تقرير (smc) يشرف المشير عمر البشير رئيس الجمهورية اليوم الثلاثاء احتفالات مؤسسة الزبير الخيرية بمرور عشرة أعوام على تأسيسها، ويتضمن برنامج الاحتفال تمليك بعض الأسر وسائل إنتاج لمواجهة متطلبات الحياة وإخراجهم من دائرة الفقر. وأصبحت المؤسسة التي لم يتجاوز عمرها عقد من الزمان أملاً وسهماًً يبارح قوسه لإغاثة الملهوف وسد حاجة المحتاج. متخذة من كلمة المروءة الراسخة في تراثنا وقيمنا الاجتماعية منهجاً لتلبية النداء عبر خطط وبرامج مدروسة. وهيأت لها إنجازاتها في مجال العمل الإنساني الطوعي المتميزة أن تتبوأ موقعاً سامقاً وسط الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الطوعية، ليس فقط في الصعيد المحلي بل وعلى الساحتين الإقليمية والدولي. حيث نالت عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد الأفريقي كممثل للمنظمات الطوعية في السودان، وشاركت في الدورة الخامسة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف مترأسة وفد المنظمات الطوعية السودانية، ومثلتها في مؤتمر المانحين لدعم السلام والتنمية بالسودان في بلجيكا. واجتماعات وزراء الخارجية وقمة رؤساء دول البحيرات الكبرى للسلام والتنمية والديمقراطية بكمبالا. وفيما بادرت لإقامة ملتقى الجمعيات الطوعية و منظمات المجتمع المدني بدول الساحل والصحراء خلال العام الجاري، من المنتظر أن تكتمل إجراءات نيلها عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بصفة استشارية في غضون الأسابيع القادمة. واتسم عمل المؤسسة منذ نشأتها بالجدية والواقعية في تعاملها مع أحداث جسام، وتصديها لكوارث إنسانية في الداخل والخارج، قدمت خلاله عونا مقدراً تميز بتحرك سريع فاعل طوت لإيصاله للمتضررين الصحاري والقفار. وكانت بداية تأسيس المؤسسة عقب استشهاد الشهيد الزبير محمد صالح بتقاطر أفكار نفر كريم من أبناء هذا البلد الذين وفدوا من كل جزء من أجزاءه نحو تكوين منظمة تحمل اسم الشهيد لمواصلة بعض الجهد الإنساني الذي أرسى الشهيد دعائمه من أعمال البر والإحسان والخير ومساندة الفقراء. وشهدت قاعة الصداقة في الثامن عشر من مارس عام 1998م أكبر اجتماع تأسيسي عرفه تاريخ العمل الطوعي في السودان والذي ضم أكثر من ألفي شخص تجاوزت مساهمتهم في رأس مال المؤسسة ال100 مليون دولار. انطلقت المؤسسة في مسار عملها الاجتماعي عبر عدد من المحاور، إلا أنها أولت مشروع التكافل أهمية قصوى لاتصاله بالوقوف مع الإنسان في مواجهة ظروف حياتية تستوجب المؤازرة. وتمكنت من خلال توسيع قنواتها التي تجاوزت حدود الوطن من كفالة 1305 طفلاً في مراحل عمرية مختلفة، بالإضافة إلى مشروعات إفطار الصائم وإصحاح البيئة وإثارة المقابر وتمليك وسائل إنارة للأسر الفقيرة. وانتهجت مؤسسة الزبير الخيرية الأساليب العلمية في رصد الكوارث وأخذ الحذر منها لما تسببه من نزوح وتفكك وزيادة في نسبة الفقر، فأقامت المركز العالمي للطوارئ والإسعاف، "معطاء" لتقديم الخدمات الاغاثية والإيوائية والصحية لكل بقاع السودان، وشكلت حضوراً متميزاً في كافة البلاد، وسجل في هذا الخصوص دعم المؤسسة لمدينة همشكوريب بالمواد الإغاثية والكساء والدواء ومعدات إصحاح البيئة بعد إخلائها من قوات الحركة الشعبية سبقاً بقافلة ضمت عدد من الأطباء والمهندسين لصيانة آبار المياه. كما وصل دعم المؤسسة لولاية الوحدة عبر طائرتين محملتين بمواد غذائية