راشد عبد الرحيم: الجنسية والقبيلة    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ترى الخرطوم أزمة دارفور؟ اتفاقية أبوجا.. ماذا أعطت لدارفور؟ (9)

الخرطوم(smc) تعتبر قضية دارفور واحدة من القضايا التى صادفت اهتماما غير مسبوق على خلفية تضخيم الوسائل الإعلامية لتفاعلاتها وآثارها حتى صارت الموضوع الأول في قائمة الأخبار والتحليلات التى غالباً ما تغفل عن ذكر الحقائق ولا تلامس الواقع على الأرض. صحيفة الشرق الأوسط نشرت مجموعة من المقالات المتصلة عن أزمة دارفور وهي عبارة إفادات قدمها وزير الخارجية السوداني السابق وأحد مستشاري الرئيس عمر البشير حالياً, وتأتي أهمية الإفادات المقدمة حول الموضوع بحكم التصاق الرجل وقربه من الأحداث والتداعيات السياسية لهذا الملف وغيره من الملفات الأخرى ذات العلاقة, وفيما يلي نورد هذه الإفادات: 80% من أراضي دارفور آمنة والعمليات العسكرية غير موجودة إلا حول بؤر للحركات المسلحة الرافضة لتوقيع اتفاقية السلام أقرت اتفاقية سلام دارفور التي وقعت في العاصمة النيجيرية أبوجا يوم 5 مايو (أيار) 2006م مشاركة أهل دارفور في كافة مستويات الحكم في جميع مؤسسات الدولة من خلال معايير متفق عليها، وأن تتم مراعاة المشاركة في الخدمة المدنية والهيئة القضائية والقوات المسلحة والشرطة وكل الأجهزة الأخرى للدولة مع الالتزام بالمتطلبات المتعلقة بالمؤهلات والكفاءة. ومما حملته الاتفاقية لأهل دارفور إيجاد نظام حكم فيدرالي يكفل تحويلاً فعليا للسلطة وتوزيعاً واضحاً للمسؤوليات بين المركز ومستويات الحكم الأخرى، وتحديد معايير وأساليب ممارسة السلطة وتقاسمها بحسب نتائج الانتخابات وفقاً لأحكام الدستور، وكفالة مشاركة النساء على نحو متكافئ وفعلي في أجهزة صنع القرار على جميع المستويات، علماً بأن النساء في دارفور يسهمن بشكل فاعل في العمل والإنتاج، إذ يعملن لساعات طويلة في الحقول والبناء والتشييد إلى حد يكاد يفوق الرجال. ومنحت الاتفاقية لدارفور منصبا سياديا يأتي في الترتيب رابعاً بعد الرئيس ونائبه الأول ونائب الرئيس، بمسمى كبير مساعدي الرئيس وهو منصب مستحدث لم يكن موجوداً سابقاً طوال عهود الحكم المنصرمة. كونت الاتفاقية لدارفور سلطة إقليمية انتقالية تتشكل من كبير مساعدي رئيس الجمهورية، وحكام ولايات دارفور الثلاث، رؤساء مناوبين، وعضوية رئيس مفوضية إعادة التأهيل والتوطين، ورئيس صندوق دارفور لإعادة الإعمار والتنمية، ورئيس مفوضية أراضي دارفور، ورئيس مفوضية تنفيذ الترتيبات الأمنية، ورئيس مفوضية تعويضات المتضررين من الحرب، ورئيس مجلس دارفور للسلم والمصالحة وآخرين. وتم تشكيل تلك السلطة من رئيس الجمهورية بتاريخ 1 أبريل (نيسان) 2007م وفق المادة 58/1/م من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005، والمادة 2/2 من المرسوم الجمهوري 18 لسنة 2006م، والمادة 6 الفقرة 50 من اتفاق سلام دارفور. واختصاصات السلطة الإقليمية الانتقالية لدارفور وفق ما أورده قرار رئيس الجمهورية هي الاضطلاع بالمسؤولية الأولى عن تنسيق تنفيذ الاتفاق الذي تم في