القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى عثمان إسماعيل: اتهامنا بدعم المعارضة التشادية في أحداث أنجمينا الأخيرة غير صحيح

.. عدد من قيادات التمرد في دارفور ينتمون إلى الجيش التشادي .. هناك واقع خاص ومعقد يحكم الأوضاع في السودان وتشاد حوار : الشرق الأوسط شكلت محاولة المعارضة التشادية في حصار القصر الرئاسي في انجمينا، بغرض تغيير نظام الرئيس التشادي إدريس ديبي في الأسبوع الماضي، منعطفا خطيرا في علاقات السودان وتشاد، إذ اتهمت السلطات التشادية الحكومة السودانية بالتدخل في شؤونها الداخلية، وذلك بدعمها لقوات المعارضة التشادية ومدها بالرجال والعتاد، وقبل ذلك بفترة قصيرة اتهمت الحكومة السودانية نظيرتها التشادية بانتهاك سيادة أراضيها وقصف قراها بالطائرات العسكرية. وتقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي. وهكذا تدهورت علاقات البلدين تدهورا سريعا أسفر اضطرابات شهدتها المناطق الحدودية بين البلدين. وما زال السودان يتهم تشاد بأنها تدعم المعارضة السودانية في دارفور لأسباب قبلية، وكذلك تتهم تشاد السودان بالتدخل في شؤونها الداخلية بدعم قوات المعارضة التشادية وتقوية الصراعات القبلية. وقد حاولت كل من ليبيا والسعودية ومصر وإريتريا العمل على إعادة العلاقات بين السودان وتشاد إلى وضعها الطبيعي وإزالة كل أسباب الخلافات، ولكن هذه المساعي لم تحقق أهدافها المرجوة. لكل هذه الأسباب التقت «الشرق الأوسط» بالدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني ووزير الخارجية الأسبق وأمين الاتصالات والعلاقات العامة في المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) في منزله بحي يثرب جنوب الخرطوم لمعرفة توجهات الحكومة السودانية في مواجهة المشكلات المتعلقة بدارفور والأحداث المستجدة في علاقتها بالجارة تشاد.. فإلى تفاصيل هذا الحوار: * تُتهم الحكومة السودانية من قبل السلطات التشادية بأنها تتدخل في شؤون تشاد الداخلية، وذلك من خلال دعم المعارضين التشاديين الذين حاصروا القصر الرئاسي في انجمينا في سعيهم لإسقاط نظام الرئيس التشادي إدريس ديبي.. فما ردكم على هذا الاتهام؟ حقائق الجغرافيا تقول إن تشاد جارة للسودان وستظل كذلك، ومكوناتها الاجتماعية تتداخل مع المكونات الاجتماعية السودانية، حيث يوجد في السودان أكثر من مليون تشادي ظلوا باستمرار يشاركون في الانتخابات الرئاسية التي تجري في تشاد. وتتضح تعقيدات الوضع من أن القبيلة التي تحكم تشاد اليوم، وهي قبيلة الزغاوة، التي ينتمي إليها الرئيس إدريس ديبي، هي ذات القبيلة التي أشعلت التمرد الأخير في دارفور، وما زالت تقوده وينتمي إليها كل من الدكتور خليل إبراهيم وبحر أبو قرجة وغيرهما من قيادات التمرد في دارفور. تاريخيا ظلت تشاد تشهد عدم استقرار وتغييرا من أنظمة الحكم بالقوة والعنف ويأخذ الطابع القبلي بُعدا رئيسيا في هذه الصراعات. وكل هذه الصراعات تقريبا تأتي من شرق تشاد المتداخل مع السودان بما في ذلك الصراع الذي قاد إلى هزيمة الرئيس التشادي السابق حسين هبري، ووصول الرئيس الحالي إدريس ديبي، أكثر الرؤساء الوطنيين بقاء في السلطة، وتمكن خلال فترة حكمه من إحداث قدر من الاستقرار والتنمية. ويرجع الباحثون إلى أن علاقات ديبي الجيدة مع جيرانه، خاصة السودان، كانت عاملا أساسيا في النجاحات التي حققها إبان بدايات