النائب العام للسودان في سجن الدامر    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    مساعد البرهان يتحدث عن زخم لعمليات عسكرية    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في التفاعل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.. الوجود الجنوبي في الشمال وإمكانية التعايش مستقبلاً

مدخل: شهد السودان خلال نصف القرن الماضي حرباً ضروساً نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع قضية الجنوب مما أدي للاستمرار نزيف الحرب التي أفرزت واقعاً جديداً علي المجتمع الجنوبي الذي تحرك بكلياته نحو الشمال هرباً من جحيم الحرب. فكوُن جنوباً متحرك في الشمال. ويري البعض أن ذلك كُون مفاعل ثقافي أحس به الجميع بعد اتفاقية السلام الشامل والتي شكلت منعطفاً جديداً في المشهد السوداني عامة والجنوب بصورة أخص لاسيما في ظل احتمالات بحدوث تقرير المصير وما يترتب عليه من نتائج. المركز السوداني التقط قفار الفكرة وأتجه للتنقيب والتقصي للاكتشاف درجة التفاعل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للامتزاج المكون الجنوبي في الشمال وهل يسهم ذلك في إمكانية التعايش مستقبلاً من خلال التشريح والتشخيص للوصول لمعرفة الإسقاطات علي الموضوع من خلال الخبراء والمختصين. اللغة العربية مؤشر أول للتفاعل الثقافي لا شك أننا فريق التحقيقات شعرنا بصعوبة المهمة ونحن نتيجة إلي استطلاع شرائح مختلفة من المكون الجنوبي وفي خاطرنا بأن اللغة هي مؤشر أول نحو قياس درجة التعايش والفعل الثقافي لذا قصدنا الاتجاه نحو شرق النيل وتحديداً مدينة الوحدة والتي تعتبر نموذج لمدينة استقبلت النازحين من الجنوبيين في فترة الحرب وصارت مع مرور الأيام منطقة للتداخل الثقافي والتعايش بين المكونين الشمالي والجنوبي في سلام. وتتحدث الصورة عن نفسها في الوحدة عن مشاهد واقعية لتعايش سلمي جنوبي شمالي بنفس راضية وقلب مطمئن فقط لا يستطيع أي أجنبي قادم من الخارج من اكتشاف أي فوارق فاصلة رغم التباين في الفعل الثقافي. وعلي طول خط شارع الإسفلت الذي يؤدي إلي سوق الوحدة تظهر المحلات التجارية وفيها صادفنا الشاب الجنوبي (سايمون) والذي جاء إلي الشمال من جوبا (باريا) في العام 1989م ويعمل ترزياً في محل (تفصيل وخياطة عربي وإفرنجي) واطلعنا علي ذوق المواطنين في مدينة الوحدة بأنه غير ثابت إلا معظمهم يفضلون تفصيل الملابس علي الطريقة الأفريقية وكشف لنا (سايمون) عن إجادته التام للتفصيل وخياطة الملابس العربية بكفاءة بجانب الإفرنجية وعندما أحسسنا أنه يتحدث اللغة العربية بطلاقة سألناه عن ما إذا كان قدم إلي الشمال وهو يتحدث اللغة العربية، فأجاب بأنه عندما جاء إلي الشمال ولم يكن يتحدث اللغة العربية ولكنها أحدي الثقافات التي تلقاها من الشمال والشماليين نتيجة العشرون عام التي مكثها في الشمال، وعبر عن إمكانية عودته إلي الجنوب بغرض زيارة أقربه وأهله ويفضل خيار الوحدة. الأيمان بالوحدة والصورة لا تختلف كثيراً عن (اليكس) الذي يعمل في مكتبة ثقافية بالسوق الإفرنجي والذي جاء للشمال في عام 1992م ودرس حتى المرحلة الثانوية وهو من مواليد جوبا وأفادنا بأنه عند قدومه إلي الشمال كان يتحدث عربي جوبا ومن