حالة من الترقب تعدت اعلان النتيجة النهائية لإستفتاء جنوب السودان الى ما بعدها بعد ان باتت النتيجة معروفة للجميع فى الوقت الذى أكدت فيه النتائج الأولية ان اصوت الإنفصال الإجمالية بلغت (98.83%) والتى حدد لإعلانها بصورة نهائية السابع من الشهر الحالي، حيث صرحت واشنطن أنها ستعيد النظر في علاقاتها مع الخرطوم بعد إقرار نتائج استفتاء الجنوب، وتنتظر الأخيرة بعد ان ارتفع سهم التطبيع عقب لقاءات مكثفة أجراها مسؤول أمريكي رفيع مع قيادات الحكومة السودانية أعلن خلالها خارطة عمل بين البلدين لخدمة المصالح المشتركة. حيث إتخذت الولاياتالمتحدة بعض الخطوات الاولية الصغيرة لتحسين العلاقات مع الخرطوم وصفها البعض بسياسة العصا والجزرة وانها لاتعدو من كونها مماطلة سياسية توضح تباين الموقف الأمريكى نفسه تجاه السودان وفى الوقت الذى حثت فيه جماعة ضغط ذات نفوذ واشنطن على رفض التطبيع السريع، قائلة إن سجل الخرطوم من العنف في دارفور يجب ألا يُقابل بالمكافأة، وطالبت بممارسة ضغوط دبلوماسية قوية وعدم تخفيف العقوبات الى انتهاء النزاع فى اقليم دارفور، بينما يراها آخرون انها بمثابة خطوة فى مسار تطبيع العلاقات تتطلب مرونة اكثر من الخرطوم مستدلين برفع القيود عن الصادرات على المعدات الزراعية لمساعدة القطاع الغذائي الذي يعاني من اشكالات عديدة. ورهنت واشنطن انها ستسمح بتبادل للسفراء بين البلدين اذا وافق كل من الشمال والجنوب على المباديء الرئيسية للتعايش السلمي بعد التصويت في الاستفتاء، ويرجح بعض المراقبين انه مع التنفيذ الكامل لاتفاق السلام وحل صراع دارفور فان الحكومة الامريكية ستعمل مع الكونجرس على رفع العقوبات الاقتصادية ورفع توصيف السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ودعم المساعدات الدولية واعفاء السودان من الديون الخارجية والتى تبلغ قيمتها (35) مليار دولار. وبحسب رويترز قال وزير الخارجية على كرتى في كلمة ألقاها بمؤسسة «أبحاث» في واشنطن ان التحسين الكامل للعلاقات يجب ألا يصبح رهينة بقضية دارفور، واكد ان السودانيين أوفوا بالتزام رئيسي فيما يتعلق بتوقعات العالم، وقال «أوفينا بالتزامنا وبالتالي فإن التزامنا بالسلام يجب ألا يكون موضع تساؤل»، وأضاف قوله «حان الوقت لكي تعيد الولاياتالمتحدة العلاقات إلى مسارها»، واضاف كرتي إن السودان يتعاون بالفعل بشأن دارفور، وقال «كلما انطلقت دعوة إلى المحادثات كانت الحكومة مستعدة للمشاركة ونحن مستعدون لأية محادثات ولذا فإن التحدي والعقبات تكمن في الجانب الآخر» فى اشارة إلى جماعات التمرد المنقسمة على نفسها في دارفور. وجاءت زيارة كرتي في وقت عاد فيه الدفء إلى العلاقات بين الخرطوموواشنطن، التي أشادت بإستفتاء السودان، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية بي.جيه. كراولي إن الولاياتالمتحدة قد تبدأ الإجراءات القانونية اللازمة لرفع السودان من القائمة في الأسبوعين القادمين إذا اتفق زعماء شمال السودان وجنوبه على كيفية حل عدة قضايا رئيسية لم تحسمها انتخابات يناير ومنها المواطنة والحدود وعائدات النفط وقال «نحن مستعدون للمضي قدمًا بإجراءات تطبيع العلاقات، لكن يجب عمل عدة أشياء في سبيل الوصول إلى ذلك» وقال كراولي إن التطبيع الكامل للعلاقات سيتوقف على حل التوترات الباقية بين شمال السودان وجنوبه وتحسين الأوضاع في دارفور، وهو ما وصفه بأنه أمر «ذو أهمية بالغة» وقال إن الولاياتالمتحدة تريد أن ترى اتفاق هدنة نهائية في دارفور وتقديم مزيد من المساعدات الاقتصادية والتنمية للمنطقة. وكشف مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية إلى السودان، السفير برنستون ليمان، في جلسة أمام لجنة مجلس النواب الأمريكي للشؤون الخارجية، عن تفاصيل خارطة طريق أمريكية للحكومة السودانية، تتعلق بخطوات التطبيع بين واشنطنوالخرطوم في الفترة المقبلة، وتحدث ليمان في جلسة لجنة مجلس النواب، عن فحوى خطاب أرسله الرئيس الأمريكي باراك أوباما لحكومة الخرطوم عبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، السيناتور