د. الشفيع خضر سعيد يكتب: الدور العربي في وقف حرب السودان    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فتحي إبراهيم ل «الصحافة»: جائزة الحكم الرشيد رسالة أمل لإعادة الثقة للأفارقة بأنفسهم وبقارتهم..!!

اسماء الحسيني نهدف لإعطاء المعلومات الكافية للمجتمع المدنى الأفريقي حتى لا يكون احتجاجه على حكامه مجرد صراخ..!! أثارت جائزة الحكم الرشيد فى أفريقيا التى تم منحها مؤخرا لأول مرة فى احتفال كبير بمكتبة الاسكندرية لرئيس موزبيق السابق جواكيم شيسانو، أثارت العديد من التساؤلات حول مفهوم الحكم الرشيد وإمكانية تحقيقه فى القارة السمراء التى غالبا ما يوصم حكامها بالفساد، وما إذا كانت هذه الجائزة التى تبلغ خمسة ملايين دولار، إضافة إلى مائتى ألف دولار تمنح سنويا للفائز على مدى حياته، يمكن أن تلعب دورا فى الحد من هذا الفساد أو ترشيده، وهل كان من الأجدى توجيه هذه الأموال لخدمة أعداد أكبر من البشر يعانون فى دول القارة من ظروف قاسية على جميع المستويات. وقد طرحت «الصحافة» هذه الأسئلة وغيرها على صاحب الجائزة الملياردير السودانى محمد فتحى إبراهيم، الذى ولد بالسودان ونشأ وتلقى تعليمه فى المراحل المختلفة بمصر، حتى تخرج في كلية الهندسة بجامعة الاسكندرية، وكان الأول فى المرحلة الاعدادية على مستوى الاسكندرية، والسادس على مستوى الثانوية العامة، وفى الأخيرة كرمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مما كان له أوقع الأثر فى نفسه، ثم أكمل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات البريطانية، وعمل باحثا ورجل علم فى مجال الدراسات التى مهدت لعمل الهاتف المحمول، ومنها انتقل للعمل بشركات المحمول البريطانية، ثم اسس شركاته الخاصة التى عملت فى الدول الأوروبية ثم اقتحمت السوق الأفريقية. وفى الحوار التالى يؤكد الملياردير السودانى محمد فتحى إبراهيم أو «مو إبراهيم» كما يلقب فى الغرب، وكما تسمى المؤسسة التى أنشأها التى تمول الجائزة وعددا آخر من المشروعات الخيرية فى أفريقيا، أن رسالته الأساسية هى إعادة الأمل والثقة للأفارقة بأنفسهم وبقارتهم، وتسليط الضوء على المخطئين والمقصرين، وأيضا على من أصابوا وأحسنوا، وإعطاء المجتمع المدنى الأفريقى المعلومات الكافية التى يبنى عليها مواقفه حتى لا يكون احتجاجه على حكامه مجرد صراخ وخناقات أو بلاغة لفظية، وذلك عبر التقرير الذى تصدره مؤسسته الذى يعتبره أهم من الجائزة، وإن كان لم يحظ باهتمام فى العالم العربى. * ما هي الدوافع لإنشاء هذه الجائزة؟ - هناك إتفاق كامل على أن الحكم الرشيد شىء مهم، وأنه لن يكون هناك تقدم ولن نستطيع أن نحل مشكلاتنا فى أفريقيا بدونه مهما كان الحديث عن محاولات لحل المشكلات، فهناك على سبيل المثال حوالى 80 ألف مليون دولار تدفقت على أفريقيا خلال العام الماضى، باعتبارها قروضا ومنحا فقط، فضلا عن ميزانيات هذه الدول، وهى لم تحل المشكلات القائمة، لأنه من المهم أن تصرف هذه الأموال بطريقة صحيحة ووفق الأولويات وبشفافية وعدالة، وأنا أعتقد أن كل الأشياء الجيدة والمهمة تنطلق من الحكم الرشيد. * هل كان من الصعوبة تحديد من يستحق الجائزة من حكام أفريقيا؟ - نريد بصفتنا مجتمعاً مدنياً ونحن لسنا جزءا من أية حكومة أو منظمة دولية... صحيح بعض مجلس أمناء المنظمة كانوا رؤساء دول وحكومات ورؤساء منظمات دولية، لكنهم الآن خارج مناصبهم الدولية وجزء من هذا المجتمع المدنى، ونسعى الآن الى أن نحدد مقومات الحكم الرشيد ونقيسه، ولا يمكن أن نستخدم فى قياس موضوع مهم كهذا كلاما إنشائياً، لذلك عملنا جهد كبير من أجل ذلك من خلال علماء من جامعة هارفارد من كلية كيندى للحكم، وهم متخصصون فى هذا الموضوع، كما اتفقنا مع البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الشفافية العالمية، لجمع كل الأرقام المتعلقة بالاقتصاد والصحة والتعليم، وخرجنا فى النهاية بأكبر مقياس للحكم الرشيد، ونشرناه أخيراً، وهو بمثابة بيان للموقف فى كل الدول الأفريقية جنوب الصحراء. * أية مقاييس اعتمدتم؟ - قدمنا «58» مقياسا للحكم الرشيد تندرج تحت مواضيع رئيسية، وهى: سلامة وأمن المواطنين فى بيوتهم وفى الشارع وكل مايتعلق بذلك، والاقتصاد وما يتعلق به من العمالة والبطالة ومتوسط دخل الفرد، ومدى توافر الكهرباء والمياه النظيفة وحجم الاستثمار ومستوى التضخم وغيرها، وتلبية الحاجات الأساسية من صحة وتعليم للمواطن، والمشاركة والمؤسسية والديمقراطية فى البلد ونزاهة الانتخابات وحرية الصحافة. وقد رتبنا كل الدول الافريقية جنوب الصحراء وفقا للأرقام والاحصائيات المطروحة، وكلها من مصادر ومراجع معتمدة، وقد طالبنا الحكومات والمؤسسات أن تشارك معنا فى ذلك. * لماذا ركزتم على الدول الأفريقية جنوب الصحراء فقط؟ -اخترنا الدول الأفريقية جنوب الصحراء فقط، لأن الدول الخمس فى شمال الصحراء وضعها إلى حد ما مختلف، فلا يوجد فيها تحدٍ صحي كبير فى مواجهة الايدز أو الملاريا أو غير ذلك من الأمراض، وفى نفس الوقت كانت منطقة جاذبة للاستثمارات الأوروبية، ولذا سنركز فى السنوات الأولى على دول جنوب الصحراء فى أفريقيا، وبعد فترة قصيرة سيكون توجهنا لكل الدول الأفريقية بدون استثناء، والحقيقة أن جائزة الحكم الرشيد عمل مكمل، لكن العمل الحقيقى هو أننا بصفتنا أفارقة ومجتمع مدنى أفريقى، عرضنا الحكومات الأفريقية لامتحان ليس سهلا على الاطلاق. * وكيف تعاملت مع تقريركم ومشروعكم الدول والقادة الأفارقة؟ - كل الحكومات والزعماء رحبوا وعرضنا النتائج فى سبتمبر الماضى، وسنستمر فى عملنا، وسنعرض سنويا النتائج التى نتوصل إليها، وسنواصل الاحتفاء بالقادة الأفارقة الذين يحترمون الطوائف المختلفة فى بلدانهم، ومن يجنبون بلدانهم الحروب الأهلية ولا يفرقون بين مواطنيهم على اسس قبلية أو عرقية أو دينية أو ثقافية، أويدخلون خصومهم السجون والمعتقلات، أو يقومون بقتلهم أو يقدمون مصالحهم الذاتية على حساب مصلحة البلد، ومن ينقلون بلدانهم من الفقر والمشكلات. * ماذا أردت أن تقول بهذه الجائزة؟ - نريد أن نشجع من واجه المشكلات، وأن نقدر الدور الذى قاموابه، فالرئيس فى أى بلد أفريقى يواجه تحديات كبيرة لايواجهها أى رئيس أمريكى أو أوروبى، لأن الأوضاع مختلفة فى أفريقيا، وأبسط مؤشر لها أن واحدا من بين كل ثلاثة مواطنين فى أفريقيا دخله أقل من دولار، فتكون هناك تحديات كبيرة أمام الرؤساء الأفارقة، وهي كيف يتم رفع مستويات مجتمعاتهم حيث لا مياه نظيفة ولاكهرباء. * لكن ما هو متاح من فساد وسوء استغلال للسلطة للزعماء الأفارقة أيضا غير متاح لسواهم؟ - الإعلام للأسف يركز على عدد من الشخصيات الفاسدة فى أفريقيا، عيدى أمين وموبوتو وغيرهما، وهى تجارب تاريخية، لكنها للأسف تدمغ القارة الأفريقية كلها الآن، فى حين أن هتلر وموسيلينى وميلوسفيتش ظهروا فى أوروبا ولم يتم وصم أوروبا كلها بهم، وقبل شهرين أزاح رئيس الوزراء البريطانى جولدن براون الستار عن تمثال لنيلسون مانديلا فى ميدان البرلمان، وهو التمثال الوحيد لأجنبى فى هذا الميدان. وقال عنه براون أنه أعظم زعيم فى العالم فى القرن العشرين، ولم يقل إن أعظم زعيم هو تشرشل أو غيره من زعماء العالم المتقدم. * إذن كانت رسالة أمل؟ - نعم.. رسالتى الأساسية هى إعادة الأمل والثقة بأنفسنا كأفارقة وبقارتنا، وأن أثبت أن هناك أملا وأن هناك شخصيات رائعة وأناسا مخلصين لم يسمع عنهم أحد.. كم واحد سمع أو عرف الرئيس الموزبيقى شيسانو الذى فاز بالجائزة .... لا أحد.. لكن الكل عرف قصص الفساد والمفسدين فى أفريقيا... هل هذا عدل أو توازن؟ ..... فى بتسوانا على سبيل المثال ثلاثة رؤساء جيدين تعاقبوا على حكمها، واستطاعوا أن يحققوا لمواطنيها مستوى معيشى مرتفع للغاية.. هل يعرف أحد أى رئيس منهم؟.. للأسف الشىء الصحيح لم يعد خبرا، والجائزة تبحث عمن عمل وتعب من أجل وطنه، ومد يده لأعدائه، وأشاع الديمقراطية وطور بلده، وانتهت مدته فترك الحكم ، وقد ظلت لجنة الجائزة تبحث عن الرئيس الموزبيقى الفائز بالجائزة لمدة «24» ساعة حتى وجدته فى أقصى جنوب السودان فى يوم عيد ميلاده، يسعى للتوصل إلى تسوية سلمية مع جيش الرب الأوغندى المعارض ... ألا يستحق مثل هذا الرجل التكريم؟ * وتهدفون أيضا لكشف المستور؟ - نعم لا نريد تغطية عيوبنا، لا بد من الوضوح والصراحة، وأن يظهر الذى يفعله كل حاكم، والأرقام موجودة، وهى أهم عمل قدمناه عبر مؤسستنا. * ولماذا لم يتم نشر تلك التقارير فى الدول العربية؟ - نعم الصحافة والاعلام العربى ركزوا اهتمامهم على موضوع الجائزة، لكن لم ينشروا التقارير الصادرة عن المؤسسة رغم أهميتها، وقد حظيت باهتمام واسع فى الاعلام الغربى، وأفردت لها مساحات واسعة فى كبريات الصحف الأوروبية والأميركية. * ألم يساء فهم أهداف عملكم أو اعتبر تعريضا ببعض أنظمة الحكم؟ - مقياس الحكم الرشيد الذى نقدمه ليس لفضح أو مدح أحد، وإنما هى الحقائق تتحدث عن نفسها، وليست مهمتنا تغيير نظم الحكم، فهذه أمور يختص بها الشعب المعني فى الدولة المعنية، ولكننا نعطى أدوات مهمة للمجتمع المدنى فى كل دولة أفريقية، حتى يدخل فى حوار موضوعى مع حكومته... مهمتنا هى إضاءة النور فى هذه الغرفة المظلمة التى تسمى الحكم.. ففى أية وظيفة هناك تقييم آخر العام تتعرض له ... لماذا لا يحدث هذا للحكومات .....