الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشاد: بوابة أوروبا العسكرية إلى القارة السوداء

تهافت فرنسي أميركي صيني على نفط القرن الأفريقي لندن : المشاهد السياسي المفاجأة لم تفاجئ أحداً في القرن الأفريقي الذي يهتدي، ومنذ عقود، إلى أفضل السبل في إشعال الحروب الأهلية وتسوية النزاعات السياسية والقبليّة عن طريق السلاح. بعد السودان والصومال وكينيا جاء دور تشاد، وهي عنوان آخر من عناوين الصفقة الأميركية الأوروبية الجديدة للهيمنة على منابع النفط الأفريقية والممرات الاستراتيجية بالتعاون بين مستعمري الأمس والكيانات المستقلّة في القارة السوداء. بوابات القرن الأفريقي تنفتح كل يوم أكثر على عودة المستعمرين القدامى إلى القارة السوداء، والنار التي اشتعلت في تشاد قبل أن يلملم مؤتمر أديس أبابا أوراقه ويعلن قراراته، تعني أن التفاهمات الأميركية الأوروبية على اقتسام أفريقيا باتت جاهزة للتنفيذ، وأن الولايات المتحدة الأفريقية التي يحلم بها العقيد معمر القذافي لا تزال حبراً على ورق، وأن المرحلة المقبلة مرصودة على مزيد من الحروب الداخلية في أفريقيا. وليس سراً أن رائحة البترول في السودان، كما رائحة البترول في تشاد، كلتاهما فتحتا شهيّة الأوروبيين على المشاركة في أكبر قوة دولية شكّلت حتى الآن (26 ألف جندي) القصد منها وضع اليد على أمن المنطقة، وبالتالي على ثرواتها. ويترقّب إقليم غرب أفريقيا وصول قوات عسكرية أوروبية قوامها أربعة آلاف جندي (خلال شهر شباط / تموز) الجاري، كي يتم نشرها تحت اسم «يوفور»، في كلّ من شرق تشاد (المنطقة الملاصقة لإقليم دارفور) وأفريقيا الوسطى، وهي تتشكّل من 14 دولة في الاتحاد الأوروبي على رأسها فرنسا وبلجيكا وإيرلندا وبولونيا، وهي أكبر عملية عسكرية ينفّذها الاتحاد الأوروبي خارج القارة الأوروبية من دون مساعدة حلف شمالي الأطلسي. والمعلن رسميّاً حتى الآن، أن مهمة هذه القوات، التي سيتولى قيادتها في «أبيشي» (شرق تشاد) الجنرال الفرنسي جان فيليب جاناسيا، تتمثّل في حماية حوالي 500 ألف لاجئ، بعضهم سودانيون من دارفور يقيمون في تشاد، وبعضهم من تشاد نفسها، إلى جانب 20 ألفاً من مواطني جمهورية أفريقيا الوسطى، وكلّهم نزحوا جرّاء أعمال العنف التي تجتاح المنطقة منذ عقود. كلّ هذا، يعني أن الدول الأفريقية لا تزال، بعد نصف قرن من استقلالها، تعمل بوعي أو بلا وعي على إعادة المستعمرين السابقين إلى أراضيها، وتنفيذ استراتيجياتهم القديمة والجديدة، وأن عدداً غير قليل من الأنظمة والحكّام «الاستقلاليين» يهيّئون الأرض لاستقبال الأوروبيين والأميركيين، من دون أن ننسى التطلّعات الصينية الجديدة على امتداد المنطقة. والدليل على هذه التهيئة المتسارعة، أن أيادي ظاهرة وأخرى خفيّة توقد النار في البيت الأفريقي، وعلى حدود الدول المتجاورة من الغرب إلى الشرق مروراً بالوسط، فلا يمضي يوم منذ سنوات إلا ونسمع عن خلاف هنا واشتباك هناك، وحروب أهلية تحصد المئات والآلاف لاعتبارات عرقيّة أو سياسيّة، وفي الوقت الذي تغرق القارة في الدم