أبوجا، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين، وتنسيق إقرار الأمن وتعزيز السلم والمصالحة عبر أراضي دارفور، والتدابير التشريعية والتنفيذية، والتوصية بما يعزز التعاون بين ولايات السودان الأخرى ودارفور في سياق الوحدة مباشرة بين الحكومة الاتحادية وكل ولاية على حدة فيما يتعلق بالشؤون المالية والإدارية وأي مهام أخرى تتفق عليها الأطراف المتمثلة في سلطة دارفور الانتقالية، والتي حددت لها الاتفاقية بممارسة سلطاتها من دون المساس بالسلطات والمهام الدستورية لولايات دارفور الثلاث. ووفقا للاتفاقية سيجرى استفتاء لمواطني دارفور يجري في وقت متزامن في الولايات الثلاث في زمن لا يتجاوز شهر يونيو 2010م لتحديد مستقبل دارفور وتحديد الوضع الدائم والاختيار بالاستفتاء إما لإنشاء إقليم لدارفور المكون من ثلاث ولايات أو الإبقاء على الوضع القائم للولايات الثلاث من دون وجود إقليم. وقد انتقلت السلطة المكونة بكاملها إلى دارفور في الأسبوع الأخير من شهر ابريل حسب ما أعلنه الأمين العام لحركة تحرير السودان، الحركة الرئيسية التي قادت التمرد في دارفور، في تصريحات صحافية ووصف ذلك الانتقال بالخطوة الكبرى علي درب إنفاذ اتفاقية سلام دارفور. ويعد اكتمال التعيينات في السلطة الانتقالية لدارفور هو المكسب الأول والظاهر، وقد تم بالفعل تعيين رئيس هذه السلطة وهو في ذات الوقت كبير مساعدي رئيس الجمهورية وفق اتفاقية أبوجا ومعه رؤساء المفوضيات المشار إليها آنفاً. كما تم تعيين عدد من أبناء دارفور بالحركات المسلحة في المناصب المنصوص عليها لتمثيل الإقليم في الجهاز التنفيذي لحكومة السودان والتي قالت إنه قبل إجراء الانتخابات وبغية التعبير عن الحاجة لتحقيق الوحدة والشمولية، تضمن حكومة السودان تمثيلاً فعلياً لأهل دارفور بما في ذلك حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة الحاملتين للسلاح. ففضلا عن مناصب الوزراء الثلاثة، ومناصب وزراء الدولة الثلاثة التي يشغلها دارفوريون في الحكومة القائمة تظل مشغولة بهم، ويتم تخصيص وإضافة منصب وزير رابع ومنصبين إضافيين لوزير الدولة يكونان مرشحين من الحركتين. وقد تمت هذه التعيينات بالفعل خلال الشهرين الماضيين، كما تمت تعيينات المفوضيات، وتعيين وال لولاية غرب دارفور ونائبي وال بولايتي شمال وجنوب دارفور، وأعضاء إضافيين وفق تناسب محسوب في المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الولايات والمجالس التشريعية الولائية الثلاث. وأعطت اتفاقية أبوجا لدارفور بولاياتها الثلاث الحق في تحصيل وإدارة الحصة الولائية من دخل البترول وأي موارد طبيعية أخرى تنتج في ولايات دارفور، وتحصيل وإدارة تكاليف الخدمات الولائية والرسوم العقارية وضرائب الملكية والرسوم الزراعية ومشاريع الحكم الولائي والمحميات الطبيعية والضرائب المتعلقة بالسياحة في دارفور، وإدارة القروض والاستدانة المحلية والأجنبية وفقا للجدارة الائتمانية للحكومات الولائية شرط أن تكون منسجمة مع إطار سياسة الاقتصاد الكلي القومي لحكومة السودان. ولولايات دارفور أيضا تحصيل الإعانات المقدمة من جانب الدولة، والمساعدات