خلال هذه الفترة أكتسب مهارة التحدث باللغة العربية بطلاقة وذكر بأنه تأثر بالعديد من الثقافات و(العادات) الشمالية، وعبر عن حلمة بالعودة إلي الجنوب للتواصل الاجتماعي وذكر بأنه من المؤمنين بالوحدة وأن الجنوب جزء لا يتجزأ عن الشمال. وفي السوق العربي وجدنا طالبين يراجعان دروسهما. فلفت نظرنا (مريال ميونق) الذي بدأ لنا فصيحاً ومرحاً فأخبرنا بأنه طالب بكلية الآداب جامعة الخرطوم المستوي الثالث فبدأ حديثه: "جئت إلي الخرطوم لأول مرة يوم 17/12/1995م من ولاية جونقلي بعد رحلة لجوء طويلة في كل من نيروبي وأثيوبيا، وأثناء رحلة اللجوء انتابني بعض المخاوف مما طرأ علي أُذني من عدم الذهاب إلي الخرطوم بحجة وجود مشاكل ولكن عندما جئت إلي الخرطوم وجدت هذه المشاكل سياسية فقط " وأضاف أعترف بقوة الثقافة الشمالية وأنها ثقافة دخيلة علي إلا أنه سعيد بها، ورأينا ذلك في يديه التي تكسوها الحناء. وأوضح أنه يدرس الثقافة الإسلامية من منطق أنه إنسان أفريقي وجب عليه أن يكون قريباً منها. كما عبر عن ارتياحه في الشمال ولم يواجه أي مضايقات به سوي بعض المضايقات من الأطفال وقال بأنه يعزي ذلك للجهل. ويري مريال أن الثقافة العربية جيدة وهو يحترمها مبرراً ذلك بأنه لابد من احترام ثقافة الغير، غير أنه شكا من غياب الثقافة الجنوبية في الأجهزة الإعلامية، وأستنكر وجود الجنوب في حالة حرب دائم، وذكر بأن الجنوب والشمال يكملان بعضهما فإذا كان لابد من الانفصال فذلك يرجع للاهتمام بمصلحة الإنسان الجنوبي رغم إيمانه الكامل بوجود ضرر في حالة الانفصال إلا أنه ذكر بأنه في داخله شخص وحدوي لكن من ناحية سياسية يؤيد الانفصال لأنه الأفضل. لا توجد صعوبة في التعامل مع الشماليين وفي مسافة تعتبر بالقريبة التقينا (أنجلو) الذي يعمل بائع اسطوانات (CD) والذي وضح لنا عن وجوده في الشمال لمدة قاربت الأربع وعشرون عاما تعلم من خلالها اللغة العربية وتأثره بالعادات الشمالية، وأقر أنه واحد من المواطنين الشماليين وأن لديه جيران شماليين كما أن معظم أصدقائه شماليين وذكر بأن أسرته اكتسبت كل العادات الشمالية ويظهر له ذلك من خلال لبس (أسرته للثوب السوداني والحناء) وقال بأنه يتمني وحده السودان لاسيما أنه عاش في الشمال أكثر من الجنوب. وفي ناحية السوق العربي وجدنا شاباً منهمكاً في بيع الرصيد والذي بدأ لنا غاضباً من سوء التعليم في الجنوب معزياً ذلك لضعف إمكانيات الجنوبيين وطالب بضرورة رفع مستوي التعليم في الجنوب أسوة بالشمال وذكر بأن درس في غضون التسعة أعوام التي قضاها في الخرطوم المرحلة الابتدائية التي كان هدفه الأساسي منها تعلم اللغة العربية. وأعرب عن أسفه في تجزئة السودان إلي دولتين وعاصمتين "الخرطوموجوبا" ونادي بضرورة توحيد السودان وأن يكون دولة واحدة ذات عاصمة واحدة وسيادة واحده، وقال بأن هنالك حساسية بين الشماليين والجنوبيين معززاً ذلك لتدني المستوي التعليمي في الجنوب، وعن رأيه في خياري الوحدة والانفصال قاطعا بإيمانه الكامل بالوحدة. ومنه اتجهنا إلي موقف أم درمان "سابقاً" داهمنا طالبتين منهمكتان في التحدث مع بعضهما، فذكرت الأولي عن مجيئها إلي الشمال في عام 1989م وهي طفلة آنذاك ودرست كافة المراحل الدراسية في