يرسم قادة أوروبا الجدد خططهم لإخماد الحرائق والعودة إلى نهب القارة السوداء وثرواتها. وهكذا، وقبل أن تدخل أزمة دارفور مرحلة الحل النهائي، ومن أجل إيجاد ذرائع إضافية للتدخل في هذا الإقليم، انفجر الوضع في تشاد، وكأنها مشروع صومال جديد، أو كأن المطلوب أن تختلط كلّ الأوراق الملتهبة في الصومال والسودان وكينيا دفعة واحدة قبل أن يتوصّل الزعماء الأفارقة المجتمعين في أديس أبابا إلى إيجاد حلّ للأزمة السودانية التشادية التي كانت أساس الانفجار الأخير. والذريعة التي انطلقت منها المعارضة التشادية لتنفيذ هجومها في هذا الوقت بالذات، هو شكوكها الحقيقيّة لقوات «يوفور» التي تستعدّ لدخول الشرق التشادي، وفي اقتناع المعارضة أن فرنسا وهي القوة الاستعمارية السابقة في كلّ من تشاد وأفريقيا الوسطى، قادمة من أجل دعم نظام إدريس ديبي في نجامينا، وقد هيّأت طائراتها ودباباتها وقواتها البرّيّة الموجودة في تشاد من عشرين سنة، في إطار اتفاق عسكري مع نجامينا لهذه المهمة. وهكذا فإنه ينبغي استباق التدخل الفرنسي والأوروبي، وإسقاط ديبي قبل أن تتعزّز مواقعه بعد وصول القوة الجديدة. ومعروف أن القوات القادمة سوف تعمل بالتنسيق الكامل مع القوات الهجينة التابعة للأمم المتحدة، في غرب السودان، والتي يتم نشرها في ظلّ ضغوط كبيرة تمارس على السودان من قبل القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وما يثير الاستغراب حول هذه القوات، إن تشاد كانت قد حذّرت الاتحاد الأوروبي من أن تأجيل نشرها على حدوده الشرقية مع السودان يهدد ب«إشعال المنطقة» كلّها، بل إن الرئيس التشادي إدريس ديبي وهو طيّار سابق تلقّى تدريباً في فرنسا مارس ضغوطاً على بروكسل من أجل نشر قواتها قبل أن يصل المتمردون، محذراً من حرب أهلية في بلاده، واتهم السودان بتسليح خصومه السياسيين من أجل عرقلة وصول القوة الأوروبية. في الوقت نفسه صعّد النظام التشادي وهو حليف قوي للغرب وتيرة المواجهة مع الخرطوم، لإضعاف موقف الحكومة السودانية في إقليم دارفور، وكذلك من خلال تكرار اعتداءاته على بعض المناطق السودانية تحت ذريعة مطاردة جماعات المعارضة المسلّحة. وفي ما يشير إلى درجة التداخل بين الأوضاع المتوترة مع مثيلتها في السودان، شبّهت ماري روبنسون المفوضة السامية السابقة في الأمم المتحدة في مقال لها نشرته «هيرالد تريبيون»، ما اسمته «صراعا دارفور وشرق تشاد بطبقات حبة البصل في تداخل أحدهما مع الآخر»، إلا أنّه وفيما ترزح الخرطوم تحت وطأة الضغوط الغربية والعقوبات الأميركية، تتدفق المعونات المالية والعسكرية بسخاء من الجهتين على النظام الحاكم في نجامينا بقيادة ديبي، وكان آخرها مبلغ عشرة ملايين يورو، التي أعلن لوي ميشيل المفوض الأوروبي المكلّف شؤون التنمية والمساعدات، أنه تمّ تخصيصها لدعم ما سمّاه الاستقرار في شرق تشاد، زاعماً أن هذه المبالغ تأتي في إطار اتخاذ إجراءات للوقاية فقط من أي صراعات مستقبلية. وفي أعقاب قصف تشاد الأراضي السودانية، ذهب حسن جيرمي المتحدث باسم تحالف المعارضة التشادية