قال السفير نصر الدين والي مدير الإدارة الأمريكية بوزارة الخارجية إن شواهد كثيرة تشير إلى بدء تغيير نظرة الإدارة الأمريكيةالجديدة نحو السودان خلافاً لما كانت تتعامل به الإدارة السابقة مع الحكومة السودانية. وأشار حوار مع المركز السوداني للخدمات الصحفية (smc) إن ما تضمنته الإستراتيجية الأمريكية من قضايا ينظر البعض إليها باعتبارها شروط، هي في الأساس قضايا سودانية وإن الحكومة السودانية تسعى بإرادة مستقلة في معالجتها وأنها ليست محل مساومة أو تتخذها أية جهة خارجية كأدوات للضغط، مضيفاً أن إصلاح البيت من الداخل أمر حرى بأهله والحكومة ترحب بالجهود والمساعدات الصادقة والجادة لبلوغ تلك الغايات. وأكد ما أحرزته الحكومة السودانية من اختراق بإرادتها المستقلة في كثير من القضايا الشائكة أمر لا تخطئه إلا أعين المرائين وذوي الغرض قائلاً إن الولاياتالمتحدة دولة مؤسسات فإن أرادت أن تمد يدها للتعاون والعمل سوياً بصدق وجدية يحقق مصلحة البلدين والشعبين فستجد يد السودان ممدودة أيضا. * وصول وفود أمريكية في فترات متلاحقة هل هذا يعد مؤشر لحدوث اختراق للعقوبات المفروضة على السودان أو بداية توصل لتفاهمات تؤدي إلى حدوث تقارب في وجهات النظر بين البلدين؟ الوفود الأمريكية الرسمية بشقيها التنفيذي والتشريعي تضطلع بمهام محددة لدى زيارتها للبلاد وزيارات تلك الوفود تجئ في إطار التقييم المستمر لما يجري في السودان في إطار محددات الإستراتيجية الأمريكية تجاه السودان والتي وضعتها الإدارة الأمريكية بعض مخاض عسير والتي جاءت برؤية إستراتيجية لدبلوماسية التعاطي بديلاً للسياسة الفاشلة التي انتهجتها الإدارة الأمريكية السابقة تجاه السودان. وزيارات مثل وفود الكونغرس ومجلس الشيوخ والإطلاع على واقع الأحداث والتطورات الإيجابية التي تنتظم مناحي البلاد أحدثت فهماً أفضل لدى بعض المشرعين الأمريكيين من شأنه أن يفضي إلى قيادة تيار تحسين العلاقات مع السودان. * نريد تقييماً دقيقاً عن المفهوم الأمريكي والانطباعات داخل الكونغرس عن العملية الانتخابية بالسودان ومدى وقوفهم مع مؤشرات التحول الديمقراطي؟ الكونغرس الأمريكي يضع إجراء الانتخابات في البلاد تحدياً بعيد المنال بل أن بعض أعضاء الكونغرس كانوا يعتقدون بأن حكومة السودان الحالية غير راغبة في إجراء الانتخابات، بيد أن إصرار الحكومة على إجراء الانتخابات في موعدها باتفاق وإجماع القوى السياسية وتوفر الظروف السياسية والتنظيمية لإجرائها كان مثار دهشة للإدارة الأمريكية وهو ما دعاها لإعلان موقفها بإجراء الانتخابات في موعدها استجابة لتطلعات الشعب السوداني، كما أن إجراء الانتخابات يرجح قناعة الدولة وإيمانها بالتحول الديمقراطي ويستجيب لمعايير الديمقراطية. * هل يتوقع وصول مراقبين من أمريكا للانتخابات خاصة وأن دول الاتحاد الأوربي أرسلت بعثة للخرطوم في هذا الخصوص ؟ سبق للسفارة الأمريكية أن خاطبت وزارة الخارجية والمفوضية القومية للانتخابات في هذا الشأن وأرفقت قائمة باثنين وأربعين دبلوماسياً بما فيهم القائم بالأعمال بالخرطوم ومجموعة من الخبراء بمكتب المبعوث الأمريكي الجنرال سكوت غرايشن، والذين هم ضمن الفريق الدولي للمراقبة، والسودان أعلن ترحيبه وتثمينه للدور الذي يضطلع به المراقبون الدوليون على وجه الخصوص في المشاركة الفاعلة لمركز كارتر. * سبق أن أعلنت أمريكا بعد اتفاقية السلام الشامل أنها ستعيد النظر في سياساتها المعادية للسودان لكنها عادت وقالت إن حل قضية دارفور يعتبر أمر جوهري بخصوص سياستها تجاه السودان؟ ما أحرزته الحكومة السودانية من اختراق بإرادتها المستقلة في الكثير من القضايا الشائكة أمر لا تخطئه إلا أعين الذين في نفسهم غرض، والولاياتالمتحدة دولة مؤسسات فإن أرادت أن تمد يدها والتعاون للعمل سوياً بصدق وجدية وتحقق مصلحة البلدين والشعبين فستجد يد السودان ممدودة، وبالفعل قد دعمت الإدارة الأمريكية السابقة توقيع اتفاقية السلام الشامل لحقن نزيف الحرب في جنوب البلاد ووعدت بإعادة النظر في سياستها المعادية آنذاك تجاه السودان، وعادت نفس الإدارة لإضافة حل قضية دارفور إلى قائمة مطالبها، ولكنني أؤكد كما أسلفت أن الحكومة السودانية تمضي في معالجة قضاياها الداخلية بقناعة راسخة وإرادة مستقلة استشعاراً منها لأهمية ذلك وليس بوصاية من أحد أو رجاء، فإقامة العلاقات الطبيعية لا تستجدي بل هي نتاج طبيعي لإدارة الشعوب وتطلعاتها، ومن العدل أن تنتهج دولة كالولاياتالمتحدةالأمريكية في سياساتها الخارجية على منهاج على الخطوط الإستراتيجية والرؤى الواضحة وليس عبر سياسة الكيل بمكيالين فهي الأجدر بالسعي الجاد لأجل إعادة رسم صورتها الخارجية بما يتوافق مع حجمها ودورها على المستوى الدولي. * الإستراتيجية الأمريكية تجاه السودان التي أعلنت مؤخراً تحت عنوان (الضغوط والحوافز) في ظل التحولات الحالية هل هناك احتمال أن تغير الإدارة الأمريكية سياستها المعلنة تجاه السودان؟ في تقديري أن الإدارة الأمريكية الحالية قد استفادت كثيراً من دروس الماضي وتسعى حثيثاً لترميم جسور علاقاتها الخارجية المنهارة والموروثة بتبني سياسة أكثر اتساقاً وشفافية مع الشأن السوداني، وأرى أن تصحيح مسار العلاقة بين الجانبين يسير بواقع جيد وأن الإدارة الأمريكية قد شهدت في تصريحاتها وبياناتها المختلفة بما يعتري الأحداث وينتظمها في السودان من تطور، كما أن الحوار الذي يجري بين الطرفين يقوم على الشفافية والمصداقية والتعاون الوثيق، وأن ما يجري بينهما مسيرة سياسية ودبلوماسية تمضي إلى مبتغاها بثقة وتعاون الطرفين في تطلعهما لتحسين واقع العلاقات. * كيف تنظرون للدور الأمريكي من خلال قضية دارفور والتطورات الجارية ومفاوضات الدوحة خاصة أن المبعوث الأمريكي كان قد زارها مؤخراً وهل في تقديركم تدعم أمريكا قضية السلام في دارفور أم لها دور سلبي في القضية؟ الإدارة الأمريكية ومبعوثها بشكل خاص يضطلعون بدور إيجابي محايد من خلال الوساطة في العملية السلمية في منبر الدوحة، والتطورات الإيجابية وإبداء الحكومة حسن النية والرغبة الجادة ومقابلة الأخوة في الحركات المسلحة تمثل رغبة وطنية صادقة لتحقيق السلام وهي الضمان الحقيقي لنجاح هذه العملية، والدور الأمريكي إلى الآن إيجابي وصادق ومحايد في دعم العملية السلمية في منبر الدوحة. * السودان ما زال في قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم في نظر أمريكا بالرغم من أن الحكومة السودانية تعاملت في هذا المجال منذ إدارة بوش لكن أمريكا تعود لفتح هذا الملف دون شواهد هل يعتبر ذلك إمتداداً للضغوط الأمريكية على السودان؟ تعاون السودان في مجال مكافحة الإرهاب الدولي يأتي انطلاقاً من قناعة حكومة السودان بأن الإرهاب شكل من أشكال العنف المرفوض، مع أهمية التفريق بين الإرهاب والنضال الوطني المشروع وهذا أمر تقوم كافة الدول والشعوب على التأكيد عليه، والسودان وشعبه ضحية اتهامات جائرة كان نتاجها تصنيف الإدارة الأمريكية الأسبق السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقد أقرت الإدارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس بوش في تقريرها السنوي حول الإرهاب الدولي للعامين 2007م – 2008م بتعاون السودان وشراكته في مكافحة الإرهاب وثمنت هذه الجهود، ويمكن النظر إلى مثل هذه الشهادة باعتبارها مقدمة من الإدارة لتقديم تشريعات للكونغرس لرفع اسم السودان من تلك القائمة الظالمة، وواشنطن لا تمتلك مبررات لاستمرار وضع السودان ضمن هذه القائمة و إذا تخلصت الإدارة الحالية من الضغوط السياسية التي تمارسها عليها بعض الكيانات والمنظمات وأخذت زمام أمرها فيما يتصل بعلاقاتها مع السودان وتحلت بالشجاعة اللازمة فربما رفعت اسم السودان بأثر رجعي.