حكمه، إلى أن جاءت مشكلة تمرد دارفور الأخير في بداية عام 2003، حيث تورطت تشاد في دعم هذا التمرد، الذي قادته قبيلة الزغاوة، وهو ما أكدته بيانات الأمم المتحدة المتلاحقة حول الوضع في دارفور. السودان لم يتعامل بردة فعل مع هذا الدعم، عندما بدأ لقناعة كانت لديه من أن الرئيس التشادي ديبي شخصيا، لم يكن يدعم هذا التوجه، بل قد نصح زعماء القبيلة بان هذا التمرد سيقود إلى تدمير القبيلة وإضعاف سلطة الزغاوة في تشاد، إلا أن الرئيس ديبي ظل ضعيفا وعاجزا عن كبح جماح قياداته الأمنية والعسكرية، التي حولت تشاد كمنطلق خلفي لتمويل التمرد في دارفور وتسليحه وتدريبه ودعمه بالرجال والعتاد، حيث أن عددا من قيادات التمرد في دارفور وضباطه ينتمون إلى الجيش التشادي، فمثلا عبد الله أبكر أول قائد للتمرد من قبيلة الزغاوة، الذي قتل في بدايات التمرد هو أصلا عقيد في الجيش التشادي. وقد جرت عدة محاولات من قبل الجماهيرية الليبية والمملكة العربية السعودية وإيران ومصر وإريتريا لإجراء مصالحات بين الرئيس ديبي ومعارضة نظامه، التي تطالب بتقاسم السلطة، وكذلك بين الرئيس والسودان. من أهم هذه المحاولات المصالحة التي جرت قبل عدة أشهر بواسطة الجماهيرية الليبية بين الرئيس ديبي وزعيم المعارضة آنذاك العميد محمد نور، حيث تمت المصالحة، وتم تعيين العميد محمد نور وزيرا للدفاع، ولكنه قبل عدة أسابيع لجأ إلى السفارة الليبية في إنجمينا هربا من اغتياله وما زال محتميا فيها. ثم جاءت المصالحة الأخيرة بين قيادة التمرد الحالية بزعامة محمد نوري، الذي ينتمي إلى قبيلة القرعان ويتمان أردعي الذي ينتمي إلى قبيلة الزغاوة وغيرهما في طرابلس برعاية ليبية ومشاركة سودانية. هذا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه قبل أقل من شهرين قضى بتقاسم السلطة بين الطرفين، وينص هذا الاتفاق على عدم وجود قوات متمردة في أرض البلدين، بحيث لا تكون هناك قوات تشادية متمردة في السودان ولا قوات سودانية متمردة في تشاد خلال فترة شهر من توقيع هذا الاتفاق، ولكن كالعادة تعثر تنفيذ الاتفاق، واتهمت المعارضة الرئيس ديبي بنقض الاتفاق. فالسودان تنفيذا للاتفاق أعطى إنذارا للمعارضة التشادية بألا توجد على أراضيه، حسب منطوق الاتفاق وفعلا انتقلت قوات المعارضة التشادية بعيدا عن الأراضي السودانية. وبسبب تعثر تنفيذ الاتفاق بين الطرفين التشاديين، قررت المعارضة التشادية كما جاء على لسان ناطقها الرسمي التحرك عسكريا نحو انجمينا لخوض معركتها مع نظام الرئيس إدريس ديبي. لذلك فإن اتهام السلطات التشادية برئاسة إدريس ديبي بدعم الحكومة السودانية لقوات المعارضة التشادية غير صحيح، لأننا نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية وبالتالي لا نقبل بالتدخل في شؤون غيرنا. * هناك اتهامات متبادلة بين حكومتكم والحكومة التشادية بدعم القوات المعارضة بين البلدين، فإلى أي مدى صحة رفضكم للتدخل في الشأن الداخلي التشادي؟ قبل هذه الأحداث الأخيرة بأسابيع قام النظام التشادي، ولأول مرة بانتهاك السيادة السودانية باستخدام الطائرات العسكرية لقصف بعض القرى السودانية بحجة مطاردة قوات المعارضة التشادية. ورغم أن السودان يعلم تماما بوجود قوات التمرد في دارفور على الأراضي التشادية، بل إن قوات الدكتور خليل إبراهيم قامت باحتلال السفارة السودانية في انجمينا.. رغم كل ذلك لم يحدث أن اعتدى السودان على سيادة تشاد أرضا أو جوا. * لماذا عجز الطرفان السوداني والتشادي عن حل المشاكل المتفاقمة بينهما على طاولة المفاوضات، سواء بإجراء المفاوضات المباشرة أو عن طريق وسيط يثق فيه الطرفان؟ إن واقعا خاصا ومعقدا يحكم الأوضاع في السودان وتشاد، والتجربة أكدت أن أمن البلدين واستقرارهما مرتبطان ببعضهما بعضا. والسودان يهمه أن تكون في انجمينا حكومة قوية تتمتع بثقة الشعب التشادي وتستطيع أن تبسط الأمن والاستقرار والتنمية وألا تسمح بأن تكون تشاد عاملا في زعزعة الاستقرار في السودان. والرئيس ديبي إذا التزم بذلك يمكن أن يكون شريكا مناسبا، كما كان في السابق إبان فترة حكمه الأولى، حيث أثبتت التجارب ذلك. وسيظل السودان يراقب الأحداث في تشاد ولن يتدخل في شؤونها الداخلية. المؤكد أن العلاقات السودانية التشادية كانت ممتازة قبل تمرد دارفور والمؤكد أيضاً أن تشاد كانت المغذي الرئيسي لتمرد دارفور، حسب المعلومات المؤكدة، وحسب تقارير الأمم المتحدة. وأخيراً قامت تشاد بخرق الأجواء الجوية السودانية بطائراتها العسكرية، حسب تقارير الأمم المتحدة والضحايا المدنيين نتيجة هذا القصف الجوي. والسودان تقدم بشكوى في حينه إلى كل من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم يتحرك مجلس الأمن لإدانة هذا الانتهاك، الذي حدث من قبل تشاد، حتى توقف تشاد انتهاكاتها لسيادة السودان، أو على الأقل أن يتدخل في التحقيق من هذه الشكوى والعمل على إعادة علاقات البلدين إلى وضعها الطبيعي. فمجلس الأمن الدولي بعدم تعامله مع الشكوى السودانية سواء للتأثير الفرنسي، حيث إنه من المعروف أن الحكومة الفرنسية توصلت إلى مقايضة لحماية النظام التشادي برئاسة إدريس ديبي، مقابل إطلاق سراح الفرنسيين الذين أدينوا قضائيا في جريمة اختطاف أطفال دارفور وتشاد، والعمل على ترحيلهم في انجمينا إلى باريس. وتأخر مجلس الأمن الدولي من التعامل مع الشكوى السودانية جعل مجلس الأمن شريكا أساسيا في الأحداث المأساوية التي حدثت وتحدث في تشاد اليوم. ما لم يتحرك مجلس الأمن الدولي ويتعامل بعدالة في هذه القضية، فإنه سيضيف إليها تعقيدا جديدا لن يصب في مصلحة الاستقرار في تشاد أو في المنطقة. فالسودان ليس لديه مشكلة، إذا ما وجد استعدادا من القيادة التشادية أن يجلس معها مباشرة أو عبر طرف ثالث لوضع حد لتدهور العلاقات الحادثة بين البلدين. وهذا الموقف لا ينبع من ضعف أو خوف فنحن نعرف قدراتنا، وكذلك قدرات الحكومة التشادية، ولكن لا نريد مزيدا من الدماء أو الدمار لتشاد أو السودان أو المنطقة. ونأمل أن تكون الأحداث الأخيرة التي حدثت في تشاد بمثابة «رب ضارة نافعة» تؤكد القناعة لدى الجميع بألا استقرار لبلد دون الآخر، خاصة إذا نظرنا إلى حالة التداخل الجغرافي والتاريخي بين السودان وتشاد. * لا يمكن أن ننكر وجود قوات معارضة سودانية في الأراضي التشادية، وفي المقابل لا يمكن أن ننفي وجود قوات معارضة تشادية في الحدود السودانية، نسبة للتداخل الجغرافي والقبلي الحادث بين البلدين. فلماذا لا يقبل البلدان بنشر قوات مشتركة بين البلدين على الحدود وبإشراف طرف ثالث لمنع أي خرق للحدود؟ السودان أنذر المعارضة التشادية بألا تدخل إلى أراضيه وألا تقترب من حدوده، التزاما باتفاق طرابلس. أما وأن المعارضة التشادية موجودة قبل ذلك في السودان، كما كانت معارضته موجودة في تشاد، فهذا كما ذكرت في سؤالك موضوع معروف لا يمكن لأحد إنكاره أو إخفاؤه، ولكنه عولج من خلال اتفاق طرابلس. والسودان طلب من تشاد، وما زال مستعدا لنشر قوات مشتركة بين البلدين على الحدود، وبمشاركة طرف ثالث لمنع أي خرق للحدود، ولكن النظام التشادي ظل يرفض تنفيذ هذا الاتفاق، نتيجة للضغوط من قادة أجهزته الأمنية والعسكرية المنتمين لقبيلة الزغاوة، الذين يريدون استمرار المدى العسكري لتمرد دارفور. وان القوات الأوروبية التي ستتمركز في شرق تشاد، ستكون بعيدة من الحدود السودانية، وستتمكن من مراقبة أي تسلل أو تحرك لمجموعات التمرد المنتمية للبلدين، وبالتالي تستطيع هذه القوات أن تقف على مدى استخدام قوات التمرد في دارفور لأراضي تشاد كعمق. وليس سرا الآن أن قوات التمرد في دارفور، هي التي ساهمت في فك الحصار على القصر الرئاسي التشادي في انجمينا، وإذا ما استمر الحال كذلك بأن يجد تمرد دارفور التدريب والتسليح من تشاد، فإن السودان لن يقف مكتوف الأيدي لحماية أمنه واستقراره وسيادته الجوية والبرية. * ماذا عن مساعي الحوار التي يقودها المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) لإحداث وفاق وطني بين الأحزاب والقوى السياسية قبل إجراء الانتخابات في مطلع العام المقبل؟ أولا الحوار كاستراتيجية للمؤتمر الوطني ليس شيئا جديدا، فقد تم إقراره من قبل أجهزة المؤتمر الوطني العليا ممثلة في المؤتمر العام ومجلس الشورى والمكتب القيادي. وقد عبر السيد رئيس الجمهورية عن ذلك في خطاباته في أعياد الاستقلال والسلام وأمام المؤتمر العام للمؤتمر الوطني. والهدف من هذه الحوارات توفير المناخ الملائم لتوحيد الوفاق الوطني وتحقيق الإجماع الوطني حول القضايا الكلية أو الثوابت الوطنية وتخفيف حدة الاحتقان السياسي بين القوى السياسية في الحكومة وفي المعارضة، وهذه الاستراتيجية نفذها المؤتمر الوطني عبر ثلاثة محاور: المحور الأول العلاقة مع أحزاب حكومة الوحدة الوطنية فهذه العلاقة تطورت ثنائيا في شكل لقاءات واتفاقيات، وكذلك جماعيا، حيث تم تكوين أمانة لأحزاب الحكومة الوطنية تشارك فيها كل الأحزاب والقوى المشاركة في الحكومة وأصبحت لها لائحة ونظام أساسي وانتخبت أميناً عاماً لها هو الدكتور مضوي الترابي
(الاتحادي الديمقراطي). المحور الثاني: هو محور العمل الجماعي بهدف إيجاد منبر يجمع كل القوى السياسية السودانية حكومة ومعارضة تحت مظلة واحدة تجرى فيها الحوارات والمناقشات حول القضايا والثوابت الوطنية وأبرز هذه الجهود ما يمكن أن نسميه الآن هيئة جمع الصف الوطني برئاسة المشير عبد الرحمن سوار الدهب وعضوية كل الأحزاب والقوى السياسية السودانية والتي تتأهب الآن لانطلاق عملها بلقاء يضم رؤساء الأحزاب والقوى السياسية من الحكومة والمعارضة، حيث من المنتظر أن يشارك في هذا اللقاء كل من السيد رئيس الجمهورية كرئيس للمؤتمر الوطني والسيد النائب الأول الفريق سلفا كير ميارديت كرئيس للحركة الشعبية والسيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وغيرهم من القيادات السياسية في الحكومة والمعارضة. المحور الثالث: العلاقات مع الأحزاب والقوى السياسية خارج حكومة الوحدة الوطنية هذه اللقاءات قد بدأت منذ فترة خاصة مع حزب الأمة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي وأحزاب الاتحادي والشيوعي والشعبي ولكنها لم تتقدم كثيراً إلى أن جاءت الأزمة