إلى أن الهدف من تنفيذ الهجوم، جرَ السودان إلى صراع إقليمي، تتدّخل بموجبه فرنسا إلى جانب حكومة نجامينا، حسب اتفاقية الدفاع المشترك الموقّعة بينهما، موضحاً أن القوات الفرنسية جهّزت قوة بكامل عتادها الى جانب طائرات المساعدة للتدخل في حال اندلاع القتال. وهي مخاوف كشف عنها المراقبون للأوضاع في المنطقة، خصوصاً مع القصف الذي بادرت تشاد أحد أكثر الدول فقراً في العالم شنّه على السودان، والتصعيد الظاهر من لهجة الحكومة في نجامينا وعلوّ نبرة تهديدها تجاه الخرطوم. ولم يأت هذا من فراغ حسب المحلّلين إذ تدور تساؤلات عديدة بشأن الدعم العسكري الكبير الذي يتلقاه إدريس ديبي من الفرنسيين في ظل تحالف شبه أبدي، وبفضل العملية الأخيرة التي سلّم خلالها ديبي حليفه نيكولا ساركوزي ستة فرنسيين، أعضاء في منظّمة ضُبطت وهي متلبسة بتهريب أطفال من السودان وتشاد إلى فرنسا.. فالرئيس التشادي يدرك أنه لن يستطيع مواجهة السودان عسكريّاً، لكنه يريد حرباً تغري الغرب بدعمه والدخول بقوّاته إلى المنطقة. وتقدّم القوات والطائرات الفرنسية الموجودة داخل الأراضي التشادية دعماً مهماً في مجال الامداد والتموين العسكري والاستخبارات لجيش ديبي، الذي يقاتل جماعات المعارضة في شرق البلاد. وتتحدّث التقارير عن أن باريس سلّمت نجامينا أسلحة حديثة ومتطوّرة، منها صواريخ «ميلان» الفرنسية الشهيرة، والتي تطلق لإسقاط الطائرات وغيرها. وفي أبيشي مقرّ القوة الأوروبية الجديدة قاعدة جويّة فرنسية ضخمة، كما تحتل الطائرات الحربية الفرنسية جزءاً كبيراً من مطار المدينة الضخم، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من الدبابات والمصفحات الفرنسية. وفي إطار الخطة الغربية الموضوعة بشأن إقليم دارفور غرب السودان، تتحدث تقارير صحفية عن مدفعية تشادية جرى تصويبها أخيراً تجاه مدينة الجنينة عاصمة ولاية دارفور، وأن الآلاف من الجنود باتوا يعسكرون على الحدود. كما تتهم جهات إقليمية ومحليّة إدريس ديبي بالتورط في عملية أسلحة فرنسية لمصلحة حركة «العدل والمساواة» المتمردة في دارفور، عبر تاجر أسلحة تشادي، يُدعى عبد الله هوكس، وهو الشقيق الأكبر لزوجة ديبي، وكان وفد من «العدل والمساواة» وصل إلى مدينة أبيشي لتسلّم الأسلحة الفرنسية تحت غطاء أنها للقوات التشادية في شرق البلاد. وإذا كان هذا هو حال الدولة الأفريقية الفقيرة، التي يبدو أنها باتت مستعدة لتقديم تسهيلات لقوات أجنبية من أجل التحرك والانطلاق من أراضيها ضد أراضي دول في المنطقة، وفي إطار الانتقادات الموجهة لنظامها الحاكم بشأن الهيمنة الغربية على القرار الأفريقي، لم تكن فرنسا هي اللاعب الغربي الوحيد، بل تأتي تحركاتها بتوافق وتنسيق كاملين مع الولايات المتحدة، وكانا قد حسما معاً التدخلات الليبية التي أشعلت الأوضاع بعدما سيطرت طرابلس على إقليم (أوزوا) التشادي في بداية السبعينيات حتى 1988. وليس سرّاً أن التوافق الفرنسي الأميركي على اقتسام مواقع النفوذ الأفريقية تزايد بعد وصول نيكولا ساركوزي إلى قصر الإليزيه، وأن المقصود في