رحب السفير الصيني بالسودان لي شونج ون باتفاق الحكومة الأخير مع حركة العدل والمساواة الذي تم بالدوحة واعتبر الخطوة بأنها تدل على حسن نية الحكومة والجهود التي بذلتها في أوقات سابقة. وقال السفير في حوار أجراه معه المركز السوداني للخدمات الصحفية إن المبعوث الصيني الخاص بالسودان يعمل علي الدفع العملية السلمية بدارفور للأمام وبمختلف الوسائل وبتعاون وثيق مع الحكومة والجهات المعنية، منبهاً إلى أن الاتفاق الأخير سيكون بمثابة دافع لانضمام الحركات الأخرى ووضع حل نهائي لقضية دارفور وهو موقف دائم ظلت تدعو له الحكومة الصينية. وتطرق الحوار لاتفاق الحكومة الأخير مع حركة العدل والمساواة بالإضافة لانعكاس ذلك على مجمل العملية السلمية بالسودان، والدور الذي يمكن أن تلعبه بلاده في المرحلة القادمة، والاستثمار الصيني في السودان، ومشاركة قوات من بلاده في اليوناميد وما قامت به هناك، بالإضافة لاتفاق نيفاشا والانتخابات والاستفتاء والعديد من القضايا الأخرى والملفات ذات الصلة فمعاً لمضابط الحوار: *بداية سعادة السفير حدثنا عن دور الصين وما يمكن أن تقوم به خلال الفترة القادمة بعد توقيع السلام؟ أولاً نحن نرحب بالاتفاقية الموقعة في الدوحة ونعتقد أن هذه خطوة ايجابية جداً، وهذه الخطوة عبارة عن حسن نية وجهود من قبل الحكومة السودانية تجاه عملية دفع السلام في دارفور، ونقدر كل الجهات التي بذلت جهوداً في انجاز هذه النتيجة ونتمنى لجميع الأطراف الاستمرار ودخولهم لدفع عملية السلام إلى الأمام في سبيل تحقيق السلام الشامل والدائم لإنهاء قضية دارفور في وقت قريب. ونحن في الصين بذلنا جهود مثمرة في الفترة الماضية في سبيل إيجاد حل سلمي ودعم التنمية والاستقرار في دارفور، وبهذه المناسبة تأتي زيارة المبعوث الصيني الخاص للسودان وسوف نبذل جهود مستمرة بالتعاون مع الحكومة الحكومة السودانية والجهات المعنية لدفع هذه العملية إلى الأمام بمختلف الوسائل. *هل تعتقد أن الحكومة السودانية وبتوقيعها مع حركة العدل قد فعلت الصواب حيث قوبل اتفاقها الأخير بانتقاد رغم الجهود التي بذلتها الحكومة لتوقع بقية الفصائل؟ نعتقد أن الاتفاق الأخير خطوة ايجابية سوف يكون دافع لانضمام الحركات الأخرى لعملية السلام، لأننا ظللنا ولفترة طويلة ندعو الحركات المسلحة للانضمام للسلام ووضع حل نهائي، ونتمنى حدوث ذلك لأنه موقف دائم للصين. *كيف تنظر لمستقبل الاستقرار والأمن في السودان بعد محاولات الحكومة لطي ملف دارفور؟ نحن من صميم قلوبنا نتمنى أن يعيش أبناء الشعب السوداني في كل ربوعه في استقرار وتنمية، وهو كصديق لنا هذه الرغبة مخلصة من الصين. ولاحظنا بأن الحكومة السودانية قد بذلت جهود كبيرة لتحقيق السلام والتنمية في مختلف المستويات والمجالات، رغم المشاكل والصعوبات التي مازالت ماثلة، ولكن نحن على ثقة بأن الحكومة السودانية سوف تبذل جهود مستمرة بالتعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف. *قلت إن المبعوث الخاص للسودان سيزور الخرطوم فهل ستناقشون مع بقية الأطراف تحقيق السلام واكتماله؟ السيد المبعوث الخاص سوف يقوم بلقاءات مع كبار المسؤولين بالبلد وسيزور جوبا ليتعرف على الوضع ويتبادل الآراء مع المسؤولين في الجنوب وهذا كله يرمي لدعم استقرار الحركة الشعبية ودفعها للأمام وذلك لرغبة الصين في تحقيق الاستقرار والعيش في سلام دائم. *السودان مقبل على مرحلة الانتخابات فما هي الإضافة التي يمكن أن تشكلها العملية الانتخابية على الخارطة السياسية وهل يمكن أن تسهم الانتخابات في عملية الاستقرار؟ فعلاً فهذه الخطوة سيكون صداها مهم جداً للسودان وستقوم الانتخابات لأنها مهمة جداً، ونتمنى أن تكون ناجحة حسب القوانين المعنية وبفضل الجهود المشتركة لأبناء الشعب في الأحزاب المختلفة، وكذلك نتمنى أن تكون الانتخابات دافعاً لعملية السلام والتنمية في السودان ككل وتنفيذ لنيفاشا. *يتهم البعض الصين بعدم استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن في القضايا التي تخص الشأن السوداني والقرارات التي تصدر بحق السودان؟ في الحقيقة هذا ليس صحيحاً، فالصين تهتم بمسألة حفظ الاستقرار ودعم وسير عملية السلام في السودان وبذلنا جهود مختلفة كما قلت مراراً. وبالنسبة للمواضيع الأساسية التي ذكرتها فقد كان للصين موقف واضح جداً تجاه هذه المواضيع ،واعتقد أن كل الجهود رامية إلى دفع عملية السلام وليست ضدها، بل على العكس، فأي شيء قد يشكل أو يعارض أي أمل فهو قد يعرقل عملية السلام ويؤثر في دفعها في السودان، ومن هنا ندعو جميع الأطراف إلى وضع استقرار السودان فوق كل اعتبار، لأن هذا هو الصالح الوحيد لإيجاد حل لقضية دارفور وللقضايا الأخرى. *هنالك سباق محموم بينكم والولايات المتحدةالأمريكية في السودان فهل أنتم متوافقون مع المواقف الأمريكية تجاه السودان أم أن هنالك اختلاف؟ السودان ومنذ توقيع اتفاقية السلام الشامل فقد شهد انجازات كبيرة في مختلف النواحي، وبالطبع لازالت هنالك مشاكل موجودة، ولكن إذا استمر هذا الاتجاه الايجابي وهو السير في طريق السلام فسوف يحقق السودان تقدم كبير في مختلف المجالات وهذا ما نريد أن نراه. وأما موقف الصين إذا كان مختلف أو متفق مع دول أخرى فلكل بلد موقف معين ولكن نحن نريد إيجاد إدراك مشترك ومواقف دولية مشتركة واسعة وهي الحفاظ على الاستقرار والسلام في السودان كما ذكرت وأن يكون فوق كل اعتبار، وثانياً بذل جهود مشتركة لدفع عملية السلام للأمام. في هذه المجالات وفي سبيل هذا الهدف وجدنا أن هنالك توافق بين كثير من الجهات الدولية وهو إدراك لأن الحفاظ على استقرار السودان شيء مهم جداً يتعلق بمستقبل بلد وأيضاً بمستقبل الوضع بالمنطقة. *حدثنا عن الاستثمارات الصينية في السودان وهل سيكون فيها نصيب لدارفور؟ إلى جانب الجهود السياسية فقد بذلت الصين جهد كبير للاستثمار في السودان بتشجيع شركات صينية للمشاركة في البناء هنا، حيث بلغت الاستثمارات الصينية في السودان أكثر من 10 مليار دولار وكل هذه في كل مجالات البنية الأساسية ومجالات لها روابط وثيقة جداً لتحسين معيشة الشعب، ودون شك كل هذه المشاريع من شأنها أن تدفع لاستقرار المجتمع. *وماذا عن مشاركتكم في قوات اليوناميد؟ مشاركة الصين في اليوناميد أيضاً وبصورة إيجابية هنالك (345) شخصاً في قوة حفظ السلام الصينية وهي تعمل كفرقة هندسية، حيث لعبت دوراً بناءً وايجابياً جداً، وهم وجدوا تقدير عالي جداً من قيادة اليوناميد، حيث أكدوا على أن الفرقة الصينية من أحسن الفرق وأنجزوا أفضل الأعمال، لأنهم أول فرقة تخرج لدولة أفريقية كانت لدارفور وبنت معسكرات لليوناميد ومهبط طائرات وطرق وحفرت آبار مياه لتوفر المياه و لتسهل انتشار قوات اليوناميد، وهذه هي المساهمة الكبيرة جداً، حيث عملوا في أشق الظروف. وعند وصول الفرقة لم يكن هنالك أي شيء والآن بنيت الكثير من المنشآت لليوناميد وهذه مساهمة حقيقية من الصين. وإلى جانب ذلك فقد قامت فرقتنا بحفر آبار للمواطنين هناك مما أفاد الناس كثيراً كما بنوا مدرسة في نيالا بالتعاون مع السفارة وهي فتحت أبوابها منذ ستة أشهر ووجد ذلك ترحيباً حاراً من قبل الشعب المحلي والأطفال هناك، وكذلك سنقوم بتشجيع الفرقة نفسها لتلعب دوراً كبيراً في هذا المجال مستقبلاً. *كيف تنظرون لتطبيق اتفاق نيفاشا وما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به الصين ليكون خيار الوحدة جاذباً عند الاستفتاء؟ نحن أولاً نؤيد تنفيذ اتفاق نيفاشا، لأن هذه الاتفاقية هي نتيجة السلام الذي حققته للشعب السوداني وندعم تنفيذها وروحها لتكون الوحدة جاذبة وهذا مبدأ ينبغي أن يكون بإدراك مشترك من الجميع، وكذلك في ذات الوقت نحترم الشعب في تنفيذ ذلك، لأن السودان بلد كبير في أفريقيا وتجاوره تسع دول واستقراره له علاقة وثيقة باستقرار المنطقة. ونتمنى من خلال تنفيذ اتفاق نيفاشا أن تزيد العوامل الايجابية في دعم الاستقرار في السودان وفي المنطقة ونتمنى أن تكون الاتفاقية دفعة للتنمية في السودان بكامله. *كان أن عاودت المحكمة الجنائية اتهاماتها للسيد الرئيس فأين دوركم هناك خاصة وأن الحكومة قد أبدت نيتها الصادقة لطي ملف دارفور؟ عملية السلام في دارفور حالياً دخلت مرحلة جديدة وهي مميزة بتوقيع الاتفاقية وفي هذه الظروف يجب على جميع الأطراف التفكير بجدية في لعب دور بناء وايجابي في هذه العملية وليس العكس. *هل تتوقع أي مناوشات بين الشمال والجنوب أثناء الانتخابات حيث تنبأ الكثيرون بحدوث ذلك؟ الانتخابات حملة كبيرة وهي امتحان كبير للسودان كله، وينبغي استغلال هذه الفرصة للحفاظ على الوحدة والسلام، وإذا لم يتم استغلال هذه الفرصة بصورة جيدة فذلك سيؤدي لنتائج سلبية، ولكن لاحظنا أن الحكومة بذلت مجهوداً كبيراً، كما أن الأحزاب المختلفة قامت بخطوات مماثلة. وهناك حماس من قبل الشعب، وعلى سبيل المثال فإن نسبة التسجيل عالية جداً، وحتى الآن العملية التحضيرية للانتخابات سليمة ومقبولة لدى الشعب السوداني ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي، ومن هذا الباب نتمنى أن تنجح الانتخابات، ومع ثقة الشعب فهي ستنجح وستدفع ببلد متقدم إلى الأمام. *سعادة السفير أنتم دائماً ضد التدخل الدولي، فهل تعتقد أن التدخل الأمريكي في السودان سيتقلص تبعاً للعملية السلمية أم أن أمريكا ستقوم بسيناريوهات أخرى؟ نحن نعارض التدخل في الشؤون الداخلية للدول وهذا من جوهر السياسة الصينية، ونعتقد أن هذا متفق مع رغبات كل شعوب العالم، وأيضاً في هذا المجال ندعو الجميع لممارسة هذا المبدأ والتمسك به لأنه معروف وسائد في العلاقات الدولية، وهو من أهم مباديء العلاقات الدولية، ولذا يجب على الجميع الالتزام بذلك. *إلى أي حد تعتقد أن التدخل الدولي يعتبر نيلاً من سيادة الدول؟ الصين تدعو دوماً إلى احترام السيادة ووحدة البلاد، لأن ذلك ليس أيدلوجية صينية فقط بل أصبحت مباديء عامة في العلاقات الدولية، وأيضاً هذا متفق مع مباديء الأممالمتحدة، وكل المجتمع الدولي يعترف بهذا لأنه باحترام هذه المباديء فقط يمكن أن نحقق السلام، وأي مخالفة في هذه المباديء سوف تؤدي إلى عدم الاستقرار وعدم إيجاد الحلول في قضية محددة. *سعادة السفير إلى أي حد تعتقد أن انتهاك سيادة الدول هو الذي يؤجج صراعها الداخلي بالذات في السودان؟ الاحترام المتبادل لابد منه، لأن هنالك دول كثيرة وهناك تنوع في الحضارات وأهم شيء هو الاحترام المتبادل حتى يكون هنالك جو يتعايش فيه الجميع مع بعضهم البعض.