دويس كيمبامبا، رئيس المنتدى التنزانى للدستور لأسباب قد لا أعرفها، فإن الاتجاهات الأخيرة والحالية في السودان تسير دون أي اهتمام جدي من قبل وسائل الإعلام فهناك تقارير قليلة عن عملية الحوار التي بدأت عام 2013م التي نتجت عنها الآن مرحلة إنتقالية بدأت بعهد إنتقالي بتيعيين رئيس لوزراء جمهورية السودان (شمال السودان) مؤخراً لأول مرة منذ سنوات عديدة. يتعين على المراقبين الحريصين للتطورات السياسية في أفريقيا إدراك أن السودان الآن في دائرة الضوء ولكن لماذا هذا الشذوذ الإجمالي من قبل المشهد الإعلامي في أفريقيا؟ فقد شرعت جمهورية السودان منذ أربع سنوات في عملية حوار وطني ضمت العديد من الفصائل والمجموعات المتصارعة للمشاركة في عملية تشاور وطني واسع تسعى إلى إلتئام جروح الإنقسام والانفصالية التي نتج عنها بشكل جزئي إنفصال جنوب السودان عام 2011م ومع أن الجنوبيين تورطوا في نزاع يطول أمده فإن جمهورية السودان إنشغلت بانتقال داخلي سلس من شأنه أن يكون نقطة تحول لمستقبل البلاد بعد الافتراق عن جوبا. تتضمن العملية حواراً وطنياً في أعقاب الارتباط السياسي والدبلوماسي الناتج من الضغوط الدولية على البلاد. ويجب أن يرضي كل محلل موضوعي بأن الحوار قد وصل إلى مرحلة جيدة الآن وأن الإصلاحات السياسية الجادة هي التي تنتظر البلاد لتحديد كيفية معالجة تعاقب السلطة من الآن وفي السنوات القادمة. ومن الجدير ذكره أن مثل هذه التطورات الإيجابية تحدث في وقت أضحى فيه أبطال الديمقراطية العالمية في حالة من الاضطراب وخير مثال على ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد انتخاب دونالد ترامب وأوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي. أفضى الحوار الوطني إلى وثيقة شاملة تضم 994 توصية حظيت بقبول وتوقيع نطاق واسع من الجهات السياسية الفاعلة. ومن المثير للإهتمام ملاحظة أن إكتمال الوثيقة واعد بالأمل والإحتفاء الكبير إلى درجة عودة أكثر العناصر راديكالية في المجتمع السوداني من الخارج. فقد شهدت الفترة الماضية عودة السيد/ الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي من القاهرة بعد سنوات قضاها في المنفى، فعودة رئيس الوزراء السابق ترتبط أيضاً بتخفيف حدة الوضع السياسي في جمهورية السودان عقب صدور الوثيقة الوطنية بعد بضع سنوات من عملية الحوار الوطني. ومن أجل المضي قدماً، ينبغي للوثيقة الوطنية تهيئة متطلبات المرحلة لإجراء إصلاحات دستورية جادة خطيرة في السودان وكبداية وكجزء من المرحلة التحضيرية يتم حالياً وضع البلاد تحت حكم مؤقت. وسيكون رئيس الوزراء زعيم الحكومة في السودان، فتعيين الفريق بكري حسن صالح ، يبشر بعهد جديد بتشكيل حكومة مؤقتة مع توقع توزيع الحقائب بين حزب المؤتمر الوطني (NCP) الحاكم والمعارضة السياسية مناصفة (50:50) ففي تطور بارز دعا المعلقون بالفعل إلى إشراك ممثلي المجتمع المدني في الحكومة الجديدة لتحقيق أقصى قدر من الإندماج. تمت إثارة هذه الإصلاحات بتعديل دستوري في أواخر عام 2016م وتتمثل الخطة في أن يؤدي رئيس الوزراء دوراً رئيساً في إنتقال السودان إلى إدارة أكثر ديمقراطية وأكثر شمولية في عام 2020م عندما تنتهي ولاية رئاسة للرئيس عمر البشير. أشار الرئيس البشير إلى أنه لا ينوي تمديد بقائه في السلطة أبعد من هذا الحد، وهكذا فمن أجل إانتقال سياسي مستقر ومستدام من المتوقع إجراء المزيد من التعديلات الدستورية. ولذلك يتوجب على رئيس الوزراء لعب دور هام في إدارة عملية الإنتقال التي تتطلب شخصاً في مكانته بحسب تقلده في السابق لمناصب نائب أول الرئيس ووزير الدفاع والداخلية. وتتم حالياً مداولة توصيات الوثيقة الوطنية في البرلمان السوداني، ومن المتوقع تبنيه مبدأ التكافؤ بين الحزب الحاكم والمعارضة. السودان الأن آمن نسبياً وينعم بالسلام أكثر من أي وقت مضى بإستثناء المناطق التي مازالت تشهد حوادث متفرقة مثل جبل مرة فمنطقة مثل دارفور، التي كانت بؤرة من بؤر الصراع أصبحت وبشكل متزايد من مناطق الخطاب التنموي . يعتمد مستقبل السودان الآن جزئياً على تقوية الإلتزام بالديمقراطية والحوار الداخلي فضلاً عن إستجابة المجتمع الدولي للتطورات في الخرطوم لذا يتعجب المرء على سبيل المثال، سواء أن الوقت قد حان لرفع العقوبات الإقتصادية عن السودان من أجل دعم الانتقال. الانتقال السياسي الجاري حالياً لديه دعم من بعض الدول، فخطة تنزانيا لفتح سفارتها في الخرطوم بعد 31 عاماً ستكون بمثابة خطوة هامة في هذا الصدد.