ظهور مفأجي اختفى من الساحة السياسية السودانية منذ مجىء الانقاذ حيث كان أخر حاكم لدارفور فى عهد الديمقراطية الثالثة ، ورد اسمه مؤخراً ضمن ثلاثة شخصيات قدمها الصادق المهدى زعيم حزب الامة لاجهزة الحزب لتختار من بينها مرشحاً لرئاسة الجمهورية في الانتخابات التى جرت عام 2010م كان ذلك في 26 يناير من نفس العام ، وبعد ذلك بأقل من شهرين وتحديداً في 18 مارس 2010 فاجأ الرجل الجميع بتوقيع اتفاق إطاري بالدوحة مع حكومة السودان بصفته رئيساً لحركة التحرير والعدالة حديثة التشكيل، ما بين هذين التاريخين أوقبلهما هل أنهى فيه الرجل علاقته التاريخية بحزب الأمة القومي ؟؟ والتي كان أبرز ملامحها في توليه منصب حاكم إقليم دارفور.. وهل هناك تحول كما يبدو للبعض فى مواقف الرجل من موقعه الاممي كموظف بالامم المتحدة الي الحلول السياسية لقضية دارفور عبر المفاوضات ؟ لكن قبل ذلك كله من هو ذلك الرجل الذى هاجر من أجل دارفور وفاوض من اجلها ووقع اتفاق سلام الدوحة ايضاً من اجلها كما يقول ..؟ ولد دكتور(التجاني سيسي) عام 1953م فى منطقة زالنجي وتولي حكم دارفور وعمره 35 سنة كاصغر حاكم لدارفور وهو ابن الدمنقاوي (سيسي محمد اتيم) "اعلى سلطة اهلية " بادارة الفور في دارفور ، اكمل كافة مراحله الاولية والثانوية بدارفور ونشأ في كنف شقيقه فضل سيسي بعد أن توفي والده ثم انتقل الي الخرطوم بعد قبوله في جامعة الخرطوم ( كلية الاقتصاد ) وتخرج منها منتصف السبعينيات وسافر الي انجلترا لتحضير درجة الدكتوارة وعاد الي السودان وعمل استاذاً بالجامعة ذاتها. تعاطي السياسة برز نشاطه السياسي بعد انتفاضة ابريل 1985م كقائد من ابناء دارفور في اوساط حزب الامة وهو مازال محاضراً بالجامعة الي أن تولى مهام وزارة المالية في اقليم دارفور انذاك في ايام حكم الدكتور عبدالنبى على احمد لدارفور وفي يونيو 1988م تم تعينه خلفاً له وذلك على خلفية صراع مسلح انفجر بالاقليم عندما كان (الصادق المهدي) رئيساً للوزراء وحكم السيسي دارفور لعام واحد قبل مجىء حكومة الانقاذ في يونيو عام 1989م وقد اتصفت ادارته حسب مقربين منه بالتوازن بين الفور والقبائل الاخري دون الانحياز الي قبيلته ، بعدها مكث قليلآ فى السودان وغادر الي مصر ثم الي انجلترا كلاجئ سياسي . ويعمل مستشاراً في الأممالمتحدة يختص بملف المبادرة المشتركة للتنمية في اديس ابابا حيث توجد تسعة ملفات في المبادرة بما فيها ملف الأمن والسلم في افريقيا وسيسي رجل مثقف ولديه علاقات واسعة كما يصفه الدكتور عبدالرسول النور القيادى بحزب الامة وحاكم كردفان الكبري فى عهد الديمقراطية الثالثة والذى تزامن تعيينه لكردفان مع تعيين د. سيسي لدارفور ويضيف أن الرجل تم اختياره للاقليم لانه من المثقفين بجانب انه لم يدخل فى خلافات مباشرة مع القبائل الاخرى والمناوئيين له علي الرغم من بدء شرارة الصراع بدارفور قبل توليه امورها بالاضافة الى انه من سليل بيت كبير فى قبيلة الفور ورمز من رموزها ومن الذين تلقفتهم المؤسسات الدولية وأول من طرق أبواب المنظمات الدولية والحقوقية وعواصم الدول العظمي ولفت أنظار العالم لمخاطر الحرب الكارثية بإقليم دارفور وقدم العديد من قيادات الحركات المسلحة للمجتمع الدولي، غير انه لم يحمل السلاح طيلة عمله السياسي وظل العراب السياسي لحركة التحرير والعدالة