ابتسامة عريضة كست وجه السيد محمد عثمان الميرغني وهو يتابع عبر الشاشة البلورية وقائع الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بين الفصائل ال(6) المنشقة عن الاتحادي (الأصل) تحت شعار:(وحدة اتحادية من أجل الوطن).. بعدها انهالت علي الرجل المحادثات الهاتفية التي تقلل من قيمة الحدث ممن كانوا يلعبون دور الوسيط في محاولات جادة لوحدة الصف الاتحادي وكل يتحرك وفق مسارات العلاقة التنظيمية وهناك من تحرك بعمق العلاقة الشخصية بينه وبين المنشقين ولكن يبدو ان مجموعة الفصائل التي خرجت عن العباءة التنظيمية كانت قد حددت اهدافها واتفقت مع مجموعة الدقير بمنطق (سبق السيف ...). ومهما يكن من أمر الخلافات التنظيمية التي ضربت صفوف الحزب الاتحادي الا ان شواهد كثيرة قطعت بما لا يدع مجالا للشك ان الخطوة التي اقدمت عليها مايعرف بمجموعة احمد علي ابوبكر في إعلان الوحدة مع مجموعة الدقير وصفت حسب المتابعين لتطورات الحزب بانها (صفعة) قوية تم توجيهها بتوقيت محكم لزعيم الحزب السيد محمد عثمان الميرغني بالرغم من الاعلام المضاد الذي وجهه رئيس الحزب للمجموعة المنشقة والمحاولات المتكررة للتقليل من حجم الخطوة باعتبار انها خطوة تلبي الغرض كاملا لبعض خصوم الكيان من الاحزاب الاخري بل ان بعض المقربين جداً من السيد محمد عثمان الميرغني كانوا قد وجهو اصابع الاتهام صريحة الي حزب المؤتمر الوطني الشئ الذي انبري له امين اعلام الاخير البروفيسور غندور مدافعاً عن موقف حزبه حيث اكد ان حزبه بعيد تماما عن مايحدث داخل اروقة الاتحادي الديمقراطي الاصل باعتباره امرا داخليا يخص الاتحادي. وتشير تطورات الأحداث داخل الحزب الذي بدأ مفاوضات مع حزب المؤتمر الوطني عبر لجان احداها خاصة بالدستور والاخري خاصة بملف دارفور الي ان هذه اللجان كانت قد قطعت في وقت سابق شوطاً مقدراً في الحوار حول موضوعات التفاوض حتي قال بعض من في الحزب بان لجنة الاتحادي الاصل التي تفاوض هي صاحبة الحظ الاوفر في المشاركة في حكومة القاعدة العريضة التي دعاء اليها المؤتمر الوطني مما اثار ايضا حفيظة البعض داخل الحزب وسري همس كثيف ممن يتواصلون من عضوية الحزب مع ما يسمي بقوى الاجماع الوطني جعل مقربون من رئيس الحزب يوعزون اليه باهمية حل لجنة الحوار مع المؤتمر الوطني.. ويبدو ان رئيس الحزب تعامل مع الامر بقدر غير قليل من الذكاء السياسي وفضّل ان يستمر كل قيادات الحزب في الدور المرسوم لهم بعناية شديدة .. مجوعة تتواصل مع قوي الاجماع الوطني واخري تحاور المؤتمر الوطني وثالثة تنشط خارجيا في المعارضة بقيادة حسنين ومد جسور مع الحركة الشعبية ممثلة في التوم هجو ومحمد المعتصم حاكم. وتؤكد المعلومات طبقا لمصادر رفيعة بالحزب ان الميرغني قد احس مؤخرا بخطورة ان يتنامي التيار الخاص بمجموعة الدقير واحمد علي ابوبكر فسارع بتكليف لجنة للتفاوض مع المجموعة وأفادت المصادر أن الميرغني أعطى الضوء الأخضر للجنة ثلاثية مكونة من حسن أبو سبيب وحمد علي التوم وأحمد الأموي، بغية التفاوض مع المجموعة المنشقة بقيادة رئيس المكتب التنفيذي للحزب أحمد علي أبوبكر وحسن عبدالقادر هلال وبحسب المصادر فأن هذه القيادات فشلت في اول اجتماع لها بعد ان اصطدمت بشروط وضعها أحمد علي أبوبكر أمام لجنة الميرغني تشمل السعي للوحدة الاتحادية وفقاً لميثاق الفصائل الاتحادية، تحديد موعد قاطع لانعقاد المؤتمر العام، وبناء مؤسسات سياسية فاعلة فيما اصر الميرغني على مصطلح "لم الشمل" الذي ترفضه بقية