المالية الأجنبية، ومخصصات صندوق الإيرادات القومية المحصلة على المستوى القومي أو من جانب الحكومة السودانية بما في ذلك إيرادات أي وزارة أو حصة الحكومة من أرباح أي مؤسسة أو شركة ناتجة عن نشاط تجارى أو غيره تدفع في حساب صندوق الدخل القومي الذي تديره الخزينة القومية، وجوَّزت اتفاقية أبوجا لولايات دارفور إبرام اتفاقات لرفع مستوى حشد الموارد وإدارتها. وأكدت الاتفاقية على ضرورة قيام الحكومة الاتحادية بتحويلات مالية للوفاء باحتياجات ولايات دارفور من المصروفات بعد اعتماد إجراءات للتسوية المالية وفق ما تحدده مفوضية منشأة بناء على اتفاقية نيفاشا الموقفة لحرب الجنوب لتخصيص ومراقبة الموارد في الدولة بحيث لا تحد الإجراءات الموضوعة من الصلاحيات التي تمارسها السلطات المحلية في نطاق مسؤوليتها، وان تدعم كافة أشكال التحويلات كالتي تتعلق بالمشاريع والاعتمادات المالية بما يضمن حياة كريمة وظروفا معيشية جيدة لجميع سكان دارفور. ومنحت الاتفاقية ولايات دارفور حق رفع دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا في الدولة في حالة قيام الحكومة القومية باحتجاز الأموال المستحقة لولايات دارفور. وجدير بالتذكير أن الاتفاقية ضمنت تمثيل مصالح وآراء أهل دارفور من خلال مفوضية تخصيص ومراقبة الموارد بما يحقق الإنصاف والشفافية في تخصيص الأموال لفائدة ولايات دارفور مثلما لغيرها من ولايات البلاد. ولضمان ذلك سيعين رئيس الجمهورية فريقاً من الخبراء المستقلين بناء على توصية من المفوضية وموافقة الهيئة التشريعية القومية وهي التسمية الكلية والشاملة للمجلس الوطني (البرلمان الاتحادي) ومجلس الولايات. ويتألف الفريق من اقتصاديين ذوي كفاءة عالية وخبراء من مؤسسات جامعية وحكومية ومن القطاع الخاص. وبموجب اتفاقية أبوجا صار يحق لمستوى الحكم المناسب في دارفور وفق إطار النظام الفيدرالي الاتحادي الاستفادة من التحويلات من الإيرادات المحصلة على الصعيد القومي، وحشد وجمع الإيرادات والاستفادة من موارد الصندوق القومي لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور، والتمثيل الملائم في مفوضية تخصيص ومراقبة الموارد. وتقوم الحكومة القومية بتحويلات مالية ملائمة لفائدة الإقليم، وقد أوجبت اتفاقية أبوجا إجراء تقييم شامل لاحتياجات ولايات دارفور كمسألة أولوية قصوى بإنشاء بعثة تقييم مشتركة لتلك الاحتياجات خصوصا أن الاتفاق أشار إلى أن دارفور كلها ولا سيما المناطق التي هي في حاجة إلى بناء أو إعادة بناء يجب أن ترقى إلى نفس المستوى الذي يسمح لها ببلوغ الأهداف الإنمائية للألفية التي قررتها الأمم المتحدة للدول الأعضاء مع الإقرار بان تقاسم وتوزيع الثروة يتم على أساس المنطق المتمثل في أن جميع أجزاء السودان لها الحق في التنمية العادلة والإقرار بتفشي الفقر في السودان في عمومه وفي دارفور خصوصاً. وحازت دارفور بالفعل على 300 مليون دولار عن العام 2006 اعتمدتها الحكومة القومية في الموازنة العامة وبدا الصرف لها، ونشرت المناقصات لتجديد شبكة المياه بنيالا في الصحف، وسيتم صرف 200 مليون دولار للسنة الواحدة خلال