? من هول ما لحقت بالقارة الافريقية من دمار وخراب على أيدى زعمائهم الوطنيين بعد الاستقلال -بعض الناس في القارة بدأوا يشعرون بالحنين إلى الماضي - فترة الاستعمار.. وقد راجت فكرة دعوة بين عامة الناس، وبل بين بعض مفكرين افارقة بارزين- بعودة الاستعمار إلى اقطار القارة السوداء.. ? د. علي عبد الله إبراهيم الاستاذ بالجامعات الامريكية كتب في مقال قديم أعيد نشره في «الأحداث» يوم الاحد الماضي بمناسبة عيد الاستقلال -بفند هذه الدعوة التي سماها «التنصل من الاستقلال» ووصفها ب «سقم صريح الاستقلال». ? ويقول د. عبد الله ان المتنصلين هؤلاء يعتقدون «أننا ربما لم نكن أهلاً للاستقلال.. وان قفزة في الظلام هززنا بها الشجرة الوارفة «دولة الاستعمار» ولم نقطف الثمر.. ? ولكن مع ذلك فإن د. عبد الله يرفض تخوين المتنصلين من الاستقلال لأنهم «يملكون الدليل الحي على بؤس مردود الاستقلال.. وقد تكاثرت هذه الأدلة على النطاق الافريقي حتى تنامت الدعوة إلى عودة الاستعمار للقارة بمبررات شتى».. ? ويذكرنا د. عبد الله بمقال كتبه د. علي المزروعي في صحيفة «هيرالد تريبيون» العام 4991م وهو عالم سياسة أفريقي «لا ترقى إليه الظنون إلى حسن وطنيته» المزروعي كتب في تلك الصحيفة الامريكية يدعو إلى عودة الاستعمار إلى القارة.. ? البروفيسر العطبراوي يعترف «اننا تنكبنا طريق الاستقلال وظللنا مختلفين اختلافاً مضرجاً بالعنف.. وهذا شقاق فاشٍ في الأمم.. ولكن لا يجهلني أحد علينا بتبخيس استثمارنا في الاستقلال للوطن.. يقولون عن الوطن انه مصطنع وهو ثمرة مرة للاستعمار إختلقه لاغراضه واستنفد عمره الافتراضي برحيل المستعمر.. ? ولكن لا يبتئس هؤلاء أننا اصطفينا هذا الوطن القاسي.. فلم تمنعنا صنعة الاستعمار للوطن من الفرح به وفوائده والاصرار عليه.. وقد قتلنا بعضنا البعض ليكون وطناً وأذكى واعدل».. ? ويمضي د. عبد الله في مقاله القديم الحديث «لقد ادخرنا إدخاراً جميلاً في الوطن- وربما لم نوثقه بعد بهذا الاستثمار بما يستحق» وفي هذا الصدد يدعو البروفيسور لنفض الغبار عن مشروع جيد التوثيق للحركة الوطنية من تراجم رجالها ونسائها لا مجرد ضوضائها».. ? هذا المشروع اضطلعته شعبة ابحاث السودان بجامعة الخرطوم «الدراسات الافريقية والآسيوية لاحقاً- بقيادة الدكتور يوسف فضل حسن في تلك الفترة».. وبعض السودانيين ويهتم مثقفون بارزون ينتمون إلى عهد ما قبل الاستقلال من الحكم الذاتي.. بينهم الاعلامي المخضرم محمد الخير البدوي.. مع انه المذيع الشهير السابق بهيئة الاذاعة البريطانية لم يدع صراحة إلى عودة الاستعمار إلا أنه قال في حوار مع «الأحداث» يوم الأحد ان الإدارة البريطانية في السودان كانت افضل نظام حكم مر على البلاد.. وهو أفضل من المهدية وافضل من كل العهود التي مرت بعده- وكانت الحريات في عهد الحكم الثنائي أوفر واعظم من الآن ومن أي وقت مضى منذ الاستقلال»..