نهاية المطاف منع الاتحاد الأفريقي من أن يلعب أي دور في تقرير شؤون القارة، وإشعال النيران على الحدود الأفريقية الأفريقية قبل ان تكتمل مؤسسات هذا الاتحاد، وتصبح قادرة على ممارسة دور فاعل في شؤون أعضائه، على المستويين الأمني والسياسي. وليس من قبيل المصادفة أن تشتعل الجبهة التشادية قبل أن تنتهي أعمال مؤتمر أديس أبابا الأخير. ومعروف أن الصراعات الداخلية تجد من يحرّكها على امتداد القارة، في الصومال التي تحاول الخروج من مأزقها بمساعدة أثيوبية، في الوقت الذي تتعمق المشاكل بين أثيوبيا وأريتريا، وفي منطقة البحيرات الكبرى التي لا تزال ساخنة رغم توقيع اتفاقيات السلام بين رواندا وأوغندا، ومن الواضح جدّاً أن الاستراتيجيات الأوروبية الأميركية لا تريد لدول المنطقة أن تستقر، وأن تبني مؤسساتها السياسية والاقتصادية القوّية، في مرحلة الاستقلالات، لأن مطامع الخارج لا تزال قائمة وهي تتّسع يوماً بعد يوم. معروف أيضاً، أن معظم الحكّام الأفارقة، إن لم يكن جميعهم، يتصرّفون على قاعدة أن كل شيء مشروع من أجل المحافظة على الحكم، وإدريس ديبي يعتبر مثلاً يحتذى في هذا المجال، وهو يوظّف ضبّاطه وجيشه في خدمة نفوذه على حساب التشاديين المعدومين الذين تمزّق المدافع أجسادهم في كلّ مرّة يكون فيها النظام مهدّداً. وديبي لا يثقَ كثيراً بحلفائه ولا بمحاوريه، وهو يتوجّس شرّاً من نيكولا ساركوزي بقدر ما يتحاشى التعاون مع العقيد القذافي، ويسدّ كلّ أبواب المصالحة الداخلية ويمارس السلطة من خلال إضعاف منافسيه واستفزاز جيرانه كلّما سمحت الظروف. لكن حسابات ديبي لا تبدو دقيقة بما فيه الكفاية هذه الأيام، بدليل أن فرنسا التي عزّزت قوّتها في تشاد بعد بدء الهجوم الأخير، لم تعد متحمسة لدعمه في مرحلة التحضير لإرسال قوات «يوفور» إلى المنطقة، وكلّ تدخّل فرنسي عسكري إلى جانب ديبي يبدو وكأنّه خروج على المهمة المنوطة بهذه القوات، وهي حماية اللاجئين المدنيين على الحدود التشادية السودانية. ومعروف أن المشاركة الفرنسية في هذه المهمة تحت غطاء الأمم المتحدة هي العصب الحقيقي للقوة (2100 من 3700 جندي)، وفي هذه الحال تكون الهجمة التي بدأتها الفصائل التشادية المعارضة، في ظلّ قيادة موحّدة، فرصة ذهبية لإعادة ترتيب الدور الفرنسي في تشاد وفي المنطقة وتركيزه، تحت دخان الحرب الأهلية، من دون أن يضطر الجيش الفرنسي إلى إقحام نفسه في القتال الدائر. ولا يكتمل المشهد التشادي من دون التوقف عند تقارير محدودة التداول تجمّعت في الأشهر الأخيرة لدى المخابرات العسكرية الفرنسية، تقول إن الصين دخلت كلاعب جديد في الساحة التشادية، وهي التي قدّمت للمتمردين التشاديين بعض تجهيزاتهم العسكرية في الفترة التي سبقت العملية الأخيرة في نجامينا (13 نيسان/ أبريل الفائت)، والتي استهدفت نظام إدريس ديبي، وقد تدخّلت القوات الفرنسية في حينه لإنقاذه. ويمكن فهم الحوافز الصينية للتدخل في المنطقة في ضوء حاجة بكين إلى ضمان سلامة امتداداتها النفطية، وذلك أن الصين تستورد 10 في المائة من البترول الذي
