تقرير: زينب محمد صالح يثير تزامن صدور قرار الرئيس الأمريكي جورج بوش القاضي بمنع الشركات الأمريكية من الاستثمار في السودان مع وصول قوات (اليونميد) إلى دارفور، تساؤلات عدة حول مغزى صدور القرار في ذات الوقت تحديداً، والشاهد أن القانون كان معداً قبل هذا التاريخ، والذي يقضي بمنع الاستثمار في أربعة مجالات رئيسية في السودان تتضمن القطاعات الأربعة التي يحظر على الشركات الأمريكية الاستثمار فيها. منها إنتاج وتكرير النفط، ومشروعات إنتاج الطاقة، إضافة إلى المشروعات بقطاع التعدين فضلاً عن التجهيزات والإمدادات العسكرية. وتبرر الحكومة الأمريكية إصدارها القرار على خلفية اتهامها الحكومة السودانية بارتكاب عمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي في إقليم دارفور في الوقت الذي بدأت قوات الأممالمتحدة (اليونميد) الانتشار في الاقليم، في الحادي والثلاثين من ديسمبر المنصرم وتتألف من تسعة آلاف جندي في مهمة تهدف إلى تعزيز قوات الاتحاد الأفريقي التي واجهت انتقادات دولية واسعة بأنها لم تفعل المطلوب منها لإنهاء العنف في المنطقة نظراً لقلة عدد جنودها ونقص تجهيزاتها. حزمة عقوبات وكانت الأممالمتحدة بدأت إرسال نحو (180) مراقباً عسكرياً إلى دارفور في ديسمبر من العام الماضي لدعم نحو سبعة آلاف جندي من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، فيما كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد أعلن في مايو من العام الماضي عن حزمة عقوبات إضافية ضد السودان، مطالباً الحكومة السودانية بوقف عرقلة الجهود الدولية الهادفة لوقف أعمال العنف في الإقليم، وقال بوش حينها إن هناك قائمة تضم (31) شركة سودانية سيتم حظر التعامل معها بسبب ضلوعها في توريد أسلحة للسودان، ودعا في الإطار ذاته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس إلى التحرك تجاه بريطانيا وسائر الحلفاء لدفع مجلس الأمن إلى إصدار قرار جديد لتغيير سلوك حكومة السودان تجاه قضية دارفور. ويقضي القرار الجديد الذي يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات بدأتها إدارة بوش بفرض حصار على السودان وعلى حكومات الولاياتالمتحدةالأمريكية ومجالس البلديات يمنع تقديم أي مبالغ حكومية إلى شركات تقوم بتنفيذ مشروعات استثمارية في السودان. وفي كلمة له بعد توقيعه على القانون الجديد، قال الرئيس الامريكى في مزرعته بتكساس وهو يقضي عطلة أعياد رأس السنة "واشارك الكونغرس مخاوفه إزاء استمرار العنف في اقليم دارفور بين قوات الحكومة السودانية وجماعات المتمردين بالاقليم". والشاهد كذلك أن أمريكا منذ العام 1994م قامت بفرض عقوبات اقتصادية على السودان باعتباره دولة راعية للارهاب ودولة غير متعاونة معها -على حد تعبيرها- في مجال مكافحة الإرهاب، وورد في فلسفة القرار أن مثل هذه الدول تهدد الأمن والاستقرار العالميين. الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير على الصادق علق على قرار الرئيس الأمريكي في حديثه ل(السوداني) أن هذه الخطوة تؤكد رغبة الإدارة الأمريكية في عدم الانصياع لصوت العقل في التعامل مع السودان. استثناء الصمغ العربي هذا وتتضمن العقوبات الاقتصادية حظراً على الصادرات السودانية للولايات المتحدةالأمريكية، وقد