الشمال حتى وصلت إلي الجامعة، وبدت مسرورة وهي تحدثنا عن زيارتها إلي الجنوب في أكتوبر الماضي ولم تلاحظ أي اختلاف بين الشمال والجنوب وقالت بأن لديها صديقات من الشمال ولم تشعر بصعوبة التعامل معهن وتفضل خيار الوحدة. أما الأخرى قالت بأنها تدرس في الجامعة المستوي الثالث وهي أتت إلي الشمال في العام 1993م من الجنوب وعبرت عن أنها وجدت كامل الأمن في الشمال وأفادت بعدم وجود اختلافات بين الشماليين والجنوبيين في العادات ومثال لذلك ذكرت أنه حتى (الحنة) لم تكن معلومة في الجنوب أصبحت الآن عادة شمالية متأصلة في الجنوب، وفي خياري الوحدة والانفصال بدت مندهشة من انفصال السودان وقالت: (أذا انفصل السودان ماذا سيكون اسمه؟). أصبحنا مزيج مع الشماليين والانفصال لا يحل مشكلة وفي قلب السوق العربي وجدنا سيدة في منتصف العقد الرابع ترتدي الزى الأفريقي الملون المشجر والتي قالت لنا أنها آتت من مسقط رأسها بملكال منذ عشرون عاماً وأخبرتنا عن تمسكها بعلاقات طيبة مع الشمال ولم تتأثر مطلقاً بعاداتهم لأنها تحافظ علي عاداتها برغم وجودها في محيط شمالي بالكامل وسط الجيران وأنها تتبادل معهم الزيارات وأنها لا تستطيع إن تقرر للوحدة أو الانفصال. وفي مكان بعيد من السوق العربي وجدنا (كور) الذي آتي من مدينة واو منذ أربعة عشر عاماً وتخرج من جامعة جوبا ويعمل في أحدي الشركات الخاصة أصحابها شماليون وأوضح لنا إن التعامل معهم يتم بصورة طبيعية وعن مدي تأثره بعادات الشماليين كشف عن انتشار ارتداء الأزياء الشمالية في أسرته ويتمني الوحدة للسودان بقوله أننا أصبحنا مزيج مع الشماليين والانفصال لا يحل مشكلة. وفي موقف أستاذ الخرطوم كان (س.أ.د) بائع أحذية متجول يسعي في طلب رزقه وأفادنا بوجوده في الشمال قبل سبع أعوام ويقطن أم درمان ويتمني أن يتوحد السودان وتذهب كل الخلافات والمشاكل ويضيف في سعادة أود الرجوع إلي مدينة جوبا لأن بها أهلي. اللغة العربية أداة للتواصل الثقافي بين الشمال والجنوب تركنا (كور) يبحث عن رزقه في آمان وطمأنينة عزيزي القارئ كل النماذج السابقة هي نماذج حية لمواطنين جنوبيين سعداء في الشمال يتحدثون اللغة العربية يمنون أنفسهم بأحلام مختلفة ولإكمال الصورة وضعنا الموضوع في طاولة التشريح الدقيق للاكاديمين والباحثين فكانت البداية مع الدكتور (بول مجانق) مدير مركز جوبا للغات والترجمة والذي أنتقد تقصير الحكومة وعدم حرصها علي اللغة العربية في الجنوب باعتبارها أداة للتواصل الثقافي بين الشمال والجنوب مما أحدث ردة لغياب المعلم المؤهل مما جعل الناس ترجع إلي اللغة الإنجليزية وبالذات في المناطق الاستوائية ما عدا مواطنو أعالي النيل اللذين تعلموا بعض الشئ وأصبحت لهم علاقات مع الشماليين. ومع مجئ اتفاقية السلام حدثت ردة أخري عكس اتفاقية أديس أبابا التي أتاحت تدريس اللغة العربية في المدارس بالجنوب. واتفاقية السلام ركزت بشكل كامل علي اللغة الانجليزية وفرضها بطريقة شاملة حتى الآن في جميع المدارس، ويعتقد بول أن الشئ الوحيد الذي يمكن فعله الآن هو فتح منافذ الاتصال بفتح كل الطرق لكي يتداخل الناس وبعدها يمكن أن تذوب المشاكل والفوارق دونما تدخل من الحكومة لذا لابد من تقريب وتأليف بين الناس لكي تحدث