الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وقائد الغر المحجلين سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحابته الأخيار المجاهدين أما بعد أخوتي الكرام – رفقاء الدرب والسلاح جماهير الشعب السوداني الوفية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التحية لكم في هذا اليوم الخالد الذي شكل نقطة فارقة في تاريخ السودان الحديث .. ففي مثل هذا اليوم الرابع عشر من أغسطس من العام 1954م تمت سودنة القوات السودانية بتسلم الفريق أحمد محمد باشا مهام القائد العام لقوة دفاع السودان من الجنرال الانجليزي اسكونز باشا ليكون بذلك أول ضابط سوداني يشغل هذا المنصب الرفيع وتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من مراحل البناء الوطني لقوة سودانية كتبت اسمها في سجل التاريخ بمداد الجدارة والصمود والتضحيات فانتزعت احترام العالم. لقد كانت مشاركة قوة دفاع السودان في الحرب العالمية الثانية وانتصاراتها التي حققتها على قوات المحور في شمال أفريقيا وشرقها سبباً في رفع معنويات الحلفاء في كل الجبهات، الأمر الذي عزز مجاهدات القيادات الوطنية بالداخل وأدى إلى استقلال السودان. إخوتي الكرام لقد أصبح اليوم الذي تسلمت فيه القوات المسلحة زمام أمرها من القيادات الانجليزية يوماً وطنياً وعيداً قومياً تحتفل به كل عام نسبة لما يمثله هذا الحدث من قيمة وطنية وإنجاز تاريخي صنعه أبطال السودان بدمائهم ومجاهداتهم. هو يوم تجدد فيه القوات المسلحة عهدها مع الله والوطن وتشخذ فيه عزمها ضد الخنوع والوهن حتى يظل هذا اليوم الخالد حاضراً في ذاكرة الزمن.. إخوتي .. رفقاء الدرب والسلاح تمر علينا هذه الذكرى والقوات المسلحة قد تجاوزت التحديات وصنعت الانتصارات وامتلأ سفرها بالانجازات التي تجسدها صروح الإعجاز ومعالم النهضة والتطور التي انتظمت كافة وحداتنا العسكرية والتي هدفت إلى إعادة البناء وتحقيق الاحترافية. إن احتفال القوات المسلحة بهذه المناسبة العظيمة اتخذ شكلاً عملياً تفتتح فيه المنشآت وتخرج فيه الدفعات وتدشن فيه مشروعات النهضة والتطوير التي تسير في محاور ثلاثة تستهدف في إستراتيجيتها الفرد والمعدة وتحسين بيئة العمل وتطوير المرافق الخدمية وإكمال البنيات التحتية حتى يتحقق الرضا الوظيفي للفرد العسكري وتتعزز الكفاءة عبر الإعداد والتدريب القتالي والفني. إخوتي حراس العقيدة والوطن إن القوات المسلحة – بالمهام والواجبات المنوطة بها – جديرة بأن تلقى كل عناية واهتمام كيف لا وهي حامية التراب الذي صانت وحدته وجمعت أبناءه في بوتقة الولاء وخندق الفداء فكان نتيجة لصمودها دعم القرار السياسي بتوقيع سلام نيفاشا الذي قطع شوطاً بعيداً بعد ما أوفت القوات المسلحة بكافة التزاماتها تجاهه، وهي تنتظر اكتمال ترسيم الحدود قبل إكمال آخر استحقاقاته بإجراء الاستفتاء على تقرير المصير لتظل حفيظة على حماية حدود البلاد وأمنها واستقرارها الذي لم ولن تفرط فيه أبداً، لقد ظلت قومية القوات المسلحة تعبر عن وحدة السودان شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً ووسطاً وأننا لنرجو أن يكون خيار الوحدة هو ثمرة سلام نيفاشا حتى ينعم السودان بالقوة والنماء. إخوتي حراس العقيدة، ما فتئت القوات المسلحة تضم إلى صفوفها جموع الأخيار من أبناء الوطن الذين تقلدهم سيف الفداء وتلقنهم قسم الولاء فينداحوا في ربوع الوطن العزيز حراساً مأمونين وقادة ميامين فقد ظلت القوات المسلحة ولا زالت المدرسة الوطنية التي تخرج فيها القادة الأفذاذ الذين أثروا ميادين الحياة العامة وزينوا وجهها بالأعمال الجليلة فبرعوا وضربوا أروع الأمثال في معاني الطهر والتجرد والنقاء، ثم يمضي الواحد منهم إلى ربه طاوياً حاجته في نفسه لا يرجو إلا المثوبة وحسن الجزاء. رفقاء الدرب والسلاح التحية عبركم في هذا اليوم العظيم لأولئك النفر من الرعيل الأول الذين أرسوا قواعد هذا الصرح العظيم والتحية لأولئك الأبطال الذين كتبوا تاريخ هذه الأمة بدمائهم الطاهرة الزكية ومضوا لله صادقين .. والتحية للأحياء المنتظرين .. التحية لقادتنا جميعاً الذين علمونا معنى الولاء وصدق الانتماء .. لقد كانوا كباراً في حجم هذا الوطن الذي كنا نراه دائماً على هاماتهم وفي حدق عيونهم فقدموا له ربيع أعمارهم وافنوا فيه زهرة شبابهم والتحية عبركم وباسمكم للسيد وزير الدفاع الفريق أول مهندس ركن عبد الرحيم محمد حسين الذي حمل معول البناء والتعمير فتحولت الأماني في عهده صروحاً ومباني. التحية للسيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي رفع لواء العز والشرف فأصبح رمزاً للإباء والكرامة الوطنية .. والتحية في عيدنا إلى إخوتنا في القوات النظامية الأخرى – قوات الشرطة والأمن – صنو القوات المسلحة التي ما تخلفت عنها في ميدان ولا خذلتها في موقف نصرة. التحية لشعبنا الأبي المعلم صانع الأمجاد الذي ما زال يرفد القوات المسلحة بالنابهين المخلصين من أبنائه، ويقف خلفها سنداً وظهيراً في كل الملاحم الوطنية التي خاضتها. التحية لكل من سلك طريقاً يلتمس فيه عزاً للوطن فسهر الليالي وبذل الدماء والعرق فشاد السودان مجداً وكتب له في سجل التاريخ اسماً. وختاماً.. أرجو الله ببكرة هذا الشهر الكريم أن يجمع قلوبنا على قيم الخير والحق والفضلية وأن تنعقد نياتنا بالإخلاص في هذا العمل حتى لا يفوتنا أجر المرابطة في سبيل الله. أسأل الله العون والتوفيق والسداد للجميع والسلام عليكم ورحمة الله