العام الحالي 2007م والعام المقبل 2008 لصندوق دارفور لإعادة الإعمار والتنمية الذي تم تعيينه، وتتم تسوية المبالغ بناء على تقارير بعثة التقييم المشتركة. وقد كسبت دارفور تلك المبالغ فضلا عن الالتزامات القومية الجارية، وللمراقب أن يلاحظ أن عاصفة المطالبات المالية قد هدأت بفعل وفاء وزارة المالية الاتحادية بالحصص المقررة لولايات دارفور كاملاً ودليلي توقف الشكاوى من تأخر مرتبات بعض الجهات والمرافق في أنحاء دارفور المترامية. ومكسب آخر رمت به اتفاقية أبوجا في رمال دارفور ووهادها وأوديتها هو انسياب الحركة التجارية بسلام إذ خفت معدلات اعتراض الشاحنات التجارية فصارت حركة البضائع والسلع أكثر سهولة مما قبل توقيع الاتفاقية، وصارت الأغذية والسلع بمختلف صنوفها وطعومها في متناول اليد في مختلف أنحاء دارفور. ويمكنني التأكيد والجزم قاطعاً انه لا توجد بدارفور مجاعة والمعاناة الموجودة في بعض المناطق من ناحية الغذاء تقع في المناطق الواقعة تحت احتلال الفصائل المتمردة حتى الآن. ومن بشائر ما تحقق الآن أن كثيرين من المزارعين استطاعوا زراعة حقولهم واستفادوا من موسم الخريف والأمطار التي هطلت العام المنصرم وحدث تحسن واضح جداً في مستوي الغذاء، وقد أشارت التقارير بما فيها تقارير منظمات الأمم المتحدة إلى انخفاض في معدلات الوفيات. وتجدر الإشارة إلى أن عددا مقدرا من النازحين رجعوا إلى قراهم بعد المصالحات القبلية. فقد تمت مصالحات قبلية كبيرة في غضون الأشهر الماضية واستتب الأمن، والآن أصبح ثمانون في المائة من أراضي دارفور آمنا، والعمليات العسكرية غير موجودة إلا حول بؤر للحركات المسلحة الرافضة لتوقيع اتفاقية أبوجا للسلام. ولا يفوتني أن أذكر أن مزيدا من المجموعات التي حملت السلاح تداعت نحو السلام بعد سريان قناعة في أوساطهم والمواطنين بجدواه، وبعد بلوغهم لاستيعاب وفهم أفضل لتفاصيل الاتفاقية، وتطلع كثيرين من أبناء دارفور لإنفاذ الاتفاقية بحسبانها المخرج الأفضل والأقرب لعودة الأوضاع إلي طبيعتها، وساهمت في هذا اتصالات جرت لتحقيق ما نادت به اتفاقية أبوجا بعقد حوار تشاوري دارفوري دارفوري يشارك فيه كافة أبناء الإقليم لبسط ثقافة السلام بين المواطنين. ومما ربحته دارفور إعفاء طلاب الجامعات من أبناء دارفور من الرسوم الدراسية الجامعية كانوا قد عجزوا عن الوفاء بها بسبب تداعيات الحرب والنزوح والهجرة والضنك المعيشي ولنضوب مصادر الدخل من تجارة أو زراعة. ويشار إلى أن كافة الامتحانات لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية قد تمت بنجاح واستتباب وصفو بلا تعكير. ومن المكاسب التي حققتها الاتفاقية أنها صارت مرجعا لترتيب العلاقات مع دول الجوار خاصة دولة تشاد المحاددة لدارفور، إذ صارت أي قضية تنشأ سواء أمنية أو ثنائية بين السودان وتشاد تربط بالاتفاقية، وهو الشيء الذي لم يكن في السابق، ومجرد اعتماد الاتفاقية وتشكيلها مرجعاً أسهم ويسهم في تحقيق الاستقرار ويعود بالنفع والفائدة لإقليم دارفور الملتهب منذ عقود من الزمن. لقد سارعت حكومة الوحدة الوطنية في السودان فور الإعلان
