هل تريد الحركة الشعبية استمرار الحرب وعدم الاستقرار بالبلاد؟ تقارير مزهلة عن نسب التدهور الاقتصادي والصحي في سنوات الحرب تجنيد عسكري للاطفال بالجنوب برغم الاتفاق علي القوات المشتركة..!! المواثيق الدولية تعترض علي فكرة استيعاب الاطفال في العمل العسكري والحركة الشعبية تواصل عمليات التجنيد قرأءة لسنوات الحرب بالجنوب الظروف التي مرت بها البلاد بسبب حرب الجنوب ساعدت كثيراً في تأخير برامج التنمية بالبلاد ،فقد حصدت الحرب الأهلية في جنوب السودان منذ اندلاعها في العام 1955م وحتي التوقيع علي اتفاق مشاكوس الذي وقع بين الحكومة والحركة الشعبية في أطار المصالحة الوطنية ما يزيد عن مليوني قتيل، وأعدادا أخرى لا تحصى من الجرحى والمعوقين، فقد كان نصيب الهجرات الداخلية الناجمة عنها ضعف أعداد القتلى، فقدشردت الحرب أربعة ملايين من المواطنين وأصبحوا لاجئين داخل وطنهم وغيرهم من ضاقت بهم سبل العيش بين ربوع الوطن وقرروا النزوح إلى البلدان المجاورة -وهم يعيشون ظروفا غير إنسانية- فقد بلغ عددهم 420 ألف لاجئ من المواطنين والسكان طيلة سنوات الحرب. هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى والمهجرين تسبب في مشكلات اقتصادية، واجتماعية سلبية لم يعهدها المجتمع السوداني بهذه الكثرة من قبل، منها تزايد الأنشطة الخارجة عن القانون مثل اختطاف الماشية وتهريب العاج والذهب والأحجار شبه الكريمة واختزان السلع للربح منها وانتشار تجارة الأسلحة بين المليشيات القبلية فقد تكبد الاقتصاد السوداني بسبب الحرب مليوني دولار يوميا في ظل بيئة طاردة للاستثمار الوطني والأجنبي وظروف أمنية غير مواتية للتنمية، الأمر الذي أوجد اختلالات جوهرية شلت الحياة الاقتصادية وكان من مظاهرها:- 1/انخفاض حجم الناتج القومي. 2/تزايد نسب التضخم. 3/ارتفاع معدلات البطالة. 4/سوء الخدمات العامة والمرافق. يتجلى كل ذلك بوضوح عندما نلقي نظرة سريعة على حجم الناتج القومي ومتوسط دخل الفرد وانعكاس ذلك على الأوضاع الصحية والتعليمية. فلم يتجاوز حجم الناتج القومي -رغم ثروات البلاد الطبيعية الضخمة- (52) مليار دولار في العام 2001 في حين بلغ في دولة مثل كوريا الجنوبية التي كان يصنفها صندوق النقد الدولي في الستينيات هي والسودان "كحالتين ميئوس منهما" 472 مليار دولار. وتسبب ضعف الناتج القومي هذا في انخفاض متوسط دخل الفرد فلم يتجاوز 400 دولار سنويا، في حين وصل في كوريا الجنوبية -التي اتخذناها نموذجا للمقارنة بالسودان لانطلاق عجلة التنمية فيهما معا- إلى 9840 دولارا. آثار سالبة أخرى للحرب بلغت نسبة البطالة 18.7% وفقا لتقديرات عام 2002. هذه النسبة الكبيرة تترجم عمليا إلى مشاكل اجتماعية خاصة إذا علمنا أن 40% من سكان السودان هم دون الثامنة عشرة، مما يعني أن قطاع الشباب في الفترة الحالية وفي المستقبل المنظور -إذا لم تطرأ على سوق العمل تغيرات جذرية- سيظل يعاني من البطالة لسنوات قادمة. يضاف إلى كل ذلك الاستغلال الجانح للثروة الخشبية لا سيما في المناطق الجنوبية التي تشهد بصورة عشوائية عمليات قطع لأشجار الغابات بطريقة لا تعرف للمحافظة على التوازن البيئي حدودا في بلد يعتمد 75% من سكانه على الطاقة التقليدية (الخشب والفحم). تاثير الحرب علي الصحة أما عن تأثير الحرب على الرعاية الصحية فتعتبر معدلات وفيات الأطفال دون الخامسة في السودان من أعلى المعدلات في أفريقيا والعالم العربي إذ بلغت 116 طفلا في الألف، في حين تنخفض هذه النسبة على سبيل المثال في دولة كالأردن -الذي لا يملك من الموارد الطبيعية ما يملكه السودان- إلى خمسة في الألف فقط، وذلك له أسباب متعددة منها:- 1/أمراض سوء التغذية. 2/ضعف الوعي الصحي. 3/ندرة الخدمات الوقائية والعلاجية. وتعرض أطفال الجنوب على وجه التحديد للأوبئة القاتلة مثل الحصبة وشلل الأطفال والسل والدفتيريا والسعال الديكي والتيتانوس. هل يستمر الحال بالجنوب بعد السلام؟ كل هذه الآثار السالبة التي خلفتها الحرب التي دامت بالبلاد لأكثر من خمسين عاماً تخللتها العديد من الهُدن من خلال اتفاقيات السلام التي وقعت بين أنظمة الحكم والمليشيات المسلحة بالجنوب التي كانت تقاتل من أجل أعطاء الاقليم الجنوبي حقه كاتفاقية فشودة واتفاقية الخرطوم للسلام التان عملتا علي ايقاف الحرب لفترات ليست بالطويلة الي أن جاءت اتفاقية السلام التي تواضعت عليها الحكومة والحركة الشعبية في التاسع من شهر يناير من العام 2005م بنيروبي وقضت بقسمة السلطة والثروة والاتفاق علي طريقة لوضع القوات النظامية في الشمال والجنوب ،ومن بين بنود اتفاق برتكول الترتيبات الامنية اقرار بند القوات المشتركة التي وضعت بنسب محددة في اتفاق السلام علي ان تصبح هذه القوات هي القوات الحكومية لحكومة جمهورية السودان وحكومة الوحدة الوطنية التي أقرتها اتفاقية السلام ، ومن بين بنود اتفاق الترتيبات الامنية انسحاب القوات المسلحة من الجنوب وانسحاب جيش الحركة الشعبية من الشمال وفق جدول زمني محدد بالاتفاق ولكن برغم هذا الاتفاق إلا أن محللون يرون عدم التزام الحركة الشعبية بالكثير من بنود برتكول الترتيبات الامنية مستدلين بذلك علي الامارسات التي تقوم بها الحركة الشعبية من تجنيد للاطفال بالجنوب وخارج مناطق بعيدة عن العاصمة جوبا ،واعتبر المحللون ان الحركة الشعبية تسعي لتوزيع قوات تتبع لها علي عدد من المناطق بالجنوب بدأت القوات المسلحة من الانسحاب منها وخاصة بمناطق غرب بحر الغزال والاستوائية حيث كشفت قوات دفاع الجنوب عن شروع قوات الحركة الشعبية في تجنيد أعداد كبيرة من الأطفال بالجنوب وقال اللواء قبريال تانق قائد منطقة أعالي النيل الكبرى في تصريح صحفي له خاص إن الحركة الشعبية بجنوب البلاد شرعت في تجنيد عدد من المواطنين بالجنوب تتراوح أعمارهم ما بين(16-20) لزيادة جيش الحركة بالجنوب مبينا أن الحركة تهدف من خلال هذا التجنيد ان تكون لها قوات بالمناطق الجنوبية التي انسحبت عنها القوات المسلحة تنفيذا لاتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركة الشعبية بنيروبى. وكشف تانق عن مكاتب تجنيد الحركة للمواطنين بالجنوب وقال إن إجراءات التجنيد تمارس بمنطقة نيو سايت التي تقع على الحدود اليوغندية مع مدينة جوبا ، منتقدا في ذات الوقت هذا التوجه وقال ان هناك( 12) ألف من القوات المشتركة بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة وهى عبارة عن القوات الحكومية التي من المفترض ان تصبح قوات الحكومة السودانية وفقا لاتفاق السلام. منع تجنيد الاطفال في القرار رقم 2000/27للجنة حقو ق الإنسان في دورتها السادسة والخمسون بجنيف أكدت اللجنة على التزام جميع الدول الأعضاء بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية على النحو المبين في ميثاق الأممالمتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، وسائر صكوك حقوق الإنسان الواجبة التطبيق، وقال تقرير اللجنة أنها إذ تضع في اعتبارها أن السودان طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، واتفاقيات جنيف المؤرخة في أغسطس 1949، طالبت اللجنة ببذل المزيد من الجهود للوفاء بالالتزام الذي تعهدت به للممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال أثناء النزاعات المسلحة بالامتناع عن تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً . مساوي الممارسات اللإنسانية وبالرغم من أن الآثار التي خلفتها الحرب وخاصة في تدهور الموارد البشرية التي تعمل علي تنمية الدولة والنهوض بها في كلفة المجالات ،إلا أن الحركة الشعبية يبدو أنها من الواضح لا تضع إعتبارات للخروج من نفق الجهل والفقر بسبب ممارساتها لعمليات تجنيد الاطفال واستخدامهم في العمل العسكري إن لم نقل الحروب ، خاصة وأن ذلك يؤثر علي تعليم هؤلاء الاطفال الذين من المفترض أن يكون لديهم دور رفع معدلات ونسب الاقتصاد الوطني من خلال الاعمال والدراسات والبحوث التي يقدمونها كل حسب موهبته ودراسته بعد أقل من عشر الي خمسة عشر من عمره بعد أن يكون قد خضع الي دراسات إكاديمية اكسبته مؤهلات دراسية وزادت من خبراته ومواهبه. من الواضح أن الحركة الشعبية بعلم أو بجهل تريد العودة بالاقليم الجنوبي الي مربعه الاول لما تقوم به من ممارسات لتجنيد الاطفال وهذه الممارسات التي استنكرتها كافة المنظات الدولية والاقليمية ذات العلاقة بحقوق الانسان وحقوق الطفل وغيرها فانه إن لم تؤدي الي هلاك الاقليم فانها لم تزد من نموئه وتطوره وهذه الممارسات سيترتب عليها في المستقبل القريب تدهور الاوضاع الصحية وانهيار جانب التنمية وتناقص معدلات النمو الاقتصادي . عدم حوجة بعد توقيع اتفاق السلام بكافة بنوده وبرتكولاته وخاصة بعد إنفاذ بند الترتيبات الامنية وتكوين القوات المشتركة بين القوات المسلحة والجيش الشعبي وفقاً للنسب المبينة في الاتفاق وبعد إقرار الموازنة المالية لهذه القوات وبداية صرفها منذ العام الماضي والتي تجاوزت في مجملها (26) مليار دينار تضمنت كافة فصول موازنة القوات العسكرية ،فانه لا تصبح هناك حوجة لان تعمل الحركة الشعبية علي تجييش المواطنين بالجنوب وخاصة الاطفال لاستخدامهم في العمليات العسكرية .