ايام قليلة فصلت بين زيارة الجامعة العربية وإنعقاد مؤتمرها على مستوى المندوبين الدائمين في الدورة غير العادية التي اختيرت لها الفاشر لتكون مقر الاجتماع التاريخي غير المسبوق، والذي اعقبت زيارة تاريخية للرئس التشادي ادريس دبي للخرطوم.. ايام معدودة وجاء اتفاق إنجمينا الاطارى ليؤكد إن الجهود الرامية لتحقيق السلام في دارفور آتت اكلها. ولم تخب توقعات عمرو موسى والسفراء العرب وهم يؤكدون على حقيقة أن الموقف تحرك في دارفور من التوتر إلى الاستقرار والهدوء. ولعلها كانت هي أحلام (الحكامة) التي نادت على عمرو موسى باسمه مجرداً فالتفت اليها متوقفاً وطلب اخذ صورة معها، فما كإن من د.حسبو عبد الرحمن المفوض العام للعون الإنساني الا وأن أعلن عن تبرعه لها بخمسة آلاف جنيه. الجميع في قرى دارفور استشعروا الامن والسلام بعد زيارة د. عمرو موسى ورفقائه من سفراء المجموعة العربية الإسلامية.. لقد شاهدنا اليوم في دارفور الهدوء والاستقرار، ورأينا افراداً كثيرون يتاجرون في أمن وأمان ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي في القرى الزراعية والتجمعات السكانية. بهذه الكلمات ابتدر السيد عمرو موسى حديثه في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية الذي انعقد مؤخراً في الفاشر، وأوضح إن الموقف في دارفور تحرك من التوتر إلى الهدوء والاستقرار، ومن المعونات العاجلة إلى استهداف تنمية المجتمع في رؤية أكثر عمقا للنظر إلى المستقبل وليس لإنقاذ الموقف الآن، بل لبناء المستقبل من خلال الانتقال من تقديم المعونات العاجلة إلى التنمية المتوسطة وطويلة الاجل، ونحن في الجامعة العربية نطمح في بناء قاعدة من الاستقرار في دارفور من خلال إعادة الأعمار، ونتوقع إن يرتفع الدعم العربي له من نسبة 30% إلى 50% في العام 2010 م. وفي ذات السياق قال السفير يوسف احمد سفير سوريا لدى مصر ومندوبها الدائم في الجامعة العربية ورئيس الدورة الحالية، وهو صاحب مقترح إن يكون اجتماع المجلس في دارفور، قال أتينا إلى هنا في دارفور لكي نكون في المكان الصحيح لإعادة صياغة الخطاب العربي بل وإخراجه من دائرة الانفعال والضعف إلى حالة ايجابية لدعم موقف السودان الشقيق وتعزيز الإجراءات التي تقوى هذا الصمود لاسقاط المخطط المشبوه ضده والذي ليس بعيداً عن الصهيونية، وندعو من هنا إلى استمرار تقديم الجهود المخلصة لإحلال السلام والاستقرار، وتجسيده بالأفعال والمؤازرة الايجابية لتحقيق السلام في دارفور. ومن جانبه أشاد مني اركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية لإقليم دارفور لانعقاد مؤتمر الجامعة العربية في دارفور وقال إن له دلالات كثيرة ويؤكد على استمرار جهود الجامعة لدعم دارفور منذ المؤتمر العربي الإنساني لدعم دارفور في العام 2007م، داعياً الجامعة لتشجيع الاستثمار والتجارة في دارفور وإنشاء المزيد من المساكن والقرى النموذجية. وقال مناوى إنهم يأملون صادقين إن تنجح المفاوضات الجارية في الدوحة ليصبح السلام شاملا وكاملا وهذا يتطلب إخلاص الجهود وعدم المتاجرة بالنازحين واللاجئين . الاستاذ محمد يوسف كبر والي ولاية شمال دارفور المستضيفة للاجتماع قال إن هذا الاجتماع يعتبر تاريخي ومؤثرا جداً في الحل لقضية دارفور، بل هو خطوة شجاعة ونبيلة تنم عن التضامن والتعاون العربي لقضية دارفور ويؤكد على عمق التفكير الراشد للجامعة والذي يوضح قوة الادارة والارادة لها في اعمار دارفور . ورسم كبر مطلوبات المرحلة القادمة في دارفور بانتقال الأوضاع في الإقليم من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التعمير وتعزيز مسيرة العودة الطوعية ، ودفع الجهود نحو بناء القرى من خلال المشاركة والمساهمة من الجميع لترسيح العودة الطوعية . البروفيسور ابراهيم قمباري رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة دعا إلى تعزيز الجهود لدعم السلام في دارفور موضحا أن الأولوية هي لتعزيز الأمن لجميع المدنيين والنازحين والانتقال من المساعدات الإنسانية البحتة إلى مشروعات التنمية ودعم الجهود الرامية لتنفيذ الاتفاق الخاص لتطبيع العلاقات بين السودان وتشاد وقال إننا سوف نعمل كشركاء مع الجامعة العربية لتنفيذ هذه الاولويات . وفي نهاية مداولات الاجتماع اصدر مجلس جامعة الدول العربية في دورته غير العادية إعلان الفاشر الذي أكد على قرارات القمم العربية السابقة وآخرها قراري قمة الدوحة في العام 2009م حول السلام والوحدة والتنمية في السودان وجدد رفض الجامعة العربية لقرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية في حق الرئيس البشير. والتأييد الكامل للجهود المبذولة في اطار المبادرة العربية الافريقية لحل ازمة دارفور عبر مسار التفاوض السلمي في العاصمة القطرية الدوحة، ودعوة المجموعات الدارفورية إلى سرعة توحيد مواقفها التفاوضية لإنجاز التسوية السلمية الشاملة في اسرع وقت ممكن بغية تثبيت السلم والاستقرار هذه الجهود، بما في ذلك إرسال عيادات متنقلة إلى ولايات دارفور الثلاث، تشجيعاً للعودة الطوعية وإنفاذاً للتعهدات المعلنة في المؤتمر العربي لدعم الأوضاع الإنسانية بدارفور الذي عقد في الخرطوم في العام 2007م ولقرارات القمم العربية ذات الصلة، وطلب من الأمانة العامة تقديم تقرير شامل حول الجهود العربية الحثيثة المبذولة في هذا الإطار إلى القمة العربية القادمة المقرر عقدها في الجماهيرية العربية الليبية في مارس 2010م. وقبل إن يجف مداد إعلان الفاشر جاءت البشرى من أنجمينا بوقف إطلاق النار في دارفور لتؤكد إن مشاريع الجامعة العربية التي أقيمت والتي سوف تستمر ستجد الأمن والأمان لأن الكل قد تجاوز الحرب إلى مربع السلام . إذن ما بين إعلان الفاشر وزيارة عمرو موسى واتفاق أنجمينا تبرز أهازيج السلام في دارفور ووداع وشيك للحرب إلى غير رجعة خاصة أن دعوات وتمنيات جميع المشاركين في مؤتمر الفاشر هي بالتوفيق للأخوة في الدوحة للوصول النهائي للسلام في دارفور.