اصبحت ظاهرة التطرف من القضايا التي تؤرق العالم دون إستثناء بعد ان برزت إلى السطح بشكل فعلي في مطلع تسعينيات القرن الماضي وظهرت كمهدِّد للأمن وباتت قضية ملحة تستوجب المحاربة والقضاء عليها . وبادر السودان بإنشاء الية وطنية لانتهاج الوسطية والفكر المعتدل تحت مسمي "الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب" تماشياً قرار مجلس الأمن 1373 الذي اشار الى ضرورة انشاء اليات وطنية في الدول لمكافحة الارهاب . وكان للسودان قصب السبق في انشاء الهيئة بغرض تحصين المجتمع السوداني من الأعمال الإرهابية والتمكين لمفاهيم التسامح والإعتدال بالتعاون مع الهيئات والمؤسسات الوطنية التزاماً بالمواثيق والإتفاقيات الدولية التى وقع وصادق عليها السودان مع التأكيد على ضرورة عدم ربط الإرهاب والتطرف العنيف بأي دين او جماعة عرقية. واوضح العميد معاوية مدني نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الارهاب ان الهيئة انطلقت لمعالجة القضايا التى تؤدي الى الإرهاب والتطرف العنيف بشتي صوره رغم تميز المجتمع السوداني بالتسامح والتعددية الفكرية والمذهبية وايمانه بأن الحوار وسيلة لمعالجة ظاهرة التطرف ، وهذه جميعها اسباب جعلت السودان خالياً من ظواهر التكفير والغلو الديني وإباحة دماء المسلمين. وقال مدني انه خلال الفترة الاخيرة قام عدد من ممثلي المجتمع الدولى بالوقوف على تجربة السودان واشادوا بها بل انهم بدأوا يستفيدوا منها بتطبيقها لديهم واضاف ان التقارير الصادرة من وكالة المخابرات الامريكية تؤكد تعاون السودان في مكافحة الارهاب وقال ان كثير من الدوائر داخل الولاياتالمتحدة تري انه لا مبرر لوجود السودان في قائمة الارهاب مضيفاً رفع اسم السودان من قائمة الارهاب مسألة وقت فقط . ابتدرت الدولة نهج الحوار الفكري وإيجاد معالجات لقضايا الفقر والبطالة والفساد، كمدخل لمحاربة ظاهرة التطرف واكدت دعمها لجهود منع التطرف وسد ثغراته في وقت دعا فيه بعض الأئمة الي اقامه مشروع للأمن الفكري وسط الشباب بغرض تحصينهم من الاختراق والتطرف الديني ، والتشديد علي ضرورة استيعاب متغيرات الظاهرة ومواجهتها بالحكمة والعقلانية ، ومع الاخذ في الاعتبار أن الدين الإسلامي أنكر مسلك التطرف وأنه لابد من محاربة الظاهرة باتباع الوسطية. مؤخراً مثلت تجربة الحوار الفكري في السودان تجربة رائدة وكبيرة في معالجة الغلو والتطرف ، وأرست فكرة المراجعات الفكرية مبدأ جديد من الحوار الفكري المثمر الذي أخرج كثيرًا من المغرر بهم من دائرة التطرف إلى دائرة الاعتدال الأمر الذي دعا منظمة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP) الى توقيع مذكرة تفاهم مع الهيئة الوطنية لتنفيذ برامجها الهادف الى معالجة الأسباب التى تؤدي الى الإرهاب والتطرف العنيف ، ويجيء توقيع استراتيجية الشراكة بمثابة إعتراف من قبل المنظمة بمحاربة الإرهاب كما ان الإتحاد الأوربي والإتحاد الأفريقي سبق ان اقرا بمكافحة السودان للإرهاب. مثلت تجربة السودان في مكافحة الإرهاب مرجعية لبعض الدول الغربية التى طلبت ان تنقل التجربة في محاربة التطرف الأمر الذي دعا الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب الى الموافقة على تدريب بعض الدعاة المسلمين عبر المراكز المتخصصة من تلك الدول لتمكينهم من العمل بدولهم معتبرين ان السودان نجح في مكافحة الإرهاب من خلال إشاعة الحرية وفتح قنوات الحوار حول القضايا العامة وابتدار حوار مع الشباب حول جميع الموضوعات التى تقود إلى الإرهاب وجميعها أسباب ساعدت شباب السودان في الإبتعاد عن الإرهاب فضلاً عن فتح جميع القنوات الاعلامية بالفكر الواعي من أجل الثقافة مشيراً إلى أن السودان نجح في محاربة الظواهر الإرهابية لوجود مساحة كافية من الحرية. من خلال متابعة ماتقوم به ندرك ان الهيئة الوطنية استطاعت ان تخترق حاجز المجتمع الدولى بتغيير نظرته تجاه السودان الذي بذل وما يزال يبذل جهوداً حثيثة ومتصلة في محاربة الإرهاب في الأطر الدولية والأقليمية وعلى المستوى الوطني ، فبجانب السجل المتميز في التصديق والإنضمام للإتفاقات الدولية والإقليمية قام بعدد من المبادرات والجهود وعلى رأسها وضع التشريعات الوطنية لمكافحة الارهاب كقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001 قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لسنة 2010 المعدل 2014م كما استضاف عدداً من المؤتمرات الدولية لمحاربة الأرهاب جميع هذه الجهود دعت بعض قادة العمل السياسي والرأي في الولاياتالمتحدة للمناداة بضرورة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب نظير تلك الجهود ومع اقتراب الموعد المحدد للقرار الأمريكي بشأن العقوبات على يبقي الشارع السوداني في انتظار استجابة واشنطن للمجتمع الدولى الداعي لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.