الفصائل الاتحادية وتطالب بلجنة ل"وحدة الحركة الاتحادية" حتي قال احدهم عقب الاجتماع :( المسألة أصبحت مثل المباراة التي يحكمها الميرغني فقط بين فصائله وقد اضاع عمدا صافرته حتي يضمن لنفسه الحكم بزمن اضافي او يضع اللاعبون النهاية بأنفسهم لهذه المباراة.) وبالمقابل يبدو ان هناك من بالمؤتمر الوطني من كان يراقب هذا السيناريو عن قرب فسرعان ما تبلورت ملامح بعض القناعات لدي قيادة المؤتمر الوطني مفادها ان الميرغني وحزبه يعملون بأكثر من قبعة في القضايا الوطنية لكسب المزيد من الزمن لاجندة لا يعلمها احد غيرهم مما جعل الكثير من المؤشرات تفيد بان قطار التشكيل الوزاري القادم لن ينتظر صعود الميرغني وحزبه وهو اتجاه كان قد عبر عنه رئيس حزب المؤتمر الوطني المشير عمر حسن احمد البشير نفسه حيث أوردت الأنباء خبراً مفاده أن رئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير طالب الحزب الاتحادي بحسم وضع اثنين من قياداته يجاهران بالعمل على إسقاط النظام بالقوة، الشيء الذي لا يتسق مع أي حديث عن مشاركة الحزب في الحكومة، دون أن يبين موقفه من سلوك عضويته. ويتفق اكثر من رأي على ان حديث البشير حمل بين ثناياه رؤية واضحة تستوجب من رئيس الحزب الاتحادي التحرك العاجل لضبط المعادلة داخل حزبه منعا لاختلال الميزان التنظيمي باعتبار ان الحزب بصورته الراهنة لا يحمل مقومات العافية السياسية التي تجعله مؤهلا للمشاركة في الحكومة العريضة في القريب العاجل.. ويبدو ان الميرغني الذي مازال يتداول مع خاصته حديث البشير قد فأجأته ايضا مجموعة الدقير باعلان الوحدة ليجد الرجل بعدها نفسه في (مطبّات تنظيمية) لم يجد لها احمد علي ابوبكر وصفا غير الطامة الكبري في مراسم توقيع اتفاق وحدة الفصائل مع مجموعة الدقير الذي وصف توقيع الاتفاق بانه يوم من أيام المجد الاتحادي بين الشتات والتلاقي، وقال إن وسائل وتفصيلات العمل السياسي تباينت واتفقت الأهداف الوطنية السامية، وإن جوهر الخلاف ينبغي ألا يبنى على مفارقة الأوطان موضحا، أنّ القوى يجب ألاّ تتخندق في مواقعها وتتحين كل فرقة منها فرصة الانقضاض على الآخر، وأنه لابد من البحث عن طريق ثالث تخرج به البلاد من دائرة العداء والمدافعة بالحجة .. اما أحمد علي أبوبكر فقد دلق ماءا ساخنا تحت اقدام رئيس الحزب عندما وجه عبارات حملت قدراً غير قليل من ملامح الخصومة السياسية وتباين الرأي داخل الاتحادي الاصل حيث قال: لابد من إعادة قراءة الواقع السياسي جيداً بالمساهمة في حلحلة قضايا الوطن، وإما أن يكون حزباً اتحادياً ديمقراطياً واحداً يواجه مشاكل الوطن وإما أن (ننتظر الطامة تعم..). وحديث أحمد على أبوبكر يبدو أنه أرسل إشارة مهمة لقيادات بعينها مقربة من رئيس الحزب مولانا الميرغنى سرعان ما إلتقطتها وقامت بفك (شفرتها) التي أسقطت الكثير من الشكوك على النوايا التي يتحرك خلفها الكيان الجديد الذي أعلن الوحدة بقيادة الدقير فسرعان ما أتخذ أيضاً أنصارالميرغني موقفاً قضى بأهمية خروجهم من (الميدان) مباشرة ليأخذ بعدها (المارثون) صورة تبدو هي الأقرب لمعايير المنافسة وقد تم حصرها في فرضية إن الكيان المتوحد يزحف تدريجياً إلى محطة المشاركة في الحكومة العريضة مما جعل أنصار الميرغني يمضون إلى إصدارهم بيان شديد اللهجة تم تصويبه بعناية في مرمي اللجان المشتركة مع المؤتمر الوطني وذلك عبر تصريح مسئول الحزب الإعلامي الذي قال:(أوصدنا باب التفاوض مع المؤتمر الوطني حول المشاركة في الحكومة بشكل نهائي).