صداقات معهم وكسر حاجز العزلة الموجود الآن بسبب عدم فتح الطرق والمنافذ وتفشي المشاكل. ونادي بول بضرورة تمديد الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام قبل عملية تقرير المصير لإحكام التعايش وقال: للأسف أصوات الانفصال داخل الحركة الشعبية أعلي من الوحدة والحكومة بقبولها لعملية تقرير المصير هيأت للانفصال. ضرورة ترسيخ التفاعلات الدكتورة عبير عبد الرحمن اختصاصي علم النفس الاجتماعي بجامعة الخرطوم تري الموضوع من وجهة نظر متخصصة بقولها: علي الرغم من الفروق الثقافية والاختلافات بين عادات القبائل الجنوبية والقبائل الشمالية إلا أن الجنوبيين والشماليين يمكنهم التعايش في سلام وهذا ما يحدث الآن ويعيشه الاثنان ولكن ندعم هذه الفرضية بوجوب نشر الوعي في مجتمع الطرفين بضرورة ترسيخ التفاعلات الاجتماعية من علاقات جيدة وصداقة وعلاقات عمل فهذه العلاقات تمثل أساساً جيداً لفرص السلام الاجتماعي وفي هذه الحالة فإن مهام القادة والسياسيين تصير أيسر لكن الواقع يشير إلي أن هناك بؤر للصراع بين الطرفين حيث أن هناك أرث ثقافي يخلق تباعداً ومسافات يصعب تجاوزها بسهولة فإدراك المواقف الاجتماعية وتفسيرها من قبل الجنوبيين يختلف عن إدراكها من قبل الشماليين. كما أن البناء الشخصي لأفراد الطرفين يسهم في خلق تفاعلات اجتماعية ذات نمط معين وبالتالي تجاوز هذه المسافات ويتطلب أن يقوم كل طرف بمسئوليته كاملة تجاه الآخر. وعلي سبيل المثال فإن فرص التفاعلات الاجتماعية تحدث في أحياء قليلة جداً لأن الجنوبيين يقطنون أحياء معينة لا يسكنها الشماليون وهذا مما يباعد المسافات بين الاثنين ويقلل فرص التماسك الاجتماعي. وجود الحوار المفتوح أساس للتعايش وعن التأثير الثقافي الشمالي للمكون الجنوبي وإمكانية التعايش تجيب الأستاذة سلمي مختار قسم الله بقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم نعم يمكن أن يتم التعايش في إطار البلد الواحد بين جميع اتجاهاته وعرقياته إذا كان هناك حوار مفتوح وهذا الحوار يجمع الأطر الثقافية والدينية والعرقية فإذا حدث حوار أو التقاء بمعني أصح وتداخلت الرؤى وطرحت الأيدلوجيات يصبح من الممكن أن يتم التعايش ما يعني حدوث نوع من التفاهم وهنا يحدث التعايش. لكن أن اختلفت الرؤى وأنعدم الاحترام يحدث نوع من التصادم الفكري والديني والعرقي يؤدي إلي رفض الاندماج والتعايش في مكان واحد. وعن تأثير المُوروث الثقافي الشمالي في الجنوبيين وإمكانية التعايش تقول الأستاذة سلمي: معروف أن المُوروث الثقافي الشمالي ذو طابع إسلامي فهو مقيد تحت ظل الشرعية الإسلامية محكمة أحيانا بعادات وتقاليد البيئة المعينة، ومن المعروف أن الغالبية العظمي منهم مسيحيين لهم مُوروث يختلف تماماً عن المُوروث الشمالي وحتى أن وجدناهم مسلمين إلا أنهم متمسكين بموروثاتهم المحلية ولا يستطيعون التأقلم بسهولة مع
