واتفق الجميع على أن هذا التعافي، حتى وإن حدث، لن يكفي لكبح جماح البطالة ولا الحد من معدلاتها خلال عام 2010،على الأقل. فرغم انتهاء موجة الركود الاقتصادي في بعض الدول خلال الربع الثالث من العام الحالي ، وانتظار رحيلها عن دول أخرى بنهاية العام، المؤكد أن احتمالات الحصول على فرصة عمل ستكون صعبة للغاية. ففي حين سجلت دول منطقة اليورو، التي تضم 16 من الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي نموا اقتصاديا بمعدل 4ر0% ، تدل المؤشرات تدل على أن طوابير العاطلين في مختلف دول المنطقة تزداد ، في الوقت يواجه فيه أصحاب العمل أداءا اقتصاديا ضعيفا خلال الشهور المقبلة. يقول مارتن فان فلايت ، المحلل الاقتصادي في "آي.إن.جي بنك" ، انه ربما تكون أسوأ موجة ركود تتعرض لها دول منطقة اليورو منذ الحرب العالمية الثانية قد انتهت رسميا ، لكن للأسف سيستمر الشعور بالركود لبعض الوقت لدى الكثير من الناس والشركات. وقد أظهرت أحدث البيانات انضمام حوالي 134 ألف شخص إلى قوائم العاطلين في منطقة اليورو خلال شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي ليصل متوسط معدل البطالة في المنطقة إلى 9.8% ، وهو أعلى مستوى له منذ 11 عاما. وقد ساهمت برامج التحفيز الاقتصادي الحكومية ، ودعم أسواق العمل في منع ارتفاع معدل البطالة إلى مستويات أعلى. في الحقيقة ارتفعت معدلات البطالة بصورة أكبر في بعض دول منطقة اليورو، حيث وصل المعدل في أسبانيا إلى حوالي 20% خلال تشرين أول/أكتوبر الماضي نتيجة تضرر قطاع التشييد من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. بيد أن خبراء الاقتصاد يتوقعون استمرار ارتفاع أعداد العاطلين في أوروبا ليتجاوز معدل البطالة 10% خلال العام المقبل، حيث لاتزال الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم طوال العام الماضي تلقي بظلال كثيفة على أسواق العمل. في الوقت نفسه، يمثل معدل البطالة المتزايد عقبة رئيسية أمام حدوث نمو ملموس في الاقتصادات الأوروبية. وتتوقع المفوضية الأوروبية نمو اقتصادات منطقة اليورو خلال العام المقبل بنسبة 7ر0% من إجمالي الناتج المحلي، ثم بنسبة 1.5% عام 2011، بعد انكماشها بمعدل 4% العام الحالي. وساعد هذا البنك المركزي الأوروبي، ومقره مدينة فرانكفورت الألمانية، في التحرك باتجاه تخفيف حدة الإجراءات النقدية العاجلة التي كان اتخذها لتعزيز الثقة في الاقتصاد بمنطقة اليورو في الوقت الذي ضربت فيه الأزمة الاقتصادية المنطقة، والعالم ، أوائل العام الجاري. في الوقت نفسه، يقلل ضعف الضغوط التضخمية، مع استمرار الغموض الذي يحيط بآفاق الاقتصاد، من احتمالات إقدام البنك على تغيير سعر الفائدة الأوروبية الذي انخفض إلى مستوى 1% وهو أدنى مستوى له على الإطلاق. كما أن استمرار معدل البطالة المرتفع يعني الحد من الإنفاق الاستهلاكي الذي يشكل قاطرة رئيسية للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو. يقول جوناثان لوينز، كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي في مجموعة "كابيتال إيكينوميكس" للدراسات الاقتصادية إنه حتى الآن لا توجد أدلة قوية على تحسن الطلب المحلي الذي يمثل عاملا رئيسيا في تحقيق تعاف اقتصادي قوي، وفي المساعدة على إعادة التوازن للاقتصاد العالمي. ورغم ذلك، تمكنت أسواق العمل في العديد من الدول الأوروبية الرئيسية حتى الآن في إظهار قدر كبير من المرونة في مواجهة الركود. يظهر هذا بشكل خاص في ألمانيا، التي ساعد أداؤها الاقتصادي القوي، في قيادة أوروبا نحو الخروج من دائرة الركود الاقتصادي. بيد أن اللجنة الاستشارية الاقتصادية للحكومة الألمانية حذرت من أن معدل البطالة سيرتفع العام المقبل إلى 9.4% ، مقابل 8.2% خلال العام الحالي، مع انكماش الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في ألمانيا بنسبة 0.1% خلال عام 2010. وإذا كان ضعف الاستهلاك المحلي يمثل تهديدا لأحد قضيبي قاطرة النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو ، يمثل ارتفاع قيمة العملة الأوروبية الموحدة أمام العملات الرئيسية الاخرى في العالم تهديدا للقضيب الثاني، وهو الصادرات. فارتفاع قيمة اليورو يحد من القدرة التنافسية للمنتجات الأوروبية في أسواق العالم. وما بين الأمل في تعاف سريع للاقتصاد، والخوف من ارتفاع معدل البطالة، يودع الأوروبيون عاما لم يتبق منه الا اياما معدودات، ليستقبلوا عاما جديدا، مازالت بشائره عالقة في الأفق. العرب اونلاين