استثنى القرار الصمغ العربي لحاجة الاقتصاد الامريكي له في تصنيع الكوكاكولا وتصنيع الدواء والحلوى ومنتجات أخرى وكان دور الشركات الأمريكية المنتجة لهذه السلع واضحاً في قرار الاستثناء، كما شمل القرار منع الصادرات الأمريكية من الولوج إلى السوق السودانية ومنع الشركات الأمريكية من مزاولة أي نوع من أنواع الاستثمار أو النشاط الاقتصادي. ورداً على التساؤل الذي بدأنا به حول مغزى تزامن القرار مع وصول القوات الهجين، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الدكتور صفوت صبحي فانوس: إن القرار صدر لأن الإدارة الأمريكية ترى أن الحكومة السودانية امتنعت عن منح الأراضي لمعسكرات القوات الهجين وتعطل وصول القوات إلى الأرض، وأضاف والحكومة تتحجج بالتمويل وأن الأممالمتحدة غير ملتزمة بذلك. وقال إن هناك سببا آخر جعل الإدارة الأمريكية تصدر القرار في هذا الوقت هو أن الحكومة السودانية رفضت أن تمثل في القوات الهجين دول أوروبية كالنرويج والدنمارك، وأيضا الإدارة الأمريكية ترى أن الحكومة السودانية تمارس الانتهاكات ضد الإنسانية في دارفور. ولكنه استدرك قائلاً إن هذا القرار لم يكن جديداً وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد منع أن تعمل هذه الشركات في السودان، وطلب منها الانسحاب وبالفعل تم انسحاب هيلتون من السودان واضطرت أن تلغى عقدها مع الفندق في السودان. تأثير القرار ضعيف ولكن البعض يرى أن هناك تعاونا بين المخابرات الأمريكية CIA وجهاز الأمن السوداني وكان يجب ان يكون هذا التعاون (شافعاً) للحكومة السودانية وان يتم التقليل من الضغوط عليها.ولكن د. صفوت فانوس قال إن النظام الأمريكي نظام لا مركزي بمعنى أن كل الأجهزة في أمريكا تعمل بشكل مستقل مثلاً الكونغرس يعمل باستقلالية وجماعات الضغط وحقوق الإنسان وجماعات ضغط الشركات كلها تعمل باستقلالية عن بعضها البعض، وزاد قائلا إن الخارجية الأمريكية تعمل بدبلوماسية، لذلك ترى السيد فرنانديز القائم بالأعمال الأمريكية في السودان يتحدث بدبلوماسية وبلغة أقل حدة من البنتاغون أو البيت الأبيض.ولكن الأستاذ محمد إبراهيم كبج الخبير الاقتصادي يرى أن التأثير على الوضع الاقتصادي في البلد ضعيف جداً معللاً ذلك بأن التعامل التجاري صادراً ووارداً بين السودان والولاياتالمتحدةالأمريكية ضئيل جداً، مبيناً بان إجمالي الصادرات السودانية في عام 2005م كانت (4824) مليار دولار، وان الصادرات إلى أمريكا كانت (12) مليون دولار فقط، وإجمالي الاستيراد كان (6757) مليار دولار، والسلع المستوردة من أمريكا وصلت إلى (130) مليون دولار فقط، وأضاف قائلا هذا يعني أن التبادل التجاري ضعيف جداً وبالتالي القرار لا تأثير له يذكر.أما على صعيد تزامن وصول الهجين مع إصدار قرار بوش فإن ذلك جزء من الضغوط الأمريكية على السودان على حد وصف الأستاذ كبج، وأضاف قائلا إن هذه الضغوطات على الحكومة السودانية لن تتغير ما لم تقم بإصلاحات ديمقراطية وحكم راشد في البلاد، وزاد يجب علينا ألا ننظر إلى هذه القرارات على أنها جزء من التآمر على السودان وإنما هي مربوطة ببعضها البعض وستزول بمجرد إقناع الحركات المسلحة بالتوقيع على السلام وعلى رأسها عبد الواحد محمد نور وبالحكم الراشد والديمقراطية.