أمّن السفير عثمان السيد سفير السودان السابق لدى أثيوبيا، المدير العام لمركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا على إن الموقف الأثيوبي تجاه السودان ثابت وإستراتيجي وأضاف في حوار مطول أجراه معه المركز السوداني للخدمات الصحفية إن الرئيس زيناوي قد أكد لأمريكا والغرب أنهم ظلموا الرئيس البشير وهو شريك في تحقيق السلام في بلاده، وأنهم في كثير من الأحيان يستخدمون العصا دونماً الجزرة وقال السيد إن ما حدث في القمة الأفريقية الأوربية الأخيرة أمر مؤسف وأنه كان على الدول الأوربية التي تتحدث عن الديمقراطية أن لا تمارس أي ضغوط على الدولة المضيفة للقمة وأنه من غير المقبول أن يترك للاتحاد الأفريقي اتخاذ موقف وقرار ثم يطلب منه التنازل عنه ، مما يعني أن هناك خللا كبيرا في العلاقات الأوربية الأفريقية، وإن ما حدث يصيب الاتحاد الأفريقي في مقتل لكونه يطلب منه في كل مرة التراجع عن القرارات التي يتخذها. و تطرق الحوار للموقف السوداني تجاه ما جرى في القمة الأفريقية الأوربية وأثر ذلك على الدعم الأفريقي لوحدة السودان ومستقبل ذلك على المستوى المحلي والدولي بالإضافة للموقف اليوغندي ودعمه اللا محدود للحركة الشعبية وإيواء الأخيرة لحركات دارفور وأثر ذلك على طي هذا الملف، بالإضافة للعديد من القضايا التي لا تخرج عن هذا السياق فمعاً لمضابط الحوار.. التغيير الوزاري الجديد بالحكومة الأثيوبية وانعكاساته على مختلف الملفات السودانية .. بدءا سألنا السفير عثمان السيد عن انعكاسات التغيير الوزاري بالحكومة الأثيوبية على مختلف الملفات السودانية فأجاب قائلا: علاقة أثيوبيا مع السودان إستراتيجية وهذه وجهة النظر لدى الدولتين وبالنسبة للقيادة في البلدين فالعلاقة أمر متفق عليه منذ عام 1991م عندما تولى زيناوي الحكم، فكان قبلها في السودان حيث لم يكن نظام منقستو قد سقط ولذا فقد دعمتهم القيادة السودانية ممثلة في الرئيس البشير بعد الإنقاذ بعامين ومنذ ذلك الحين ظلوا بزعامة زيناوي يعتبرون علاقتهم مع السودان إستراتيجية والتغيير الوزاري الذي حدث مؤخرا جاء في إطار الجبهة الثورية الديمقراطية الحاكمة بقيادة جبهة تحرير شعب التقراي ويرأسها ملس زيناوي حيث اتخذت قرارا حول ضرورة التغيير في القيادات وإتاحة الفرصة لكوادر شابة وحتى زيناوي أعلن أنها آخر مرة يترشح فيها رغم أن عمره 55 عاماً، وسيوم وزير الخارجية نفسه اختار التنحي ضمن المجموعة الأولى التي تخرج من الوزارة بعد 19 عاماً كوزير للخارجية الأثيوبية وشمل التغيير حتى الأحزاب المتحالفة ولكن الميزة هنا أن التغيير حدث ولكن ليس بسبب صراع أو خلاف في أثيوبيا أو تنافس وهي خطوة شجاعة وجريئة من الحكومة الأثيوبية. موقف أثيوبيا من دعم وحدة السودان، واستمرارية العلاقات المتميزة هذا يقود إلى أن الضمان الوحيد لعلاقات متميزة مع السودان هو رئيس الوزراء الأثيوبي وهو يتولى زمام الأمر هذا بنفسه وزيناوي تربطه مع الرئيس البشير علاقة متميزة وإستراتيجية بل علاقة فيها الكثير من الخصوصية والحميمية والصداقة ولذا لم يكن من قبل الصدفة أنه أكثر الرؤساء الأفارقة تحدثاً عن الرئيس البشير، وفي قمة كمبالا كان هو أول من تصدى لحديث موسفيني (وهو المستضيف للقمة) عن عدم حصانة الرؤساء، فبادره زناوي بالقول: نحن هنا للحديث عن حصانة الرؤساء وأن واجبنا كرؤساء أفارقة أن نحترم خيارات شعوبنا وإذا كان الشعب السوداني قد اختار في انتخابات حرة الرئيس البشير فنحن واجبنا كرؤساء أفارقة أن نحترم خيار الشعب السوداني، وتحدث الرئيس جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا مؤيداً لحديث ملس زيناوي وكذلك رئيس ملاوي، فوجد الرئيس اليوغندي بعدها أنه لا مجال لما قدم من طرح. وكذلك حديث زيناوي في الأممالمتحدة وشارك فيه علي عثمان محمد طه وكرر ذات الحديث عن السودان وكذلك في اجتماعه مؤخرا مع الرئيس البشير وسلفاكير في إطار قمة الإيقاد حيث أكد أن هذه المواقف ثابتة بل وظل زيناوي يتحدث دوماً مع الغرب خاصة أمريكا ً بأنهم ظلموا الرئيس البشير الذي هو شريك في تحقيق السلام في السودان وأنهم في كثير من الأحيان يستخدمون العصا دون الجزرة مع الرئيس البشير وما حدث في القمة الأخيرة (الأوربية الأفريقية) أمر مؤسف حقيقة فأولاً القمة هي خاصة بالاتحاد الأفريقي مع الدول الأوربية والدول الأفريقية لديها موقف واضح في قضية الجنائية مع البشير وما دام ذلك القرار صادر من القمة الأفريقية فكان على الدول الأوربية التي تتحدث عن الديمقراطية والشفافية أن لا تمارس أي ضغوط على الدولة المضيفة وبعد أن دعت الرئيس البشير تغير رأيها لأن الاتحاد الأفريقي لديه قرار متخذ في هذه المسألة وعلى الأوربيين جميعاً احترام رغبة الاتحاد الأفريقي وأما إذا ظل الأمر بهذه الصورة ويترك للاتحاد الأفريقي اتخاذ موقف وقرار ثم يطلب منه أن يتنازل عن هذا القرار بحق رئيس دولة مؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1963م وللاتحاد الأفريقي عام 2002م فمعناها هناك خللا كبيرا في العلاقات الأوربية الأفريقية وأعتقد أن هذا يصيب الاتحاد الأفريقي في مقتل وكل مرة يطلب من الاتحاد الأفريقي أن يتراجع عن القرارات التي يتخذها فإذا كان الاتحاد الأفريقي بهذه الصورة وبدأ في مسلسل التنازل عن قراراته فكيف سيستمر؟! وكنت أتوقع من الاتحاد الأفريقي أن يفهم ويشرح للأوربيين بأنه كيان متماسك له سيادته وقراراته ويحترم نفسه ويجبر الأوربيين على احترامه وأما إذا بدا كما يحصل الآن من دول مثل يوغندا تحاول أن تماشي الغرب إرضاءً له والتنكر لقرارات الاتحاد الأفريقي فهذا شيء مؤسف والتاريخ حافل على كل حال. هل تتوقع أي تغيير في الموقف اليوغندي ؟ يوغندا وموسفيني تحديداً أن مشكلته ليست مع الرئيس البشير فقط فقد ظلت يوغندا دائماً هي في مشكلة مع السودان وإلى الآن موسيفيني يعتقد وينظر ويبغض أصلاً عيدي أمين ويكرهه وصادف أن عيدي أصله من قبيلة الكاكواه وهي في جنوب السودان ولذا هو الآن حبيس بعقدة عيدي أمين خاصة بعد أن تسلم الأخير الحكم وأعلن أنه مسلم وموسفيني عنده عقدة اسمها الإسلام ومشكلة اسمها العرب وحتى عندما حدثت انفجارات كمبالا واتهموا فيها مجموعة الشباب الصوماليين الإسلاميين فكان من تصريحاته المؤسفة والتي قالها إنه على هؤلاء الشباب المسلمين أن يخرجوا من أفريقيا وعلى العرب كذلك الخروج وعمل تفجيراتهم في بلدانهم ناسياً أن الدول العربية كلها اثنين وعشرون دولة وأكثر العرب في أفريقيا فكيف يشكك في أفريقية دول كهذه فماذا يقول عن مصر وليبيا والمغرب والجزائر فليبيا دعمت كل حركات التحرير في أفريقيا والعرب الأفارقة كانوا دائماً في مقدمة الدول التي تدعم حركات التحرر في أفريقيا. هل تتوقع أي تفلتات في السودان إذا حدثت وحدة أو انفصال؟ الموقف يتوقف على مسار الأحداث في الفترة المقبلة لأننا مقبلين على الاستفتاء فأن تم بطريقة سلسة وشفافة، فلن يكون هناك انفلاتات أمنية. أما إذا سار الاستفتاء بطريقة غير سليمة فهذا سيفتح المجال واسعا أمام التفلتات الأمنية، وأنا من المؤمنين بأن الاستفتاء وسيلة وليست غاية في حد ذاتها وأنا مندهش من البعض في الحركة وبعض الدول الغربية في حديثهم حول قيام الاستفتاء قبل ترسيم الحدود ، إذ كيف سيقام استفتاء بدون الترسيم لحدود متفق عليها ودون تحديد من هو الشمالي والجنوبي فهناك خمس ولايات جنوبية وخمس شمالية وهي ولايات متصلة مع بعضها البعض وهي ولايات تمازج فكيف لنا أن نقيم استفتاء دون أن نحدد هوية المتنقلين في هذه الولايات. وماذا عن التواجد الإسرائيلي ،الأمريكي في الجنوب ؟ بالنسبة للتواجد الإسرائيلي في الجنوب نجد أن سلفاكير أكد على أنهم سيقيمون علاقات متميزة مع إسرائيل وأنهم كجنوبيين ليس لديهم أي مشاكل أو عداوات مع إسرائيل وأن الأخيرة لديها مشاكل مع الفلسطينيين فقط وهذا خطأ لأن العداء الإسرائيلي لو بمنطقه لكان ذلك العداء بين إسرائيل والدول العربية فقط كما أن حكومة الجنوب وإسرائيل قد أعلنتا أنهما تقومان بعملية تدريب داخل حكومة جنوب السودان لعدد من الكوادر وتأهيلها مع ملاحظة أن هناك وجود إسرائيلي مكثف في الجنوب سواء في المجال الإستخباري أو الأمني أو التدريب وإسرائيل نفسها لم تخف نواياها تجاه السودان وذكرت على لسان مدير أمنها السابق الذي قال إن السودان القوي يشكل تهديدا لإسرائيل وبالتالي لابد من العمل على تجزئة وتقطيع أوصال السودان والمخطط الإسرائيلي واضح وللأسف أنه يجد المباركة والسند من بعض الدول الغربية ومن بينها أمريكا والسؤال هو إذا حدث تقسيم أو تجزئة للسودان بدءاً من الجنوب ودارفور وغيرها فهل ستكون المشكلة سودانية بحتة أم أن الفيروس سينتقل لدول أخرى لأن دول الجوار كلها لديها مشاكل قبلية مستحكمة وحتى إذا ظل موضوع الدين وأن الانفصال سيؤدي لإقامة دولة مسيحية في الجنوب فأولاً عدد المسلمين في الجنوب أكثر من المسيحيين وإن كان الأخيرين صوتهم أعلى ومسموع والشيء الثاني أن أي دولة من دول الجوار كلهم مسلمين ومسيحيين فهل سيؤخذ معيار الدين على أنه الأمثل في تكوين هذه الدول فإذا طبقناها وكلهم لديهم شمال وجنوب فإذا بدأ ذلك في السودان فهل سيكون ذلك محصور في السودان فقط؟ فهل إذا انفصل الجنوب ألا يكون ذلك سبباً في فتح (صندوق باندورا) في أفريقيا وسيتحول لداء وفيروس بالنسبة لدول الجوار والمنطقة ككل. كيف تنظر لإيواء الحركة الشعبية لحركات دارفور ؟ هذا كله مخالف للاتفاق وما تقوم به الحركة مخالف وبنص الاتفاق ينبغي أن تكون الحركة شريك للمؤتمر الوطني وهي حالياً شريك في البرلمان والحكومة وحكومات الولايات فلا يعقل وحتى نهاية الفترة الانتقالية أي بعد الاستفتاء بستة أشهر ألا تكون ملزمة بسياسة واحدة وأما إذا كانت الحركة هي عضو في الحكومة وممثل بنسبة 28% وتريد تجميع عناصر حركات دارفور وإيوائها فهذا إعلان للحرب وإجهاض لاتفاقية السلام إذ أن كثير من الناس يتحدثون عن عدم قيام المؤتمر الوطني بما يلزم فيما يختص بجعل الوحدة جاذبة وهي مهمة الطرفين والحركة مطالبة بالعمل على جعل الوحدة جاذبة فتصبح الحركة ملزمة بألا ترى عناصر حتى انفصالية من الجنوب ناهيك عن دارفور ولذا محاولة الحركة جمع عناصر من دارفور سواء مناوي وغيره فهذا إدعاء كاذب بالسعي للتوفيق فإذا كان هناك أصلاً مساعي للتوفيق ينبغي أن يكون بالتنسيق مع الحكومة وإلا فأي محاولة مخالفة وبدون علم المؤتمر الوطني فالباب هنا سيفتح بعدها واسع لأن هذا خلل في الاتفاقية وتجاوز لنصوصها وعلى أي حال إذا استمرت الحركة في هذا المنحى فعليها أن تدرك بأنها سوف تشرب من نفس الكأس. وكيف ذلك؟ معروفة هي مشاكل الحركة وعداواتها فإذا فتحت هذا الباب فعليها أن تدرك أن بوسع المؤتمر الوطني أن يرد الصاع صاعين.