رصد: توفيق عبدالرحيم منصور [email protected] يقع التقرير في 33 صفحة .. وأذكّر هنا كالعادة بأن هذا التقرير له أهميته القصوى لدى الجهات المانحة في العالم وكذلك صناديق الاستثمار وأجهزة المال والتمويل وما شابهها وبخاصة في الغرب , وعليه أنوه بأهمية الاطلاع على هذا التقرير و الإلمام بمخرجاته وذلك (لمن يهمهم الأمر) وكذلك انوه على التعامل مع مخرجاته بتحفظٍ . يبدأ التقرير بدارفور ويشير إلى أن الحكومة قد قويت يدها في دارفور بعد تناقص اهتمام وضغوطات المجتمع الدولي ولكن المأساة ما زالت مستمرة وقضية دارفور معقدة لحد بعيد وأن حلولها حسب استقراءات التقرير ستنتهي مع نهاية العام 2005 وذلك بعد أن تتضح مسارات خارطة سلام الجنوب .. هذا ويؤكد التقرير بأن قوات الاتحاد الأفريقي لا جدوى منها خاصة مع النظر إلى المهام الموكلة لها ورقعة الأرض التي تتحرك فيها.. ويشير التقرير إلى أن النظام (على حد تعبير التقرير) ومثل ما أعاق أنشطة المنظمات الإنسانية فإنه سيعوق أنشطة قوات الاتحاد الأفريقي .. هذا ويشير التقرير إلى تصدع داخل مجموعات المتمردين بدارفور . كذلك يشير التقرير إلى الفاجعة (catastrophic) التي أصيب بها الإنتاج الزراعي في دارفور , وأن نسبة ضياع المحاصيل الزراعية في دارفور بلغت أكثر من 85% وأن هذا الأمر ستترتب عليه مشاكل غذائية مستقبلية تؤدي إلى المزيد من التعقيد في دارفور .. . ويؤكد التقرير بأنه طالما بقي الانقسام داخل مجلس الأمن باقياً تجاه قضية دارفور وطالما أن أمريكا منشغلة بقضية العراق المستفحلة فإن الحكومة تجد نفسها في موقع مريح وتملي بالتالي شروطها لحل نزاع دارفور دون ضغوطات خارجية فعالة .. كذلك يرى التقرير أنه و بعد توقيع سلام الجنوب فأن كل من وعد بمكافأة الخرطوم (الجزرة) وخاصة أمريكا وبريطانيا سوف لن يفوا بما وعدوا ما لم يكن هناك سلام في دارفور , وهذا الأمر كما يشير التقرير سيؤثر على الخطط الاقتصادية قصيرة الأجل و السياسات الاستراتيجية للبلاد . و في مجال العلاقات السياسية الداخلية يتطرق التقرير لموضوع دكتور الترابي ويشير إلى أن الغموض يكتنف قضية اتهامه ولكن التقرير يشير إلى أنه من الواضح (it is clear) أن للدكتور الترابي يد في ما يحصل في دارفور ويشير إلى أن للدكتور الترابي علاقات قوية بأبناء دارفور داخل القوات المسلحة أدت إلى ما وصل إليه الحال ! كذلك يفرد التقرير فقرة كاملة للسيد مبارك الفاضل ويؤكد بأن أم المشاكل ما بينه والنظام كانت مع السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية بخلافهما (dispute) في أسلوب معالجة قضية دارفور ثم وصل الإحباط بالسيد مبارك الفاضل قمته حينما تأكد له بأنه لا يوجد له أي نفوذٍ في أداء عمل سياسي (lack of influence) مؤثر مع النظام . في المجال الاقتصادي يشير التقرير إلى نجاح الدولة في الترويج للاستثمار وكذلك إلى أن (الاستثمار الأجنبي المباشر) في السودان قد بلغ نسب تعتبر الأعلى في المنطقة العربية والأفريقية .. و أن عمليات الخصخصة شكلت نجاحات ملموسة . ويشير إلى أنه وعلى الرغم من عدم استقرار المناخ السياسي إلا أن السودان قد سجل نجاحات ملموسة في المجال الاقتصادي !!. وينوه إلى رضا صندوق النقد الدولي في هذا الصدد خاصة بالنسبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ العام 1997 . هذا ويشير التقرير إلى متوسط النمو السنوي الذي بلغ 6% وكذلك إلى كبح جماح التضخم وكذلك احتياطات الدولة من العملة الصعبة وما أسماه ب (renovation) أي إصلاح النظام البنكي والعمل على تقليل البيروقراطية ومحاربة الأنشطة الطفيلية الاقتصادية ومحاولات إصلاح الخدمة المدنية . هذا وكسابقه يبدو التقرير معجباً بأداء البنك المركزي أي بنك السودان , ويشير إلى أن سعر صرف الدينار سوف يستمر كما هو مع تغيرات طفيفة خلال العامين القادمين (2005- 2006) . هذا ويجتهد ويركز التقرير في الإشارة لبترول السودان وخطط زيادة إنتاجه وتأثيرات البترول على المشهد الاقتصادي السوداني ويركز على أن السودان أصبح الآن المنتج الثالث للبترول في دول جنوب الصحراء ويأتي بعد نيجيريا وأنقولا وسيكون إنتاج بترول السودان خلال الأعوام (2005- 2006) مؤثراً (impressive) في أسواق النفط العالمية , والإنتاج المتوقع للسودان في عام (2010) سيصل إلى مليون ومائتا ألف برميل في اليوم .. كذلك يتناول التقرير إنجازات قطاع الاتصالات في الدولة ومجاري الخرطوم وخدمات البلدية والبنوك الخاصة الجديدة ومشاريع توليد الطاقة كمشاريع كبرى وواعدة للبلاد . هذا ويشير التقرير بقلق لمشكلة (غذاءٍ في الجنوب) سبق أن حذرت منها الأممالمتحدة ومردها للبطء في أمر المعونات وكذلك عودة النازحين وضعف مناسيب وتوزيع الأمطار وتأخرها عن مواعيدها .. هذا و يشير التقرير أيضاً إلى تنبيهات برنامج الغذاء العالمي وتحذيراته في هذا الصدد والتي تؤكد بأن ما لا يقل عن نصف مليون نازح قد تأهبوا للعودة لديارهم . هذا ومن الملاحظ للمتتبع بأن هذا التقرير الاستخباراتي الغربي الأحدث يختلف كثيراً عن التقارير الماضية خاصة تلك التي صدرت أبان الثمانينات والنصف الأول من التسعينات والتي كانت تهيمن عليها الخلافات السياسية وحرب الجنوب والديون , أما هذا التقرير فقد ركز على الأمور الاقتصادية ومحاولة عكسها بشفافية (لمن يهمهم الأمر!) وهذا بالطبع مع الإشارة لمشكلة دارفور والتي لم تحظ إلى الآن بما كانت تحظى به قضية الجنوب في شتى التقارير السرية والاقتصادية الغربية .. هذا وقد أبرز هذا التقرير ستة عشرة من الجداول والرسوم البيانية الهامة.. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التقرير قد اعتمد فيما أبرزه من جداول على عدة جداول من إصدارات وتقارير بنك السودان الأمر الذي يؤشر لأمرين هامين أولهما انتظام واهتمام بنك السودان بإصدار تقارير منتظمة تتسم بالشفافية المطلوبة , والأمر الثاني هو ثقة الجهات والأجهزة الأجنبية التي بدأت تنمو في الآونة الأخيرة تجاه تقارير وبيانات بنك السودان *نقلا عن أخبار اليوم السودانية