أعداد هائلة من أهل الراحل المقيم الأستاذ والمربي عبد القادر محمد بابكر والد أخي وصديقي محمد عبد القادر نائب رئيس التحرير حضروا إلى منزل الفقيد والى المقابر في وقت متأخر من الليل. تنادينا جميعاً لنودع الراحل العزيز إلى مثواه الأخير.. الرجل ذبح أضحيته وأضحية ابنه محمد باعتباره أكبر الأولاد في اليوم الأول.. وكان الاتفاق أن يتم ذبح ضحية ابنه صلاح الذي يعمل بقسم الكمبيوتر ب «الرأي العام» في اليوم الثالث من أيام العيد.. لكنه أصر على تقديم أضحية صلاح في اليوم الثاني وسط دهشة الجميع وشمر عن ساعديه وذبح الخروف.. وتناولوا الإفطار سوياً، وهم في حيرة لماذا قدم الراحل موعد أضحية صلاح من اليوم الثالث الى اليوم الثاني؟ في المساء كان يجلس قبالة التلفزيون ممسكاً بالريموت كنترول يقلب في القنوات وفجأة اتكأ على جانبه من الكرسي وصدر صوت خفيت منه.. وكانت لحظة خروج الروح.. كان الرجل معتاداً.. عندما يمر بالمقابر الكامنة بالقرب منهم يقرأ دعاء محددا.. ويقول لمحمد ردد هذا الدعاء كلما مررت بالمقابر. في يوم رحيله مر مع محمد بالقرب من المقابر ولم يقرأ الدعاء.. وسأله محمد لماذا لم تقرأ الدعاء؟ فصمت الراحل ولم يجب على السؤال. في اليوم الأول من العيد رحلت امرأة بجوارهم.. قال بحسرة إنها امرأة سعيدة.. وتمتم بكلام لم يكن واضحاً. كان عندما يأتي إلى »الرأي العام« يسألني عن صحتي ويقول لي خليك جعلي.. المرض لا يقتل الإنسان، الإنسان يموت حينما يأتي يومه. تدافع عشرات الناس طوال أيام العزاء.. وزراء ومديرون وسفراء.. وأهل وأصحاب قيمة وهمة، جاء وفد من منطقة حوش بانقا.. حيث كان الراحل مديراً لمدرسة حوش بانقا.. ثم رئيساً لنادي حوش بانقا.. ثم عضواً باتحاد كرة القدم لمنطقة شندي. كان رجلاً كريماً واجتماعياً وشهماً وشجاعاً. قلت للأخ والصديق الأستاذ حسين خوجلي في العزاء عندما سأل محمد عبد القادر عن أسباب الوفاة، وحكى له محمد أن والده لم يكن مريضاً ولم يكن يشكو من أي شيء. قلت لحسين.. بمناسبة هذا السؤال.. كان أحد الأمدرمانيين مهموماً بمعرفة أسباب موت أي شخص يذهب للعزاء فيه.. ودائماً يقولون له الأسباب. وتضايق أحد معارفه منه كثيراً.. وعندما رحل احد أقربائه.. سأله نفس الشخص.. المرحوم كان عندو شنو لغاية ما توفى.. أجابه الرجل بحسم كان شديد وجالس في نفس مكانك.. ومات.. صمت الرجل واستأذن بالذهاب ولم يعد يسأل عن أسباب الموت. ابتسم حسين وقال لي أهلنا دائماً يقولون: يا الله من القوة للهوة.. دون المرور بغرف العناية المكثفة والدربات.