مثلت نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي أعلنت يوم أمس، صدمة للكثير من الأمريكيين والمتابعين للشأن الأمريكي والشأن الدولي من مختلف دول العالم، وربما تكون هذه أول انتخابات أمريكية تحظى بهذه الحجم من المتابعة الشعبية عالميا. ومبعث الصدمة أن الأغلبية كانت تتوقع فوز مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلنتون وسقوط مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وهذه التوقعات بنيت على تغليب الخطاب المتوازن لكلنتون في مقابل الخطاب المتشدد والعنصري لترامب. فشلت حملة كلنتون الانتخابية وخيبت الآمال المحلية والدولية، في حين كسب ترامب الرهان وأمسك بقوة دفة قيادة أكبر وأقوى دولة في العالم. من الأشياء الملفتة والطريفة في عملية متابعة سير هذه الانتخابات، الاحتشاد الكبير لمناصري كلنتون على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثر الصدمة عليهم بعد إعلان فوز ترامب؛ وسأتوقف هنا عند المتابعين السودانيين، الذين أبدوا اهتماما لافتا بالنتيجة النهائية للحملة الانتخابية الأمريكية، مما حدا بالبعض إلى احتساب السودان ولاية أمريكية افتراضية مشاركة في عملية التصويت، وبعد إعلان النتيجة بدت تعليقات البعض المتحسرة مضحكة وساخرة إلى أبعد الحدود، فأحد المعلقين تساءل مباشرة بعد تأكد فوز ترامب عن مصير "اللوتري"، ويقصد برنامج القرعة الأمريكية للهجرة، ويشير بشكل موارب إلى تهديدات ترامب بطرد المسلمين والأفارقة من أمريكا أو منعهم من دخولها. في حين رأى آخر، وهو صحفي معروف، أن ترامب سيكون "رئيس مدهش للجميع وسيعيد لأمريكا اتزانها الداخلي، وسوف يسهم بشكل غير مسبوق في حل الأزمات التي يعاني منها العالم". في حين رأى صديق آخر أن "فوز ترامب برئاسة أمريكا بلاغ الى الأمة أن تتوب الى الله". على أرض الواقع، وبعد فوزه بنتيجة الانتخابات الرئاسية، وفي أول خطاب له، بدا ترامب وكأنه شخص آخر، جديد ومختلف، يعد بالإصلاح وبالمساواة بين أبناء الشعب الأمريكي على مختلف مللهم ودياناتهم. كما يعد العالم ب "تحقيق السلام وليس الأزمات".. ولشعبه "بمضاعفة النمو وأن تصبح الولاياتالمتحدة أفضل اقتصاد في العالم" وتعهد بقوله "سأكون رئيساً لعموم الشعب الأمريكي.. وسنعمل سوياً لتوحيد بلدنا وإعادة العظمة لها". فهل تبدل نبرة الخطاب من خانة الكراهية والتحريض على العنصرية إلى خانة التوحد واحترام الجميع سيكون مؤشرا حقيقيا على السياسة الأمريكية المرتقبة في ظل حكم رجل رأى الكثيرون أن مجرد وصوله إلى البيت سيمثل كارثة كبرى ليس لأمريكا وحدها بل للعالم برمته. ثم، إن أمريكا هي أمريكا، و"للا كيف؟"