وهل عمل الشركات والمؤسسات أهم من عمل الحكومات؟ ولماذا يذهب رؤساء الشركات وحدهم يقدمون تقاريرهم أمام الجمعية العمومية وينتظرون التقييم، فإما المكافأة والاستمرار أو الفصل من مواقعهم. وسيتمر العمل طالما اهتم المجتمع المدنى وأجهزة الإعلام فى بلداننا بالحكم الرشيد، وطالما ظل النقاش حوله دائما ومستمرا، ومهمتنا أن نساعد ذلك النقاش والحوار ليكون موضوعيا، ولا يكون مجرد صراخ وخناقات أو بلاغة لفظية.. كل ما نريده أن ينتبه المجتمع المدنى، وأن تكون عنده المعلومات الكافية التى يبنى عليها مواقفه، وأن يعرف الناس من عمل وأصاب ومن أخطأ وقصر. * لماذا اخترت مكتبة الاسكنرية لإقامة الاحتفال؟ - اخترنا مكتبة الاسكندرية لإقامة الاحتفال الأول بالجائزة كجزء من رسالتنا لإعادة الثقة بالنفس وللفخر بكوننا أفارقة، ويجب أن يكون لدينا هذا الشعور بالكرامة والاعتزاز بالنفس، وأنه قبل 2400 سنة كانت هناك مكتبة الاسكندرية، وأتمنى كذلك أن يكون إحساس المصريين بأفريقيتهم أكبر، لأن مستقبلهم مربوط بأفريقيا، والنيل شريان حياتهم يتدفق من أفريقيا، وكذلك الأسواق الأفريقية هى مجالهم الطبيعى. * هذه المشاعر ليست هى السائدة فى أوساط الشعوب الأفريقية؟ - لسنا قارة مظلمة، ففنار الاسكندرية كان يعطى الضوء لمسافة 100 كيلومتر، ولدينا حضارات قديمة، ونقدم للعالم الآن أحسن لاعبى الكرة، وأفضل العدائين والملاكمين والراقصين والمغنين والموسيقيين والعلماء...إذن لدينا مقومات النهوض والتقدم، ولا بد أن نقف ونتنافس فى كل شىء، ونحن لا ينقصنا شىء، ولكن أهم شىء هو الرأس لأن الدولة كما السمكة تفسد من رأسها. * ألم يقل لك أحد لماذا لم توجه أموالك لإنقاذ أعداد كبيرة من أبناء القارة الذين يواجهون ظروفا مأساوية، بدلا عن منحها لرجل واحد أو بضع رجال فى إطار فكرة قد تصيب أو تفشل؟ - نعم قال لى الناس ذلك، وأنا أقدر الدوافع النبيلة وراء اعتراضاتهم، ولكنها تعكس أيضا سوء فهم لما نفعله، فالأموال التى خصصناها للجائزة «50» مليون دولار هى قطرة فى محيط الأموال التى تتدفق على أفريقيا التى بلغت قيمتها باعتبارها منحاً ومعونات فى العام الماضى فقط حوالى «80» ألف مليون دولار، وفى أفريقيا «900» مليون نسمة، ولن تحدث أموال الجائزة لو خصصناها لهم تغييرا يذكر، ولن تستطيع أن تسع كل الأطفال أو كل البائسين فى القارة، لكن الطريقة المفيدة للتغيير هى الدفع باتجاه إقامة الحكم الرشيد، ومسؤولية الرئيس كبيرة، وهو المسئول الأول عن الأخطاء، وكذلك عن الأفعال الجيدة، ولو ارتكب أخطاءً يجب أن يعاقب، كذلك يجب أن يكافأ عندما ينهى فترة حكمه بعد أن يقوم بأفعال جيدة، وفى بلادنا عندما يغادر الرؤساء الشرفاء مواقعهم لا أحد يسأل عنهم، ولا تكون لهم مخصصات مالية كبيرة، خلافا للرؤساء فى الدول الغربية الذين تسعى إليهم الشركات والمؤسسات والبنوك بعد خروجهم من السلطة، للإستفادة من خبراتهم وعلاقاتهم، كذلك لإفادتهم ماديا، وذلك هو ربما ما تنتج عنه ضغوط تدفع الحكام فى الدول الأفريقية إلى تصرفات غير طيبة، أو إلى عدم مغادرة الحكم، حتى لا تتم مساءلتهم عن ذلك. وهذا أكبر استثمار فى
