وقد كان لاستضافة قطر لمحادثات سلام دارفور ورعايتها دوراً مهماً حيث سد الطريق أمام تدخل القوى الغربية وما يمكن أن يترتب على ذلك من آثار سالبة نتيجة لتدويل القضية بما في ذلك التدخل غير الحميد مثلما كان الأمر من جانب المحكمة الجنائية الدولية. الجدير بالذكر ان وثيقة الدوحة لسلام دارفور تضم عدداً من الفصول تشمل تقاسم السلطة والثروة، حقوق الإنسان، العدالة والمصالحة، التعويضات، العودة الطوعية للنازحين واللاجئين، ووقف إطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية النهائية، وآليات الحوار الداخلى وطرق التنفيذ. الدوحة وجدت تقديراً دولياً واسعاً لدورها في توقيع وثيقة سلام الدوحة، فقد أشاد العالم بالجهود المخلصة التي بذلتها في سبيل التوصل لهذا الاتفاق. وفي السياق ثمن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير الماضي الجهود التي تقوم بها قطر لإحلال السلام في دارفور، وقال إن "قطر تتعاون مع المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى تسوية سلمية لهذا النزاع." كما قدر مجلس الأمن الجهود التي بذلتها الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ودولة قطر، والتي أسهمت في التوصل إلى هذا الاتفاق. وثمن دورها ومساعيها ومساهماتها في تحقيق المصالحة والسلام في الإقليم. كما أشاد المجلس بالجهود التي بذلها الوسيط المشترك للأمم المتحدة وللاتحاد الأفريقي. وجاء الدور القطري المتميز في تحقيق الوفاق والاتفاق بين أبناء البلد الواحد تعبيراً عن الرغبة القطرية الصادقة في إشاعة روح المصالحة والتسامح ونبذ الخلاف والانقسام، فكان هذا الأمر أولى ثمار النجاح القطري وخطوة أولى من شأنها تعزيز الجهود القطرية الناجحة التي كانت تتحرك في كل الاتجاهات لدفع مسيرة السلام. كما نجحت مجهودات قطر في توحيد الفصائل الدارفورية لتحقيق التقارب بين وجهات نظر ومطالب الحركات المقاتلة مما يفضي لرسم صورة الحلول المتكاملة للقضية، وقد ظلت الدوحة وفية لما تعهدت به منذ أن اتجهت لبذل وساطتها الحميدة بين الفرقاء السودانيين في اطار رؤاها ومواقفها الدولية القائمة على مد يد العون للجميع لاحتواء كل ما من شأنه أن يعوق مسيرة الاستقرار والتنمية في المنطقة. إن العلاقات بين السودانية القطرية تاريخية ومتميزة في كافة المجالات وقد شهدت تطوراً ملاحظاً في ظل اهتمام القيادة في البلدين بتطويرها، والعلاقات السياسية مع قطر علاقات قوية، انعكست على ترسيخ التعاون في المجالات الأخرى، وظلت قطر تدعم السودان في كل المحافل الدولية والإقليمية، وظلت من المبادرين لتبني معالجة قضايا السودان الداخلية بالتوسط في حل قضايا البلاد. وعلى الصعيد الاقتصادي نجد أن قطر من أولى الدول التي بادرت بالاستثمار في السودان ويمكن القول إن اول استثمار عربي في مجال البترول في السودان كان مع شركة قطرية في حقول بترو دار في التسعينيات، وأصبحت أكبر شريك في الاستثمارات البترولية في ذلك الحين، وامتدت استثماراتها لتشمل القطاعات المصرفية والخدمات والاستثمار العقاري وحتى مجال تنمية الثروة الحيوانية. ومعلوم ان الوساطة القطرية لعبت دوراً مقدراً من ناحية السعي الحثيث لانهاء المشكلة، بجانب توسطها في حل مشكلة شرق السودان والمساهمة فيها، وفي القمة العربية الأخيرة بطرابلس وغيرها من القمم تبنت قطر دعم السودان تنموياً لمعالجة مشاكل ما بعد الاستفتاء، كما بادرت بإنشاء بنك تنموي بالسودان لتبني مشروعات التنمية ومشروعات البنى التحتية وتوفير الخدمات بدارفور. والجدير بالاشارة أن الدعم التنموي الذي تقوده قطر ضمن عدد من المبادرات سيساهم في معالجة قضية دارفور باعتبار أن أصلها في الأساس يرجع إلى مشاكل ذات جذور متصلة بالبنية الاقتصادية ويمكن معالجتها من خلال إحداث تنمية حقيقية لتطوير الانتاج وبالتالي زيادة فرص التشغيل والاستيعاب، وبحكم أن قطر دولة بترولية يمكنها الاطلاع بهذا الدور. وعلى ضوء هذا الأمر أعلنت قطر أنشاء صندوق للإسهام في أعمار دارفور. إن ما يجعل قطر مؤهلة لقيادة عملية تحقيق السلام بدارفور أنها محل قبول بل أنها تحظى بثقة الأطراف المعنية بالقضية خاصة الحركات المسلحة والحكومة السودانية وزعماء قبائل دارفور بجانب أن الدوحة ولاعتبارات سياستها الخارجية المتوازنة أصبحت فاعلاً دولياً مهماً ولذلك فهي تحظى بالتأييد والسند الدولي. إلى ذلك امتدح المشير عمر البشير رئيس الجمهورية خلال منحه بالقصر الجمهوري وسام الجمهورية من الطبقة الأولى للسيد احمد بن عبد الله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء القطري، امتدح الدور القطري بقيادة أمير قطر في تحقيق السلام في دارفور وأشار إلى أن التكريم يأتي تقديراً ووفاءاً لدور آل محمود وإسهامات بلاده في الوصول إلي وثيقة سلام دارفور. من جهته ثمن آل محمود اهتمام القيادة والأمة السودانية وحرصها على تحقيق السلام في دارفور وأعلن أن بلاده ستظل بجانب السودان لتنفيذ اتفاق وثيقة الدوحة، وأضاف أن دولة قطر وبحكم رئاستها لدول متابعة تنفيذ الاتفاق، ستعقد خلال الأيام المقبلة اجتماعاً بهدف متابعة توفير التمويل لإعادة البناء والتنمية في دارفور.