الخرطوم: الرأي العام تختلف قبائلهم وتتباين سحناتهم واسماؤهم، ولكن يجمع بينهم عملية القرصنة والاختطاف التي تعرضوا لها على يد جماعة العدل والمساواة..انهم تسعة وثمانون طفلاً ضاعت تفاصيل طفولتهم في رحلة التيه التي قطعوها مع مجموعة خليل من اطراف تشاد الى ام درمان، ولكن ضمهم بين جنباته مركز التأهيل النفسي والاجتماعي بمنطقة قرى التابع لوزارة الرعاية الاجتماعية. حكاية أي طفل منهم تصلح لتكون حكاية المجموع، فكلهم تم اختطافه بواسطة مجموعة خليل واقتادته من زرعه أو ضرعه، فالاطفال يشكلون مادة خصبة للحركات المسلحة في دارفور لتغذية صفوفها بالعنصر البشري بغرض الاستفادة منه في العمل العسكري المباشر او خدمات الاسناد التي تقدم للمقاتلين. ففي معسكر اللاجئين في شرق تشاد هناك اكثر من اثنين وستين ألف طفل من ضمن مائة وستين ألف شخص هم سكان المعسكر، وهذا ما جعل البعض يقول ان الاطفال في معسكرات اللجوء بتشاد يشكلون للحركات المسلحة المورد الذي لا ينضب، وذلك من واقع عملية التجنيد القسري التي تتم وسط اطفال المعسكر بل ومحاولة الإتجار بهم. ولذلك فقد عبر احد الضباط بجهاز الامن والمخابرات عن خشيته من تكرار حركة العدل والمساواة لعملية التجنيد القسري للاطفال ما لم يستيقظ الضمير العالمي ليوقف الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الابرياء في معسكرات اللجوء شرق تشاد. سليمان ابراهيم سليمان طفل سوداني من قبيلة التنجر جاء الى جدته في منطقة ود قنجة وبينما كان يباشر عملية الزراعة تمت مداهمته بواسطة مجموعة العدل والمساواة ومن ثم اقتيد وأرسل إلى منطقة أم جرس حيث تم تدريبه عسكريا لبضعة أيام قبل أن تزج به المجموعة في محرقة أم درمان التي نجا من نيرانها بأعجوبة، فعلى مشارف أم درمان تعطلت بهم العربة وأصبح لزاما على طاقم العربة وهم أربعة أفراد من ضمنهم سليمان أن يتصرفوا بطريقة فردية. يقول سليمان (كان يقود عربتنا سائق اسمه احمد عبدالله، وبعد أن تعطلت العربة قفز منها هاربا إلى داخل أم درمان إذ أن له هناك أقارب وأهل، ولم يكن أمامي أنا ورفيقي آدم حسين إلا أن نحذو حذوه، خاصة وان آدم حسين لديه أقارب في أم درمان فذهبنا إليهم ومكثنا ليلتنا تلك، ثم أصبح علينا الصباح وخرجت إلى السوق حيث تم القبض علي). قصة سليمان هي ذاتها قصة عماد محمد يحي من أبناء المساليت مع بعض الإضافات والاختلافات الطفيفة، وقصتهما معا تشبه قصة سليمان محمد احمد من أبناء المعاليا وأطفال آخرون من قبيلة الارنقا أو الزغاوة أو المسيرية، فكلهم تم أخذهم عنوة من محيطهم الأسري الطبيعي إلى فضاء عسكري قاسٍ لم يألفوه ولم يعرفوه. والى جانب الجراح الجسدية الظاهرة على أطفال بعض الصبية بالمعسكر، إلا أن جميعهم يعانون من جراح نفسية واجتماعية غائرة وعميقة يعمل الكادر الطبي والاجتماعي بمركز التأهيل على معالجتها، حتى يستأنف هؤلاء الأطفال حياتهم الطبيعية في المحضن الأسري والاجتماعي الذي نشأوا فيه.