برغم مغريات الشهرة وبحثها عنه وليس العكس، إلا أن الفنان خوجلي هاشم الصوت الفني الجهير ما زال متمسكاً بعطبرته، لا يخرج منها إلا لأيام معدودات ليغني هنا وهناك في المدائن وسرعان ما يعود إليها، ثبتت في وجدانه كما الأصابع في راحتي الكف، كلما قفل راجعاً لعطبرة يترك صوته وأغنياته في أُذُن المدن التي يزورها مغنياً، ست وعشرون عاماً هي عمره الفني، وصل صوته الى مراتب الرسوخ الإبداعي وعرفه الموسيقيون، لكنه فنان لا يفارق مدينته. قبله أنجبت عطبرة الراحل حسن خليفة العطبراوي، ومصطفى مضوي، والأخير لارتباطه بالعمل العسكري ظل عطبراوياً عسكرياً وملكياً، والعطبراوي يأتي الى الخرطوم عاماً ليسجل أعماله في الإذاعة أو التلفاز ويترك الفنانين في حيرة من أمرهم، ثم يا عطبرة «جاك زول». فظاهرة ارتباط الفنانين العطبراويين بمدينتهم ليست وليدة اليوم، سألت خوجلي هاشم بعد فراغه من حفل غنائي في حي «الشرقي» بعطبرة، كان يغني غناء رصيناً في حفل عرس، لا كغناء «اليومين ديل»، الحشد مرتاح ومسرور لما يسمع، ما فعله «خوجلي» هو أن أسرع الإيقاع وترك «لزمات» الأغاني اللحنية كما هي، وجدتها سانحة لأسأله: رغم افتقاد المدائن لصوتك وإبداعك سيما «العاصمة» لم إنت هنا وأغنياتك يتسابق عليها المستمع هناك؟ وما أظنني سألته شيئاً بعد ما قال عن سر بقائه هناك. يبدأ «خوجلي» يومه العطبراوي بإفطار دائم في مطعم «الدبل» الشهير بوسط المدينة، ثم نهاره بوزارة الثقافة وليلاً الى الغناء أو البروفات في اتحاد الغناء بالمربعات، قبل ان يرتحل الى حي المطار، ما يجده في عطبرة من اهتمام قال إنه ما بلقاه في «مكان تاني»، يغني ما يريد بأي شكل فني فإنه مقبول عندهم، جمهور الحديد والنار زاده في التواصل والعطاء، وأشرت الى تجربته مع محمود عبدالعزيز في أغنية «الفات زمان» قال إنه سجلها في العام 1999م، واعجب بها «محمود» فتركته يفعل فيها ما يفعل فالفتى فنان وأنا أوده كثيراً. اكثر من «17» أغنية موزع لحنها بين قناتي «النيل الأزرق» و«الشروق» لخوجلي لم تُبث، لا يدري السبب، ولكن كرنفالات غنائه لن تتوقف، وما يريد ان يفارق عطبرته أو يتزحزح قيد أنملة عنها، يرى أن «الغناء السمح» يتجاوز الزمان والمكان.