بعد أن احتضن مجموعات من الحركات المسلحة بالدوحة خاصة مجموعة (طرابلس) التي تضم (6) حركات والتي تم تجميعها بالجماهيرية الليبية تحت مسمي ( حركة جيش تحرير السودان – القوى الثورية ) إلى جانب(4) فصائل من مجموعة اديس ابابا برعاية سكوت غريشن والتى تضم فى مجملها 8 فصائل مسلحة.. والتي اختارته رئيسا لها تحت مسمى حركة "التحرير والعدالة" بعد مشروع توحيد الحركات الذي اخذ وقتاً طويلآ لعب فيه السيسي دوراً مهماً فقط لقبوله وسط قيادات الحركات المسلحة التى تجمعت في الدوحة ويقول عنه عبدالعزيز ابونموشة احد القيادات الفاعلة فى حركة تحرير السودان القوى الثورية ونائبه الذى انشق عنه لاحقاً أن د. التيجاني رجل مقبول وسط الحركات المسلحة التى تجمعت فى طرابلس بجانب نفوذه الواسعة فى دارفور ، لكنه اخبرنى سراً ليس للنشر وقتها أن السيسي هو الرئيس الحقيقي للحركة التى تجمعت في الجماهيرية الليبية غير انهم ليسوا حريصين على افشاء علاقته بهم حتى لايفقدوا المساعي التى يقودها لتوحيد الحركات بالدوحة للدخول فى حوار مع الحكومة السودانية . ورغم التشظي والا نقسامات التى ضربت الحركات المسلحة فأن الرجل استطاع بدهائه السياسي من تجميع الحركات بالدوحة ، غير أن هذه الخطوات قوبلت بتهجم من قبل حركة العدل والمساواة التى اعتبرت تمدد الرجل خصماً من رصيدها خاصة وانه يضم فى حركته الجديدة مجموعة كبيرة من الحركات بعضها انسلخ من العدل والمساواة فى وقت سابق لاسباب ايدلوجية. حكيم دارفور وحول علاقته بحزب الامة يقول عبدالرسول النور أن " سيسي" لم يقطع علاقته بالحزب وانما اولى اهتمامه لقضية دارفور باعتبارها قضية الساعة واضاف أن الحساسية الشديدة بين الحكومة والمعارضين تضألت كثيراً الآمر الذي جعل قادة دارفور يطرقون كل الابواب لحل القضية واصبح الكل يحاول من ذاويته التي يراها مناسبة مضيفاً أن العمل الدارفورى ذوب الانتماءت السياسية لابناء دارفور ، ومايؤكد حديثه انه في العام 2010 خطر ببال الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة اسم التيجاني سيسي ضمن ثلاثة أسماء يقدمها لأجهزة الحزب المعنية لتختار من بينها مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية، الآمر الذي لم ينفيه السيسي نفسه وفي ذات الوقت لم يلبيه لانه يري أن وجوده فى الدوحة مختلف تماماً ويتنافى مع ترشيحه من قبل حزبه بقوله (إقليم دارفور يعيش مشكلة أمنية كبيرة، وانه لا فائدة من الترشيحات،) ويضيف ,, نحن الآن كأبناء دارفور أحوج الى أن نتوحد لكي نحل قضايا الأهل وقضايا الإقليم المزمنة، وأنا الآن شرفني إخوتي بتقديم عرض أن أقود هذه الحركة ، وسأكون إن شاء الله والحديث ل(سيسي) ، في قيادة هذه الحركة عاملاً بجد معهم من أجل توحيد الصف الدارفوري سواء كان ذلك على صعيد الحركات أو المجتمع الدارفوري، وذلك من أجل تحقيق تطلعات أبناء إقليم دارفور، وأيضاً التواصل مع الآخرين في السودان من أجل الوصول الى مشروع يمكن أن يكون قومياً لحل أزمة دارفور التي استعصت في الآونة الأخيرة)، وسعى سيسي منذ وصوله الى الدوحة الى العمل على توحيد موقف الحركات وحول المسار الذي يعمل من خلاله قال السيسى اعمل ضمن مجموعة أهل دارفور. تململ الآخرين وبمعزل عن هذا الحديث فإن امين الدائرة الاقتصادية بحركة العدل والمساواة بشارة سليمان يصف