مقدمة: اتسمت العلاقات السودانية اليوغندية بالتردي منذ فترة طويلة وظلت يوغندا أقرب لدول أوربا وأمريكا منها للسودان رغم التداخل القبلي والحدودي لكن ظلت يوغندا متمسكة بحسن علاقاتها مع الحركة الشعبية منذ التمرد الأول في جنوب السودان وظلت تضمر الكيد والعداء للسودان بصورة مستمرة انتهت بإعلان يوغندا عدم دعوتها للرئيس البشير لحضور قمة الاتحاد الأفريقي المقرر انعقادها قريبا بكمبالا مع علمها بأن السودان عضواً في الاتحاد الأفريقي ، الى جانب خروجها عن موقف الاتحاد الأفريقي بعدم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية واستضافتها لمؤتمر مراجعة ميثاق المحكمة الجنائيه . وللوقوف على الاسباب الى دفعت يوغندا لاتخاذ تلك المواقف العدائيه من السودان التقى المركز السودانى للخدمات الصحفيه بالمحلل السياسي بروفيسور حسن علي الساعوري في حوار طابعه الصراحة والوضوح فماذا قال : طبيعة العلاقات السودانية اليوغندية ؟ فى البدء طلبنا من البروفسير الساعورى اعطائنا نبذة عن طبيعة العلاقات بين البلدين فقال : العلاقات السودانية اليوغندية غير مستقرة منذ الاستقلال والسبب في ذلك التمرد في جنوب السودان لأنه كان يجد الدعم عبر الحدود من القبائل اليوغندية المتداخلة مع شمال السودان وبالتالي عندما يخرج خارج الحدود السودانية إلى يوغندا ويندمج مع القبائل الأخرى يصبح من الصعب التعرف عليهم هل هم سودانيون أم يوغنديون وبالنسبة لهم كان هذا مصدر للحماية وأيضاً يأتيهم الدعم الخارجي عبر يوغندا سواءا كان من حكومة يوغندا أو من دول اخرى خاصة الدول الغربيه واسرائيل . وبالتالي فإن قضية التمرد في جنوب السودان تعتبر المحور الأساسي للعلاقات ولم تستقر هذه العلاقات إلا بعد اتفاقية أديس أبابا 1972م وقبلها كانت الحكومة اليوغندية بقيادة عيدي أمين وهو من القبائل الحدودية شمال يوغندا وقد استقرت العلاقات إلى حد معقول لكن المعارضة اليوغندية في حكم عيدي أمين كانت تستقل الأمر كذلك وبعد العام 1972 م هدأت الأمور . ولكن بعد تفجر التمرد الثانى فى العام 1983م كان ليوغندا دورا كبيرا جداً في الدعم اللوجستي الذي يأتي عبر الحدود اليوغندية ، ومع مرور الزمن حدث تمرد في يوغندا متمثلا فى (جيش الرب) والذي يقوده جوزيف كوني ، وكان جيش الرب يستفيد من القبائل المتداخلة عبر الحدود السودانية اليوغندية وكانت يوغندا تتهم السودان بأنه يدعم جيش الرب رداً على دعمها هي للحركة الشعبية واستمرت العلاقات على هذه الحالة من التوتر ، حتى حدث الإنفراج بعد توقيع اتفاقية السلام بين الحكو مة السودانيه والحركة الشعبية ، وبدأت كل الاطراف فى محاربة جيش الرب ، وقد بذل السودان مجهودا كبيرا في أن يدخل جيش الرب في مفاوضات مع الحكومة اليوغندية ، ولكن المفاوضات بين الطرفين تعثرت كثيراً وبعد انسحاب الجيش السوداني شمالاً بموجب اتفاقية نيفاشا قدمت الحركة الشعبية مساعدة كبيرة للحكومة اليوغندية في محاربة جيش الرب ، لكن رغم ذلك استطاع جيش الرب أن يظل موجودا ومهددا لحكومة يوغندا ولم يستطع جيش يوغندا أن يهزمه ولم تستطع الحركة الشعبية أن تحسم وجود جيش الرب بجنوب السودان ، بل بدأ يتحرك من مكان إلى آخر إلى أن عبر الحدود إلى أفريقيا الوسطى . هذه خلفية عن العلاقات السودانية اليوغندية. كيف تسير العلاقات الثنائيه الآن؟ الآن مازال جيش الرب يشكل قوة في شمال يوغندا ولم تزل يوغندا تعتقد حتى الآن أن السودان لديه علاقة بجيش الرب وأنه يدعمه بشكل من الأشكال سواء كان دعما عبر الحدود بالتداخل السكاني أو عبر حدود أفريقيا الوسطى لأنه قضى فترة طويلة هناك. هل الجنائيه هى السبب فى قرار يوغندا بعدم دعوة البشير للقمه؟ لا هذا ليس السبب ، القرار اليوغندى والذى تراجعت عنه يوغندا سببه المباشر هو قضية جيش الرب ، ويوغندا لم تذكر أنها لم تدع الرئيس لمشكلة جيش الرب لكن في ظني أن هذه هي القضيه وأنها لم تزل تعتقد أن السودان يدعم جيش الرب . اضف الى ذلك قد يكون لموقف السودان من اتفاقية مياه النيل الموقعه بين دول المنبع والتي تعتبر يوغندا جزء أساسي منها اثر فى مواقف يوغندا السالبه ، خاصة وان يوغندا تعتقد جازمه بأن السودان يقف مع مصر من منطلق المحاباة أكثر من أنها مصالح وقد يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت يوغندا تبتعد عن السودان. يوغندا تسعى لايجاد اياد غربيه ضاغطة على السودان ؟ صحيح هنالك ضغوط من أوربا على يوغندا بأنه لابد من محاصرة الرئيس البشير وعدم مساعدته على الخروج من السودان، لكن هذا ليس السبب لأن هنالك قرار من الاتحاد الأفريقي والايقاد و يوغندا عضو في الاتحاد الافريقي وفي الايقاد وبالتالي فإن القرارات الجماعية الموجودة لا تجعل ليوغندا فرصة بأنها تشذ وتتخذ قرارها بعدم مشاركة الرئيس السوداني فى القمه الافريقيه المزمعه بكمبالا لانه مطلوب من قبل المحكمة الجنائية. مجرد عقد مؤتمر للجناية في كمبالا يسفر عن سوء نية؟ الجنائية الدولية حاولت أن تستثمر كمبالا وجاءت إليها وأملت عليها بعض الضغوط مع وجود قرار من الاتحاد الافريقى ومن الايقاد ومن دول الساحل والصحراء وليس لها الحق أن تقرر في القمة الأفريقية عدم دعوة السودان . وفى مثل هذه الحالة لابد من تأجيل مؤتمر القمة الافريقية أو تحويله إلى مكان آخر غير يوغندا. بماذا تفسر صمت الاتحاد الأفريقي حيال يوغندا؟ أولاً مؤتمر القمه سوف يعقد في يوليو القادم وما زال الوقت مبكرا ولابد للسودان أن يتحرك ومعه أصدقائه العرب وغيرهم حتى يمكنه هزيمة قرارات يوغندا بتراجعها عنها او تحويل القمة الى دولة اخرى . بماذا تفسر حضور موسفيني تنصيب سلفاكير وعدم حضوره تنصيب البشير؟ من الواضح أن هنالك تنسيق كبير جداً ما بين الحركة الشعبية وموسفيني ولديهم علاقات وثيقة وحتى الآن العملية التجارية بالجنوب كلها من يوغندا وليس مع الشمال فهي لديها مصلحة كبيرة جداً مع الجنوب وهي الوحيدة التي أعلنت بأنها ليست مع وحدة السودان ، وقد تكون مدبرة أمرا للوحدة مع الحركة الشعبية ويوغندا حتى ترتاح من مسلمي شمال يوغندا . يوغندا تناست علاقاتها مع شمال السودان تماماً؟ علاقات يوغندا متوترة جداً مع شمال السودان وأصبحت هنالك عدم ثقة بين يوغندا والسودان لذلك حتى إذا أجبر الأفارقة يوغندا بقبول عمر البشير فأنه لا يضمن سلامته من يوغندا وبالتالي السودان لديه خيارين لابد منهما أولهما أن تقر يوغندا بأنها خاطئة أو أن ينقل المؤتمر إلى مكان آخر وإذا فشل في ذلك سوف يكون فشل مجهود وليس فشل إمكانات. ماذا تجنى الحركة الشعبية من يوغندا ؟ الآن عدد كبير من المواطنين والإداريين في جوبا يوغنديين وكذلك المعلمين وبالتالي فإن العملية سائرة عبر تنسيق إداري بين الجانبين والعملة اليوغندية الآن في الجنوب أكثر من الجنيه السوداني حكومة الجنوب قد تستفيد من يوغندا في استشارات في السياسات العامة ولأن مدارس التدريب في يوغندا موجودة على الطيران والسلاح الثقيل وحتى السلاح الذي يهرب إلى جنوب السودان عبر يوغندا. هل تحاول يوغندا كسب ود الجنائية على حساب السودان؟ نعم وقد يكون هنالك فساد مالي كبير جداً والجنائية لن تكون ضغطت على يوغندا فقط لأن يوغندا موقعة على قانوني الجنائية لكن قد تكون هنالك رشاوي قدمت لقيادات يوغنديه. السودان سمح ليوغندا بملاحقة جيش الرب داخل اراضيه ماذا كانت النتيجة؟ حدث هذا وقد شفع السودان لدى يوغندا بأنه لا يدعم جيش الرب لكن هذا كان في البدء ، إلا انه تم التوقيع على اتفاقية نيفاشا وبعدها الجيش السوداني انسحب شمالاً واستلم الجيش الشعبي الجنوب وهو غير مدرب التدريب الكبير الذي يمكنه من مواجهة جيش الرب أو هنالك علاقات قديمة بينهم ولم تسمح هذه العلاقات لأفراد الجيش الشعبي أن يحاربوا جيش الرب كما كان يحاربه الجيش السوداني. هل يؤثر قرار يوغندا بعدم دعوة البشير سياسياً على السودان؟ لا يؤثر لكن إذا فعلاً قام المؤتمر ولم يذهب الرئيس فإن ذلك يعنى أن سياسية الجنائية بدأت تتنفذ وقد سبق أن تحرك الرئيس إلى جيرانه فى مصر وليبيا وتشاد وإذا حدث هذا فإن ثغرة افريقية سوف تفتح ضد السودان وهذا ما تبحث عنه المحكمة الجنائية.