه كافر) بالجهلاء بالتاريخ وبأحكام الإسلام، وقال: (زاخرون ما برحوا يطلقون على الجنوبيين أقبح الأوصاف لذلك هللوا وفرحوا بالإنفصال)، وأضاف: (حقاً ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم). ووصف المهدي، إنفصال الجنوب بالفشل في حفظ الأمانة الوطنية، وقبوله إعترافاً بالواقع الذي صنعته سياسات خاطئة (غرست الشوك فحصدنا القتاد)، وقال إن أولى هذه السياسات ما قررته دولة الإحتلال البريطاني في السودان العام 1920م بأن يُوضع في الإعتبار إمكانية إقتطاع الجزء الجنوبي الأسود من السودان من الشمال العربي وإلحاقه في النهاية بنظام من أنظمة شرق أفريقيا، وأضاف أن النظم الديمقراطية في السودان ركّزت على آلية الديمقراطية وأغفلت ضرورة التوازن الثقافي والجهوي لإستدامة الديمقراطية، وأشار إلى أن نظام الفريق إبراهيم عبود لجأ لأسلمة وتعريب إداريين بعد أن حرم الجنوبيين منابرهم النيابية والحزبية فلجأوا لحمل السلاح. وقال المهدي، إن رابع السياسات الخاطئة هي ما فعله نظام جعفر نميري الذي إستعان بتحضيرات الديمقراطية الثانية، وأبرم إتفاقية سلام 1972م ثم خرقها من جانب واحد فأشعل حرباً أخطر من تلك التي أطفأها، وكرّس الإقصاء ببرنامجه الإسلاموي التهريجي - على حد وصفه -، وأضاف أن الأوسع في الطريق للإنفصال هي خطوة نظام الإنقاذ الذي قال إنه أجهض سلاماً عادلاً وشيكاً أقدمت عليه حكومة الديمقراطية الثالثة لإبرام سلام بلا حاجة لوسيط أجنبي ولا حاجة لتقرير المصير في 18/9/1989م، وقال: أجهضوا مشروع السلام هذا واتخذوا نهجاً إسلاموياً عروبياً في 1992م أدى لإجماع أحزاب وحركات الجنوب على المطالبة بتقرير المصير في أكتوبر 1993م، وتابع: وفي 2005م أبرموا إتفاقية سلام جعلت الإنفصال جاذباً. وقال المهدي: كان لقوى الإحتجاج والمقاومة الجنوبية دورٌ في عوامل التنافر بسبب سرعة اللجوء لحمل السلاح والإستنصار بالأجنبي، وأضاف أن الإنفصال كان نتيجة حتمية لسياسات طاردة إن صح هذا التحليل يرجى إذا اتبعت سياسات راشدة أن يحصر الإنفصال في نطاقه الدستوري، وأن تبسط شبكة الوصال المجتمعي، وأضاف: إذا إتصلت سياسات الخرطوم الحالية فإنّ التنافر سوف يستمر وربما قاد البلاد لحروب كارثية تحقق أسمى أماني أعداء السودان الهادفة لتمزيقه إلى دويلات، وأكد المهدي أن مشاركة حزبه في مناسبة إعلان دولة الجنوب كانت إعترافاً بالأمر الواقع (وكي نطل على الجنوب بوجهٍ شمالي جاذبٍ واعدٍ بالمودة والإخاء، وجه مختلف عن وجه الشمالي القبيح الطارد).