هذه الكلمة بدأت بالذهن قصيرة. ثم طالت لخصوبة موضوعها ورغم قصرها الذي بدأت به، ما من مقال كثرت خيارات عناوينه في ذهني مثله. فأخذت أسجل الى أن بلغ التسجيل «12» عنواناً. لو ذكرتها كلها مع الشرح لبلغت كلمة قائمة بذاتها. لذا سأكتفي بذكر «الجاز نار بلا دخان» و«إذا زاد العقل نقص الكلام» و«الجاز نار لا تشتعل بالنفخ» و«الجاز كخوجلي أبوالجاز في المريخ».. إلخ هذا الأخير يحتاج الى قليل من التعريف، وكان خوجلي أبوالجاز في أخريات الاربعينات لاعباً متميزاً في نادي الأهلي بالخرطوم. ثم انتقل الى المريخ اسمه خوجلي، وينادى بخوجلي أبوالجاز لإكباره، فقد كان خوجلي أبوالجاز رجلاً صالحاً عليه سُمّيت حلة خوجلي بالخرطوم بحري، كان يلعب هجوماً أيمن (Inside) فإذا تعطل أي لاعب أو أخرجه الحكم سد هو مكانه. يماثله النور بلة في الهلال الملقب بكبري. وترنة في الموردة، وحمدتو في الكوكب ببحري.. إلخ أيام طيبة ذكرها الله بالخير أبداً قبل ان يضر الرئىس نميري الرياضة بإلغاء الرياضة والمجتمع بإلغاء الإدارة الأهلية والسياسة بإلغاء إتفاقية الجنوب.. إلخ ولذات السبب أعني خصوبة موضوع تخفيض قيمة الخبز تعددت عناوين الصحف من جريدة الى اخرى صباح الخميس 28/2/2008 لأن الخبر لا بديل له ولا غنى عنه في الحياة. وقد كتب الاستاذ محجوب عروة تعليقاً على إسناد وزارة المالية الى د. الجاز فقال: عندما كان بجامعة الخرطوم طالباً وكثرت النفخة باستخراج الجاز بعد الرئىس نميري. قال أحد الزملاء «الجاز لا يخرجه إلا عوض الجاز هذا». نكتة قوامها بلاغة الجناس في البلاغة صارت حقيقة «رب جد ساقه اللعب». والآن أقول بلغة الحساب: لو كان استخراج الجاز للجاز بوزارة الطاقة بمثل المضاعف البسيط، فإن الخبر يمثل القاسم المشترك الأعظم بوزارة المالية. لو قلنا هذا لما كان قولنا نفخ للجاز. لأن القول حدث بعد الفعل «تخفيض سعر الخبز» لا قبله ليفعل. وقد كثرت التعليقات علي التعديل الوزاري وبالذات انتقال د. الجاز الى وزارة المالية بعد الطاقة. قال أحد كتاب الاعمدة ب «الرأي العام» أو «السوداني» إن أحد الناس كان يرقد بحجرة فدخلت طيرة من شباك وخرجت بآخر. فقال لها «يعني عملت شنو؟!» ذكرني هذا بقول العرب «شقة البلد علم» كما ذكرني بمقولة تقال عن سيد عمر المؤسس الحقيقي لدولة الإسلام كما يقول بحق فليب حتى صاحب كتاب تاريخ العرب. تقول المقولة: «إن نجاح عمر في تأسيس الدولة الاسلامية يرجع في المقام الأول الى حسن اختياره لولاته مثال: رأى شيخاً يكثر الصلاة بالمسجد فبدا له أن يوليه. فسأل الصحابة «من يعرفه؟» قال أحدهم: أنا: هل جاورته؟ قال لا. هل سافرت معه؟ قال: لا. هل تعاملت معه بالدرهم والدينار؟ قال: لا ولكني أشاهده يلازم المسجد. قال: إذن لا تعرفه. وفي هذا المعنى يقول المعري: سبح وصل وطف بمكة زائرا سبعين لا سبعاً فلست بناسك جهل الديانة من إذا عرضت له أطماعه لم يلف بالتماسك والأمثلة كثيرة حسبي منها هذا لتوضيح الفكرة من التعديل الوزاري بالإعفاء أو التبديل. لنأتي الى موضوع العنوان: «د. الجاز لم يخذل قولي فيه». في يوم الجمعة الآنفة 22/2/2008أتى خالد ابن ابن عمي دكتور أحمد سعيد حمور «عليه الرحمة والرضوان» فقد كان أخضر القلب بالفطرة زاده التعليم خضرة. وأتى خالد الذي لا يحول فارق السن أن يتآنس مع الكبار كأنه منهم. سألني أثناء الأنس والحديث ذو شجون: عن رأيي في انتقال د. عوض احمد الجاز الى المالية بعد الطاقة. رغم خبرته الطويلة في الطاقة؟ قلت: «د. الجاز من الممكن الاستفادة منه بأي موقع في الدولة فما بالك بالمالية ذات علاقة التكامل مع الطاقة؟ أو شقيقة الطاقة. الطاقة تدبر النقود والمالية تصرف النفود. وفي هذا المعنى يقول المنطق الارسطوطاليسي. السكين قاطعة بالقوة قبل القطع وقاطعة بالفعل بعد القطع. وبعبارة حديثة كالجاز نار بالقوة ونار بالفعل بعد الاشتعال. لهذا التلازم قلت للإبن خالد: اعتقد أن إسناد وزارة المالية للجاز بعد الطاقة أهم من الطاقة. لأن تسيير وزارة الطاقة بعد استقرارها لم تعد مشكلة. المشكلات الآن صرف الدخل لا الدخل. تماماً كمرتب الأب مقابل تدبير الأسرة لصرفه. أذكر بهذه المناسبة ان احد المصريين قال لنا قبل البترول: أنتم يا سودانيون لستم فقراء لكن المشكلة ان جيبكم مقدود. «صدق» الرئىس نميري سفلت طريق نيالا-كاس -زالنجي أما كان الاجدى الجنينةالفاشر الأبيض الخرطوم؟ وأجدى منه كوستي واو أو جوبا؟ أو شريان الشمال بدل زالنجي كاس نيالا المهجور؟! وفي التراث مثال يوضح أهمية التدبير وضبط المنصرفات. وقد بلغ الأمر فيها حد منع المراجع العام بعين قوية. وأين؟! في ديوان السلطة القضائىة بالدامر. بل رشوة أعلى رجل فيها. كما قالت الجرايد؟! في التراث: قالت امرأة للقاضي: إن زوجها يوثر ضرتها عليها. سئل الزوج قال: لا أوثر ولكن هي غير مدبرة كالأخرى. حدد القاضي جلسة لسماع الضرة والزوج والشاكية. في يوم الجلسة أمر القاضي أن تأتي الضرة والشاكية بطريق به طين. فلما حضرا أعطى كل واحدة منهن كوبا به ماء قدر رطلين ليغسلا رجليهما. على أن تكون كل واحدة بمكان لا ترى فيه الاخرى. نفذت الشرطة ما طلب. ثم بعد فترة طلب إحضارهما. فحضرتا. الشاكية لم يكفها الماء لغسل رجل واحدة. والاخرى كفى لغسل الرجلين وزاد. شاهدت الشاكية بنفسها ما كان منها ومن الضرة. سأل الضرة: كيف كان ذلك؟ قالت: قبل ان استخدم الماء أزلت الطين بالتراب. ثم غسلت أثر الطين بالماء فأكفاني وبقى ما ترى. قال القاضي للشاكية بعد البيان بالعمل: صدق زوجك ضرتك مدبرة وأنت خرقاء. بالأمس 28/2/2008قرأت خبر إرجاع سعر الخبز وزن «50» جرام الى ما كان عليه تذكرت قولي الى الابن خالد أحمد سعيد. فقلت في نفسي «الجاز لم يخذل قولي فيه». وفي يوم السبت 1/3/2008عندما حضر خالد قال لي: تذكرت ما قلته لي. وزاد والأجمل ان الجاز لا يحب الظهور في وسائل الإعلام. قلت: لقد تذكرت ما قلته لك أمام الابن حسام. والآن أفكر في كتابة كلمة بعنوان «الجاز نار بلا دخان» أو «إذا زاد العقل نقص الكلام» فكانت هذه الكلمة لا لمدحه فليس بيني وبينه سابق صلة. ولا حاجة لي عنده. ولكن لمجرد الإحساس بالارتياح لصدق حدسي فيه. امتداداً لصدق نبوءة الجناس فيه عندما كان طالباً بالجامعة، والآن بالحياة العملية، لهذا كانت الكلمة. وكان قبلي بيت: «الشكرية فرسان ومستحقين شكري» «تره ده الصح قلت ليك أنا لا بخاف لا مكري» الذي قاله طه لريا في رواية المك نمر، ولا فارق إلا أنه قال لريا. وأنا أقول لقارئي الكريم: لذات مسببات الدوافع. والله بالسرائر أعلم. يؤكد هذا أن لي مقالاً سابقاً بعنوان «لام أكول بالدنقلاوية يعني الأغر» نشر ب «السوداني» الصفحة الأخيرة قبل عامين تقريباً. بقى أن أقول: قرأت ا ليوم 28/2/2008كلمة للأستاذ احمد محمد شاموق بعاموده ب «الرأي العام» عن تخفيض سعر الخبز. أوضح فيه مدى عظمة المهمة الملقاة على كاهل د. الجاز، تبدو للقراءة العابرة الإشفاق من الإخفاق. ولكن الحقيقة تعني التبصير وحفز الهمم، وكأني بلسان الحال يقول: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم ويقول سيدنا خالد عندما أصر على قطع بادية السماوة في «5» أيام لا ماء فيها من العراق الى اليرموك بالشام فنجح فقال: «إن المعونة من الله تكون على قدر النية»، بل يقول قول الرسول «صلى الله عليه وسلم» «لو تعلقت نفس امريء بالثريا لنالها» وقوله تعالى: «إن تنصروا الله ينصركم». نعم يقول هذا وأكثر من هذا لك ما دمت تمثل الإرادة العامة والضمير العام للناس. وما دامت أفواه الفقراء والمساكين تدعو لك بالبركة. إن لم يكن بلسان المقال فبالقلوب ولسان الحال. اللهم وفق الجميع لما فيه خير الجميع «مجلس الوزراء برئاسة المشير عمر أحمد البشير. وتعاون الوزراء، والجهات المعنية وعلى رأسها أصحاب المخابز.. إلخ» آمين. والله من وراء القصد،،،