الدكتور التيجاني سيسي بكلمات محددة ويصفه بأنه (رجل مدني لا علاقة له بالحرب، كما أنه موظف لدى الأممالمتحدة لاعلاقة له بالسياسة)، ويعتقد أن وجود السيسي في الدوحة خصماً علي الجهود التي تقوم بها حركة العدل والمساواة فى السلام بدارفور لكن حديث بشارة هذا يدخل فى اطار أن الرجل منذ أن دخل الي الدوحة ظلت حركة العدل والمساواة تتململ لوجوده وقال رئيسها خليل ابراهيم في مؤتمر صحفي عاصف عقد باحدى قاعات فندق الشيراتون بالدوحة أن الحركة ترفض دخول الحركات الاخري في منبر الدوحة في اشارة الى التحرير والعدالة بجانب أن العدل والمساواة تعتبر المنبر حكراً لها وزاد على ذلك أن التوقيع النهائي يجب أن يكون مع العدل والمساواة وحدها ولاسواها وهذا ماعجل بانسحاب العدل والمساواة من المنبر بحجة أنها هي التى صنعت المنبر ويجب أن يقتصر عليها وهذا مارفضته الحكومة السودانية والوساطة المشتركة معاً ووفرتا مسار آخر لحركة التحرير والعدالة بقيادة السيسي واى حركات آخرى تريد الانضمام للمنبر. ويقول عنه عبدالله مرسال المتحدث باسم حركة التحرير والعدالة سابقاً أن وجود سيسي فى الدوحة قد ازعج العدل والمساواة نسبة لتخوفها من سحبه للبساط من تحت اقدامها في مفاوضات الدوحة بجانب القبول الذى يتمتع به سيسي من المجتمع وغالبية اهل دارفور ، ويصف مرسال الرجل بانه حكيم ويدير كافة قضايا التفاوض بالتشاور مع من حوله ويستمع في هذا الشان الي كل الاراء بما فيها التى تتعارض معه لكنه كما يقول مرسال يحسم القضايا الخلافية بحكمة متناهية. مصيره بحزب الامة ولا تعدو المفاوضات كونها رغبة من قبل أطراف عديدة للوصول إلى حل للمشكلة الدارفورية دون دفع كامل المستحقات وإذا كان الأمر كذلك فهل يلعب التيجاني سيسي هذا الدور بمباركة وتنسيق وضوء أخضر من الإمام الصادق المهدي، بمعنى هل يلعب السيسي هذا الدور وهو لا يزال يشغل مقعده السياسي كقيادي بحزب الأمة، أم أنه قد وضع بينه وبين نفسه نهاية ما لوجوده هذا؟. وأياً كان الأمر، فإن هذا التناقض الذي فضحته هاتان الحادثتان القريبتان من بعضهما تؤكد أن الذين يديرون دفة السياسة السودانية غير معنيين كثيرًا بالمنطق ولا تزال علاقة التجاني السيسي بحزب الأمة وعلاقة حزب الأمة به سؤالاً قابلاً لأي إجابة. لكنه فى إطار توحيد الحركات فيقول السيسي انهم يعملون منذ عام 2004 في جهود مضنية لتوحيد الحركات المسلحة.. ولنا قناعة أنه من العسير أن تكون هناك مباحثات سلام تفضي للسلام دون توحيدها خصوصاً بعد انشطار الحركات الكبيرة بعد أبوجا. شارك في الدوحة في مشاورات السلام وفي إطار مشاورات المجتمع المدني فى كثير من المدن وكلها تصب في إطار توحيد الجبهة الداخلية خاصة الحركات المسلحة ، رغم أنه دار حديث عن انشقاقات جديدة داخل الحركة الوليدة إلا أن سيسي استطاع أن يحسم التفلتات التي حدثت من بعض القيادات عبر الآليات التنظيمية للحركة وهذا مانؤكده مرة أخرى أن مأزق التيجاني سيسي: رئيس حركة متمردة (مجمّعة) وقيادي كبير بحزب سياسي كبير وموظف بالأممالمتحدة !!! ونكاد لا نجد رداً شافياً من التجاني السيسي عن غموض علاقتة بحزبه القديم المتجدد ولا علاقة رئيس حركة متمردة تفاوض لإيجاد حلول عادلة فضلاً عن علاقة كل ذلك بحزب سياسي يرى زعيمه أن المتهمين بتأجيج نار الحرب هم جلده الذي لم يجر فيه الشوك!