تقرير: الرأي العام «هذا التعداد خاص للغاية وتكمن خصوصيته في انه أتى عن طريق اتفاق سياسي»، بهذه العبارة ابتدر د. يس الحاج عابدين مدير الجهاز المركزي للإحصاء حديثه حول التعداد المقرر أن يجريه رجاله ابتداءً من الخامس عشر من الشهر الجاري وعلى مدى خمسة عشر يوماً لاحقة، إذ يتطلعون إلى انجاز عد فعلي للسكان في لحظة معينة، د. يس الذي كان يتحدث يوم أمس في المنتدى الدوري للمركز القومي للإنتاج الإعلامي حول قضية التعداد الخامس للسكان والمساكن «الأهداف والوسائل» بدا هادئاً جداً وواثقاً من قدرة جهازه على انجاز المهمة بصورة جيدة، ورغم انه أوضح بجلاء أن التعداد أتى عن طريق اتفاق سياسي وان حق تقرير المصير للجنوب مرتبط بالإحصاء الذي هو جزء من اتفاقية السلام الشامل، وانه يسهم في تشكيل وتطوير الأسس والأطر الملائمة للمشاركة السياسية وقسمة السلطة والثروة، إلا ان د. يس الذي حرص على طرح المسألة برمتها من منظور فني محض لم يبد عليه التأثر بالحسابات السياسية والمخاوف التي تكتنف التعداد المتوقع، فهو لا يعتقد ان ثمة عوائق أمنية أو سياسية يمكن ان تعترض سبيل مهمته في الجزء الجنوبي من البلاد، إذ أبلغته الحكومة هناك كما قال بقدرتها على تنفيذ ما هو مطلوب منها، ويرى ان المشاكل التي يمكن ان تعترضه تقتصر على ضعف البنية التحتية في الجنوب التي يمكن ان تؤثر على الدعم اللوجستي للعملية. التجهيزات الفنية: والوجه الآخر لاستثنائية التعداد هذه المرة كما ذكر د. يس هو الأنظمة التقنية التي تستخدم للمرة الأولى، حيث يتم استخدام نظام رقمي جديد لتصوير المناطق بالطول والعرض وربطها مع نظام المعلومات الجغرافية GIS داخل أجهزة الحاسوب، كما ستطرح استمارتان، الأولى هي الاستمارة الطويلة التي ستحتوي على خصائص السكان والمساكن، أما الاستمارة الثانية فهي القصيرة وقد تمت طباعتها في بريطانيا، حيث تحتوي على سؤال حول انتماء الشخص للمجموعات السكانية الشمالية أم الجنوبية، وسؤال حول الإقليم الذي ولد فيه، وأسئلة أخرى، لكن الميزة الرئيسية لهذه الاستمارة كما أوضح هي أنها ستختصر الزمن الذي يستغرقه تحول الاستمارات إلى بيانات إلى خمسين يوماً تقريباً، وهي الفترة التي يعتقد د. يس انه سيكون جاهزاً بعدها لإعلان النتائج، وهي فترة قصيرة للغاية اذا علمنا ان التعداد الأول الذي جرى ما بين عامي «55و56» استغرق ظهور نتائجه النهائية أكثر من عامين. وتلعب مجموعة العمل الفنية دوراً محورياً في التنفيذ والإسناد الفني للعملية وتضم مكتب مفوضية الاستفتاء والتقويم بالجنوب وصندوق الأممالمتحدة للإسكان والبنك الدولي والمانحين، إضافة للجهاز المركزي للإحصاء، كما توجد لجنة للمراقبة تنحصر مهمتها في مراقبة تنفيذ العملية، وتقدر قيمة التجهيزات الفنية مجتمعة بما يقارب «33» مليون دولار تكفلت بها الاممالمتحدة، وتقدر التكلفة الاجمالية للعملية برمتها «102» مليون دولار تحملت منها حكومة الوحدة الوطنية «68» مليون دولار. جنود مجهولون سيقوم المعلمون والمعلمات بدور حاسم في التعداد خاصة خارج العاصمة، اذ سيقومون بعملية العد نفسها لسهولة اتصالهم بالأهالي ومعرفتهم بهم في تلك المناطق، ويبلغ عدد العدادين «43» الفاً في الشمال و«11.6» آلاف في الجنوب سيقومون بطرح الاستمارة القصيرة التي تحتوي على عشرة أسئلة على كل رب أسرة، فيما سيقتصر طرح الاستمارة الطويلة على عينة عشوائية تمثل «10%» من مجموع المواطنين، ويتولى الإشراف على كل خمسة عدادين مراقب واحد يشرف عليه بدوره ضابط، وتتسلسل الحلقات حتى المحليات والإدارات الولائية. دارفور رغم الأسئلة الكثيرة التي طرحت عليه فيما يخص استقرار الأوضاع في دارفور، وقدرة جهازه على إكمال مهمته في تلك الظروف، اكتفى د. يس بإجابة ثابتة: «لن تؤثر النزاعات والظروف الأمنية على مهمتي بصورة كبيرة هذه ليست مشكلتي، إنها لا تخصني» د. يس الذي نطق الجزء الأخير من عبارته بالانجليزية كشف عن وصول فرقة لمعظم أنحاء دارفور ما عدا «مناطق لم يستطع دخولها» لكنها «فارغة تقريباً» وذكر انه اقترح على الجماعات المسلحة إرسال أفراد منهم ليقوم الجهاز بتدريبهم حتى ينفذوا التعداد في مناطقهم، وحينما سألته «الرأي العام» عن مصير تلك الاقتراحات أجاب د. يس بابتسامة وتلويحة بالكفين من نوع «لا ادري»، لكنه قال انه تم تجاوز عقبة المعسكرات والروح العدوانية التي يقابل بها النازحون التعداد باعتباره «شيئاً لأجل الحكومة» عن طريق استخدام رجال الإحصاء سيارات الأممالمتحدة برسمها وأعلامها. الطيور المهاجرة أما بخصوص اللاجئين في تشاد، يقول مدير الجهاز المركزي للإحصاء إنهم سيتصلون بهم ويطلبون من «جهات» هناك تقديم أعداد الناس، ولا يرى مشكلة في ان تتم زيارة العدد الحقيقي بخمسين او مائة الف، وللدكتور يس فلسفة معينة في هذه المسألة: ماذا يضر لو زاد عدد سكان احدى ولايات دارفور خمسين الفا او مائة هل سيؤثر ذلك كثيراً على قسمة الثروة، فلنفترض انهم سيحظون بمائة الف دولار اضافية او مائتين ما المشكلة في ذلك.اما بقية المهاجرين والمغتربين فينتظر د. يس ان تقوم البلاد التي يعيشون فيها باجراء تعدادات ومن ثم يطلب منها تزويده بأعداد السودانيين هناك، كما سيفعل مع إثيوبيا التي أجرت تعداداً قبل فترة قصيرة.