وكساء. ويتركز إسهام المؤسسة ومشاركتها في التنفيذ والتمويل وفق خطة تبدأ بإيواء المتضررين ومن ثم تقديم الغذاء والخدمات الصحية من خلال الاستفادة من الاتفاقيات الثنائية بينها وبين المنظمات الداعمة والمانحة مثل مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، جمعية الشارقة الخيرية، المنظمة العالمية للرعاية والسلم والإغاثة الليبية، مؤسسة وادينا المصرية وغيرها من المنظمات التي قدمت دعماً مقدراً مكن المؤسسة من تغطية كل مواسم الفيضانات والكوارث التي ضربت البلاد. هذا وقد نجح "معطاء" في توطين التقانة وتجهيز المراكز الصحية بأحدث الأجهزة والمعدات اللازمة، وفي إطار تقديم الخدمات الصحية للفقراء وتوطين العلاج بالداخل ورفع قدرات الكوادر الصحية الوطنية وقع المركز عدد من الاتفاقيات مع بعض الجهات المتخصصة مثل الأسرة الطبية السودانية بالإمارات، المستشفى التخصصي بالأردن، أسرة وادي النيل بمصر، تدريب بلا حدود الإماراتية ومنظمة الصحة العالمية وعدد من المستشفيات داخل السودان. وقام بموجب هذه الاتفاقيات باستقدام الأطباء في التخصصات النادرة في قوافل بلغ عددها 15 قافلة علاج مجاني بمستشفيات الخرطوم، سوبا، الشرطة، ساهرون، أحمد قاسم و مستشفى مدني التعليمي أجريت خلالها 1300 عملية جراحية مجانية تكلفتها 10 مليون دولار. تميز نشاط المؤسسة الإغاثي في مجال العمل الإغاثي الخارجي بالتنسيق والتعاون مع المنظمات العاملة في البلاد المعنية، وكانت بداية انطلاقها من كوسوفو في العمق الأوروبي بدعم شمل الغذاء والدواء والكساء والكوادر الطبية، ليمتد نشاطها إلى العمق الأفريقي في موزمبيق بجسر إغاثي جوي وكادر طبي ظل مرابطاً حتى انجلاء أزمة الفيضانات بها. وسجلت المؤسسة حضوراً بالمشاركة في أعمال الإغاثة والطوارئ لمنكوبي زلزال تركيا، الجزائر، إيران، باكستان والمتأثرين بالجفاف والتصحر في أثيوبيا والصومال، ومنكوبي تسونامي في كل من أندونسيا، الهند وسريلانكا والمتأثرين بالحرب في لبنان. وما كانت المؤسسة لتقف صامته وهي تسمع أنين الجرحى وعويل النساء وصراخ الأطفال في فلسطين، فبادرت بمشروع نداء الأقصى حيث تم إيصال الدعم من مواد غذائية وأدوية ومعدات طبية وعربات إسعاف مساهمة من الشعب السوداني لتحسين الأوضاع الإنسانية لأشقائهم الفلسطينيين. تمكنت المؤسسة عبر المنظمة العالمية للأمومة والطفولة من مد أجنحتها لترعى وتعهد الأمهات والأطفال بآليات اتسمت بالجدية في تنفيذ برامج اجتماعية وصحية وبرامج رفع مسيرة الأنشطة التنموية التي تقفز بالإنسان من وضع اجتماعي إلى آخر افضل. وأنجزت المؤسسة حفر 62 بئراً وبناء 34 مسجداً وعدد من المراكز الصحية والعيادات والمدارس بتكلفة اجمالية بلغت مليون وثمانمائة ستة وأربعون ألف دولار. عطاء مؤسسة الزبير الخيرية خلال سنواتها العشر الأولى في الداخل والخارج وتغطيتها لكل ربوع البلاد حاملة الغذاء والدواء والكساء وقبل ذلك المحبة الصادقة والوفاء النبيل للمواطن في تعبير عن قيم وأخلاقيات الشعب السوداني في النجدة والمروءة، لم يقعدها عن الانفتاح على العالم دون تقوقع في حدود جغرافية لتضع بصماتها في العمل الطوعي في أقاصي آسيا وشمال ووسط أفريقيا في مواساة ونجدة المتأثرين، جعل المؤسسة قبلة يقصدها ذوو الحاجات، وبدراً تشرأب الأعناق لرؤيته في ساعات الشدة والمواقف العصيبة، فيجدونها تضيء ساحات الإيواء والدواء والغذاء والكساء.