ينتظر فيه السودانيون تشكيل حكومتهم وبداية العهد الجديد و ترقب الجميع لنتاج الأحداث المتسارعة لوضع الخطوة الأولي في مشوار الألف ميل للوصول للنظام الديمقراطي المنشود، وفي هذا الوقت تترقب فيه الأوساط السياسية والدبلوماسية تغييراً ملحوظاً في العلاقات السودانية الأمريكية في مرحلة مابعد ذهاب البشير، وباتت كل الدلائل تشير إلي أن العلاقات الأمريكية السودانية قد تشهد تحولا جذريا يمتد إلى افاق قد تصل إلي مرحلة الشراكة الإستراتيجية الكاملة. وأوردت وسائل الإعلام تصريحات لمسؤول امريكي رفيع المستوي قال فيها إن بلاده ستختبر إلتزام الحكومة الإنتقالية الجديدة بحقوق الإنسان وحرية التعبير ووصول العون الإنساني قبل موافقتها علي ازالة البلاد من قائمة الدول الراعية للارهاب. وركزت تصريحات المسؤول الأمريكي حسب وكالة “رويترز” علي التوجهات الجادة التي بدأ بها رئيس الوزراء الجديد الدكتور عبدالله حمدوك في التعبير عن سياسته الجديدة خاصة فيما يتصل بعلاقات السودان مع محيطه الإقليمي وتعامل السودان مع الشواغل التي تهم المجتمع الدولي، حيث قال المسؤول الامريكي: ” إن حمدوك ذكر كل الأمور الصائبة ولذلك نتطلع إلي التعامل معه”، مؤكداً بأن حمدوك أظهر إلتزاماً حتي الان بكل الشواغل التي تتجاوب مع المشاغل والإهتمامات الأمريكية في المنطقة. وأوضح المسؤل الأمريكي ان رئيس الوزراء الجديد سيكون هو نقطة الإتصال الرئيسية مع الإدارة الأمريكية لتحسين العلاقات بين الجانبين ورفع إسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما حدا بالمراقبين إلي الإستنتاج بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ربما وجدت أخيراً رجلها المنشود الذي سيعيد العلاقات الثنائية إلي سابق عهدها في ثمانينيات القرن الماضي، وكسر حواجز العزل بعد سنين من المقاطعة الأمريكية الطويلة، وابدت واشنطن أيضاً إنفتاحاً في التواصل مع المكونات الأخري بالمجلس السيادي السوداني وترحيبها بالتعامل مع الأطراف العكسرية الممثلة في المجلس مما يعزز الشواهد بأن الولاياتالمتحدة ستواصل إعتمادها علي المجهودات السودانية في مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة العابرة للقارات والإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، فضلاً عن حوجة واشنطن لحلفاء لها للمساعدة في تنفيذ خطتها الجديدة الداعية لحماية الممرات البحرية وتأمين مسارات التجارة الدولية. وبالنظر لمسار العلاقات السودانية الأمريكية في عهد النظام السابق نجدها تتراوح بين الشد والجذب وذلك بتأثير عدة عوامل وضغوط فضلاً عن التوجس الكبير الذي أبدته واشنطن فيما يختص بتوجهات السياسة الخارجية للنظام السابق وتقاطعها مع مصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها بالمنطقة، وقد حاولت الدبلوماسية السودانية الخروج من العزلة الدولية التي فرضتها العقوبات الأمريكية، لكن لم تكن النتائج بالصورة المرجوة بسبب إصرار واشنطن علي إبقاء السودان في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب مما شكل عقبة رئيسية أمام التطبيع الكامل للعلاقات، وإشترطت واشنطن على السودان عدد من المطلوبات يجب الوفاء لإنجاز التطبيع الكامل، شملت زيادة التعاون في مكافحة الإرهاب، وتعزيز حماية حقوق الإنسان وممارساتها، وحرية الصحافة، فضلاً عن وقف الأعمال العدائية الداخلية في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، والجدية في تحسين وصول المساعدات الإنسانية إلي تلك المناطق. ويتفق أغلب المتابعون لمسيرة العلاقات الثنائية بين السودان والولاياتالمتحدةالأمريكية علي أن العقوبات الإقتصادية وإدراج إسم السودان علي اللائحة الأمريكية للإرهاب أثر كثيراً في مسيرة التنمية بالسودان كما أعاق جهود الحكومة السودانية في الإستفادة من موارده الإقتصادية الضخمة، فضلاً عن حصوله علي المنح والقروض من الهيئات والمنظمات الدولية المانحة. ورغم أن الشروط الأمريكية ومحدداتها للتطبيع الكامل للعلاقات مع السودان تتزايد كل مرة، إلا أن المراقبون والمهتمون بالشأن السوداني يأملون في إستطاعة الدكتور حمدوك بخبرته الطويله وعلاقاته مع المجتمع الدولي، بداية صفحة جديدة تتغير فيها معطيات مسار العلاقة بين السودان والولاياتالمتحدةالأمريكية، إستناداً لإعلان الدكتور حمدوك بإتباع السودان للسياسة البراغماتية فيما يخص علاقاته الدولية والسعي لتحقيق المصالح السودانية في المقام الأول بعيدا ًعن سياسة المحاور التي أضرت بالعلاقات السودان مع محيطه الإقليمي والمجتمع الدولي .