ظلت قضية الإتجار بالبشر من أكثر القضايا التي تحظى باهتمام الحكومة السودانية خاصة عقب الانضمام لإتفاقية الجرائم العابرة بالإضافة لعدد من الإتفاقيات والمعاهدات وهو ما يؤكد رغبته الجادة في محاربة الظاهرة، خاصة لما لها من تأثير على الأمن القومي. وقد عبر الإتحاد الأوروبي عن تطلعه لدعم وتعزيز قدرات السُلطّات السودانية المكلّفة بمكافحة الإتجار بالبشر، وقال توماس يوليشني سفير الإتحاد الأوروبي بالخرطوم أن التعاون في مجال الهجرة قد يكون فرصة ونافذة مهمة لتعزيز العلاقات الإقتصادية والسياسية بين الإتحاد الأوروبي والسودان، وأشار إلي أن الدعم يجب أن يكون مكملاً للمساعدات الإنمائية وخصوصاً فيما يتعلق باللاجئين والمجتمعات المضيفة. ومؤخراً أكدت هولندا دعمها للسودان من أجل مكافحة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية ، وقال السفير محمد عيسي إيدام رئيس لجنة التشاور السياسي بين البلدين أن هولندا أبدت دعمها لجهود السودان في مكافحة الظاهرة ، وأشار إلي الجانبين إتفقا على أن السودان دولة مهمة ومحورية في مكافحة الإرهاب والتهريب ودعم الإستقرار بالمنطقة. وبحثت شرطة ولاية الخرطوم مؤخراً مع الأممالمتحدة جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر عبر المعابر المختلفة بالولاية، وعُرض خلال المباحثات التنسيق بين الجهات الأمنية وإستعراض التشريعات القانونية والأحكام للحد من الظاهرة، كما تطرقت المباحثات إلي المعاملة والرعاية الطبية التي يجدها المُهرّبون لحين ترحيلهم لبلدانهم. ويؤكد موقع السودان الجغرافي بجانب الأدوار التي يقوم بها علي المستوي الداخلي والإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب والإتجار بالبشر على أهميته في المحافظة علي السّلم والأمن علي جميع المستويات "الداخلية، الإقليمية والدولية"، خاصة أن السودان أصبح دولة ذات ثقل في الأمن الإقليمي بالمنطقة وبعد رفع العقوبات الأمريكية وتطور علاقات البلدين وهو ما يمكن السودان من لعب دور أكبر على المستوى الإقليمي عبر تعزيز جهوده في مجال مكافحة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية والجرائم العابرة للحدود بما يُصب ليس في أمن الإقليم فحسب بل يمتد لأمن منطقة القرن الأفريقي والبحيرات وشمال أفريقيا وأمن القارة الأوروبية. وفي إطار الحد من ظاهرة الإتجار بالبشر عمدت ولايتيّ كسلا والقضارف الحدوديتان إلي وضع ضوابط لمحاربة الظاهرة والعمل علي محاصرتها، وتفعيل التنسيق الأمني ما بين الأجهزة النظامية والأمنية بجانب توفير الدعم المادي ووسائل الحركة وأجهزة الإتصالات إضافةً إلي حفظ العلاقة بين دول الجوار من خلال تعزيز الحماية وسط معسكرات اللاجئين ومراقبة الحدود، وعمل تمشيط ميداني من قبل الأجهزة الأمنية من خلال عمل مشترك في كافة النقاط الحدودية، بجانب تبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية في الأقاليم المجاورة للسودان خاصة دولتيّ أثيوبيا وأريتريا. وفي الخامس من يناير أصدر والي كسلا آدم جماع قراراً بإغلاق جميع المعابر الحدودية مع دولة إريتريا وأكدت حكومة الولاية أن إعلان حالة الطوارئ بالولاية يُمثل حالة إستثنائية لتمكين وتسهيل عملية جمع السلاح والعربات غير المقننة ومكافحة التهريب والإتجار بالبشر، كما جددت إلتزامها بمكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية، كاشفة عن خطة تشمل محاور أمنية وقائية وطوافات مشتركة من القوات النظامية علي الحدود، بجانب محور قانوني يتمثل في تفعيل قانون مكافحة تجارة البشر (2010م) و(2014م) وعمليات التحري، فضلاً عن قيام نيابة ومحكمة متخصصة لمكافحة الظاهرة ، مؤكدةً أن كل هذه الجهود أثمرت في القبض علي عدد كبير من كبار تُجار ومهربيّ البشر علاوةً علي تحرير عدد لا يُحصي من الرهائن المحتجزين وضحايا الإتجار. ومما سبق يتضح لنا أن ظاهرة الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية من أكثر القضايا التي تشكل تهديداً للإقليم والعالم ويلعب السودان دوراً بارزاً مع مكافحة الظاهرة لجواره الجغرافي مع عدد من الدول التي تنشط فيها العصابات إضافة إلى جديته في عمليات المكافحة.