الأخيرة في العلاقات بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني التي قادت إلى تجميد الحركة الشعبية لوزرائها في الحكومة المركزية خلال هذا المرحلة في الربع الأخير من العام الماضي، وبدأ المؤتمر الوطني تنشط اتصالاته مع الأحزاب والقوى السياسية في الحكومة والمعارضة ليس فقط بغرض توضيح وجهة نظر المؤتمر الوطني حول الأزمة ولكن بهدف إشراك حقيقي للقوى السياسية السودانية في معالجة المشكلات الوطنية ومن بينها الأزمة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وشملت هذه اللقاءات معظم الأحزاب والقوى السياسية في الحكومة والمعارضة، فبجانب أحزاب حكومة الوحدة الوطنية التقينا بالأحزاب خارج حكومة الوحدة الوطنية ومنها الأحزاب الجنوبية وحتى تلك القريبة من الحركة الشعبية مثل أحزاب يوساب والمنبر الديمقراطي وجبهة الإنقاذ وحزب سانو وغيرها، والتقينا كذلك بحزب الأمة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي والتجمع الوطني الديمقراطي والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي السوداني وغيرهم من الأحزاب في الحكومة والمعارضة وجدنا من خلال هذه اللقاءات ان موقف هذه الأحزاب بما فيها تلك القريبة من الحركة الشعبية لا يختلف كثيراً عن موقف المؤتمر الوطني تجاه أزمة الشريكين، وكل من طلب منا أن يتدخل لمعالجة سودانية لهذه الأزمة قبلنا منه ذلك، مثل التجمع الوطني الديمقراطي ومجموعة الأحزاب الجنوبية وحزب الأمة القومي إلا أنها لم تواصل مساعيها ربما لم تجد ترحيبا من الطرف الآخر. بعد انقشاع هذه الأزمة قرر المؤتمر الوطني أن يواصل اتصالاته مع هذه الأحزاب بهدف إحداث وفاق وطني حقيقي حول جملة من القضايا التي تهم الوطني ومنها قضايا دارفور والانتخابات والحريات واتفاقية السلام الشامل... الخ. وان تنتهي هذه اللقاءات الثنائية إلى منبر جامع يمثل القوى السياسية في الحكومة والمعارضة تستطيع من خلال هذا المنبر تخفيف حدة الاحتقان السياسي والوصول إلى وفاق حول القضايا الوطنية فاستأنفنا هذه الاتصالات التي قطعت شوطا مع بعضها وما زالت تراوح مكانها مع البعض الآخر. ومن أمثلة ذلك: (1) العلاقة مع حزب الأمة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي تم الاتفاق على لقاء دوري شهري بين رئيس الحزبين، وانتظمت هذه اللقاءات. كما تم تشكيل لجنة مشتركة أرأس فيها جانب المؤتمر الوطني ويرأس الدكتور عبد النبي علي أحمد الأمين العام لحزب الأمة القومي جانب حزبه، وحددت القيادة المواضيع التي سيتم مناقشتها في إطار اللجنة وهي تشمل ثوابت وطنية ودارفور والانتخابات والحريات واتفاقيات السلام وكيفية تحويل ما اتفق عليه ثنائيا إلى إطار قومي يشمل كل القوى السياسية السودانية. واجتمعت اللجنة حتى الآن 9 اجتماعات واتفقت على أكثر من 65% من القضايا وما زالت تواصل اجتماعاتها للفراغ من بقية القضايا ثم تحويلها إلى أجهزة الحزبين لإجازتها في صورتها النهائية. (2) المؤتمر الشعبي: عقدنا عدة اجتماعات على مستوى أقل من قيادة الحزبين وكنا نخطط للقاء على مستوى القيادة لولا أن المؤتمر الشعبي خرج علينا بشروط تسبق مثل هذا اللقاء، نحن من جانبنا لا نعترض على حق المؤتمر الشعبي في طرح هذه القضايا أو الشروط، فهو له كامل الحرية لكي يطرح ما يشاء. التباين هو أن تطرح هذه القضايا من خلال اللقاءات والحوار كما نراها نحن، أما