جون كيري، عبارة عن خارطة طريق لتطبيع العلاقات مع الشمال، تبدأ باعتراف حكومته باستقلال الجنوب في حال تصويت الجنوبيين للانفصال، وأضاف «إذا استمرت حكومة السودان في دعم الاستفتاء في جنوب السودان، والاعتراف بالنتائج، فإن الولاياتالمتحدة مستعدة لبدء عملية سحب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب واستئناف الحوار وتبادل السفراء والالتزام بتقوية العلاقات الاقتصادية مع السودان» واوضح ليمان أن خارطة الطريق لتطبيع العلاقات تعتمد على أفعال الخرطوم وليس أقوالها، وقال بعد اعتراف الحكومة في الشمال بنتيجة الاستفتاء سنتحرّك لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن الأمر لن يتم قبل حل القضايا العالقة مثل البترول والحدود والجنسية والمياه وقضية أبيي وحل الأزمة في دارفور وأضاف بعد حل القضايا سنعود لكم في الكونغرس لإطلاعكم عليها حتى نفي بالالتزامات التي قطعناها للشمال، وقال ليمان إن نسبة الإقبال على التصويت كانت مهمة، وإن عملية الاقتراع كانت سلمية ومنظمة تنظيماً جيداً، وإن المراقبين الدوليين بما في ذلك فريق الأممالمتحدة أوضحوا أن الاستفتاء كان ذا مصداقية، وأضاف مع ذلك فإن الاستفتاء ليس هو الفصل الأخير في اتفاق السلام الشامل، هناك الكثير من العمل لا يزال يتعيّن القيام به لضمان أن الاستفتاء سيؤدي إلى السلام الدائم والاستقرار للجميع في السودان. ومن جانبها اكدت الإدارة الأمريكية بإيفاء الحكومة السودانية بتعهداتها تجاه العملية السلمية، وجددت شروعها في تنفيذ ماتعهدت به من إلتزامات تجاه الحكومة فور إعلان نتيجة الإستفتاء، واعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيمس ستينبرج ان الولاياتالمتحدة ستتخذ تدابير ملموسة لتطبيع علاقاتهما مع السودان عندما يتم الخرطوم بعد لقائه وزير الخارجية علي كرتي «عندما يتم اقرار النتائج، سنستطيع البدء باتخاذ تدابير تطبيع، خصوصا الاهتمام بلائحة الدول الداعمة (للارهاب) وتوثيق روابطنا الدبلوماسية»، واضاف ان الاتصالات بين البلدين تسمح بتعزيز الثقة وستنتج عنها تحسينات اكبر وعبرالدبلوماسي الاميركي عقب لقاءات شملت نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ومساعد الرئيس نافع علي نافع ومستشار رئيس الجمهورية صلاح عبدالله قوش،عن وجود تفاهمات وأداة اتصال حقيقي بين الطرفين مما سيُعزز من فرص بناء الثقة ،وتهيئة الأجواء لبناء علاقات إقتصادية قوية. إلى ذلك، اكد مساعد الرئيس، نافع علي نافع، تعامل الحكومة مع الجهاز التنفيذي داخل الإدارة الأمريكية ،وقال « لسنا مسؤولين عن الضغوطات التي تتعرض لها الإدارة الأمريكية من قبل الكونغرس وهي مشكلة داخلية لا تعنينا « مؤكداً عدم تطرق الطرفين لقضية الدعومات التي ستقدمها الولاياتالمتحدة بعد التطبيع وإعتبر نافع زيارة ستينبرج للبلاد إشارة واضحة لتطور العلاقات الثنائية وإستمرارها. وقال السفير احمد عبد الوهاب فى تعقيبه على قضية العلاقات السودانية الأمريكية فى ندوة (ثم ماذا بعد انفصال جنوب السودان البعد السياسى والدبلوماسى) التى نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بالخرطوم، ان هناك تحدى كبير يتمثل فى وضع تصور للعلاقات مع الولاياتالمتحدة، يحدد شكل العلاقة مع واشنطون واضاف يجب ان يكون تصوراً شاملاً غير مبنى على ردود الأفعال والتصرفات الشخصية قصيرة المدى، واوضح عبدالوهاب ان هناك إعتقاد خاطئ فى السودان ان السياسة الأمريكية يضعها الرئيس الأمريكى، ولكن فى حقيقة الأمر ان السياسة الخارجية الأمريكية توضع فى إطار مؤسسى كبير يشمل مجموعات أخرى وليس البيت الأبيض وحده، وقال «فى كثير من الأحيان يكون الرئيس هو الحلقة الأضعف فى صنع القرار» مثل مجلس الشيوخ والنواب وجماعات الضغط والمفكرين والمجموعات المرتبطة بالمؤسسة العسكرية، ودعا عبدالوهاب الى ضرورة منهج جديد يقر ان الولاياتالمتحدةالأمريكية انها اللاعب المؤثر فى المنطقة والفشل فى التعاطى معها يجر البلاد الى مشاكل تعقد دور السودان الإقليمى.