تعتبر قضية دارفور واحدة من أعقد القضايا التى وبرغم حداثتها مقارنة بغيرها من القضايا الاخرى, لدرجة انها صارت القضية الاولى بالنسبة للرأي العام العالمي. بدأت مشكلة دارفور تطل برأسها في العام 2003 وسرعان ما تفاقمت بسبب تهويلها من قبل وسائل الاعلام الدولي حتى صارت الامور كما عليه الآن. والجدير بالملاحظة ان العديد من كتاب الرأي سعوا الى ابراز قضية دارفور حتى ان عددا منهم قرر أن ينتهج منهجا معاديا للسودان بكل مكوناته قبل أن يستقصى ويعرف حقيقة ما يدور ودون ان يتجشم مشقة البحث عن الحقيقة ولا نتصور ان البحث عن الحقيقة ومهما بلغت صعوبته يشكل تلك المشقة أو الرهق بالدرجة التى تجعل المنخرطين في المجال الاعلامي يكتفوا بالاعتماد على شبكة المعلومات الدولية كوسيلة وحيدة أو مصدر أوحد يستمدوا منه المعلومة التى يبنوا عليها آرائهم. ونلاحظ ان بعض كتاب الرأي أخذوا يميلوا عن خطهم الأول وصاروا يخففوا من تصعيد حملتهم ضد السودان شيئا فشيئا والدليل على ذلك بروز بعض الكتابات الأقل جنوحاً أو أكثر اقترابا من الحقيقة مقارنة مع غيرهامن الكتابات الأخرى, منها هذا المقال التحليلي الذى بين يدينا للكاتب لاسيكا محمد معلق واشنطن إنفورمر. وفيما يلي اليكم المقال: أود في البداية ان اعترف أنني كنت قد شعرت بقليل من الحرج لأنني لم أشارك بقوة في إدانة السودان بشأن دارفور, والآن يأتي الرئيس بوش الرئيس الأسوأ في التاريخ ليفرض وبتعجل مستغرب مزيدا من العقوبات على السودان والجوقة (تصرخ إبادة جماعية) ولا تزال تتعالى أصواتها. لقد تحدثت مؤخراً إلى عدد من السود الذين زاروا السودان بما في ذلك الذين زارو اقليم دارفور في الربيع، جلهم نفى المزاعم والافتراءات المتداولة عن السودان. طافت في خاطري صورة وزير الاعلام الألماني خلال النظام النازي (أسلوب الكذبة الكبرى) أي ما معناه لا تدعو الجمهور يهدأ لا تعترف بخطأ لا تخطء في بعض الشيء الجيد في العدد ولا تترك مجالاً للبدائل, لا تقبل اللوم وركز على عدو واحد وحمله مسئولية كل البلايا، فالناس سيصدقون الكذبة الكبرى أكثر من الصغرى وإذا ما كررتها كثيراً فإن عدداً أكبر من الناس سيصدقها عاجلاً أو آجلاً. والان إن ثمة شخص ما يمارس الكذبة الكبرى ضد السودان. ترى من يكون؟ بالتأكيد هم من يزعمون الرق في السودان قبل خمسة أو ستة سنوات، لقد أصر الناس حتى زعماء الحقوق المدنية السود بحسن نية, على ان الحكومة العربية المسلمة في شمال السودان تمارس الرق ضد المسيحيين الأفارقة السود في جنوب البلاد كما يزعمون. بعض أصدقائي ذهب إلى الإقليم وزعم أنهم قاموا بشراء العبيد وأطلقو سراحهم. ان هذا كله مجرد كلام كاذب, حيث لم يكن هنالك أي رق وأن الناس لا تباع وتشتري كالأثاث، وإنما هنالك ثمة عقود من الحرب الأهلية المستعرة في جنوب السودان، وغالباً ما تقوم الأطراف المتحاربة بأعمال الخطف وتطلب فدية في مقابل اطلاق سراح الأفراد الذين جرى أسرهم من القبائل الأخرى، ولكن الناس لا يباعون ويشترون في اطار ممارسة الرق. ان أحدهم استخدم الكذبة الكبرى للتأثير في السود الأمريكان، لمعرفته بمدى حساسيتنا حيال هذا الأمر وعدم تسامحنا تجاه