عن توقيع اتفاق سلام دارفور بالعاصمة النيجيرية أبوجا بتاريخ 5/5/2006م، إلى إنشاء عدة آليات لتنفيذ الاتفاق، وقد جاء على رأس تلك الآليات «اللجنة العليا»، التي يرأسها رئيس الجمهورية، هذا بالإضافة إلى الآليات المشتركة مع الحركات الموقعة على الاتفاق، فضلاً عن الاتحاد الإفريقي. وفى إطار العمل الإعلامي الذي يستهدف نشر هذه الاتفاقية والتعريف بها، والتبصير بمحتواها، وبما تحمله من مبشرات لتسوية الأزمة بصورة نهائية، فقد تم طبع وتوزيع آلاف النسخ من الاتفاقية، كما تم عقد عدد من اللقاءات الجماهيرية والندوات وورش العمل التي هدفت إلى تسليط الضوء على الاتفاقية بمختلف مكوناتها وأبعادها. وتحقيقا لأحد أهم موجهات الاتفاقية ألا وهو القيام بالاتصال بالأطراف غير الموقعة عليها بغية إقناعهم وحثهم على الانضمام إليها، فقد ظلت تلك الاتصالات تتواصل مع هؤلاء منذ توقيع الاتفاق، وقد أفضت إلى انضمام العديد من الفصائل والقادة الميدانيين وكثير من الأفراد إلى ركب السلام، وما زالت الاتصالات تتواصل في هذا الصدد. ومثال ذلك فصيل «حركة تحرير السودان» جناح أبو القاسم، الذي انضم لعملية السلام إثر توقيعه لاتفاق بطرابلس مع الحكومة السودانية، وهو يشغل الآن منصب والي ولاية غرب دارفور. وعلى صعيد الإجراءات القانونية والدستورية التي أعقبت التوقيع على اتفاقية أبوجا، صدر عفو عام عن المتمردين بقرار من رئيس الجمهورية، كما تم إطلاق سراح السجناء على ذمة تورطهم في أعمال التمرد ضد الدولة في دارفور، ومن جانبه صادق المجلس الوطني (البرلمان) ومجلس الولايات على الاتفاقية بعد أيام قليلة من تاريخ التوقيع عليها. وفي ذات السياق تم تعديل دساتير ولايات دارفور لكي تتماشى مع اتفاقية أبوجا، كما تم إصدار أكثر من عشرين مرسوما وقرارا من رئاسة الجمهورية في إطار تطبيق الاتفاقية. وفي مجال قسمة السلطة تم اتخاذ الإجراءات التالية في إطار تطبيق الاتفاقية: 1) تعيين رئيس الفصيل الموقع في منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية. 2) تعيين وزيري دولة في مجلس الوزراء الاتحادي. 3) تعيين وزير بحكومة ولاية الخرطوم. 4) تعيين 12 عضواً بالمجلس الوطني من الحركات الموقعة. 5) تعيين رئيس صندوق دارفور لإعادة الإعمار والتنمية. 6) تشكيل مفوضية أراضي دارفور. 7) تعيين رئيس مفوضية إعادة التأهيل وإعادة التوطين. 8) تخصيص منصب والي غرب دارفور للفصائل المعنية وتعيين شخص منهم ليكون والياً عليها. 9) أصدر ولاة ولايات دارفور الثلاث كافة التعيينات الولائية المنصوص عليها في الاتفاقية في الجهازين التنفيذي والتشريعي. أما في مجال التنمية والخدمات، وفى إطار منح ولايات دارفور نوعاً من التمييز الايجابي، نظراً للظروف الصعبة التي ظل يشهدها الإقليم مؤخراً، فقد قررت الحكومة إعفاء طلاب دارفور من الرسوم الدراسية لمدة 5 سنوات. وفى مجال قسمة الثروة، تم إكمال المسح الخاص بتحديد احتياجات دارفور، وينتظر أن يقدم التقرير النهائي حول هذا الشأن قريباً، بينما تمت الموافقة من ناحية أخرى، على قيام الاتحادات التنموية لدارفور. وإلى جانب