القمح يسجل أدنى مخزون عالمي لم يشهده منذ ربع قرنالنفرة الخضراء: الأمل المحلي والرجاء العالمي في الأمن الغذائي احتفلت أكثر من (150) دولة الأسبوع الماضي بيوم الغذاء العالمي عبر مؤتمرات ونقاشات وأنشطة رياضية تدور حول محور الحق في الغذاء. وتأجل احتفال السودان بهذا اليوم لتزامنه مع عطلة عيد الفطر المبارك حتى يوم 28 الجاري، وأعدت وزارة الزراعة برنامجاً احتفالياً يتضمن إقامة معرض يبرز نشاط إدارات الوزارة وتوزيع 1000 شجرة مثمرة وظليلة على أطراف العاصمة، بحضور كبار رجال الدولة وممثلي المنظمات والهيئات الدولية والعربية المعنية. وطالبت منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) والتي اتخذت الحق في الغذاء كشعار لاحتفال هذا العام، الدول باتخاذ تدابير تعزز قدرة الأفراد على المشاركة في عمليات التنمية، وتسهيل حصولهم على الأغذية بوسائلهم الخاصة، وتوفيره لمن يعجزون عن الحصول عليها. يتزامن الاحتفال بيوم الغذاء العالمي مع الزيادة الحادة التي سجلتها أسعار القمح لتناقص الإمدادات الدولية وتواصل الطلب الاستهلاكي عليه، وانخفاض المخزون منه بصورة غير مسبوقة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار المحلية للخبز وغيره من الأغذية الأساسية بالدول النامية مسبباً تنامي العجز الغذائي وخلق اضطرابات اجتماعية في بعضها. ومن المتوقع وفق تقارير الفاو ارتفاع مجموع تكاليف واردات الحبوب لدول العجز الغذائي لتبلغ 28 مليار دولار في الفترة 2007-2008 بزيادة 14% عن مستويات الارتفاع الفعلي للعام الماضي، ليصل إجمالي واردات الدول النامية من القمح 52 مليار دولار. وبالاستناد إلى المؤشرات الحالية فإن حصاد العام الحالي لن يلبي إلا مستويات الاستهلاك المتوقعة للعام المقبل، وأن مخزونات الحبوب لن تتجدد وستظل بالغة الانخفاض في المستقبل المتطور. وتعرب المنظمة عن قلقها من تواصل ضغط الطلب على مخزون القمح بسبب عدم كفاية الزيادات المنخفضة من محصول هذا العام، وتتوقع سحب 14 مليون طن من المخزونات الدولية لتنخفض تلك المخزونات إلى 143 مليون طن في أدنى مستوى لها منذ 25 عاماً. النفرة الخضراء: السودان بموارده الزراعية الغنية والمتنوعة يستطيع إذا ما أحسن استغلالها من تحقيق التطور الاقتصادي المستدام وتحقيق الرفاهية للمواطنين .. وظلت هذه الموارد أملاً للعالم بعد تصنيفه كأحد ثلاث دول يتوقع أنت ساهم بفعالية في الأمن الغذائي العالمي. ولكن بين الأمل المحلي والرجاء العالمي ظلت هذه الموارد شبه حبيسة تنتظر الانطلاق لتحقيق النهضة الزراعية الشاملة. ولم تفلح هذه الموارد من إخراج السودان من قائمة الدول الأكثر فقراً، إذ لا يتجاوز متوسط دخل الفرد فيه أكثر من 600 دولار سنوياً، وتشير الدراسات إلى تصاعد معدلات الفقر في الريف مما أهل السودان لأن يحتل المركز الحادي والستين من بين سبعة وسبعين دولة نامية في مؤشرات التنمية البشرية. اليوم وقد توفرت الإرادة السياسية لجعل الزراعة أولوية تأتي على قمة كل محاور العمل الإنتاجي والخدمي، لإحداث التحول المطلوب في القطاع الزراعي من تقليدي متخلف طارد إلى قطاع متطور جاذب للعمل والعمالة ليأتي تنفيذ برنامج النفرة الخضراء ويقود نهضة كبرى في البلاد في ظل مناح الأمن والاستقرار بعد توقيع اتفاقيات الجنوب، دارفور والشرق وتوفر موارد مالية من عائدات البترول واعتماد الدولة اللامركزية منهجاً للحكم وحرص الولايات على تنمية مواردها الزراعية. وتتجلى بشريات التنفيذ الفوري لبرنامج النفرة الخضراء في تحقيق ولايات جنوب كردفان، النيل الأبيض، الجزيرة، نهر النيل، سنار، النيل الأزرق، كسلا، الشمالية والولاياتالجنوبية فائضاً من الحبوب، فيما ظلت ولايات الخرطوم، البحر الأحمر، شمال كردفان، شمال وجنوب وغرب دارفور في دائرة العجز. القمح وهو الغذاء الرئيسي لسكان المدن ويستخدم في معظم الصناعات الغذائية بلغ إنتاج البلاد منه في موسم 2006-2007 (500) ألف طن، فيما قدرت الدراسات استهلاك السودان منه العام الحالي 2007م (1.8) مليون طن لتغطي الدولة العجز البالغ (1.3) مليون طن بالاستيراد. وقد أحدثت الزيادة العالمية في أسعار القمح والتي جاءت في تزامن مع تنفيذ النفرة الخضراء أثاراً إيجابية تمثلت في تشجيع المزارعين لزراعة المساحات المقترحة وتطبيق الحزم التقنية لزيادة الإنتاج باعتباره البرنامج الرئيسي للنفرة الخضراء. ومن المتوقع وفق تقارير وزارة الزراعة، زراعة 870 ألف فدان من القمح في الموسم الشتوي القادم لإنتاج مليون طن، مما يساعد في تقليل العجز في هذه السلعة إلى (50%). النفرة الخضراء هي الأساس المتين لتنمية زراعية قابلة للاستمرار وتحسين الميزان التجاري الكلي برفع حصيلة الصادرات الزراعية من (500) مليون دولار اليوم إلى نحو (4.2) مليار دولار بحلول عام 2011 وهو العام الخامس للنفرة، ليتحول الاقتصاد السوداني إلى اقتصاد يقوم على الزراعة وليس النفط، محققاً الأمل المحلي، وملبياً للرجاء العالمي بالمساهمة الفاعلة في الأمن الغذائي العالمي.