أي أحد يمارس الرق, وفوق ذلك يعرف هذا الشخص أنه إذا انقلب السود على أي حكومة إفريقية فإن تلك الحكومة لا تستطيع ان تعتمد على غيرهم وسط الرأي العام الأمريكي. ولكن دارفور ليست خدعة رق، ورغم ان هنالك الكثير من التشابه، هنالك أزمة إنسانية كبيرة بفعل سنوات الجفاف وحرب مستعرة يخوضها الرحل والرعاة من أجل الماء والمرعى ضد المزارعين الذين يحاولون زراعة المحاصيل. وذلك هو السياق الحقيقي. حرب! ائتلاف إنقاذ دارفور بدأ يتفكك من الداخل وأثيرت أسئلة حول ما إذا كان المخلوع ديفيد روبنستين المدير التنفيذي للمنظمة قد استخدم لحكمة التدفق النقدي من قبل متبرعين مجهولين. وفي إعلان هجومي شمل صفحة كاملة في الصحف العاصمية ووسائل الإعلام السوداء، بعد أن سار روبنستين على ذلك الشعار قال عضو مجلس إدارة تحالف إنقاذ دارفور دوث ميسنجر الذي يشغل الآن رئيس الخدمة العالمية الأمريكية اليهودية نتمنى له حظاً أفضل في بحثه عن فرصاً جديدة لخدمة الجمهور. ورد على ذلك في تقرير بتاريخ 2 يونيو 2007م في نيويورك تايمز تحالف إنقاذ دارفور البالغة ميزانيته السنوية 15 مليون لم يكن قد أرسل منها عشرة سنتات إلى مخيمات اللاجئين في دارفور أو في تشاد المجاورة، كانوا يصرفون الأموال ويبددونها في شن الحرب ضد ما يزعمون أنه نظاماً إسلامياً راديكالياً في السودان بادعاء أنه يمارس التطهير العرقي ضد الأفارقة. 99.9% من سكان دارفور هم مسلمون الحكومة العربية كلهم سود، ليس هنالك واحداً في الحكومة السودانية يبدو بأي حال مثل العربي النموذجي حتى عمر البشير ولا أي أحد من وزراء حكومته ولا أي من سفراء بلاده جميعهم بشرتهم سوداء. ولكننا نستمع الى عبارات من مجموعة تحالف إنقاذ دارفور: (الكذبة الكبرى أن العرب المسلمون يمارسون الإبادة الجماعية ضد الأفارقة السود). هنالك إصرار على المزيد من العقوبات، إرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة وفرض منطقة حظر جوي في دارفور. وهذا الأمر يشابه نفس ما فعلته الولاياتالمتحدة قبل غزوها للعراق والآن ماهي إلا مجرد حرب وان الولاياتالمتحدة لن تكسبها. لكن لماذا يجري كل هذا! ربما تتعجب البترول، احتياطات بترولية ضخمة. إن النظام في الخرطوم يرأس واحدة من أضخم وأغنى البلدان بالموارد في القارة الإفريقية هل قلت عندهم الكثير من البترول، الحكومة تملك موانئ على البحر الأحمر وتملك مياه نهر النيل الذي يمكن ان يوفر الكهرباء لكل البلاد وتملك إمكانات زراعية غنية ولها حدود مع تسعة دول إفريقية مجاورة, السودان جسر بين العرب المسلمين في شمال إفريقيا وغيرهم في شبه الصحراء الإفريقية. كل ذلك جعل السودان عدواً للامبريالية الغربية ذلك موضوع أوضحته ببساطة في كتابي. أنا لست محتاراً حول مسألة تحالف دارفور لأنها حركة نفس الحركة القديمة المضادة للسودان, فقط أردت ثوب مختلف بألوان عديدة بما في ذلك المحافظين من أصحاب النوايا الحسنة والليبراليين وحتى السود الذين انخدعو بالكذبة الكبرى. أسكيا محمد رئيس تحرير مكتب أخبار المشهد الوطني الذي يوفر محتويات مسموعة وصور للإذاعات ودور النشر والتي تشمل فاينال كول الراديو الوطني وساوند برنت.