ذلك، فقد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في السودان فور توقيع اتفاق أبوجا، عن تعهدها بتأمين الاحتياجات الغذائية الطارئة للمتضررين في دارفور، حيث تم تخصيص 20 ألف طن من القمح لدعم برنامج الغذاء العالمي ومعالجة الفجوة الغذائية التي عانى منها الإقليم في الفترة السابقة، وذلك كأولى ثمار اتفاقية السلام. كذلك صادقت الحكومة على تخصيص مبلغ 15 مليار دينار سوداني لبرنامج إعادة الإعمار، كما أكدت ضرورة أن تلعب المنظمات الطوعية دوراً اكبر فاعلية في مرحلة السلام بدارفور، وأشادت بالجهود المقدرة التي قامت بها المنظمات والجهات المانحة لمساعدة المتضررين. وأكدت الحكومة ضرورة الالتزام بالإجراءات الجديدة المنصوص عليها بمقتضى اتفاقية أبوجا، مشددة على أهمية التنسيق مع الإدارات والسلطات المحلية بولايات دارفور لتسهيل عمل تلك المنظمات، في إطار احترام القوانين السارية. وفى مجال الترتيبات الأمنية تم ما يلي: 1) بعد توقيع الاتفاقية مباشرة صدرت الأوامر بوقف إطلاق النار. 2) تم تكوين العديد من اللجان الحكومية والمشتركة مع الحركات للتنفيذ. 3) قدمت الحكومة الخطط والمعلومات المتعلقة بتطبيق الترتيبات الأمنية، بما فيها خطط استيعاب مقاتلي الحركات السابقين، ويجري الآن التشاور حولها مع الحركات والإتحاد الإفريقي. 4) تم نزع سلاح عدد كبير من أفراد الميليشيات. 5) قامت الحكومة بتزويد الحركات بالدعم اللوجستي غير العسكري. 6) تم إنشاء مفوضية لنزع السلاح وإعادة الدمج وقد شرعت في القيام بمهمتها في دارفور للإسهام في إنجاح الاتفاق. أما في مجال تسهيل ومراقبة العمل الإنساني، من أجل رفع المعاناة عن النازحين والمتضررين عموماً بأعمال العنف في الإقليم، فقد طالبت الحكومة كلاً من الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بالتعجيل بإنشاء «الوحدة المشتركة لتسهيل ومراقبة العمل الإنساني» وتفعيل عملها. وفي إطار الحرص على تطبيق توصية الاتفاقية الخاصة بتشجيع المصالحات الأهلية، وتشجيع الحوار الدارفوري الدارفوري، عقدت الجلسة الافتتاحية للجنة التحضيرية لقيام ذلك الحوار، وقد حثت الحكومة الاتحاد الأفريقي على التعجيل بتمكين اللجنة من بدء جلسات العمل، وذلك حتى يتم التئام ذلك الحوار في اقرب وقت ممكن. هذا هو إذاً الوضع الراهن في دارفور بعد توقيع اتفاقية أبوجا، وهو موقف يتسم بالايجابية في مشهده العام، على الرغم من بعض مظاهر السلبية التي شابته والتى أود أن أجملها في القضايا التالية: اولاً: تعدد الحركات المسلحة حيث توجد الآن أكثر من 19 حركة مسلحة تساهم في زعزعة الأمن والاستقرار في دارفور وهذا يتطلب عملا دؤوبا لتوحيد هذه الحركات واتفاقها على قيادة موحدة كمقدمة للحوار معها والوصول معها لاتفاق لتنخرط في السلام. ثانياً: فقدان السيطرة للقيادات السياسية للحركات بالخارج على القيادات الميدانية في الداخل، الأمر الذي يهدد أي اتفاق سياسي مع القيادات السياسية من دون مشاركة القيادات الميدانية مما يعقد عملية الحوار والوصول لاتفاق. ثالثاً: بدأت القبائل التي لم تشارك في التمرد تشعر بشئ من التهميش وأن معالجة قضية دارفور ستكون