أن تصبح شرطا للحوار كما يراها الإخوة في المؤتمر الشعبي، والقضايا ليست مستحيلة التنفيذ وطرحها ليس بدعة، فمثلا موضوع المعتقلين المنسوبين للمؤتمر الشعبي يمكن أن يبحث في إطار اللقاء بل يمكن ألا يرتبط إطلاق سراحهم باللقاء، فمثلا رئيس الجمهورية ظل يصدر عفوا عن المحكومين في إطار تهيئة الأجواء السياسية ولا استبعد مثلا أن يصدر قرارا رئاسيا بإطلاق سراح هؤلاء دون ربط ذلك باللقاء وحتى لو لم يحدث اللقاء فنحن جميعا نتمنى ألا يبقى في السجون سوى المجرمين والظلمة الذين لا مكان لهم غير السجون. كما جرت لقاءات أخرى مع الأحزاب السياسية في الحكومة وفي خارج الحكومة كان في أبرزها اللقاء الذي تم مع الحزب الشيوعي السوداني، حيث حدث لأول مرة، رغم الصراع التاريخي المعروف أن التقى الحزب الشيوعي السوداني بقيادة السكرتير العام محمد إبراهيم نقد وقيادات حزبه بقيادة المؤتمر الوطني برئاسة الرئيس عمر حسن أحمد البشير وأركان حزبه بمقر المؤتمر الوطني، وطرحت في الاجتماع قضايا وطنية وسياسية، ودلالة هذا اللقاء هي كسر الحاجز النفسي الذي ظل قائما بين الإسلاميين والشيوعيين منذ ما قبل استقلال السودان. وخلاصة الموضوع أننا في المؤتمر الوطني سنستمر في هذا النهج القائم على الحوار كقيمة حضارية وكوسيلة لتضييق حدة الخلاف بين القوى السياسية والاتفاق حول ثوابت وطنية وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات بشفافية وبعيدا عن التوتر والعنف. * إلى أي مدى أمكن تجاوز بعض العقبات في اتفاقية سلام شرق السودان؟ اتفاقية سلام شرق السودان، هي حدث حولها أكبر إجماع ممكن سواء على مستوى الأحزاب السياسية القديمة الموجودة في شرق السودان ممثلة بالحزب الاتحادي الديمقراطي بشقيه، وكل الزعامات القبلية من نظار وعمد وممثلي الإدارة الأهلية والقوى السياسية المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية وعلى رأسها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. الاتفاقية ومن خلالها بروتوكولاتها الثلاثة تؤكد أنها صامدة ومستمرة. فبروتوكول الترتيبات الأمنية منذ أن تم التوقيع عليه في يونيو (حزيران) 2006، لم تطلق طلقة واحدة حتى الآن وفتحت الطرق بين ولايات الشرق بعد إزالة الألغام وانسابت الحركة بين السودان واريتريا، ويجري العمل لاستيعاب منسوبي جبهة الشرق في القوات المسلحة والكليات العسكرية وفي الشرطة. أما بروتوكول السلطة فقد تم تنفيذ أكثر من 80% منه ولم يتبق إلا القليل على مستوى المركز وعلى مستوى الولايات. أما بروتوكول الثروة فصندوق إعمار الشرق بدأ العمل فيه وحددت المبالغ المطلوبة وتم تعيين مدير تنفيذي وخلال الأسابيع القليلة المقبلة سيتم تحديد المشروعات العاجلة التي سيتم تنفيذها ومن بينها إنشاء قرى للنازحين واللاجئين ومشروعات في الصحة والتعليم والبنية التحتية حسبما نصت عليه اتفاقية السلام. الذي أريد ذكره هنا أن الاتفاقية لم تحرم أي فرد أو قوى سياسية أن يكون لها تحفظ على هذه الاتفاقية وأن تتقدم ببرنامجها للمواطن في شرق السودان أو في غيره لكي تنافس بهذا البرنامج طالما أن ذلك سيتم في إطار سلمي وبعيدا عن العنف. فكل من له تحفظ على الاتفاقية لديه خيار ثالث وهو طرح برنامج سياسي للمواطنين في إطار العملية السلمية التي ارتضينا بها. أجراه إمام محمد إمام

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.