تستهلكه من السودان، حيث يشرف الصينيون والماليزيون على حركة الانتاج (500 ألف برميل في اليوم)، وعلى هذا الأساس تمارس الصين في مجلس الأمن ضغوطاً متواصلة ضد مشاريع العقوبات التي تستهدف النظام السوداني. والدعم الذي تقدّمه بكين للمتمردين التشاديين يهدف إلى تركيز سلطة موالية لها في نجامينا التي تنتج بدورها 200 ألف برميل في اليوم، ومجرّد قيام حكومة موالية للصين في تشاد يسمح بتوسيع دائرة التنقيب الصينية في المنطقة، وبالوصل بين امتدادات السودان النفطية والامتدادات التشادية القابلة للتزايد، إذا ما قررت بكين استثمار مزيد من الامكانات في الأراضي التشادية وحقول النفط التشادية. من هذه الزاوية، يمكن أن نقرأ طبيعة المواجهة القائمة بين الولايات المتحدة والصين على أرض دارفور الغنيّة بالنفط والمشتقات النفطية، وطبيعة المواجهة الأخرى بين الصين وفرنسا في محيط القصر الجمهوري، وكلتاهما تدوران على الأرض من أجل السيطرة على ما في باطن الأرض، أما الأنظمة السياسية في هذه الحال، فهي أدوات في خدمة الطموحات النفطية . ++++++++++++++++++ خبر انعقاد ملتقيين استثماريين لدول عربية بالخرطوم في شهر واحد السميح: السودان صار ملاذاً آمناً للاستثمارات العربية الخرطوم: السودانى ينعقد في الفترة من (10 – 14) فبراير الجاري بالخرطوم المنتدى الاستثماري السوداني المصري يشارك فيه أكثر من (60) رجل أعمال مصري برئاسة وزير الاستثمار المصري د. محمود محيي الدين. ومن المقرر أن يدخل رجال الأعمال المصريون مع نظرائهم السودانيين في اتفاقات للعمل المشترك وفتح مكاتب وكالة بالخرطوم. فيما أعدت وزارة الاستثمار برنامجاً يشتمل على تقديم عدد من أوراق العمل المتعلقة بالاستثمار في مجالات الأوراق المالية، والطاقة والتعدين والسياحة والعقار.. وحسب الناطق الرسمي باسم الوزارة مصطفى محمد نور أن الوفد سيزور ولاية البحر الأحمر (منطقة سياحية) للوقوف على سير العمل في الطريق الساحلي موضحاً أن المنتدى يجيء ضمن جهود الوزارة للتعريف بمناخ الاستثمار وجذب رؤوس الأموال العالمية والعربية. يعد المنتدى الثاني من نوعه في العام الجديد 2008م في أقل من شهر حيث سبقه الملتقى الاقتصادي السوداني القطري الذي انعقد في منتصر يناير الماضي بالخرطوم، وناقش ذات الأوراق المطروحة في المنتدى الجديد.. تعهدت الحكومة بإزالة المعوقات وتعديل القوانين عبر المجلس الأعلى للاستثمار الذي يترأسه عمر البشير رئيس الجمهورية. وكان السميح الصديق وزير الدولة بوزارة الاستثمار ذكر في الملتقى السابق أن السودان يولي اهتماماً خاصاً بالاستثمارات العربية وأن مناخ الاستثمار مواكب مؤكداً أن السودان صار ملاذاً آمناً للاستثمارات الأجنبية بجانب وجود فرص غير محدودة في المجالات المختلفة. ويعتقد كوستي مانيبي وزير الاستثمار أن موقع السودان ومجاورته تسع دول يعد جسراً لربط الدول العربية بإفريقيا، وآسيا وإفريقيا مبدياً أمله في أن يكون القطاع الخاص صاحب المبادرة في المرحلة القادمة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.