تعرضنا في مقالات سابقة الى أن الوحدة الوطنية والوفاق والتسامح هو سبيلنا الوحيد للخروج من المشاكل التي ألَّمت بنا والمأزق التاريخي الذي نعيشه حالياً حكومة كنّا أم معارضة أم شعباً جعلتنا على حسرة لقبليتنا وجهويتنا التي أصبحت تخلق لنا خوفاً مؤرقاً على مستقبل بلادنا المظلم الذي ترسم حوله كل الصور القبيحة. إنني لم ولن أمل في تكرار الدعوة للوحدة والوفاق الوطني، حيث إن ذلك هو السبيل الوحيد لاجتيازنا المرحلة الحالية التي نعيشها، التي يلتف حولها شبح التقسيم والإنشقاق والمهددات الأمنية والسياسية داخلياً وخارجياً وأحاطت بنا تلك المشاكل المختلفة إحاطة السوار بالمعصم..!! لقد دخل الخوف والقلق الى نفوسنا وقلوبنا ونحن نعيش واقع السودان المتردي سياسياً وأمنياً وننظر بحسرة لأجيالنا القادمة التي قد تفقد الاستقرار وتتعرض لمواجهات مختلفة تهدد مستقبله وبقائه...! لقد عانت هذه الأجيال الضياع والنقص في الخدمات العامة وغلاء المعيشة وضروريات الحياة. إن السودان حالياً يواجه تحديات داخلية وخارجية متصلة، فهناك ضغوط أمريكية وأوروبية شرسة وضغوط من بعض الدول الإفريقية.. هنالك مشاكل حدودية مع تشاد وإثيوبيا وأوغندا ومنطقة حلايب مع مصر.. وهنالك مشاكل داخلية في الكونغو وكينيا والصومال تؤثر على أمننا القومي. كما أن هنالك مشاكل داخلية خلقت وتخلق توتراً مستمراً بين الحكومة والأحزاب المعارضة، وهنالك مشكلة دارفور ومشكلة تنفيذ نيفاشا ولها ذيولها مثل مشاكل أبيي والحدود ما بين الولايات الشمالية والجنوبية. وهنالك المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها المواطن، كما أن هنالك مشاكل جبال النوبة وبعض تراشقات جنوبشرق النيل الأزرق وهكذا...!! إن واقع السودان الحالي ينذر بالكثير من الشفقة والخوف على مستقبل البلاد الذي أصبح رهينة للتوتر والقلق المستمر من القوى الخارجية وبالذات أمريكا التي لها ذيول في الداخل. إن الوفاق السياسي أصبح مهماً في كل ربوع العالم.. فإذا نظرنا الى الدول التي حولنا في إفريقيا والعالم العربي نجد أن هناك اختراقات أمنية خطيرة تنذر بالتحول الى بلادنا مثل كينيا التي تتكون من مكونات قبائلية وعشائرية وأصبح قادتها من أغنى مواطنيها وهي -أي كينيا- تعاني من العرقية والدينية ومشاكل اجتماعية مختلفة، بالرغم من أن نظامها ديمقراطي كما يبدو، إلا أن المشاكل التي تفجرت فيها أخيراً تفيد بأن القبلية والعشائرية كانت وراء الأحداث التي جرت مما يشكل خطراً يمكن أن يمتد الى السودان وجنوبه بالذات..!! كما أن ما يحدث في العراق الآن من مشاكل سياسية واختراقات أمنية أصبحت فيها مشاكل الأمن والاستقرار التي لا يعرف مداها إلا الله. كما يحدث في تلك الدول وغيرها يفرض علينا التحسب منذ الآن في التفكير في وفاقنا السياسي والوطني، حتى نستطيع كمجموعة واحدة حكومة ومعارضة أن نمرر هذا الاختبار لتأمين بلدنا من شرور الانقسام والتشرذم والمواجهات المسلحة والاختراقات الأمنية المتصلة والمتكررة التي تهدد أمن المدن الكبرى ومن ضمنها العاصمة الخرطوم. نحمد الله أن الحكومة قامت بتحسين علاقاتها مع الجارتين إثيوبيا وأريتريا وأن العلاقات مع مصر مستقرة ومزدهرة ، الآن نأمل في استمرار تحسن هذه العلاقات كما نأمل أن تكون العلاقة مع الشقيقة ليبيا حسنة دون توتر أو شكوك في تلك العلاقة. بما أن السودان يواجه كل تلك المخاطر الكبيرة لابد من الوفاق بين الحكومة والمعارضة وذلك بتوحيد الرؤى السودانية وأن يكون قرارنا لمصلحة الوطن والمواطن فقط. لقد قامت الحكومة باتصالات مختلفة مع الأحزاب الكبيرة أو جلها بما فيها المؤتمر الشعبي ، ونأمل أن تستمر هذه الجهود حتى نتفق على الحد الأدنى من المصالحة الوطنية التي تعضد بيننا وتعمل على تبني الجميع لخطة سياسية متفق عليها مستقبلاً.