على حسابهم لذلك صارت تلجأ إلى التدريب ومزيد من اقتناء السلاح، الأمر الذي يحتم إشراكها فى أي مفاوضات قادمة. رابعاً: بعض منسوبي الحركات التى وقعت على اتفاق أبوجا أصبحوا عنصر عدم استقرار نتيجة للتجاوزات التي تحدث من بعضهم وهجومهم على القبائل الأخرى. خامساً: التوتر والعنف لم يعد يقتصر على الميليشيات المتمردة على ميليشيات القبائل غير المتمردة بل امتد ليشمل القبائل العربية بين بعضها البعض. سادساً: العلاقات المتداخلة بين دارفور وتشاد تجعل من الصعب التوصل لمعالجة دائمة للأوضاع في دارفور من دون علاقات طبيعية بين السودان وتشاد، وقد شهدت العلاقات بين البلدين مؤخراً تدهوراً خطيراً، وبذلت الجماهيرية الليبية وما زالت جهودا مقدرة لمحاصرة هذا التدهور، ويجب مساندة هذه الجهود حتى تصب لصالح الأوضاع في دارفور. سابعاً: جهود الحل السياسي ما زالت تراوح مكانها رغم الزيارات المتكررة للمنطقة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون وممثل الاتحاد الأفريقي سالم أحمد سالم. كما أن الجهود الليبية والإريترية والمصرية لم تتمكن حتى الآن من توحيد الحركات أو تحديد موعد بدء الحوار السياسي بين الحكومة والحركات المسلحة. ثامناً: العلاقة بين السودان والأمم المتحدة، رغم توقيع اتفاق الحزم الثلاث بين السودان من جهة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من جهة أخرى، إلا أن دولاً مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قادت حملة إعلامية ضد الحكومة السودانية وعرقلت طويلا موضوع تمويل قوات الاتحاد الأفريقي من قبل الأمم المتحدة حسب الاتفاق الذي تم توقيعه، وهو أمر يهدد بقاء وعمل القوات الأفريقية. تاسعاً: استمرار وجود النازحين في داخل المعسكرات مع ازدياد أعداد العاطلين عن العمل يخشى منه أن يسهم في تغيير نمط الحياة الذي اعتاد عليه مواطنو دارفور. بل إن تحسن الأوضاع في داخل المعسكرات مقارنة بالأوضاع خارجها، خاصة في القرى المجاورة، بدأ يجذب المواطنين من القرى إلى داخل المعسكرات، الأمر الذي قاد إلى ارتفاع أعداد النازحين في المعسكرات. عاشراً: المنظمات الدولية الطوعية والرسمية التي تعمل في المجال الإنساني ليست كلها على قلب رجل واحد. فبعضها يساهم في إزكاء نار الصراع بطرق مباشرة أو غير مباشرة ويفسد العلاقة بين الدولة ومواطنيها بتحريض المواطنين على الدولة، والبعض الآخر يساهم في عملية التصعيد الإعلامي من خلال التقارير المفبركة التي يرسلونها طمعاً في المزيد من الدعم الذي يجمعونه من الجهات الرسمية والشعبية خاصة في الدول الغربية. ولكن يظل المظهر السلبي الأساسي الذي أثر أثراً كبيراً علي عملية السلام في دارفور في مجملها، هو قيام التحالف المسلح المعارض لاتفاقية أبوجا وللحكومة السودانية بمساعدة إقليمية ودولية ألا وهو ما يسمى ب«جبهة الخلاص الوطني»، التي ظلت تشن هجمات مسلحة على مواقع الحكومة والحركات الموقعة، وبتواطؤ مفضوح من قبل المجتمع الدولي الذي يدعى أنه راع لاتفاق أبوجا الذي نص على معاقبة كل من لا يلتزم به.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.