حياتى، ونتيجته ليست ربحا ماديا بل لأفريقيا كلها. * قيمة الجائزة أكبر من جائزة نوبل؟ - لكنها لذات الهدف والمبدأ، وهو ضرورة تكريم الأشخاص الذين يعملون، فإذا كانت جائزة نوبل تكرم العالم الذى يكتب بحثا فى الكيمياء أو الفيزياء، والأديب الذى يكتب قصة أو قصيدة شعر، فلماذا لا نكرم الزعيم أو الرئيس الذى يخرج ثلاثة ملايين من تحت خط الفقر، أو الذى يوقف نزيف الدم فى بلده. * وهل تعمل مؤسستك فى مجالات خيرية أخرى؟ - قدمت المؤسسة عددا من المنح الدراسية للطلاب الأفارقة فى جامعات مختلفة ببريطانيا، وقدمت كذلك منحا دراسية أخرى فى الجامعة الأميركية لطلاب مصريين وسودانيين من أبناء النوبة. * لماذا أبناء النوبة فقط؟ - أعتقد أن أبناء النوبة فى مصر والسودان تعرضوا لظلم حقيقى، حيث تسببت تعلية سد أسوان والسد العالى فى نقلهم من قراهم وبيوتهم بعيدا عن النيل الذى ترتبط حياتهم به، فالنيل للنوبى مثل دمه، وحينما يفرح أو يحزن أو يتزوج يذهب إلى النيل، واتمنى أن يوجه لأبناء النوبة فى البلدين اهتمام كبير لأنهم جزء من مواطنى البلدين. وقد ضحوا بالكثير، ويجب أن يكون هناك تمييز إيجابى لصالحهم، وأن تكون لهم الأولوية فى القرى التى ينشئونها حاليا على النهر، ويجب أن تنفذ تعليمات الرئيس مبارك وتوجيهاته فى هذا الشأن، وأنا بصفتي نوبياً أريد أن أساعد أهلى، ولا شىء أفضل من مساعدتهم فى مجال تعليم أبنائهم وتنمية قدراتهم، فهدفى هو إشعال الضوء. * وماذا بشأن بلدك السودان؟ - هناك مستشفى لعلاج سرطان الثدى سيفتتح بالخرطوم فى أبريل المقبل، حيث اكتشف أن أكبر سبب لوفاة النساء فى السودان كان هذا المرض وليس بسبب الملاريا او القلب أو الإيدز، وهو ما يعنى أنه أصبح مشكلة كبيرة، وستشرف زوجتى وهى طبيبة متخصصة فى هذا المجال على المستشفى الذى تمول المؤسسة إنشاءه وتجهيزه بالكامل، ليكون مؤسسة غير ربحية تعالج غير القادرين مجانا والقادرين بمقابل، كما تكفلت المؤسسة من خلال مؤسسة «معا من أجل السودان» برعاية عشرات الطلبة من أبناء دارفور، حتى يتمكنوا من مواصلة تعليمهم. * كيف استطعت تحقيق النجاح فى استثماراتك بالدول الأفريقية، رغم التحديات الكبيرة؟ - ذهبت استثمر فى أفريقيا فى وقت كان الناس فيه يحذروننى من أنه لا يمكن العمل فى أفريقيا بدون رشاوى، وأنه لا يوجد بها احترام للقوانين، ولكن كان شعارى الذى رفعته فى عملى بأفريقيا، أننى لن أدفع مليما واحدا، ووضعت فى مجلس إدارة الشركات قوة طاردة للفساد، تمثلت فى عدد من الشخصيات العالمية المعروفة، وتمكنا من إقامة «15» شركة للهاتف المحمول فى الدول الأفريقية، وقد ازدهرت جميعا دون أن أدفع دولارا واحدا، وأصبحت هذه الشركات أكبر دافع للضرائب فى تلك الدول. * كيف تمكنت من ذلك والجميع يشكو من الفساد بالدول الأفريقية؟ - الرشاوى التى تدفع تعود فى جانب كبير منها إلى كسل رجال الأعمال حتى ينهوا أعمالهم بسرعة، ولكن عليهم أن يحذروا، لأنهم لو دفعوا مرة سيظلون يدفعون، كما أن الفساد سيمتد إلى مؤسساتهم، وينتهى العاملون معهم إلى أن يصبحوا مرتشين، وقد اثبت ببساطة أنه يمكن إقامة عمل ناجح بشرف وأمانة فى أفريقيا. * رغم تعريفك بأنك سودانى، فأنت وفق ما يبدو لى مصرى سودانى؟ - طبعا مصرى سودانى، ونشأت فى مصر وتعلمت فيها. وقد درست المرحلتين الابتدائية والاعدادية فى مدرسة النهضة النوبية الابتدائية، ثم المرحلة الثانوية فى مدرسة رأس التين الثانوية، وكنت الأول على مستوى الشهادة الإعدادية والسادس فى الثانوية العامة، وقد كرمنى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسعدت بذلك جدا، فالتكريم شىء مهم، وما قيمة التفوق وقتها إذا لم يكرمنى عبد الناصر، ثم درست الهندسة الالكترونية بكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية، ثم حصلت على الماجستير فى العلوم من جامعة برادفورد فى بريطانيا، والدكتوراة من جامعة برمنجهام، ثم عملت بالجامعة بصفتي باحثاً فى المجال الذى مهد لعمل المحمول، ثم التحقت بشركة تليكوم البريطانية مديرا فنياً، وصممت أول نظام فى بريطانيا للهاتف المحمول، ثم أنشأت بعد ذلك شركة متخصصة فى تصميم شبكات الهاتف المحمول فى ألمانيا والنرويج والدنمارك والسويد وفرنسا وإيطاليا وانجلترا والولايات المتحدة والصين وروسيا، وبيعت هذه الشركة عام 2000م بحوالى «900» مليون دولار، ذهبت «300» مليون منها لحوالى «800» شخص هم عدد العاملين بالشركة، لأن فلسفتى فى العمل هو نظام الشراكة بين جميع العاملين، ثم توجهت إلى أفريقيا وأنشأت شركة سليتيل، كما دخلنا فى فودافون فى مصر، وكان ذلك كله دون أن ندفع مليما واحدا وعبر عطاءات مفتوحة وشفافة، وقد بعت الشركة قبل عامين وأصبحت الآن اسمها زين، واستقلت من رئاسة مجلس الإدارة قبل سبتمبر الماضى، لأنى لا أريد ربط المؤسسة بأى عمل نقوم به، كما أنشأنا محفظة استثمارية فى أفريقيا قيمتها «200» مليون دولار. والهدف منها أن نهديها عندما تكبر لمؤسسة مو إبراهيم، وفى ذلك أيضا رسالة لأفريقيا بأن الاستثمار أهم لتطوير أفريقيا من الاعتماد على العون. * كيف بدأت التفكير فى الجائزة؟ - أهلى النوبيون علمونى أن الكفن ليست له جيوب، كما علمونا ألا ينام المرء وجاره جوعان، وقد أردت أن أفعل شيئا يجنى ثماره كل الناس فى قارتنا. * هل عرض عليك أحد المساهمة فى الجائزة؟ - شركات بترول كبيرة عرضت أن تساهم معنا، لكننا رفضنا أن نأخذ أية أموال من أى أحد لا رجال أعمال ولا حكومات ولا مؤسسات، فالأموال كلها أفريقية. * أى الأدوار فى حياتك تفضل، رجل العلم أم الأعمال أم الخير؟ - لكل مرحلة وقتها، فهناك وقت للعمل ووقت لإنفاقه، والعمل الأكاديمى هو الذى قادنى إلى العمل المتخصص الذى أعطانى الامكانيات للعمل والاستثمار الذى اكسبنا المصداقية. * وماذا تقول للشباب الأفريقى؟ - رسالتى للشباب جميعا هى بالقطع رسالة أمل وثقة بالنفس، أردت أن أقول لهم إن كل شىء ممكن، وأن كل ما يريدون فعله، يمكنهم تحقيقه بالإرادة والعزيمة والثقة بالنفس والعمل الجاد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.