الخرطوم: السوداني سينطلق التعداد السكاني في الخامس عشر من أبريل الجاري وقد وجد هذا التعداد اهتماماً متعاظماً وسط القطاعات المختلفة في المجتمع وذلك لما يمكن أن يترتب عليه من نتائج على صعيد التخطيط ووضع الاستراتيجيات المستقبلية وتوزيع نسب المشاركة في السلطة واقتسام الثروات والموارد لجميع أهل السودان بعدالة. نظرة تاريخية أجرى أول تعداد في السودان خلال الفترة من (1955- 1956م) وبدأ العد في يوليو 1955 وكان من المقرر أن يستغرق 12 شهراً ولكنه استغرق 14 شهراً نسبة لبعض الصعوبات والعوائق. وتم إجراؤه بالعينة ولم تشمل تغطيته كل السودان واقتصرت بياناته على أسئلة (العمر- النوع- العلاقة برب الأسرة- الحالة الاجتماعية- مكان الميلاد والقبيلة). وانطلق التعداد الثاني في 15 ابريل 1973م واستغرق أسبوعين واستخدم فيه نوعان من الاستمارات، قصيرة وكانت تشمل أربعة أسئلة هي (الاسم، العلاقة برب الأسرة، النوع والعمر)، وطويلة وتضمنت ذات أسئلة الاستمارة القصيرة بالإضافة لأسئلة المساكن- طبقت استمارتها الطويلة على كل السكان الحضر بالإضافة لعينة حجمها 10% من سكان الريف أما الاستمارة القصيرة فطبقت لبقية الريف. وبعد عشر سنوات نظم التعداد الثالث للسكان في 14 أبريل 1983 واستغرق أسبوعين باستمارتين قصيرة -شملت أربعة أسئلة وهي (الاسم، العلاقة برب الأسرة، النوع والعمر)- وطويلة -(43) سؤالاً تضمنت أسئلة الاستمارة القصيرة وأسئلة عن الخصائص الاجتماعية والاقتصادية المختلفة والمساكن- وطبقت بذات طريقة التعداد الثاني مع زيادة حجم عينة الريف ل(10%). وأجرى التعداد الرابع في 15 ابريل 1993م والذي استغرق أسبوعين باستمارتين قصيرة تكونت من (10) أسئلة كان من ضمنها أسئلة (الاسم، صلة القرابة، النوع، العمر، الجنسية، القبيلة، الديانة، محل الميلاد و الحيازة الزراعية)، فيما شملت الطويلة أسئلة إضافية. وطبقت الطويلة لسكان الحضر و5% عينة من سكان الريف والقصيرة على بقية سكان الريف. أكثر من (24) مليون نسمة وبلغ عدد سكان السودان وفقاً للتعداد الرابع (24,940,703) نسمة كان عدد سكان الإقليم الشرقي –الذي يضم ولايات القضارف-كسلا والبحر الأحمر حالياً- (3,051,958) نسمة يمثلون نسبة 12,2% من إجمالي سكان السودان أما الشمالي –الذي يضم ولايتي نهر النيل والشمالية حالياً- (1,291,620) نسمة ببنسبة 5,3% من إجمالي عدد السكان، الإقليم الأوسط –الذي يضم ولايات الجزيرة- سنار-النيل الأبيض-النيل الأزرق حالياً- فبلغ (5.416.333) نسمة بنسبة (21.7%)، الخرطوم (3.413.034) نسمة بنسبة (13.7%)، دارفور (4.746.456) نسمة بنسبة (19%)، كردفان (3.165.829) نسمة بنسبة (12.7%) أما جنوب السودان بالأقاليم الثالثة (أعالي النيل – بحر الغزال – الاستوائية) فبلغ عدد السكان فيه (2.845.480) نسمة بنسبة (11.4%). الموعد النهائي للتعداد وأرجئ انطلاق التعداد الخامس لثلاث مرات كان أولها في يوليو من العام الماضي وثانيها في نوفمبر من ذات العام وثالثها في فبراير الماضي، لكن قرار رئيس الجمهورية الذي أصدره مؤخراً بتحديد ليلة الخامس عشر من ابريل القادم موعداً لانطلاقة التعداد الخامس فهذا القرار (وضع حصان التعداد أمام العربة) تمهيداً لانطلاقته وتجاوزه لعثرات التأجيل التي صاحبت انطلاقه منذ شهر يوليو الماضي. ومن جانبه أفاد المدير العام للجهاز المركزي للتعداد السكاني د. يس الحاج عابدين بإكمال مؤسسته جاهزيتها واستعدادها لانطلاق التعداد في الموعد المضروب، نافياً وجود أي معوقات أمنية أو مالية. تحديات في مشوار التعداد وأشار مدير إدارة البيانات الاقتصادية بالجهاز المركزي للإحصاء النعيم سليمان عباس في الورقة التي قدمت في ورشة التعداد السكاني التي نظمتها السلطة الانتقالية لدارفور بقاعة الشهيد الزبير الأسبوع الماضي حول (الدروس المستفادة من التعدادات السابقة والتحديات المتوقعة لتعداد 2008م)، بأنه رغماً عن التخطيط الجيد لتعداد 2008م وتوفير الموارد المادية اللازمة لتنفيذه من حكومة الوحدة الوطنية والمانحين والتزام كل منهما بما يليه من ميزانية لكن توجد بعض التحديات