المُوروث الشمالي رغم طوال فترة تواجدهم بالشمال لذلك هناك صعوبة في التعايش علي حسب المُوروث الشمالي لكن من الممكن جداً في نظري التعايش حتى وأن لم يحدث تأثير متبادل بشرط أن يكون هناك حوار مفتوح. وعن إسهام التفاعل الثقافي الاجتماعي في خيار الوحدة أو الانفصال، تعتقد الأستاذة سلمي ذلك بحيثيات وشروط بدأتها: إذا حدث تفاعل بين ثقافات الشمال والجنوب وتفهم كل طرف النواحي الثقافية والفكرية والاجتماعية للآخر سوف يسهم هذا في إمكانية الاندماج أي واحد (الشمال والجنوب) لثقافاتهم وفقاً لما تقتضيه حاجته بالا يتضرر الطرف الآخر أو لا يحدث تجاوز يصب هذا في أطار التعايش. كذلك أذا استطاع أي واحد أن يتفهم عادات وتقاليد الآخر في أطار المجتمع، يعني إذا استطاع الشمالي أن يتعايش ويتفاعل اجتماعياً مع الجنوبي سيكون هذا في خيار الوحدة. مثلاً في أطار العمل (المؤسسة) تجمع الطرفين علاقات زمالة أذا تجاوزت هذه العلاقة العملية إلي العلاقة الاجتماعية سيصبح أذن تفاعل ثقافي كل واحد يطرح ما لديه من ثقافات وعادات. فيستقبلها الآخر ويهضمها ولا يعني هذا أن يمارس الشمالي مثلاً ثقافات الجنوبي أنما أن يستوعبها ولا يرفضها مثل الثقافات الفنية والفكرية مثل الرقص والغناء والطقوس الموسيقية التي تصاحب مواسم بعينها كالزواج والميلاد والزراعة... الخ. وهكذا أذا أستطاع الشمالي أن يستوعبها فهذا بالتأكيد يعني تعايشاً كذلك الحال بالنسبة لجميع العادات والتقاليد لأن المشاركة بالوجود الشخصي يعني تعايشاً، هذا ينطبق علي الجنوبي أن يتعايش مع الثقافات الشمالية بالمشاركة الحضورية أو القبول بوجه عام هذا يمكن أن يساهم تماماً في فكرة الوحدة بين الطرفين لكن أن تم رفض الثقافات والعادات والتقاليد في جانب الطرفين أو حدوث استهجان لبعض الطقوس الصادرة منها وبالتأكيد سيكون هذا عائقاً كبيراً إمام الدعوة الوحدوية. لأن أي واحد سيرفض ما يبدر من الآخر وسيكون هناك صراع الأفكار والأيديولوجيات. الدعوة إلي حلول فكريه داود ساغة – أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم يري أن التفاعل التاريخي لقضية الجنوب يكشف أنها مصطنعة لاسيما قانون المناطق المقفولة والذي يعتبر البذرة التي قامت عليها فلسفة الصراع بين الشمال والجنوب وهي مشكلة السودان وفي رأيه أنها تحتاج إلي حلول فكرية واقتصادية لأننا عامة نعاني من قصور الفهم السياسي للمؤسسات السياسية لأن بها قيادات موجودة من العام 1958م وما زالت تحلم بحكم السودان فنحن نحتاج إلي تغيير، ليست لحل مشكلة الجنوب فقط بل لكل قضايانا، وعن إمكانية التعايش بين الشمال والجنوب قال: في اعتقادي تاريخياً لا توجد مشكلة للتعايش السلمي ولكن توجد مشكلة في السلطة والثروة وهذه مشكلة آثارها المثقفون أكثر من أي فئات أخرى واتضحت بصورة واضحة بعد اتفاقية السلام، والجنوبيون العامة يعانون من النخب والساسة الجنوبيين لأنهم يتحدثون باسمهم من دون أي يقدموا لهم شئ. وفي التنوع الثقافي لم يمثل في أي فترة من الفترات مشكلة وبالعكس فاختلاف الثقافات يمثل ثراءاً اجتماعياً وهذا ظاهر في الشارع العام إذ لا توجد مشكلة بين الشماليين والجنوبيين. وعن تأثير اتفاقية السلام يري داود أنها حدث تاريخي يحتاج إلي استثمار حقيقي بعد أن ثبت أن خيار البندقية والدبابة لا ينفع بل خيار الحوار لذا يعتقد أن السودان لا يصلح إلا أن يكون موُحداً وعليه الاتعاظ من تجارب الآخرين في الانفصال. فيما يذهب الأستاذ (ع.أ.