وجد التوقيع النهائي لإتفاقية الخرطوم لسلام جنوب السودان زخماً إعلامياً على المستوي الإقليمي والدولى حيث سارعت المنظمات والهيئات الدولية الى إصدار بيانات الترحيب، في هذا الوقت كانت تدور خلف الكواليس ذات الجهود السودانية بين الأطراف في دولة افريقية أخري. وما أن اعلنت الخرطوم نهاية جهودها لسلام جنوب السودان حتى كشفت عن ذات الجهود بين اطراف النزاع في دولة أفريقيا الوسطي من خلال جلسة استطلاع أولية ضمت المجموعات المسلحة في إفريقيا الوسطى (السليكا – أنتي بلاكا) والتى تم في ختامها التوقيع على مذكرة تفاهم اتفق فيها على تكوين إطار مشترك للسلام باسم (تجمع إفريقيا الوسطى) بهدف نبذ العنف والتطرف، ووقف العدائيات، والسماح بحرية الحركة للمواطنين والتجارة مع دول الجوار، والالتزام بمبادرة الاتحاد الإفريقي من أجل السلام والمصالحة في إفريقيا الوسطى. وبدت الخرطوم واثقة في امكانية ان تحدث نقاط التقاء بين اطراف النزاع في جنوب السودان وهو الأمر الذي دفع الرئيس البشير الى القبول بصدر رحب بتكليف رؤساء دول وحكومات الإيقاد خلال قمتها ال(32) التى انعقدت في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا مطلع يوليو الماضي، ولم يكن تكليف الإيقاد للبشير من قبيل المصادفة بل لما له من دراية ومعرفة بالأوضاع في جنوب السودان ومتابعته لتطورات الأحداث هنالك، بجانب الأدوار الإيجابية التى ظل يقوم بها طوال السنوات الماضية لإحلال السلام في الجنوب. يدرك الإتحاد الافريقي مثله مثل الهيئات والمؤسسات التى يمثل السودان عضواً فيها دور الخرطوم في تحقيق السلم والامن في القارة الافريقية وربما لم تخلو جميع القمم الأفريقية من الإشادة بدور السودان في تحقيق السلام في دول القارة.واحدث توقيع سلام الخرطوم في جنوب السودان زخماً داخل قاعات القمة الحادية والثلاثون للإتحاد الأفريقي التى انعقدت بالعاصمة المورتانية نواكشوط في يوليو الماضي ووجد ترحيباً كبيراً من المشاركين الذين قالوا انه يمثل اختراقاً ايجابياً للقضية بجانب لفته للانظار الدولية والاقليمية. وخلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي التى أنعقدت في العاصمة الصينية بكين مؤخراً اطلع الرئيس البشير الرئيس الحالى للإتحاد الافريقي بول كاغامي على البداية المشجعة للمفاوضات بين طرفي النزاع في جمهورية أفريقيا الوسطىبالخرطوم وتطرق اللقاء إلى إمكانية مشاركة الاتحاد الأفريقي في المفاوضات في وقت لاحق. ووجدت المبادرة ترحيب الرئيس بول كاقامي والمسئولين الأفارقة بالتحرك السوداني مؤكدين على دوره في دعم المبادرة الإفريقية التى تعتبر جهود السودان جزءاً منها. معلوم ان علاقات السودان الخارجية تقوم على الإحترام المتبادل بين الدول وتبنت الحكومة نهج التحالفات الإستراتيجية التى تخدم مصالح الشعوب ولم تكن جهودها لاحلال السلام والاستقرار في جنوب السودان وافريقيا الوسطي ببعيدة عن جهودها في ليبيا اذ كان للخرطوم قصب السبق في لعب دور ايجابي حيال اللأزمة الليبية وشهدت على ذلك مكونات الشعب الليبي التى ظلت تشيد بالسودان من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. كما انتهجت وزارة الخارجية السودانية نهجاً دبلوماسياً يرمي إلى الإنفتاح السياسي والاقتصادي والدبلوماسي وتمتين العلاقات السودانية مع دول القرن الافريقي التى تعتبر ان السودان دولة محورية يمكنها ان تساهم في احلال السلام والاستقرار في محيطها الافريقي الذي تعاني معظم دوله من التهديدات الامنية . وقالت وزارة الخارجية السودانية ان جهود السلام في افريقيا الوسطي تأتى من منطلق استمرار جهود السودان الحثيثة لإحلال السلام في البلدان المجاورة. دور السودان في حل القضايا الاقليمية لم يكن وليد اللحظة اذ قام بإستضافة كثير من المؤتمرات الاقليمية كما ظل يقوم باستضافة رؤساء أجهزة الإستخبارات والأمن بإفريقيا بصورة دورية لمناقشة قضايا الاقليم ضمن كيان “السيسا”، والذي يتناول أبرز الشواغل الأمنية في إفريقيا وهو الامر الذي مكنة من لعب دور كبير في عمليات تهدئة الاوضاع في دول الجوار الأفريقي التي تعاني من اضطرابات وصراعات داخلية، خاصه دولة جنوب السودان والتي سعي السودان لاستقرارها من خلال توقيع اتفاقية سلام الخرطوم ، وكذلك رفضه التام لدخول قوات عسكرية الى ليبيا وتشديده على انه ينبغي أن يكون الحل نابعًا من الليبيين أنفسهم بمعاونة الإتحاد الأفريقي مع التأكيد على أن السودان يقف مع الحل الليبي على أن يشمل جميع الأطراف دون إقصاء لأحد وهذه جميعها مؤشرات تعزز من دور السودان في محيطه العربي والأفريقي.