المتوقعة والمتمثلة في (انتشار الألغام في المناطق التي دارت فيها الحرب- عدم استتباب الأمن في بعض أجزاء القطر- عدم انسياب التمويل في مواقيته- عدم عودة اللاجئين وطبيعة حياة الرحل الذي يشكل تحدياً في الوصول إلى مناطق تجمعاتهم) بالإضافة لتحدي تقني متمثل في التعامل مع الماسحات الضوئية كبديل للطريقة التقليدية في استخراج المعلومات في فترة زمنية وجيزة والتي تحتاج إلى عدادين أكفاء للمحافظة عليها. أما مدير جهاز الإحصاء المركزي السابق بروفسير عوض حاج علي فكان قد اعتبر أن ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، بالإضافة إلى ضعف البنى التحتية أهم العقبات التي تواجه عمليات الإحصاء السكاني بالجنوب. أهمية سياسية واقتصادية واجتماعية ويتصل التعداد السكاني الخامس المقرر انطلاقته الفعلية منتصف شهر أبريل القادم بعدد من القضايا المهمة المختلف حولها سياسياً ويأتي على رأسها قضية الانتخابات وارتباطها بتحديد الدوائر الانتخابية وتوضيحها لمراكز الكثافة السكانية والانتخابية، واقتصادياً بتحديد معايير تقاسم الثروة بين أقاليم السودان المختلفة وتوزيع الخدمات بينها طبقاً لدرجة الوجود السكاني فيها وتلمس التغيرات الاقتصادية في المجتمع وطرق كسب عيشه، واجتماعياً بتحديد الخريطة السكانية للسودان وقاطنيه والتحولات بسبب الظروف الطبيعية والحروب والنزاعات الأهلية. بالإضافة لتأثيرات حركة الهجرة والاغتراب خارجياً على التركيبة السكانية بولايات البلاد المختلفة، مما يجعل التعداد الخامس خطوة مهمة وأساسية للتطورات المستقبلية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. (تعداد) بخط النار ونسبة لعدم استقرار الأوضاع الأمنية بجنوب السودان فقد اقتصر التعداد الرابع علي المدن والمناطق الآمنة، ويواجه التعداد الخامس معضلة مشابهة بولايات دارفور الثلاثة بسبب عدم الاستقرار الأمني في عدد من أجزائها، لكن المدير العام للجهاز المركزي للتعداد السكاني د.يس الحاج عابدين اعتبر المشاكل الأمنية ليست سبباً كافياً لإيقاف التعداد مستدلاً بتجربة وحملات التطعيم للأطفال داخل المناطق غير المستقرة أمنياً، مشيراً في ذات الوقت لتقدير الجميع لأهمية التعداد لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وقال: (هذه القناعات تتوفر حتي عند حاملي السلاح في بعض المناطق ونثق في أن التضامن سيكون جماعياً) واستدرك بأن ذلك لا ينفي وجود مشكلات أمنية وأكد بأن ستكون هناك تغطية شاملة بمعني الشمول ودقيقة بمعني الدقة للتعداد، مؤكداً أن لجنة الأمن التي يترأسها السيد وزير الداخلية والولاة في الولايات المختلفة علي كامل الاستعداد لتوفير الأمن والسلامة لآليات ومنتسبي التعداد، وأضاف: (سنصل لجميع مناطق السكان في البلاد وإذا أتيحت لهم الفرصة فإننا سنعد داخل المعارك). الأغلبية رجال أم نساء؟ وسيحدد التعداد الخامس نسب النوع بين النساء والرجال بعد تباين وجهات النظر وانقسامها بين فريقين احدهما يؤكد أن النساء يمثلن الأغلبية بالمجتمع ويستند هذا الفريق على عدد من المعطيات الاجتماعية، في مواجهة رأي ثاني يؤكد أن الأغلبية للرجال ويستدلون بتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء في تقريره الصادر في يوليو 2007م عن (السودان في أرقام 2002-2007م) وتقديراته التي أوضحت ارتفاع نسبة الرجال مقارنة بالنساء فبلغ عدد الرجال في عام 2003م (16.952.000) أما النساء (16.696,000) وفي العام التالي كانت تقدير الرجال (17.390.000) والنساء (17.122.000) أما في عام 2005م فكان عدد الرجال (17.838.000) والنساء (17.559.000) وبعد عام كان عدد الرجال وفقاً لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء (18.293.000) أما النساء فكان عددهن (18.004.000) وأوضحت تقديرات عام 2007 م بأن أعداد الرجال كانت (18.761.000) مقارنة بالنساء اللائي بلغ تقديرهن في ذلك العام (18.478.000). لكن الرأي الأول يعتبر تلك الأرقام مجرد تقديرات وليست أرقاماً حقيقية معتبرين أن الإحصاء السكاني القادم سيحدد بصورة قاطعة أي النوعين أكثر عدداً.