ع) الذي فضل عدم ذكر اسمه من جامعة الخرطوم: إلي الاعتقاد أن التمازج موجود في السودان قبل نصف قرن كأحسن ما يكون وأن تخللته بعض الهنات مثل قانون المناطق المقفولة وغيرها مما أدي إلي عزل الشمال عن الجنوب. لكن رفع السلاح فيما عرف بالتمرد الأول هو النقطة التي خلقت نوع كبير جداً من الخلاف بين الشمال والجنوب ولكن جذور الألفة والمودة استمرت والدليل علي ذلك هجرة الجنوب إلي الشمال والشمال إلي الجنوب. ويميل الأستاذ إلي أن النخب السياسية هم سبب الصراع الذي أدي إلي تمسك الجنوبيين ببعض الأشياء وكذلك الشماليين وفي رأيه لو ترك موضوع التعايش للشعب لكان حلاً أفضل لكن الصراع السياسي خلق مشاكل وحوَّل المشكلة إلي عرقية ثم إلي دينية. نعم يمكن التعايش بين الجنوبيين والشماليين أذا تحقق التعليم وترك الماضي إلي الخلف. واتفاقية السلام يمكن أن تكون حلاً أذا توسعت واستمرت لفترة طويلة وضمنت بعض الحقوق لأنها جمعت بين أقصي اليمين وأقصي اليسار فكراً وفهماً وأكبر قضية قد تواجهها هي رفض كامل للعروبة والزنوجة. الدعوة إلي تغير الخطاب الإعلامي الدكتورة هند عباس حلمي أستاذة الإعلام بجامعة الخرطوم: في الأساس تناول الإعلام لقضية الجنوب تناول قاصر لمختلف الحكومات المتعاقبة لأنها كانت تعاني من أزمة ثقة في الجنوب والعكس الجنوبيين ليس لديهم ثقة في الشماليين وتؤيد هند الانتقادات الموجهة للأعلام في التقصير تجاه مشكلة الجنوب وتستشهد بكتابات الجنوبيين التي تشير إلي أزمة ثقة بين الشمال والجنوب والحرب في مرحلة من مراحلها، لذا نبع مفهوم خاطئ سيطر عليه المنظور الأساسي هو الانفصال. لذا نحن محتاجين لتغير أساسي في الخطاب الإعلامي لأننا في مرحلة انتقالية لا تشبه الخطاب الموجه أيام الحرب لأنها تفترض أن تؤدي إلي التعددية والديمقراطية حتى تتهيأ البلاد للانتخابات وإتاحة حرية التعبير، فالتعايش ليس للجنوبيين فقط بل لكل الأحزاب. وعن دور الإعلام في عملية الوحدة والانفصال تعتقد هند أن كلا الحالتين تخضعان لمعايير مختلفة، فالوحدة لا تعني عدم وجود الاختلافات، لأنه توجد فروق جذرية في المكون الشمالي والجنوبي فتظل قضايا عالقة في حالة الوحدة مثل الإسلام – العلمانية فكلاهما يمضي علي خط منفرد وأيضا مشكلة (المركزية – الفيدرالية – الموارد وتمركزها في الشمال... الخ). ولا أحمل الإعلام المسئولية لأنه يوجد قصور من الجميع. تكامل الموارد الاقتصادية بين الشمال والجنوب عامل جذب للوحدة الدكتور الطيب السر – أستاذ الاقتصاد الإسلامي جامعة الخرطوم: يعتقد أن نزوح الجنوبيين إلي الشمال يؤثر من ناحية اقتصادية ويترك آثار سالبة وهي خصماً علي حالة النمو الاقتصادي. وحول إمكانية توفير النزوح للعمالة خاصة في التنمية العمرانية يعتقد الطيب أن النمط العمراني نمط ضد النمو الاقتصادي والأفضل توظيف هذه العمالة وتوجيهها في بقية موارد الزراعة. وعن إمكانية وجود روابط اقتصادية بين الشمال والجنوب لا يري الطيب أي مشاريع مشتركة بين الجانبين إلا التجارة. ومن زاوية أخرى يري الطيب أن الاقتصاد عامل مهم في الاستقرار وإذا وجد تكامل في الموارد الاقتصادية بين الطرفين سيمثل عامل جذب للوحدة فلا يمكن أن ينكفي أحد علي نفسه فلابد أن يحتاج إلي الغير، وبالتالي الانفصال لا يقوي الدولة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.